الخبر وما وراء الخبر

(مع الشعار منذ الصرخة الأولى) الحلقة الــ(3).

42

بقلم// فاضل الشرقي

علم الجميع بخبر صلاة (صالح) في جامع الإمام الهادي واحتشد الآلاف لأداء الصلاة ومراقبة الموقف, ولم يكن أحد أسرع إلى الجامع من المكبرين وشهد الجامع أكبر عدد في حينه من أصحاب الصرخة, وما أن أكمل الخطيب خطبته حتي دوت صرخة مجلجلة كادت أن تطير بلب صالح, كنت أنا في الصفوف الأمامية الأولى, ورأيت صالح وقد أنتفض من مكانه خائفاً فزعا وأحاطت به حراسته من كل مكان, وما أن سلم الإمام حتي ولى هارباً دون أن يحسن السلام من البوابة الخاصة, وانتصر الشعار على الطاغوت في حضرته وأمام ناظريه وتناقل الناس خبر الصرخة بإندهاش وإعجاب بقوة المكبرين وصلابتهم.

ذهب صالح للغداء في منزل الشيخ/ فارس مناع, وتوجه بعدها للقاء السلطة المحلية ومسؤولي المحافظة, والمشائخ والشخصيات الإجتماعية, وناقش معهم موضوع الشعار وضرورة القضاء عليه وإسكات الصرخة, فقرر الجميع حينها أن الموضوع ليس أكثر من تحدي ومغامرة وعناد, وأنه لو يطلق سراح المعتقلين ويكف عن حملة الإعتقالات لتوقف الشعار تلقائياً, فقرر (صالح) إطلاق سراح المعتقلين وإيقاف الإعتقالات, وتوجه محافظ المحافظة ومدير الأمن السياسي, وبعض المشائخ والمسؤولين للقاء المساجين وإطلاق سراحهم, مقابل تعهدات خطية بعدم العودة الى ترديد الشعار مرةً أخرى, ولكن المكبرون واجهوهم بالرفض الشديد وتفضيل البقاء في السجن على التعهد, حينها لم يجدوا بداً من اطلاق سراحهم بدون قيد أو شرط, وخرج المساجين أشد قوة, وصلابةً من ذي قبل, وباءت كل جهود المنع بالخيبة والخسران. حينها كان الشعار قد بدأ يردده الطلاب في المدارس, وانتقلت الحرب إلى ساحة التربية والتعليم, وفُصل الطلاب من المدارس, وأُوقفت مرتبات المدرسين للضغط عليهم, كل ذلك حصل ولكن دون جدوى, ومع هذه كله كانت توجيهات السيد ودروسه تواكب الحدث لحظة بلحظة مما يزيد في تبصرة الناس وتوعيتهم ومواجهة كل المؤامرات والمخططات والضغوطات بنفس قرآني وأسلوب محمدي, وعلت راية الشعار وقبضات المجاهدين الأبرار, ودوت صرخاتهم في كل مكان.

المرحلة الثانية:

في الوقت الذي اكتسح فيه الشعار الساحة في محافظة صعدة، كان منزل (السيد) بمنطقة مران يستقبل وفود الزوار يوميًا القادمين من محافظات مختلفة، من سياسيين, وعلماء وقضاة ودعاة, وشخصيات إجتماعية, ويسحرهم (السيد) بأخلاقه العظيمة وتواضعه الجم, وفهمه العميق الذي آتاه الله للقرآن الكريم, ولا يعودوا من عنده إلا بقناعة راسخة رسوخ الجبال الرواسي.

واصل الشعار مسيرته بإتجاه كل شيء ممكن, المدرسة والمسجد, البيت والشارع, الأشجار والأحجار, كل شيء هنا يتكلم وله لسان, وشعار الموت لأمريكا / الموت لإسرائيل, يتردد في كل مكان.

أمام هذا التقدم السريع والإنتصارات الساحقة, كانت العيون الإقليمية والدولية ترصد الأحداث وتقرأ الأخبار أولاً بأول, حينها كانت صنعاء العاصمة على موعد مع الصرخة في وجه المستكبرين, وبدأ الشعار يتردّد في الجامع الكبير بصنعاء, حيث السفارة الأمريكية والتمثيل الدبلوماسي العالمي, وأصبح اليمن مناهضاً للسياسة الأمريكية والإسرائيلية, وهذا ما لا تقبل به السلطة بحال من الأحوال, ووضعت الرئاسة الأجهزة الأمنية والعسكرية في حالة التأهب والإستنفار, لمواجهة الصرخة ومحاولة وأدها في مرحلتها الثانية, وسيطرت أجهزة الأمن القومي والسياسي على ساحة الجامع لكبير بصنعاء, وجعلت منه مسرحا ً لأجهزتها القمعية, ومقرًا دائماً لعناصرها, لتبوء مرة أخرى كل تلك المحاولات بالفشل الذريع, ويستمرّ المجاهدون بالتوافد على الجامع الكبير كل يوم جمعة من كل أسبوع رغم الإعتقالات والإعتداءات المستمرة, إلّا أن المجاهدين لم يزدادوا من كل ذلك إلاّ قوة وصلابة, وعزما لا يلين, مرت عدة أشهر وكان عدد المعتقلين على ذمة الشعار يزداد يوما بعد آخر, مما أضطر السلطات لتوزيع المجاهدين على سجون الأمن السياسي بالمحافظات, ليصل عدد المكبرين إلى قرابة الألف, وبدأت بعض الصحف المحلية والإقليمية والدولية, تتناول أخبار المعتقلين كل أسبوع وتنشر أسمائهم على صدر صفحاتها…. للقصّة بقيّة.