الخبر وما وراء الخبر

الهجرة النبوية نقلة عظيمة في الواقع العالمي والبشري

13

بقلم// أميرة السلطان

إن المتأمل للواقع الذي بعث فيه النبي محمد صلوات الله عليه وآله سيجده مجتمعا صعبا ليس بالأمر البسيط أو السهل النهوض به
عند وصول النبي في يوم هجرته إلى المدينة وجد مجتمعا متناحرا كل قبيلة تقاتل الأخرى والمستفيد الوحيد من هذه المعارك والحرب هم اليهود ، مجتمع بسيط ليس بالقوة الاقتصادية ولا يهتم لأمره أحد حتى أن يهود المدينة كانوا يقولون في حقهم كما حكى القرآن عنهم
“لَيْسَ عَلَيْنَا فِي الأُمِّيِّينَ سَبِيلٌ”
أي أن أموالهم مباحة لهم وأن الله خلقها لإجلهم .

ومع قدوم النبي للمدينة بدأ العد تصاعديا إذانا بنهضة شاملة وواسعة تتعدى حدود تلك البقعة الصغيرة إلى أن وصل صداها لكل بقاع الدنيا.

فمنذ وصوله صلوات الله عليه وآله وضع أساسات الدولة الإسلامية المتينة فبنى المسجد أولا لأن هذا المجتمع لن يتغير نحو الأفضل إلا عندما يكتسب طاقة معنوية روحية إيمانية تكون من اسمى نتاج هذه الطاقة أن تكون في معية الله ليكسب بعدها من يمتلك هذه الطاقة القوة والغلبة والتمكين على أي عدو كائنا من كان.

بنى المسجد لكي يؤاخي بين المهاجرين والأنصار لكي يزيل مافي صدورهم من شوائب خلفها الدهر سنين طويلة
بنى المسجد كقاعدة عسكرية قاعدة للجهاد وليس فقد مسجدا للصلاة
علم النبي صلوات الله عليه وآله المجتمع أسس التعامل التجاري الصحيح البعيد عن الربا والجشع والطمع والاحتكار
وعلمهم كيف يتحررون من وصاية اليهود أقتصاديا فحث على أهمية الاكتفاء وزراعة الأرض والاعتماد على النفس وترك التواني والكسل فكان يزرع الأشجار بيده الشريفة.
أرشدهم إلى كيفية الاستفادة من المياة وكيفية تصريفها فكان يحفر الآبار ويجري السواقي وعلمهم الانتاج والعمل.
علمهم أهمية إصلاح الطرقات ورفع الأذى وأهمية الأهتمام بها وجعلها نظيفة.

علمهم في الجانب الصحي إلى كيف يرتقون بأنفسهم نفسيا وجسديا فنهى عن بعض الأطعمة أو الأشربة التي قد تعرض صحة الإنسان للخطر وحث على الرياضة وتعلم فنون القتال لأنه كان الأشجع فقد قال عنه الإمام علي عليه السلام “إذا اشتدت المعركة أحتمينا برسول الله”
وفي الجانب السياسي فقد راسل الملك والقبائل ليعلمهم أن هناك دولة قائمة على مشروع إلهي يجب أن يعرف به الجميع ويؤمن به
بذل النبي محمد صلوات الله عليه وآله منذ وصوله للمدينة الجهود الكبيرة والجبارة فكانت هجرته محطة إنقاذ ومشروع حياة لتغيير الإنسان جذريا .
فمثلت الهجرة النبوية نقلة عظيمة في الواقع العالمي والبشري.

وعند النظر إلى الأمة اليوم وما أصبحت فيه من معاناة سيتضح الأمر جليا ماهو الحل والمخرج لهذا العالم الذي كثر فيه الفساد والانحطاط القيمي والأخلاقي والبعد الكبير عن الله وعن دينه ورسالته.

إن يوم الهجرة النبوية محطة تاريخية مهمة جدا يجب أن نستفيد منها وكيف نقلت ذلك المجتمع من مجتمع ليس له ذكر إلى قوة مؤثرة وصاحبة كلمة وقرار
حري بالأمة الإسلامية اليوم أن تعود إلى تلك النقطة نفطة التحول الكبرى لكي ننتشل أنفسنا مما نعيشه ونعانية لنكون أمة سامية في أخلاقها وروحها، مصلحة لنفسها ولأسرتها ومن ثم مجتمعها ، راقية في تصرفاتها ومبادئها وأخلاقها .