الخبر وما وراء الخبر

حسن المرتضى يكتب عن فلسطين والقدس في الأدب العربي والعالمي الحلقة الأولى

45

للأدباء والمثقفين أسلحتهم في مواجهة الاحتلال الصهيوني ومواجهة التطبيع على حد سواء فكلاهما خطران يهددان القضية الفسلطينية وسواء اضطلع بهذه المهمة شعراء فلسطين أو شعراء العرب أو شعراء الإسلام بكافة اللغات وبكافة الوسائل شعرا ورواية وقصة وفوتوغراف وكاريكاتير وإنشاد ودراما وغيرها من الفنون التي توصل القضية وتجذرها وتوقظها في الأجيال بحق العودة والتحرير فمن الشعر إلى الرواية والرسم والكاريكاتور والصورة والأنشودة

(فلسطين ذاكرة ومستقبل في ضمير الأدباء)

المحور الأول : أبرز شعراء وأدباء وكُتّاب وروائيي ورسامي القضية الفلسطينية

لفلسطين عمالقة من الشعراء والكاريكاتير والكتّاب والروائيين الكثير ممن سخروا جميع أعمالهم في خدمة القضية وأبرز من بذلوا دماءهم في ذلك الفنان الكاريكاتيري جواد العلي صاحب شخصية حنظلة ولا زالت أعماله لها التأثير والصدى حتى الآن واستشهاده كان بعملية مخابراتية إسرائيلية…

أما عن الشعر فمن نجوم شعر القضية الفلسطينية

أشرف فياض ،أنطون شماس ، إبراهيم نصر الله ، إلياس صنبر ،بشير قبطي ، تميم البرغوثي ، جبرا إبراهيم جبرا ،حيدر محمود (شاعر)، خالد جمعة ، خليل السكاكيني، رائد وحش، راشد حسين، سعيد المزين، سميح القاسم، طه العبد، عبد الرحمن بارود، عبد الكريم الكرمي، عبدالله عيسى، كمال ناصر، معين بسيسو، ناهض الريس، بشير قبطي، حزامة حبايب، حيدر محمود (شاعر)، خالد جمعة، خليل السكاكيني، راشد حسين، رفيف زيادة، ريتا عودة، سعيد المزين، سلمى الخضراء الجيوسي، عبد الرحمن بارود، عبد السلام العطاري، عبد الكريم الكرمي، عبدالله عيسى، كمال ناصر، ليلى علوش، مصطفى مراد، نوح إبراهيم ، حزامة حبايب ، دانا الدجاني ، رائد وحش ، سلمى الخضراء الجيوسي ، طه العبد، ليلى علوش إبراهيم طوقان، فدوى طوقان، عبد الرحيم محمود، عبد الكريم الكرمي-أبو سلمى، محمود درويش ، سميح القاسم، طه محمد علي ،جريس دبياتُ ،توفيق زياد ، راشد حسين ، سعيد المزين ، إبراهيم محمد صالح – أبو عرب ، حسين البرغوثي ، مريد البرغوثي ، ، سعاد قرمان.

ابراهيم طوقان: هو من كتب قصيدة موطني الي أصبحت النشيد غير الرسمي للشعب الفلسطيني. نشر شعره في الصحف والمجلات العربية، لتجمع في ديوان بعد وفاته عام 1941 عن عمر 36 عاماً فقط.

“موطني، موطني…

الجـلال والجـمال والســناء والبهاء فـــي ربــاك فــي ربـــاك

والحـياة والنـجاة والهـناء والرجـاء فــي هـــواك فــي هـــواك”

فدوى طوقان: من مدينة نابلس ولقبت بشاعرة فلسطين، حيث مثّل شعرها أساساً قوياً للتجارب الأنثوية في الحب والثورة واحتجاج المرأة على المجتمع. أول دواوينها كان ” وحدي مع الايام ” والذي رثت فيه أخيها إبراهيم بعدة قصائد. قدمت سيرة حياتها في جزءين: “رحلة جبلية رحلة صعبة” و”الرحلة الأصعب”.

وهي الملقبة بشاعرة فلسطين الثائرة والمتمردة، فكانت رمزا لشعر المقاومة، رافضة كل محاولات تهويد القدس والقضاء على حلم توحيد الصفوف وجمع الشتات. وبروح انتصارية عالية، جعلت فدوى من شعرها الواقعي جسرا للتعبير عن حبها لفلسطين وتمسكها بهويتها خلال معركة الوجود.

وكتبت في ديوان “الليل والفرسان / “كفاني أموت على أرضها / وأُدفن فيها /وتحت ثراها أذوب وأفنى

وأُبعثُ عشبا على أرضها / وأُبعثُ زهرة /تعيثُ بها كفُّ طفل نمته بلادي / كفاني أظلُّ بحضن بلادي / ترابا

وعشبا / وزهرة“

سميح القاسم: بلغت مؤلفاته أكثر من سبعين رواية وديواناً شعرياً وقصة ومقالة مترجمة، وصدرت أعماله في سبعة مجلدات في بيروت والقدس والقاهرة ترجمت قصائده إلى عدة لغات عالمية منها الألمانية والإنكليزية والفرنسية. غنى قصائده مارسيل خليفة مثل منتصب القامة. من دواوينه: مواكب الشمس، أغاني الدروب، دخان البراكين، سقوط الأقنعة، ديوان الحماسة.

تميم مريد البرغوثي: اشتُهر في العالم العربي بقصائده التي تتناول قضايا الأمة، وكان أول ظهور جماهيري له في برنامج أمير الشعراء على تلفزيون أبو ظبي. وهو ابن الشاعر الفلسطيني مريد البرغوثي، والكاتبة المصرية رضوى عاشور.

شكيب نجيب جهشان: هو شاعر ولد في قرية المغار قضاء طبريا. أصدر عدة مجموعات شعرية منها جادك الغيث – أحبكم لو تعرف

عبد الرحيم محمود.. عن ضياع الأقصى وخذلان العرب للقضية الفلسطينية

اشتهر هذا الشاعر بسبب قصيدته “نجم السعود” التي ألقى ببيت منها أمام سعود بن عبد العزيز -ثاني ملوك المملكة العربية السعودية- خلال زيارته لفلسطين عام 1935، فقال له “أجئت تزور الأقصى؟ أم جئت تودعه قبل ضياعه؟”، ومنذ ذاك الوقت، وصِف عبد الرحيم ببعد النظر وبحسه الوطني الذي استطاع أن يستقرأ خذلان الحكام العرب للشعب الفلسطيني وقضيته، وتنبأ ما ستؤول إليه الأمور في البلاد بسبب الموقف العربي المتهاون.

وفي واقعة سابقة، كتب عبد الرحيم عن وعد بلفور في قصيدتين، الأولى تحمل اسم الوعد، والثانية باسم عيد الجامعة العربية، وأظهر فيهما غضبه من إغفال الأمة لوضع الشعب الفلسطيني ولامهم على محالفة العدو ونبهم من منح اليهود حق التملك في الأرض وهدد في المقابل المستعمر الإسرائيلي من أطماعه في فلسطين.

بلفور ما بلفور ماذا وعد / لو لم يكن أفعالنا الإبرام / إنا بأيدينا جرحنا قلبنا / وبنا إلينا جاءت الآلام

لم تكن هذه التهديدات عبارات مصفوفة في قصائده، فلقد عرف عبد الرحيم بشجاعته واستعداده الدائم لمواجهة العدو، ولذلك التحق بالكلية الحربية في بغداد وتخرج ضابطًا برتبة ملازم، وذهب إلى بيروت والشام ليتلقى التدريبات العسكرية، وعلى إثر هذه التجارب؛ شارك في الثورة الفلسطينية الكبرى عام 1936 والحرب العربية ضد “إسرائيل” بعد رفض قرار الأمم المتحدة بتقسيم فلسطين عام 1947، وإعلان الانتداب البريطاني على فلسطين، ويوم النكبة، ليستشهد في النهاية في معركة الشجرة في عام 1948 وعمرة 35 عامًا؛ تاركًا 27 قصيدةً للأدب الفلسطيني وتاريخه.

راشد حسين.. عن قانون الغائب ومصادرة الأراضي الفلسطينية دون حق

حمل هذا الشاعر اسم الغائب الحاضر وهي صفة أطلقها القانون الإسرائيلي عام 1950 على اللاجئين الفلسطينيين خلف الخط الأخضر أو في الدول العربية، وهو واحد من أهم مظاهر الصراع الفلسطيني الصهيوني والذي نتج عنه حالات طرد وإخلاء واسعة أسفرت عن استيلاء القوات الإسرائيلية على ما يزيد عن ربع مليون دونم من أراضي المواطنين الفلسطينيين الذين ظلوا في الأرض المحتلة بعد النكبة.

وبموجب هذا القانون، صادرت حكومة الاحتلال بعض الأملاك الدينية وكأن مالكها غائبًا أيضًا، وكانت هذه الانتهاكات عبارة عن استخفاف “إسرائيل” في مقدسات الأديان الأخرى، ولأنها صادرت أملاك كثيرة دون حق، كتب الشاعر راشد قصيدته “الغائب” التي غنتها لاحقًا الفنانة الراحلة ريم بنا، مع استبدال لكلمة الغائب باللاجئ.

الله أصبح غائباً يا سيدي.. صادر إذاً حتى بساط المسجد

وبع الكنيسة فهي من أملاكه.. وبع المؤذن في المزاد الأسود

وأطفئ ذبالات النجوم فإنها.. ستُضيءُ درب التائه المتشرد

حتى يتامانا أبوهم غائب.. صادر يتامانا إذاً يا سيدي

لا تعتذر! من قال أنكَ ظالمٌ لا تنفعلْ! من قال إنك معتدي؟

يعد راشد من أهم أدباء المقاومة الفلسطينية، وكما هو الحال مع بقية الشعراء، مارس المقاومة وانضم إلى الحركات النضالية لمواجهة “إسرائيل” وأظهر بكتاباته تمرده وغضبه على التمدد الصهيوني في الأراضي الفلسطيني وكتب عبارات يردده الفلسطينيون في ذكراه وفي غالبية المناسبات الوطنية، مثل “سنفهم الصخر إن لم يفهم البشر- أن الشعوب إذا هبت ستنتصر”.

كما ركز الشاعر في كتاباته على مآسي اللاجئين وأحوالهم في الغربة، ملخصًا المآسي الإنسانية وحالة التشرد التي عاشها الفلسطينيون في خيام وكالة الغوث، فقال:

لن تصير الخيمة السوداء في المهجر قصرا / وصديد الجرح والإعياء لن يصبح عطرا

وجيوش القمل لن تصبح أغنامًـا فتقرى / ودموع اليتم لن تصبح للأيتام خمرا

وثمة فتاة بين الخيام ماتت ولم يسعفوها: / دفنوها في ظلام الليل سرًا دفنوها

لينالوا مؤن الطفلة من قوت جهنم / ومضوا عنه وقالوا: / عش سعيدًا في جهنم

وفي ديوانه “صواريخ” كتب لأمه تفاصيل وظروف وضعه في مخيمات اللاجئين وصور له حجم الإهانة والمذلة التي يعيش فيها اللاجئين داخل هذه الخيم؛ حافرًا في ذاكرة التاريخ حجم الشقاء الذي مر على هذه الأجيال في بلاد المهجر:

ولخيمتي بابان يا أمي كأبواب العذاب / باب يقود إلى الجحيم إلى الشتائم والسباب

نحو الخيام العابسات كبعض أكداس السحاب / وهناك في جهة السماء على جبين السقف باب

تبدو النجوم خلاله كاللاجئين بلا ثياب

توفيق زياد.. عن معتقلي السجون الإسرائيلية وتحدي المحتل

يعرف هذا الشاعر الفلسطيني بعدد من قصائده التي ضربت جذوره بذاكرة الفلسطينيين، وأبرزها “هنا باقون”، بجانب أنشودته الشهيرة “أناديكم أشد على أياديكم” التي غناها مجموعة من الفنانين العرب مثل أحمد قعبور وعابد عازرية. التزم توفيق في موقفه تجاه المحتل، فكان في صفوف المقاومة الأولى لذلك تلقى كل أنواع الاعتداء التي وصلت إلى حد هدم بيته ومحاولة اغتياله، لكنه لم يهاب وقال لهم:

كأننا عشرون مستحيل / في اللد ,والرملة ,والجليل / هنا .. على صدوركم ,باقون كالجدار / وفي حلوقكم / كقطعة الزجاج , كالصبار

وفي عيونكم / زوبعة من نار / هنا .. على صدوركم ,باقون كالجدار

حتى أصبحت هذه الكلمات رد كل فلسطيني يتعرض لمحاولة تهجير أو نفي أو تهويد في أرضه، هذا بالإضافة إلى الكتابات الشعرية التحريضية والحماسية التي كتبها للمقاومين مثل “ادفنوا موتاكم وانهضوا”، التي بات يرددها المقاتلون على الجبهات تجبنًا لليأس والخضوع.

تطرق توفيق في كتاباته أيضًا إلى قضية الأسرى والمعتقلين، فكتب لهم قصائد عديدة، مثل “سجناء الحرية وقصائد أخرى ممنوعة” و”كلمات مقاتلة” و”من وراء القضبان، ولا بد من الإشارة إلى أن توفيق تعرض لتجربة السجن التي تحدث عنها في قصيدة “سمر في السجن” ويعبر عن الأيام التي قضاها في حبس الدامون، ويسرد أحاديثه مع رفاقه في الزنزانة ويصور كل ممارسات الذل التي تعرضوا لها، ولكنهم مع ذلك لم يتوقفوا عن الحديث عن الحرية والسلام متحدين جبروت السجان وقسوة الظروف، فكتب:

أتذكّر….إنّي أتذكّر.. / الدامون…لياليه المرّة / والأسلاك والعدل المشنوق على السور / هناك والقمر المصلوب على..

فولاذ الشبّاك ومزارع من نمش .. / أحمر في وجه السّجان الأنقر

أما محمود درويش: فإنه كان له ذوق خاص فيما كتب من الشعر وكان لقضيته الفلسطينية حيز كبير في حياته، وأنه أعطاها الشيء الكثير في كتاباته وناصرها أيضا.

وإن رحل بجسده فإن شعره لا يزال حيا وأن قصائده لا تزال تحكي قصصه وحياته بكل ألوانها الفرحة والحزينة والأمل والألم، مؤكدين أنه مدرسة بحد ذاتها تبقى شامخة مهما مر عليها من أجيال.

وعن بدايات درويش في الفترة الأولى من إبداعاته الشعرية كان شعره محدودا ومحليا وإقليميا ويتحدث بمصطلحات الخمسينيات والستينيات من القرن الماضي.

“بعد ذلك نحا درويش منحى إنسانيًا عاما وعولم القصيدة، إن جاز أن نقول كذلك، وأثر عليها من الناحية الإنسانية والشمولية بحيث جعل من فلسطين قضية عالمية لم تعد واقفة عند أغنيات وحماسيات “سجل أنا عربي”، وأخرج القضية من مفهومها الضيق ليجعلها قضية العرب وليس الفلسطينيين فقط وقضية كل إنسان يملك ضميرا حيا في العالم، وذلك عبر قدراته الشعرية وصوره وإيقاعاته الخارقة فعلا”.

إن شعر المقاومة الفلسطيني كان له جانب ليس قليلا لدى الشاعر درويش، خاصة أن فيه من الحماسة شيئا كثيرا، إضافة إلى التحشيد والوجع وهو شعر النكبة الفلسطينية المستمرة.

باقون بموروثهم

لكن الشاعر الفلسطيني لطفي زغلول عبر عن خلود درويش بقوله إن “الشعراء والمبدعين لا يموتون ومحمود درويش شاعر مبدع، أبدع أكثر من ثلاثين ديوانا شعريا، وبالتالي فإننا ننظر إلى هذه الأعمال على أساس أنها باقية خالدة”.

وأضاف زغلول “لا شك أن درويش قد مر بمراحل كثيرة، ابتدأ بالشعر المقاوم وانتهى بما يسمى بالشعر الإنساني، وكان بينهما يخلط من هذا على ذاك، وكان مجيدا بقصائده وبارعا في توظيف كلماتها ومعانيها”.

وأشار إلى أن شعر المقاومة لدى درويش كان جليا وواضحا في بداياته، ورغم انتقاله إلى غيره فإن حديثه وكتاباته عن فلسطين لم تتوقف وكان يحكي تراثها وحكاياتها في شعره