اليمنيون يحتفلون بعيد الأضحى وسط هدنة هشة
تقرير|| ابراهيم الوادعي
إحتفى اليمنيون للمرة الاولى بعيد الأضحى وسط هدنة هشة وانقطاع مؤقت للغارات الجوية ،وخفوت قرقعة السلاح في الجبهات الداخلية وتلك العابرة للحدود مع العدو السعودي والاماراتي ، ولم شمل عائلات فرقتها الحرب .
فرغم محدودية الرحلات الجوية الى مطار صنعاء وفقا للشق الانساني من الهدنة الاممية ،فقد احتفت عدد من الاسر اليمنية في عيد الاضحى مجتمعة بعد ثماني سنوات من الشتات ، وعجز من كانوا عالقين في الخارج عن العودة الى وطنهم ، نتيجة اغلاق مطار صنعاء ، وخطورة عودتهم عبر مطار عدن ، عدد من اختاروا العودة عبر مطار عدن انتهى بهم الامر قتلى في نقاط المسلحين ، او مخفيين في سجون مليشيات التحالف السعودي الامريكي المتقاتلة في جنوب اليمن ، لقد شكل فتح مطار صنعاء علامة بارزة في الهدنة وطاقة امل للناس المنهكة خلال سنوات الحرب والحصار ، رغم استمرار التحالف في التلاعب بمقتضيات بنود الهدنة الانسانية وعدد ووجهة الرحلات المتفق عليها.
لم تسهم الهدنة الاممية منذ اول ابريل وجرى تمديدها لشهرين اخرين في توقف المواجهات رغم خروقات تقول صنعاء ان مرتزقة التحالف السعودي الامريكي والتحالف نفسه يرتكبها بحق الهدنة اذ يستمر مرتزقته بتنفيذ الهجمات المباغته والقصف المدفعي واستخدام مختلف انواع الاسلحة طمعا في تحقيق مكاسب او تعبيرا عن رفضهم للهدنة التي تسرق جزءا من ثرواتهم التي تضخمت بفعل الحرب والعمالة لغير بلدهم .
وتقول صنعاء ايضا وفقا لتقارير رصد خروقات الهدنة بان الطيران الاستطلاعي والتجسيي المسلح نفذ خروقات ، والذي توقف كلية رغم تسجيل خرق او خرقين في جبهة حرض هو الطيران الحربي المسلح الذي غاب عن الاجواء اليمنية بعد ان ظل لايفارها طيلة سنوات ثمان ونفذ غارات تجاوزت او اقتربت من المليون غارة .
يحتفل اليمنيون بعيد الاضحى وسط معاناة كبيرة في ارتفاع الاسعار وغلاء المعيشة وانقطاع الرواتب ، رغم حديث عن طرح هذه القضية المؤرقة على طاولة تمديد الهدنة مطلع يونيو الفائت ، لكن لاانباء سارة حتى الان .
انقطاع الرواتب ضاعف من معاناة المدنيين والحكومة في صنعاء التي تجهد قبيل كل عيد لصرف نصف راتب بالكاد يوفر بعضا من الضروريات لكنه لايرفع المعانة بتاتا ، فالتحالف السعودي الامريكي عمل خلال سنوات الحرب على تحطيم الريال اليمني فبعد ان كان الدولار يساوي 215 ريالا ، انخفضت قيمة الريال اليمني الى مقابل 1200 ريال للدولار الواحد في المناطق التي يسيطر عليها التحالف و 600 ريال في المناطق الحرة خارج سيطرة التحالف .
اجراءات حكومة صنعاء لإبقاء الدولار عند حدود 600 ريال خفضت قليلا من المعاناة لكنها لا ترفعها فالتحالف يسيطر على منابع الثروة ويغلق ميناء الحديدة ومطار صنعاء والمنافذ البرية ورفع التعرفة الجمركية على السلع ، ما جعل الاسعار تتضاعف مرات عدة ، في ظل انقطاع الرواتب عن مليون ونصف المليون موظف حكومي ، وتضرر مختلف الانشطة الاقتصادية تبعا لذلك وكذا رفع التعرفة الجمركية من قبل مرتزقة العدوان في عدن – الدولار الجمركي = 500 ريال – وفرض الاستيراد عبر ميناء عدن حصرا والبعيد عن مناطق الكثافة السكانية ، و اتاوات نقاط المسلحين ، جميعها ذلك انعكس زيادة معاناة على اليمنيين .
والى كل ماسبق اتت الازمة العالمية على صعيدي الغذاء والطاقة لتضيف عبئا جديدا على ملايين اليمنيين المطحونين بتأثيرات تراكمية للحرب والحصار وتضاعف من جديد اسعار السلع الضرورية وتضيف شرائح مجتمعية جديدة الى مربع العوز الشديد .
نجحت الهدنة الاممية في فقط في جعل اليمنيين يصومون للمرة الاولى منذ ثماني سنين شهر رمضان ويعيدون الفطر والاضحى في ظل توقف المعارك وجنازات الشهداء ، رغم استمرار التحالف ومرتزقته بالخروقات ، وسقوط ضحايا مدنيين نتيجة انفجار مخلفات الحرب وعجز الامم المتحدة عن تزويد فرق كشف ونزع الالغام بالاجهزة الضرورية كون التحالف يمنع ادخالها ، وفقا للمركز التنفيذي لنزع الالغام والذي اكد في بيان له قبل ايام ان الامم المتحدة تنصلت تماما عن توفير هذه الاجهزة الحيوية المنقذه لحياة الكثيرين واوقفت برامج دعم فرق كشف ونزع الالغام في اليمن .
احتفل اليمنيون بعيد الاضحى وسط اعباء متزايدة ، فقد اضافت ازمة الغذاء والطاقة الى حياتهم بؤسا جديدا نتيجة الارتفاع الكبير في اسعارهما وصل سعر كيس القمح في صنعاء الى نحو 18 عشر الف ريال يمني ، وسعر دبة البنزين الى 14 الف ريال ، والديزل الى 17 الف ريال وذلك مبلغ باهظ بالنسبة الى قدرة المجتمع الرازح تحت ضغط الحصار والحرب الاقتصادية .
صنعاء التي كانت تخلو في ايام عيد الاضحى مزدحمة هذا العام ، الكثيرون ممن كانوا ينتقلون الى اقربائهم في الارياف للاستمتاع بأجوائها ومشاركتهم لحوم الاضاحي بقوا في العاصمة ، فأسعار النقل باهظة ، ولحوم الاضاحي ارتفعت بشكل كبير .
بشكل خاص فرحة العيد مسروقة من عيون الاطفال حيث تعج الاف الاسر اليمنية نتيجة لظروف الحصار عن شراء ملابس جديدة لأطفالها وتلجا لغسيل ملابس عيد الفطر ، واجبارهم على لبسها في العيد مرة اخرى ، الاطفال في اليمن لا يعون تبعات الحصار لكنهم يلمسون ويعايشون المها وفق عالمهم الخاص .
وفقا لمسئولين في صنعاء كان من المفترض ان تناقش الهدنة الممدة قضايا اقتصادية خالصة كتوفير رواتب الموظفين واعادة توحيد السياسة النقدية والبنك المركزي ، لكن ذلك لم يحدث فالتحالف واصل المماطلة في هذا الملف ، وهو لم ينفذ بشكل كامل ملف الرحلات الجوية وافشل عن قصد ملف الطرقات حيث انتهت جولات التفاوض في عمان بين طرف صنعاء والمرتزقة الى فشل تام وانكشاف خضوع ملف الطرقات للابتزاز السياسي ما دفع صنعاء الى فتح طرق انسانية في تعز من طرف واحد قبيل عيد الاضحى في محاولة تخفيف معاناة الناس على الطرقات.
عجز الهدنة الاممية عن تحقيق تقدم في هذا الملف انعكس أزمة مستمرة في مادة الغاز المنزلي حيث تضطر شاحنات نقل الغاز الى سلوك طرق ملتوية وصحراوية لايصال مادة الغاز من صافر الى صنعاء ، واجبر كذلك الحجاج على ان يسلكوا مايزيد عن 1200 كيلو متر للوصول الى منفذ الوديعة والسفر الى الديار المقدسة ، حيث ترفض السعودية تفويج الحجاج عبر مطار صنعاء او منافذ برية اقرب في سياق محاصرتها لشعيرة الحج وعقاب جماعي على اليمنيين الرافضين لاستمرار هيمنتها على بلدهم .
تصريحات مسئولي صنعاء تشير الى سلبية التقييم الكلي للهدنة وان تمديدها لن يكون وفق القواعد السابقة إن اراد الطرف الاخر ذلك ، بعد ان تنصل التحالف عن التزاماته كليا او جزئيا في الهدنتين الاولى والثانية ، لم يتم الافصاح عن القواعد الجديدة لتجديد الهدنة كما ان الحديث عن انهائها والعودة للقتال على لسان المسئولين في صنعاء وارد ، وكان لافتا عودة اخبار التحشيد والمعسكرات التدريبية الى شاشات التلفزيونات الوطنية في اطار ايصال رسالة عن الجهوزية لكل السيناريوهات .
صنعاء اكدت في اكثر من محطة انها دخلت الى الهدنة من باب انساني لتخفيف المعاناة عن شعبها المحاصر منذ 8 سنين ، وان الهدنة اضرت بها عسكريا حيث قواتها توقفت على ابواب مارب بعد تحقيق اختراقات عسكرية مهمة في البلق الشرقي ، وانسحاب قوات التحالف من حول مدينة الحديدة واجزاء من الساحل الغربي
يجري الحديث امريكيا ان الرئيس الامريكي جو بايدن سيبحث من حلفائه في المنطقة تمديد الهدنة ، واشنطن في حاجة الى الهدنة لكنها لا تريد منح صنعاء السلام ، ،و قد لا يكون عيد الاضحى هذا هو الاخير تحت النار والحصار.