السيد القائد وعهد الكرار للأشتر
بقلم// عبدالفتاح علي البنوس
على مدى أيام العشر من ذي الحجة ، العشر المباركة التي أقسم بها الخالق جل في علاه في مفتتح سورة الفجر، يواصل السيد القائد عبدالملك بدر الدين الحوثي دروسه القيمة والتي يتناول فيها عهد الإمام الكرار علي بن أبي طالب عليه السلام لمالك الأشتر عقب توليته على مصر ، هذا العهد الذي يمثل دستور دولة وقانون حياة بما احتواه من محددات ومنطلقات رئيسية ونصائح وإرشادات قيمة المسار الصحيح لبناء الدولة العادلة ، دولة الإنصاف والمساواة والأمن والأمان والطمأنينة والاستقرار .
يريد أن يتحلى الجميع بروح المسؤولية وأن يستشعروا حجمها والدور المؤمل عليهم القيام به من خلالها ، على اعتبار أن المسؤولية تكليف لا تشريف ومغرم لا مغنم ، ولن يستيقم لهم حال ولن يصلح لهم وضع إلا إذا هم ساروا وفق مضامين عهد الإمام علي لمالك الأشتر ، ووصاياه الخالدة التي شكلت خلاصة لأسس ومبادئ وخصائص الدولة العادلة وآلية التعامل مع أفرادها وطرق ووسائل إدارة وتنظيم شؤونها ، حيث يدرك السيد القائد بأن الاختلالات وأوجه القصور القائمة في أداء الكثير من المسؤولين ترجع إلى العمل العشوائي الارتجالي غير المسؤول والذي لا يستند إلى مرجعيات وقيم ومبادئ تنظم ذلك .
هناك من يتعامل في منصبه بقسوة وصلف وعنجهية وغلظة ، فهو في نزق دائم والشرر يتطاير من عينيه ، والضرر يطال من حوله ، ويجعل من منصبه منطلقا لممارسة الظلم والتعسف والإجحاف في حق الموظفين الذي هو مسؤول عنهم ، فيزبد ويرعد غير مدرك لفداحة ما يقوم به ، والأدهى رغم كل ذلك أنه يحسب نفسه من الذين يحسنون صنعا ، فهذا وأمثاله ليسوا بأهل للمسؤولية ، فالمسؤول خادم للمواطن ، يعمل على خدمته ، ويسهر من أجل راحته ، وقضاء حوائجه وإنصافه .
المسؤولية ليست استعراض عضلات بالمرافقين ومواكب السيارات ، والاحتجاب عن المواطنين بالعسكر والحجاب داخل المكاتب وإصدار القرارات والتوجيهات ، فالمسؤولية هي الرحمة بالمواطنين ، والمحبة لهم ، واللطف بهم ، والإحسان إليهم ، وإنصافهم ، والتعامل معهم بحكمة ، هناك من يرى نفسه فوق النظام والقانون ، ولا سلطة عليه فيظلم وينهب ويبطش ويفسد دونما وازع ديني أو أخلاقي أو وطني يردعه ويزجره ويرى في ذلك شطارة وحذاقة ، وهذا ومن على شاكلته يسيئون استخدام المسؤولية ولا يجب تمكينهم منها لأنهم غير أهل لها ، فالمواصفات التي ضمنها الإمام علي “عليه السلام” لمالك الأشتر لا تنطبق عليهم ومن الظلم تعيينهم للتسلط على رقاب الناس .
نحن في عدوان وحصار ، ونتعرض لمؤامرة كبرى تستهدف كل ما هو جميل في هذا الوطن ، وهو ما يحتم على كل شاغلي المسؤولية التحلي بالوعي والبصيرة والعمل الجاد والمثمر في المؤسسات والدوائر والمصالح التي يديرونها ، يكفي الشعب جور وبطش العدوان ومرتزقته ، أصحاب النفسيات المريضة والمأزومة لا خير منهم يرتجى للشعب والوطن ، من يتولى المسؤولية ولا يجسد في عمله القدوة الحسنة ، ولا يشكل النموذج الحسن للمسؤول الناجح في عمله ، الراقي في تعامله ، يمثل نموذجا سيئا للمسؤولية ، وها هو السيد القائد يضع الجميع في دائرة المسؤولية من خلال دروسه التوعوية التي يشرح من خلالها عهد الإمام علي لمالك الأشتر ، المنهج والدستور الإداري الشامل الذي ينبغي على كل مسؤول تطبيقه في عمله على الواقع ، المسألة ليست مجرد حفظ لمضامينه ، بقدر ما هي التزام عملي بما تضمنه من رؤى ومقترحات وتوصيات وتوجيهات كفيلة بأن تمنح كل من يعمل بمقتضاها التوفيق والسداد في مهامه ويحظى بالبركة والعون الإلهي في كل شؤونهم .
بالمختصر المفيد، دروس السيد القائد في عهد الإمام علي لمالك الأشتر بمثابة الفرصة الأخيرة لكل المقصرين من ذوي السلطة والمسؤولية ، لكي يتلافوا القصور ، ويصححوا المسار ، ويعيدوا النظر في فهمهم للسلطة والمسؤولية و طريقة أدائهم وتعاملهم مع المواطنين ، والكرة اليوم في مرماهم وقد ألزمهم الحجة ، وعليهم أن يتحركوا وفق المعطيات التي تضمنها عهد الإمام علي لمالك الأشتر ، والتي تمنحهم كل عناصر التوفيق والسداد والنجاح في أعمالهم ومسؤولياتهم بفضل الله وقوته وعونه وتأييده .
قلت قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم ووالدينا ووالديكم وعاشق النبي يصلي عليه وآله