انحراف بوصلة الولاء
بقلم// د. فاطمة بخيت
وضع الله لعباده خطاً مستقيماً للاهتداء به والسير عليه للأمن من الضلال، لكن الكثير من البشر بغبائهم أعرضوا عن ذلك الطريق الذي هدى الله إليه، فاتبعوا السبل فتفرقوا عن سبيله وضلوا وانحرفوا.
إنّ ما نشاهده اليوم من أحداث تتعارض مع قيم ومبادئ ديننا الحنيف ما هو إلا نتاج طبيعي ونهاية بديهية للبدايات التي تم فيها الإعراض عن من أمرنا الله بتوليهم، لا سيما أنّه تفصل الأمة أيام عن ذكرى البلاغ المبين الذي أعلنه الحبيب المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم على رؤوس الأشهاد في غدير خم، بأنّ من يتولى الله ورسوله يتولى علياً. ووصيته للأمة بالتمسك بالعترة ليأمنوا من الضلال.
خطاب بيّن وواضح وضوح الشمس في وسط النهار، ولكن خفافيش الظلام تأبى إلا أن يظل الظلام مخيماً في الأرجاء، لأنّها لا تألف إلا العيش فيه، فسعت وتسعى إلى تعتيم الأمور وتدجين الأمة لقوى الطاغوت والضلال.
تطورات مريبة وأحداث غريبة لا تمت لديننا بأي صلة، لكن الأمة لا تكاد تفيق من سباتها العميق لتدرك مدى خطورة ما يحدث، وتلملم شتاتها لمواجهة ما يحيط بها من تحديات وأخطار.
إنّ ما حدث بالأمس القريب من تدنيس اليهود للأماكن الإسلامية المقدسة في بلاد الحرمين، التي حُرمَ من زيارتها ملايين المسلمين في شتى أنحاء العالم؛ ما هي إلا إشارة واضحة إلى مدى ما يمتلكه اليهود من نفوذ في هذه البلاد التي باعها حكامها بأبخس الأثمان لليهود ومن دار في فلكهم، وتولوهم بدلاً من تولي الله ورسوله وأعلام دينه، واستبدلوا ولاية الله بولاية الطاغوت.
مشاهد وصور استفزت أحرار العالم وآلمتهم وأوجعتهم، لكنها لم تحرك ساكناَ لدى من ماتت ضمائرهم وباعوا أنفسهم للشيطان.
حدث –بالطبع- له غاياته وأهدافه، حتى وإن كان لا يعدو لدى البعض عن كونه جولة لليهود في الأراضي المقدسة؛ إلا أنّه يحمل بين طياته الكثير من الرسائل (وَمَا يَعْقِلُهَا إِلَّا الْعَالِمُونَ).
ستظل الأحداث تتسارع والوقائع تمضي واحدة تلو الأخرى على وتيرة أشد وأنكى؛ لأنّنا وكما قال الشهيد القائد حسين بدرالدين الحوثي رضوان الله عليه: في زمن كشف الحقائق. لكن لمن يعقلون ويدركون خطورة ما يجري من حولهم، ويعلمون جيداً أنّ لديهم مسؤولية كبيرة تجاه ما يحدث، مسؤولية حمّلهم إياها من استخلفهم على هذه الأرض واستعمرهم فيها.
ولن ينقذ الأمة مما تعانيه إلا تحرك جاد من قِبل أبنائها لمواجهة المشاريع الشيطانية لأعداء الله، والتولي لمن أمرنا الله بتوليهم من أعلام دينه، لتشييد وإعمار المشروع الإلهي الذي يكفل للأمة الحياة السعيدة في الدنيا والعاقبة الحسنة في الآخرة.