الخبر وما وراء الخبر

عيد الأضحى في اليمن تحت الحصار والنار

13

تقرير|| ابراهيم الوادعي

للعام الثامن يمضي اليمنيون عيد الاضحى المبارك وسيف العدوان والحصار السعودي لايزال مصلتا على حياتهم ، ويحصد الالاف منهم فمن لم يمت بالنار مات بالجوع والحصار ، فيما الهدنة الاممية تترنح .

فرضت الحرب على اليمن طقوسا عيدية خاصة بها ، الالاف من الأسر تؤم روضات الشهداء امهات وزوجات واطفال يقضون اول ايام العيد في زيارة احباء لهم غادروا بسبب القتال، وأخرون في المقابر لزيارة ضحايا فارقوا الحياة بسبب اغلاق منافذ السفر ، واطفال لم تكتب لهم الحياة نتيجة تأثيرات الحصار عليهم منذ ولادتهم وايام حياتهم الاولى.

وفي زيارة الارحام اضحت الاحاديث عن استذكار من غادروا الحياة نتيجة الحرب ، وتناول قصص الحرب والحصار ، وأخر المستجدات عن هدنة هشة تترنح ، وانسداد الافق نتيجة تعنت الولايات المتحدة والسعودية عن وقف الحرب ورفع الحصار .

حديث الكبار في العيد لايخرج عن هذا السياق ، حيث الشكوى عالية من عدم استطاعة لتوفير لحوم الاضاحي او حتى شراء القليل منه .

حركة شراء الملابس في عيد الاضحى متدنية الى حد كبير ، الاف الاسر في اليمن اجبرت اطفالها على لبس ملابس عيد الفطر مجددا ، نظرا لارتفاع الاسعار وانخفاض ميزاينة الاسرة نتيجة للحصار وتوقف الرواتب وضعف قيمة الريال، يشكو ارباب الاسر من غلاء فاحش في الملابس وهم في موقف العاجز امام اطفال لايعون تبعات الحصار لكنهم يلمسونه .

اتسم عيد الاضحى لهذا العام بزيادة كبيرة في غلاء المعيشة في اليمن نتيجة ازمة مركبة فبالاضافة الى الحصار هناك ازمة غذاء وطاقة عالمية ضاعفت من الاعباء على الاسر اليمنية في ظل ايقاف تحالف العدوان لرواتب نحو مليوني موظفي يمني في الجهازين الحكومي والمختلط ، واغلاق المنافذ الجوية والبحرية بوجه التجارة وخاصة ميناء الحديدة الحيوي لقربة من مراكز الكثافة السكانية ، يضطر التجار الى نقل سلعهم ما يزيد عن 1000 كيلو متر من عدن الى صنعاء ، ودفع عشرات الاتاوات لنقاط المسلحين في المناطق المحتلة من قبل التحالف ، ناهيك عن زيادة التعرفة الجمركية في ميناء عدن ، وماسبق يفرض اعباء عجزت الكثير من الاسر عن توفير سلع كانت تستطيع شرائها حتى وقت قريب .

ثمان سنوات من الحرب جيل كامل في اليمن لا يعرف سوى الحرب واصوات الغارات والحدائق والمباني المدمرة ، العابه السلاح البلاستيكي واحاديث الاطفال بكل فخر عن بطولات المجاهدين من منا طقهم وامنيتهم في ان يكبروا ويذهبوا الى جبهات القتال لمواجهة من يغزون بلدهم.

وبرغم الهدمة الاممية فإن شبح اشتعال القتال مجددا يعود الى الواجهة ، وهي لم تتوقف كلية بسبب خروقات طرف مرتزقة التحالف السعودي والذين يرون في توقف الحرب نهاية لهم ولاحلامهم بالعودة الى الحكم ، فيما يرى رعاتهم انهم عجزوا عن تحقيق اهدافهم من شن العدوان على اليمن.

نجحت الهدنة فقط في تحقيق اقل مما تفق عليه من الرحلات الجوية ولم شمل عائلات لم تجتمع منذ 7 سنوات نتيجة اغلاق مطار صنعاء من قبل التحالف بشكل تعسفي ، ناهيك عن مئات المرضى تمكنوا من السفر ،وجميع اولئك أقل من 1% من حجم المرضى او المسافرين ، وسيكون على هؤلاء مرضى ومسافرين او يعودوا أو يغادروا قبل نهاية شهر يوليو وألأ فأنهم سيصبحون عالقين في الداخل او الخارج ، وذلك جانب أخر للمأساة اليمنية في ظل العدوان والحصار.

يشير مركز عين الانسانية ان القتلى والجرحى من المدنيين بلغ 45 الفا بينهم 3842 طفلا ، و 2400 إمرأة ، ومن الجرحى 2832 امرأة و 4225 طفل .

ووفقا للمركز جرى استهداف 57535 منزلا ،و391 مستشفى و 1110 مدرسة و 685 سوقا في مختلف المناطق اليمنية ، بالإضافة 5224 طريقا ،و 22 منشاة اعلامية جميعها بالإضافة الى مشاريع المياه الكهرباء والمياه تعرضت للقصف والتدمير في اوسع عملية تدمير ممنهجة منذ الحرب العالمية الثانية لبلد بعينه .

وفقا لوزارة الصحة في صنعاء فالحصار يظل الأكثر ضررا على الانسان اليمني ، فهو يحصد عشرات الاف الضحايا سنويا ويصنع اكبر أزمة إنسانية في التاريخ المعاصر ، ويتوقع ان تمتد تأثيراته الى أجيال قادمة نتيجة التجويع وسوء التغذية والامراض المرتبطة به .

تفيد اللجنة الطبية العليا بأن ذوي الامراض المستعصي علاجها في اليمن والبالغ عددهم نحو 35 الفا مسجلون رسميا ، ومئات الاف مرضى مقيدون لدى المراكز الطبية المختلفة يستحيل علاجهم بسبب تردى الخدمات الطبية في الداخل جراء الحصار

بينهم 3 الاف طفل مصابون بتشوهات قلبية يواجهون الموت المحتم، و 500 مريض محتج الى زراعة عاجلة للكبد في مراكز متخصصة بالخارج ، ومن استطاع السفر من هؤلاء عبر رحلات الهدنة يمثلون فقط من 1 الى 2% فقط من المرضى الذين تزداد اعدادهم كل يوم

ويؤكد ناطق وزارة الصحة أن الحصار يحصد سنويا حياة 100 الف طفل يمني دون ال 5 سنوات ، وان معالجة اثار الحصار لا يمكن معالجتها في مدى منظور بل ستمتد بتأثيراتها السلبية لأجيال متعددة حيث ما يقرب من نصف الاطفال الذين ولدوا في ظل الحرب والحصار مصابون بسوء التغذية و30% منهم مصابون بسوء التغذية الوخيم .

تحاول الحكومة صنعاء توفير نصف راتب من الايرادات المحدودة غير ان ذلك لا يحدث فارقا في سجل معاناة متواصلة وارتفاع مضطرد للأسعار نتيجة للحصار وازمة عالمية فعلى مدى سنوات استطاع التحالف سرقة القيمة الشرائية للريال اليمني عبر طباعة تريليونات الريالات غير المغطاة والفائضة عن حاجة السوق ما سبب تدهور قيمته نتيجة فائض المعروض منه ، حيث اصبح المواطن اليمني يعيش ضمن كيانين اقتصاديين في المناطق المحتلة وفي المناطق الحرة – الدولار في المناطق الحرة = 600 ريال ، المناطق المحتلة 1000 ريال – والوضع مرشح لمزيد من السوء مع استمرار الطباعة ، ودخول مايزيد عن70% ضمن معدل الفقر الشديد وبالكاد مئات ألأسر تؤمن لقمة عيشها ليوم واحد .

يحاول اليمنيون نسيان الحرب وتأثيراتها ولو لساعات بالخروج الى الحدائق والمتنزهات حلال ايام عيد الاضحى ، وخلال ايام العيد قد لاتستطيع ايجاد مكان بسبب الازدحام الشديد والذي يمكنك ان تلمس معه تاثيرات الحرب بجلاء ، فجميعهم اضحى السفر الى الريف كما في السابق منهم خارج عن قدرتهم ، وفرصة صنعاء خالية في عيد الاضحى حيث الغالبية من سكانها ينتقلون الى الارياف يستمتعون بأجوائها ويأكلون الاضاحي أضحى من الصعوبة بمكان فالجميع في المدينة والريف اليمنيين يعانون تراكميا جراء الحرب والحصار المتعدد الاشكال لثماني سنوات.

تركة الحرب تكبر كل يوم في اليوم ليس سياسيا وانسانيا فقط وانما على كل الاصعدة ، وسيكون من الصعب نسيان اثارها في وقت قريب او محوها من ذاكرة اليمنيين ، خاصة انها كانت حربا قذرة لم تحفظ ادنى مبادئ الحروب او القانون الدولي والحقوق الانسانية.