الخبر وما وراء الخبر

الْبـُـرْدَةُ الْيَمَانِيَّــة … للشاعر: صلاح الدكاك

166

الْبـُـرْدَةُ الْيَمَانِيَّــة “في مَقَام الرَّسُوْلِ الأَعْظَمِ مُحَمَّدٍ صَلَّى الله عَلِيْهِ وآلِهِ وسَلَّم”.
للشاعر / صلاح الدكاك

رِيْمٌ بِـ«رَامَا» يَصِيْدُ الصِّيْدَ فِـي «إِرَمِ»

بِخَافِقِي مِنْهُ مَا فِي الجَفْنِ مِنْ سَقَمِ

أصْمَى وأوَهَنُ سَهْمٍ سَهْمُهُ وَقَضَى

لِقَوْسَهِ مِنْ كَلِيْمٍ دِيَّةَ الكَلَمِ

كَذَاكَ تَقْضِي الْغَوَانِي وَهْيَ قَاتِلَةٌ

ثَأرَ الْهَوَى مِنْ قَتِيْلٍ فِيْهِ مُتَّهَمِ

دَلَّاكَ قَلْبُكَ فِي كَفِّ الْغَوَى فَلِمَنْ

شَكْوَاكَ مِنْ جَوْرِ خَصْمٍ بِالْغَوَى حَكَمِ؟!

شَرَّقْتَ غَرَّبْتَ، لا مَرْسَى لمُرْتَحِلٍ

بَيْنَ الحِسَانِ وَلَا مَنْجَى لِمُعْتَصِمِ

وَاصَلْتَ قَالَيْتَ، لَا سَلْوَى لِذِي وَلَهٍ

وَلَا فِكَاكَ مِنَ الذِّكْرَى لِذِي خُطُمِ

إنْ تَشْتَكِ الضِّيْقَ فِي رَحْبِ الْجِهَاتِ فَقَدْ

ضَاقَ الْأَدِيْمُ عَلَى الْمَسْجُوْنِ فِــي الْأَدَمِ

حَارَتْ سَنَابِكُ خَيْلٍ فِيْهِ تُرْكِضَها

تَكِرُّ للبَدٍءِ إِذْ تَسْعَى لِمُخْتَتَمِ

تَغْدُوْ السُّهُوْلُ حُزُوْنَاً حِيْنَ تَذْرَعُهَا

وَالصَّفْصَفُ الرَّحْبُ يَطْوِي الْقَاعَ بِالْأَكَمِ

شَتَّتْ عَلَى نَاشِدِ السُّلْوَانِ بُغْيَتُهُ

وَعَضَّتِ الخَيْلُ مِنْ يَأْسٍ عَلَى اللُّجُمِ

* * *

صَدَّقْتُ قَبْلَكَ بِالدُّنْيَا فَمَا صَدَقَتْ

تَدْنُو لتُغْرِيَ كَيْ تَنْأَى عَلَى غُرُمِ

فَرَحْبُهَا مَا تَرَاهُ الْعَيْنُ عَنْ أَمَلٍ

وَضِيْقُهَا مَا يَرَاهُ الْقَلْبُ عَنْ أَلَمِ

فَلَا تُسَرَّ لِمَا سَاءَتْ سِوَاكَ بِهِ

فَالْخَلْقُ حَالَاً بِحَالٍ غَيْرِ مُنْتَظِمِ

تَبْكِي وَيَضْحَكُ هذا، ثُمَّ تَضْحَكُ إِذْ

يَبْكِي، وَكَمْ نَاهِلٍ مَاءً بِدَلْوِ ظَمِي

ضِدّانِ صِنْوَانِ فِي شِقَّيْ رَحَى طَحَنَتْ

كِلَيْهِمَا بِالصِّبَا الدُّنْيَا وَبِالْهَرَمِ

كَمْ رَاغِبٍ في هَوَاهَا وَهْيَ لَاهِيَةٌ

وَرَاغِبٍ عَنْ هَوَاهَا وَهْيَ فِي نَهَمِ

غَابٌ بِهَا النَّابُ فِي بَضِّ اللَّمَى قَنَصٌ

وَكُلُّ رَامٍ بِهَا رَامَ الظِّبَاءَ رُمِي

فَغُضَّ طَرْفَكَ صَفْحَاً عَنْ لَوَاحِظِهَا

إِنَّ الْبَصِيْرٍ بِنَجْلَاءِ اللِّحَاظِ عَمِي

* * *

يَا أَحْوَرَ الْعَيْنِ عَيْنِي مِنْكَ مَا بَرِحَتْ

رَهْنَ السُّهَادِ وَرُوْحِي قَبْضَةَ الْعَدَمِ

أَنْكَرْتُ طَعْمَ الْكَرَى مِنْ طُوْلِ مَا سَهِرَتْ

عَيْنِي وَبِتُّ كَأَنِّي قَبْلُ لَـمْ أَنَــمِ

أَخْلَفْتَ صَبَّكَ وَعْدَ الهُدْبِ فَاجْزِ بِمَا

تَجْنِي الرُّمُوْشُ وَنَاجِزْنِي فَمَاً بِفَمِ

أَوْ خَلِّنِي إِنَّ قَلْبِي جِدُّ مُثْخَنَةٌ

شِغَافُهُ بِالْكِذَابِ السَّافِكَاتِ دَمِي

الْعَادِيَاتِ بِلَا خَيْلٍ وَلَا سَلَبٍ

وَالْمُوْرِيَاتِ الحَشَا قَدْحَاً بِلَا حُمَمِ

وَالْقَاصِمَاتِ قُرُوْمَ الْقَوْمِ مِنْ أَوَدٍ

يَمْشِيْنَ دَلّاً غَشُوْمَ الجَرْسِ وَالنَّغَمِ

إِذَا تَجَاوَزْتُ «لَيْلى» فِي الْهَوَى قُدُمَاً

لِأَلْفِ «لَيْلَى وَلَيْلَى» قَادَنِي قَدَمِي

وَإِنْ تَعَافَيْتُ لَأْيَاً مِنْ «مَهَا» مَهَرَتْ

قَلْبِي مَهَا بِجِرَاحٍ غَيْرِ مُلْتَئِمِ

* * *

وَمَنْ يَكُنْ فِي وَخِيْمِ الْعِشْقِ مَرْتَعُهُ

لَاقَى بِنِعْمَتِهِ مَثْنَىً مِنَ النِّقَمِ

وَمَنْ يُصِخْ لِنِدَاءِ النَّفْسِ مَسْمَعُهُ

فَقَلْبُهُ عَنْ سَمَاعِ النُّصْحِ فِي صَمَمِ

وَدَّعْتُ عِنْدَ «ثَنِيّاتِ الوَدَاعِ» هَوَى

نَفْسِي وَلبَّيْتُ دَاعِي اللهِ وَالرَّحِمِ

لَبَّيْتُ «أَحْمَدَ» وَاسْتَدْبَرْتُ مَا دَرَسَتْ

مِنَ السِّنِيْنَ عَلَى أَطْلَالِ «ذِي سَلَمِ»

وَجُزْتُ سِيْنَاءَ تَيْهِي فَانْتَهَيْتُ إِلَى

سِيْنِيْنَ طُوْرِ جَبِيْنِ الْمُصْطَفَى الْعَلَمِ

خَلَعْتُ فِي الطُّوْرِ مَا دَسّى الْهَوَى فَزَكَا

بِحُبِّ «أَحْمَدَ» مَا خَلَّفْتُ عَنْ أَمَمِ

وَرُحْتُ يَكْبَحُ زَهْوِي دُوْنَهُ خَجَلِي

مِنَ الْخَوَالِي وَيَحْدُو خَطْوَتِي عَشَمِي

فَمَا انْتَشَى -الدَّهْرَ- مِثْلِي قَطُّ ذُو سَكَرٍ

وَلَا حَكَى شَادِنٌ فِي دَلِّهِ رَسَمِي

كَبَائِرِي عِنْدَ عُذَّالِي هَوَاكَ، وَمَنْ

يَغْشَ الْكَبَائِرَ لَا يَخْشَى مِنَ اللَّمَمِ

وَمَنْ يَهِمْ فِي طُوَى «طَهَ» وَطَلْعَتِهِ

يُهْدَ السَّبِيْلَ، وَمَنْ لَمْ يُهْدَ لَمْ يَهِمِ

قَدْ رُضْتُ نَفْسِي فَارْتَاضَتْ جَوَامِحُهَا

عَنِ الْمُشِيْنِ بِمِهْمَازَيْنِ مِنْ شِيَمِ

* * *

يَا سَيِّدِي أَنَاْ مِنْ قَوْمٍ قَدِ اسْتَبَقُوا

بُشْرَى قُدُوْمِكَ، بِالْإِيْمَانِ فِي القِدَمِ

تَوَارَثُوا نَبَأَ المَسْرَى وَقَبْلَ بُزُوْغِ

«اقْرَأْ»، نَضَوْا لِضُحَاهَا شَفَرةَ القَلَمِ

وَمَا تَنَزَّلَ فِي «أُمِّ القُرَى» أَلِفٌ

إِلّاْ وَقَدْ نَزَلُوا فِي «يَثْرِبَ» الْكَلِمِ

شَدّوا الْقُلُوْبَ إِلَى لُقْيَاكَ عَنْ ظَمَأٍ

وَشَدَّ لِلْكَلَأِ الأَغْيَارُ بِالْغَنَمِ

وَالْخَلْقُ فِي الشَّيْنِ تَغْدُو أَوْ تَرُوْحُ، وَفِي الْـ

ـعَلْيَاءِ مِنْ شَمَمٍ نَرْقَى إِلَى شَمَمِ

أَنَاْ ابْنُ أَلْيَنِ مَنْ لَانُوا لِمَرْحَمَةٍ

قَلْبَاً وَأَغْلَظُ مَنْ كَرُّوا لِمُقْتَحَمِ

أَنَاْ ابْنُ أَصْدَقِ مَنْ لَبَّى نَدَىً وَيَدَاً

دَاعِي الذِّمَارِ وَأَوْفَى النَّاسِ بِالذِّمَمِ

أَنَاْ ابْنُ «جُرْهُمَ» مِنْ «قَحْطَانَ»، هِجْرَتُهَا

بِـ«هَاجَرٍ» نَسَلَتْ «عَدْنَانَ» فِي الْحَرَمِ

أَنَاْ ابْنُ «عَمّارَ» مَنْ أَعْيَا الْمُدَى جَلَداً

مِنْ مَشْرِقِ الْوَحْيِ حَتَّى مَغْرِبِ الصّنَمِ

يُعْزَى الْكِرَامُ إِلَى أَضْرَابِهِمْ كَرَمَاً

وَنَحْنُ نُعْزَى لِـ«طَهَ» مَضْرِبِ الْكَرَمِ

سُدْنَا ثَرَاهَا وَكُنَّا فِي الْعُرَى أُمَمَاً

شَتّى، فَصِرْنَا بـ«طَهَ» سَادَةَ الْأُمَمِ

وَالْيَوْمَ والْخَلْقُ شَتَّى فِيْكَ ألَّفَنَا

«بَدْرٌ» بِهِ عِصَمُ الْأَنْصَارِ فِي عُصُمِ

وَمِنْ سَنَاكَ بِـ«زَهْرَاءَ الْبَتُوْلِ» لَنَا

زُهْرُ النُّجُوْمِ جَلَاءُ الظُّلْمِ وَالظُّلَمِ

عَلَى الطُّغَاةِ بِفُرْقَانِ السَّمَاءِ سَرَوْا

فِي الْمُدْلَهِمَّاتِ مَسْرَى السَّيْلِ فِي العَرِمِ

جَبْرُ الْكَسِيْرِ الْذِي عَزّتْ جَبَائِرُهُ

غَوْثُ الْعُفَاةِ وَمَحْلُ الْمُجْحِفِ الْبَشِمِ

مَتَى نَدَبْتَ إِلَى كَرْبٍ تَجِدْ «كَرِبَاً»

مِنّا وَلَبَّاكَ فِي الْأَنْصَارِ كُلُّ كَمِي

نُبْلِي غَرَامَاً، ويُكْدِي غَيْرُنَا حَذَرَاً

مِنْ مَغْرَمٍ فِيْكَ أَوْ يُعْطِي عَلَى رَغَمِ

إِذَا الْخَوَالِفُ عَنْ حَرِّ الْوَغَى جَنَحَتْ

خَاضَ الْيَمَانُوْنَ عَنْكَ الْمُهْلَ كَالشَّبِمِ

وَلَوْ تَرَانَا غَدَاةَ الْكَوْنُ نَاصَبَنَا

فِيْكَ الْعَدَاءَ، فَأَوْرَدْنَاهُ فِي الْوَخِمِ

إِذِ الْمَمَالِكُ مِنْ غَارَاتِنَا عَجِفَتْ

وَأُثْكِلَ الْغَرْبُ بِالْبُعْرَانِ وَالْبَهَمِ

تَرَى بِنَا أَلْفَ بَدْرٍ، ذَاتُ شَوْكَتِهَا

تَنَكَّبَتْهَا حَفَا الْأَنْصَارِ بِالْهِمَمِ

كَأَنَّ قَوْمِيَ فِي لَامَاتِهِمْ وُلِدُوا

عَدْوَاً عَلَى صَهَوَاتِ الْخَيْلِ بِالْفُطُمِ

يَجْرِي لَظَى الْبَأْسِ فِي رُحْمَى خَوَافِقِنَا

مَجْرَى الصَّوَاعِقِ فِي هَتَّانَةِ الدِّيَمِ

* * *

«طَهَ» حُرُوْفِيَ نَاءَتْ عُصْبَةً بِذُرَى

حَرْفَيْنِ، سَرَّحْتُ فِي سَفْحَيْهِمَا قِمَمِي

أَبْصَرْتُ ذَا حِكْمَةٍ قَوْمِي فَزَيّنَ لِي

دَلْوِي اغْتِرَافَ مُحِيْطِ الْعِلْمِ وَالْحِكَمِ

هَصَرْتُ مُزْنَ قَرِيْضِي وَالبَيَانِ فَلَمْ

تَرْجَحْ -وَقَدْ نَفِدَتْ- كَأْسَاً بِمُلْتَطِمِ

وَكَانَ أَجْزَلُ غَزْلِي دُوْنَكُمْ لَحَنَاً

وَكَانَ أَفْصَحُ قَوْلِي فِيْكُمُ عَجَمِي

حَسْبُ الْمُحِبِّ كُلُوْمُ الْحُبِّ مَعْذِرَةً

إِذَا تَعَذّرَ بَثُّ الْحُبِّ بِالْكَلِمِ

فَخْمُ الدِّمَقْسِ عَلَى فَحْمِ النُّهَى خَتَلٌ

يُلْهِي النَّوَاظِرَ كَالْأَهْرَامِ عَنْ رِمَمِ

وَفَارِغُ الفِكْرِ تُلْفِي التِّبْرَ مُقْلَتُهُ

صِفْرَاً وَيَحْسَبُ صَيْدَ الْبَازِ كَالرَّخَمِ

* * *

قَدْ مَحَّصَتْنِي عُقُودٌ خَمْسَةٌ سَلَفَتْ

كَوَمْضَةِ الْبَرْقِ بَيْنَ الصَّحْوِ وَالْحُلُمِ

فَمَا أُمَالِئُ نَفْسِي أَوْ سِوَايَ عَلَى

ضَلَالَةٍ أَوْ أُسَارِيْهِمْ عَلَى بَهِمِ

وَالْمَرْءُ فِي الْجَمْعِ غَيْرُ الْمَرْءِ مُنْفَرِدَاً

يُخْفِي نَقِيْضَ الَّذِي يُبْدِيْهِ فِي الْخِضَمِ

إِنَّ الشَّمَائِلَ كَالْعَدْوَى يُدَاوِلُهَا

فِي النَّاسِ خَوْفُ الْأَذَى أَوْ مَطْمَعُ السَّلَمِ

سِيَّانَ فِي الْجَمْعِ مَنْ سَاؤُوا وَمَنْ حَسُنُوا

إِذَا اسْتَوَى دَافِعُ الْإِحْسَانِ وَالذَّمَمِ

مَنْ يَبْذُلِ الْبَذْلَ لِلْفَانِيْنَ يَفْنَ، وَمَنْ

لِلدَّائِمِ الْحَيِّ يَبْذُلْ بَذْلَهُ يَدُمِ

* * *

إِذَا تَشَفّعَ بِالطَّاعَاتِ ذُوْ زَلَلٍ

لِي شَافِعٌ مِنْ نَدَى «طَهَ» وَمِنْ نَدَمِي

وَبُرْدَةٍ حِكْتُهَا فِيْهِ يَمَانيَةً

بِمِنْوَلِ الرُّوْحِ، يَحْكِي نَسْجُهَا نَسَمِي

تَزَلَّفَتْ بِـ«أَبِي الزَّهْراءَ» مَنْزِلَةً

مَرْضِيّةً فِي مَدَارِ الْمُرْتَضَى الْأَشَمِ

إِنْ أُحْكِمَتْ فَمِنَ الْمَمْدُوْحِ مُحْكَمُهَا

وَإِنْ وَهَتْ فَلِوَهْنِي فِي الْمَدِيْحِ لُمِ

وَإِنْ تَثَلَّمَ حَدِّي فِي ذَؤَابَتِهَا

فَالسَّيْفُ يُحْمَدُ عِنْدَ الذَّبِّ، بالثَّلَمِ

يُجَدِّفُ النَّقْصُ فِي مَعْنَى الْكَمَالِ كَمَا

نِسْبِيَّةُ الْقَوْلِ تَبْغِي مُطَلَقَ الْقِيَمِ

يَا لَائِمِي، رُمْتُ أَزْكَى الْعَالَمِيْنَ بِهَا

وَغَيْرَ رِضْوَاهُ بَيْنَ الْخَلْقِ لَمْ أَرُمِ

صَلَاةُ رُوْحِي عَلِيْهِ مَا الْغَمَامُ هَمَى

وَمَا انْجَلَى بِاسْمِهِ فِي الْكَوْنِ مِنْ غُمَمِ

وَمَا طَوَى الْفُلْكُ بَحْرَاً وَالْوَرَى يَبَسَاً

وَمَا تَخَلَّقَتِ الْأفْلَاكُ فِي السُّدُمِ

صَلَاةُ رَاجٍ جِوَارَ الْمُصْطَفَى وَبِهِ

نَصْرَاً لِأُمَّتِهِ فِي عَالَمٍ خَصِمِ

صَلَاةُ رَاجٍ صَلَاحَاً مِنْ مَثَالِبِهِ

فِي نَفْسِهِ وَالذَّرَارِي غَيْرَ مُنْصَرِمِ