محاولات أمريكية حثيثة لإعاقة مفاوضات مسقط… وصنعاء تهدد باستئناف العمليات العسكرية.
تقرير|| أمين النهمي
بعد مرور خمسة أشهر من المفاوضات، لا زال تحالف العدوان الصهيو أمريكي السعودي الإماراتي يبحث عن ثغرات وعراقيل لإعاقة خطوات التوصل إلى اتفاق لتمديد الهدنة، ويسعى هذه المرة تحالف الإجرام إلى تقديم شروطا جديدة تتضمن ربط المرتبات بفتح الطرقات، وتوسيع الرحلات وفتح ميناء الحديدة، وهو ما رفضته صنعاء باعتبارها محاولة جديدة لربط ملفات إنسانية بأخرى عسكرية، مشددة على ضرورة فصل الملفات الإنسانية باعتبارها استحقاقات لأي تقدم في مسار الهدنة.
وكان قائد الثورة، السيد عبدالملك الحوثي (يحفظه الله)، هدد خلال كلمة له الجمعة الماضية باستئناف العمليات العسكرية، متهما تحالف العدوان بإطالة أمد المفاوضات والتهرب من تنفيذ الاستحقاقات الإنسانية في تأكيد على تعقيدات تعترض طريق المفاوضات.
واشنطن تغير موقف الرياض
وكادت جولة المناقشات والحوار الأخيرة تثمر حلّاً شاملاً للحرب على اليمن، بحسب مصدر خاص في وزارة الخارجية في صنعاء، لولا تدخلات الولايات المتحدة الأمريكية عبر سفيرها لعرقلة أي توقيع من قبل طرف التحالف الإرهابي، مشيرا إلى أن من بين جملة الاتّفاقات التي كادت تبرمها الأطراف لولا تدخلات “واشنطن” وإملاءاتها على الطرف السعودي مسألة الانسحاب العسكري الكلي من اليمن والصرف المباشر لمرتبات الموظفين.
وكان قد تم التوافق على تسليم مرتبات جميع الموظفين، وقد أعطت السعودية موافقة شفهية لصنعاء بهذا الشأن غير أن زيارة المبعوث الأمريكي للمنطقة غيرت من موقف الرياض لاحقاً، حيث لم ترد الأخيرة حتى الآن على مقترح صنعاء الذي تقدمت به عبر الوسيط العماني والذي يقضي باستعجال صرف المرتبات للموظفين بدءاً من شهر مارس القادم.
ثلاث نقاط أساسية
وحول المستجدات الأخيرة لمسار المفاوضات التي تجري في مسقط، كشف قائد الثورة السيد عبد الملك الحوثي (يحفظه الله)، عما يدور خلف كواليس المفاوضات في مسقط، متهماً الولايات المتحدة الأمريكية بتعمد إعاقة السلام والسعي لإعاقة الجهود التي تبذلها سلطنة عُمان في سبيل التوصل لاتفاق ينهي معاناة الشعب اليمني.
وقال قائد الثورة، في كلمة له بمناسبة الذكرى السنوية للرئيس الشهيد صالح الصماد، إن الجانب الأمريكي يعمل على عرقلة الجهود العمانية في ثلاث نقاط أساسية، أولها محاولته إبعاد التحالف عن أي التزامات تترتب على أي اتفاق” وتبرئة السعودية من دورها المباشر كقائد العدوان على الشعب اليمن، وكذلك رفض ربط صرف مرتبات موظفي الدولة بعائدات مبيعات النفط والغاز، بالإضافة إلى محاولته “تحويل المسألة على أنها مسألة داخلية بحتة”، و”محاولة تأجيل إخراج القوات الأجنبية المحتلة”.
وأوضح السيد القائد في النقطة الثانية، أن “الأمريكي يحاول أن يحول المسألة على أنها مسألة داخلية بحتة”، مشدداً أن “هذا لا يمكن القبول له أبداً، ولا يمكن أن تتحول المسألة إلى مشكلة مع صغار المرتزقة الذين ليسوا إلا مجندين مع تحالف العدوان”، مؤكداً أنه: “لا يمكن أن يتحول دور من قدم نفسه منذ بداية العدوان بصفة قائد للحرب ومنفذ للعمليات الهجومية على بلدنا إلى مجرد وسيط”.
وفيما يتعلق بالنقطة الثالثة، بيّن السيد القائد أن “الأمريكي يلعب لعبته في مسألة انسحاب القوات الأجنبية من البلد ويحاول أن تكون هذه الخطوة مؤجلة إلى أجل غير مسمى”.، مشددا بأنه “لا يمكن أن نقبل باستمرار الاحتلال ووجود القوات الأجنبية في بلدنا وهذه مسألة جوهرية بالنسبة لنا”، موضحاً أننا “سنستمر في كل الخيارات بكل الجهود في كل المجالات لنيل الحرية الكاملة والاستقلال التام وتطهير كل أرجاء وطننا من كل احتلال أجنبي.
أمريكا تعرقل مسار السلام
وأكدت وسائل إعلام غربية في تقارير لها، أن أمريكا تعرقل مسار السلام في اليمن، حيث كشفت مجلة “ناشيونال إنترست” الأميركية في تقرير لها نشر حديثا عن سحب قرار سلطات الحرب في اليمن من التصويت في مجلس الشيوخ خلال الشهر الماضي .. مشيرة إلى أنه لو جرى إقرار القرار كان سينهي التدخل العسكري الأميركي المباشر في الحرب السعودية في اليمن .
ووفق المجلة فإن سحب القرار أتى بعد ما وعد الرئيس جو بإيدن وإدارته باستخدام حق النقض ضدّ القرار إذا تمّ تمريره، وهو ما يؤكد عدم رغبة واشنطن في إنهاء الحرب التي تتعرض لها والدفع لعودة التصعيد العسكري .
نهج انتهازي خطير
وكان المندوب الروسي ديمتري بوليانسكي في مجلس الأمن خلال جلسة خاصة في منتصف يناير الماضي عقدت لمناقشة الأوضاع في اليمن قال: “يجب على المجتمع الدولي أن يفعل كل ما في وسعه لإعادة السلام إلى اليمن، متابعا القول :”موسكو تحافظ على علاقتها مع سلطات صنعاء”.
وأضاف مندوب روسيا أن الدول الغربية تسعى لنهب وتصدير النفط والغاز اليمني، ولا تريد التوصل لحل شامل في اليمن، مشيرا إلى أن هدف الغربيين ليس التوصل لحل شامل في اليمن، بل تصدير «نفطه» للأسواق العالمية.وقال: الدول الغربية تمارس الانتهازية بتركيزها على الحصول على النفط والغاز اليمني، ونعتبر هذا النهج الانتهازي الغربي خطيراً جداً، وضاراً بالسلام المستدام في اليمن.
مؤامرات وتحركات خطيرة
وأكد محللون سياسيون ومراقبون أن هناك ازدواجية مفضوحة للأمريكيين في اليمن فحديثهم حول السلام يناقض تحركاتهم في الواقع، فهناك سلوك عدواني مستمر وتدفق للقوات الأمريكية في باب المندب وقبالة السواحل اليمنية وبناء للقواعد العسكرية في محافظتي حضرموت والمهرة، وفي جزيرتي ميون وسقطرى، مضيفين: أن هناك مؤامرات مهولة وتحركات خطيرة وبهندسة أمريكية بريطانية، في تحول جديد للصراع وبأساليب جديدة في تكريس واضح لاستمرار العدوان والحصار على اليمن، كل اليمن، مع تعنت وإصرار أمريكي غربي في فرض حالة اللا سلم واللا حرب وعمل دؤوب في بناء مشاريع الاحتلال، وهذا ما هو حاصل على الواقع، وبلا أفق واضح للحل، وقطع الطريق على أي تحركات أو جهود تسهم في تحقيق السلام.
محاولات مكررة للتصعيد
وأشاروا إلى أن واشنطن تنظر للسلام في اليمن، كخطر حقيقي يهدد وجودها الإستعماري في البلد، خصوصاً مع تمسك صنعاء التي نجحت في فرض شروطها ومطالبها على طاولة المفاوضات، في أعقاب سيطرتها على مجمل تفاصيل المواجهة المفتوحة مع قوى تحالف العدوان الصهيو أمريكي السعودي الإماراتي، في مختلف الميادين؛ وهو ما يعكس بوضوح محاولاتها المتكررة للتصعيد، ليس فقط من خلال مثل هذه التصريحات التحريضية، بل أيضاً من خلال تكثيف تحركاتها العسكرية في السواحل والجزر اليمنية، وكذلك ابتزازها لوكلائها في تحالف العدوان وتصدير المخاوف للسعودي والإماراتي.
صنعاء قادرة على قلب المعادلات
ولفتوا إلى الأمريكي والبريطاني وكل دول العدوان في اليمن، يدركون عجزهم عن مواجهة صنعاء بعد فشلهم للعام الثامن على التوالي في تحقيق أي نصر يذكر في الميدان العسكري. ومخاوف هؤلاء لا تكمن فقط من قرب قطع أيديهم بشكل نهائي من الداخل اليمني وحسب، بل في ما تمثله صنعاء اليوم، من قوة كبيرة قادرة على قلب المعادلات العسكرية في المنطقة والتأثير على التوازنات الإقليمية، ما يعني أن الوجود الغربي الإستعماري الذي يهيمن على ثروات الجوار ويستثمرها في قتل وتهديد شعوبها، لن يكون في مأمن طالما حاولت القوى الغربية من جديد تكريسها كمنطلق لزعزعة الأمن والإستقرار في اليمن.
ختاماً
فإن الخطوات والمحاولات الأمريكية لعرقلة مسار السلام في اليمن ليست إلا تأكيد للمؤكد، وهو أن العدوان على اليمن، هو عدوان أمريكي بامتياز، وأتى خدمة لأجندة أمريكا وبريطانيا في اليمن، وما السعودية والإمارات سوى أدوات في هذا العدوان الذي أُعلن من واشنطن.