الخبر وما وراء الخبر

دعوة خليجية ملغومة للسلام في اليمن ..

17

تقرير|| ابراهيم الوادعي

بشكل مفاجىء تقدمت السعودية الي صنعاء بدعوة للحوار لإنهاء حربها على اليمن ، ووسط متغيرات دولية تعصف بالنظام العاملي احادي القطب تقول الرياض انها ترغب في استضافة حوار جديد تريده بين طرفين هما حكومة صنعاء وحكومة عدن غير المعروفة شكلها او قوامها حتى الان باستثناء اطراف جكومة هادي والانتقالي ومليشيا طارق والاصلاح والعمالقة والنخب الاماراتية مكونات .

فالمجلس الانتقالي مثلا وهو مكون جنوبي يسيطر بالقوة على عدن ومناطق جنوبية بدعم إماراتي ، ويخوض قتالا مع حكومة هادي التي تعترف بها الرياض والعالم وفق قاعدة المصالح لاالجغرافيا او ارادة الشعوب .

المبعوث الاممي الى اليمن هانس جروندبرغ والذي بارك الدعوة السعودية ، غرق خلال الاسبوعين الماضيين في محاولة لم شتات ” الشرعية ” المشتتة في السعودية والاردن ومصر وتركيا وسواها من البلدان .

مسؤول في مجلس التعاون الخليجي قال لوكالة «فرانس برس» – فضل عدم ذكر اسمه – : «يدرس المجلس عقد مشاورات بين أطراف النزاع في اليمن لوضع حد له»، على أن تجري في الرياض.

وأضاف: «تم بالفعل التشاور مع كافة الأطراف، وجاري إرسال الدعوات لهم».

لم توضح الوكالة الفرنسية نقلا عن مصدرها منهم الاطراف الذين سيبعث اليهم بالدعوات فحكومة هادي مشتتة وفق رغبات دولتي التحالف الاقليميتين السعودية والامارات ، وقد تمتلك قطر نفوذا في هذا الاطار.

لكن ما بات واضحا ان هناك جهد غربي تتساوق معه الامم المتحدة في توحيد الجبهة المناوئة لصنعاء ، ليس الغرض جولة جديدة من الصعيد كونه قائم في شكل حرب اقتصادية بعد فشل السعودية في اقتحام الحرض البعيدة عن حدودها الجنوبية اقل من 20 كيلو متر منذ سبع سنوات ، وانما الولوج الى مفاوضات اضطرارية نتيجة اندلاع الازمة الاوكرانية والصدام مع روسيا ، ورفض انصار الله هدنة طوية الامد مع رفع جزئي للحصار على ميناء الحديدة ومطار صنعاء وكلاهما منفذان حيويان لملايين اليمنيين ، ويتسبب اغلاقهما من قبل التحالف في وفاة عشرات اليمنيين واعاقة وصول الامدادات النفطية والغذائية والدوائية بشكل سلس وغير معقد الى اليمن .

بحسب مسؤول خليجي فإن السعودية «ليست طرفاً في المشاورات»، وهنا تحاول السعودية التنكر لدورها الرئيس في العدوان على اليمن ، غارات طائراتها على اليمن والاراضي التي تسيطر عليها حكومة الانقاذ الوطني تقترب من كسر حاجز المليون غارة ، وانفقت مليارات الدولارات على حربها في اليمن وشراء الذمم الأممية والدولية .

وعلى مدى عام من القتال في مارب يتباهى القادة السعوديون بدور طيرانهم في منع سقوط مأرب من يد مرتزقتهم ، ومعرقلة عودة المحافظة الغنية بالنفط الى حضن الدولة في صنعاء ، ، لكن جميع ذلك لم يحقق اهداف عاصفة الحزم التي تحل الذكرى السابعة لها بعد ايام في ال26 من مارس .

.

قد يكون لمعركة مارب التي تقترب ببطء من الحسم اولوية في البحث عن حلول سياسية هدفها بالاساس ايقاف تقدم الجيش واللجان الشعبية التي تواصل تقدمها نحو مدينة مارب اخر معاقل التحالف والمرتزقة في شمال شرق اليمن ، محاولات سابقة لثني صنعاء عن مواصلة القتال هناك جربت وبينها الدعوة لمفاوضات قدمها المبعوث الامريكي الى اليمن تيم ليندركينغ ، لم تجد صدى لدى صنعاء.

في المقابل تطرح صنعاء معادلة ذهبية واساسية في الذهاب نحو أي حوار وهي فصل الملفين الانساني عن العسكري ، ورفع الحصار وايقاف العدوان رسميا قبل الانخراط في الحوار السياسي .

صنعاء تلقفت الدعوة السعودية الاخيرة رغم كونها ملغومة بذكاء فرحبت بالحوار مع دول التحالف ولكن ليس في الرياض وانما في دولة محايدة .

لايمكن الوثوق بالنظام الذي نشر مواطنه في داخل قنصليته باسطنبول ، عوضا عن كون السعودية عدوا وليست دولة محايدة كما تحب ان توصف بتزوير فاضح للوقائع .

وقال رئيس حكومة الانقاذ الوطني د عبد العزيز بن حبتور فما بدا تعليقا على الدعوة السعودية :إنه من غير المنطقي ولا العادل ولا الجائز أن يكون الداعي والمضيف للحوار الدولة الراعية للحرب والحصار الظالم على الشعب اليمني.

وبرأي مسئولين بصنعاء لا يستقيم أن يدعو النظام السعودي للحوار من جهة ويرسل الإرهابيين والمفخخات لتفجير الناس في الأسواق والمدن ، ومن جهة أخرى فسجل السعودية مشين في مسألة الضمانات وهي لم تتورع عن قتل مواطنها خاشقجي واخفاء جثته حتى الأن ، ضاربة بكل الاعراف الدبلوماسية والقوانين الدولية والشرائع السماوية التي تحرم القتل لمخالفة الرأي عرض الحائط ، وتنفيذها قبل ايام عملية اعدام جماعي بحق 81 شخصا دون محاكمات او تهم جنائية ، قالت الرياض انهم اعتنقوا الفكر الضال والمنحرف .

وبين المعدمين 7 يمنيين ، إثنان منهم أسرى حرب جرى اسرهما في جبهة جيزان الحدودية وهما موضوعان على قوائم التبادل الاممية ، مايعد انهتاكا صارخا للقانون الدولي وحق الاسير في الاسلام وكل الديانات .

قد تكون السعودية ومن ورائها الولايات المتحدة الامريكية وبريطانيا اكثر جدية في اجراء الحوار هذه المرة ، وعلى استعداد للقبول بتنازلات تقدم لصنعاء نتيجة التطورات المتلاحقة الدولية عقب اندلاع حرب اوكرانيا .

السعودية ومن يدير سياستها الخارجية – الولايات المتحدة وبريطانيا – لاتزال تمارس الخداع في اليمن وتأمل في تحصيل بعض المكاسب خشية ان يدهمها الوقت نتيجة التطورات المتسارعة للصدام مع روسيا

قريبا سيصبح الشرق الاوسط موطئا جديدا للصراع بين الغرب وروسيا ، الولايات المتحدة اقدمت على قطع الغاز والنفط الروسي في مسعى لدفع حلفائها الاوروبيين المترددين في ذلك ،وتسبب ذلك بارتفاع اسعار الوقود الى مستوى تاريخي تجاوز سعر التنكة 20 لترا حاجز ال25 دولارا، رغم ان واشنطن لاتستورد سوى 12 % من النفط الروسي و25% من المواد البترولية المنتجة روسيا .

بنظر واشنطن مايمكن ان يؤلم موسكوا هو قطع صادراتها من الوقود والغاز ، فحزم اربع من العقوبات الاوروبية والعقوبات الامريكية ، وضخ مليارات الدولارات لدعم حكومة اوكرانيا الموالية للغرب لم تفت في عضد بوتين الذي يمضي في استكمال معركته ، واظهر كذلك انه كان مستعدا لمواجهة تلك العقوبات ويتوقعها على أي حال ، وربما ليس بالضروة حد وصولها الى محو كل ماهو روسي في العالم .

ورغم مبادرة امريكا بخطوة غرض عقوبات على قطاع الطاقة الروسي ، والتوقف عن استيراد النفط والغاز الروسيين ، لاتزال اوروبا تململ ، ورغم دخول الحرب اسبوعها الصالث لايزال الغاز الروسي لايزل يضخ في انابيب نورد استريم 1 الذي يمر عبر اوكرانيا ويصل الى عموم اوروبا حاملا ..

بريطانيا والتي تتولى راس حربة الموقف الاوروبي في مواجهة روسيا وصل رئيس وزرائها بوريس جونسون الى السعودية ، يسعى البريطانيون لإيجاد بديل لسد احتياجات اوروبا من منطقة الشرق الاوسط الغنية واقناع دول الاتحاد الاوروبي باتخاذ خطوة حظر النفط والغاز الروسيين كليا وعاجلا وليس تدريجيا وعلى مدى عام كما تقول المانيا .

مطلوب امريكيا وبريطانيا في الوقت الحالي احلال السلام المؤقت في اليمن لضمان تدفق شحنات النفط الى اوروبا عبر البحر الاحمر والبحر العربي ، لتعويض النقص الحاد الذي سيحدثه تغييب روسيا عن اسواق الطاقة تنتج روسيا لوحده 199 مليار متر مكعب من الغاز يذهب معظمه الى اوروبا .

صنعاء امتلكت القوة والقدرات لتكون شريكا فاعلا في امن البحر الاحمر وباب المندب والذي تمر منه ثلثي حاجة العالم من الطاقة قيل الازمة الاوكرانية والعقوبات على روسيا ، الجميع بمن فيهم موسكو يدركون ذلك ، التحالف الامريكي السعودي يمد نحو صنعاء تفاحة ، بينما تطورات الاوضاع الدولية جعلت في المتناول ان تحوز صندوق التفاح كاملا ، وان تضع هذه التطورات المفاجئة اليمن مجددا بيضة قبان في التوازنات الدولية ..

صنعاء تدرك ذلك والرياض وحلفائها تخشى من ذلك .. فاي تطورات ستحملها قادم الايام .. المؤكد في استقراء القادم ان الكل بات يخط ود صنعاء وان ماكان سببا في تعرضها للغزو والعدوان سيغدو مفتاحا لولادة العالم الجديد ومعه يمن مختلف عما الفته المنطقة والعالم لعقود ، قد يعيد التذكير بعظمة الماضي الذي خلده القرأن الكريم .

وفق مصدر في صنعاء ستمضي السعودية في عقد مؤتمر للحوار بالرياض وستقصره على مرتزقتها حفظا لماء الوجه ومحاولة للملة شتاتهم، وستوافق لاحقا على تغيير مكان الحوار الى دولة محايدة كعمان فتحاول بحيلة رخيصة ومفضوحة كسب نقطة في مواجهة صنعاء، وقد تتخلى تاليا على مضض عن مأرب طلبا للهدوء وضمان امن البحر الاحمر ، هي اليوم احرص على نيل رضا صنعاء من السابق ، فالولايات المتحدة تريد سريعا تحويلها وكل دول الخليج الى بيادق في الحرب مع روسيا ، اشاراتها الايجابية باتجاه الصين واستعدادها التعامل باليوان في مبيعات النفط ليس إلا محاولة امريكة لتحييد الصين والاستفراد بالمنافسين الدوليين الصين وروسيا كلا على حدة .