الدكتور أحمد النهمي …فكر أدبي لم يرحل
بقلم د/ محمد علي العنسي*
لم أتحاش الكتابة عن أخي وصديقي ومرجعي ومستشاري الأخ الدكتور أحمد صالح النهمي تجاهلا، ولكن لأنني كنت ولا أزال عاجزا بكل ما تعنيه الكلمة عن أن أفيه حقه.
كان أول لقاء جمعني بالدكتور أحمد يرحمه الله في مدينة البيضاء عام ٢٠٠٠م، كنت حينها أدرس في كلية التربية بنظام الساعة، وليس لدي مؤهل جامعي، ولكن كنت حاصلا على إجازات علمية في الفقه وأصوله والتفسير وعلومه، وأصول الدين، وعلوم الآلة، والسيرة والمصطلح.
وعندما عرف الدكتور احمد أنني غير حاصل على الشهادة الجامعية أعجب اولا بقدراتي العلمية، وحدثني عن الأستاذ أحمد الوشلي في كلية التربية بذمار وأنه يشبهني من حيث التدريس بالإجازات العلمية، ولكنه استدرك قائلا: ولكن حبذا لو واصلت الجامعة يا أستاذ محمد فتجمع بين الإجازات العلمية والشهادة الأكاديمية، فاستحسنت الفكرة، وواصلت الدراسة، وكان الدكتور مرجعي ومستشاري في كل شيء.
وعندما احترت في اختيار عنوان رسالة الماجستير كان له دور بارز في توجيهي وإعانتي، وبعد ثورة ٢١ سبتمبر ٢٠١٤م كان متابعا لكل أنشطتي وناصحا لي.
ثم انقطع التواصل حتى فوجئت به عندي في رداع يتابع موضوع النقل من جامعة البيضاء ألى ذمار، وكنت حينها مسؤول الوحدة التربوية، فتابعت الموضوع بكل جهد وعلى مضض لأنني كنت أريده في جامعة البيضاء، ومع ذلك تابعت موضوع النقل نزولا عند رغبته.
لقد وجدت في الدكتور أحمد النهمي الشخصية المتكاملة، فهو تربوي فذ، وأديب متمكن، وشاعر وظف شعره في ما فيه مصلحة وطنه وقضية وطنه وأيضا أمته، وحتى مصلحة الإنسانية بأجمعها.
ولقد قررت على الطلاب قصيدته ( كبر) في مقرر اللغة العربية 101 لأنها تتصل بقضية الوطن والعدوان عليه، فاردت أربط الطالب بوطنه وقضيته وببطولات المجاهدين في الجبهات، وأهمية هذا الربط تكمن في شد انتباه الطلاب نحو الجبهات وما يقدمه المجاهدون فيها من تضحيات جسيمة، وفي المقابل الحالة التي يعيشها الزعماء العرب المنبطحون لليهود والنصارى.
استلهمت منه الهدوء، والطمانينة، والبساطة، والعمق، والذكاء، والرؤية الثاقبة.
لا أدري ماذا أقول: لقد كانت فاجعتي كبرى حين بلغني الاخ إسماعيل حفظ الله بنبأ وفاته بعد والده يرحمهما الله.
ولكن هذه هي سنة الله في خلقه، ولا نملك إلا أن نقول: (العين تدمع والقلب يحزن وإنا على فراقك يا دكتور أحمد لمحزونون، ولا نقول إلا ما يرضي ربنا، اللهم أجرنا في مصابنا واخلفنا خيرا منها وإنا لله وإنا إليه راجعون.
* أمين عام جامعة البيضاء.