الخبر وما وراء الخبر

تضارب أسعار النفط هبوطا وصعودا.. كيف أصبحت اليمن خارج المستفيدين!!

5

تسبب استمرار حالة الحرب والحصار في اليمن، بإبقاء البلاد التي تمتلك ثروات نفطية وغازية هائلة خارج خارطة البلدان المستفيدة من طفرة أسعار النفط والغاز عالمياً، بسبب تطورات النزاع الأوكراني الروسي، والإجراءات العقابية الأوروبية الغربية على صادرات النفط والغاز الروسيين، ما فتح مجالا تنافسيا جديدا للدول المنتجة والمصدرة لإعادة تموضعها في الأسواق العالمية.

وقفزت أسعار النفط الخام من 93 دولارا للبرميل في 22 فبراير الماضي قبل إعلان الحرب الأوكرانية الروسية، إلى قرابة 140 دولارا الأربعاء بعد يوم واحد من إعلان واشنطن، حظر جميع واردات النفط والغاز من موسكو.. فيما قفز سعر الغاز الطبيعي المسال من 847 دولاراً لكل ألف متر مكعب، في اليوم نفسه من فبراير الماضي إلى ما فوق 2267 دولاراً بعد خمسة أيام من بدء الهجوم الروسي على أوكرانيا، وسط توقعات بالصعود، وإن تراجع بشكل مؤقت بين يوم وآخر.

هذا الصعود الصاروخي فتح الباب واسعا أمام تنافس الدول المنتجة والمصدرة للنفط والغاز، للاستحواذ على حصص السوق الأوروبية والغربية، وسط توقعات أن يصل سعر البرميل النفط الخام إلى 200 دولار، وزيادة الطلب العالمي على الغاز الطبيعي المسال البالغ الآن 53.3 مليار قدم مكعب يوميًا بنحو 22% خلال العام المقبل، وفق محللي “جولدمان ساكس”.

هذه الزيادة المرتقبة والحتمية، كان يمكن لليمن أن تحقق دخلا هائلا من الكتل النقدية، ومليارات من العملة الصعبة، وبما هو كفيل بمعالجات مشاكلها المزمنة، التي من أهمها الفقر، والبطالة، والعجز السنوي في موازناتها المالية العامة، وغيرها من المشكلات التي تعيق النهوض البنيوي والتنموي على كافة المجالات في البلاد.

التحديات التي تحول دون استفادة اليمن من إمكانياتها كبلد مصدر للنفط والغاز، تتمثل –حسب المراقبين- في استمرار حالة العسكرة الفعلية من قبل الإمارات لمنشآت الغاز الطبيعي المسال في منطقة بلحاف- شبوة المطلة على ساحل البحر العربي، وتحكم التحالف بعائدات النفط المصدر من حقول مارب، وشبوة، وحضرموت، ما يعني استحالة استفادة اليمن، وفي مقدمتها مناطق سيطرة حكومة هادي المدعومة من التحالف، من العائدات والأرباح الإضافية والفوائض التي قد تتحقق جراء هذه الطفرة العالمية.

الأخطر من ذلك في نظر المراقبين، يتمثل في توجيه التحالف لتلك العائدات في تمويل الحرب في اليمن، وتدمير ما تبقى لدى البلد من موارد، خصوصا إذا ما أخذنا بالاعتبار اعتراف وزارة النفط في حكومة هادي، بأن ما تحققه الحكومة من عائدات الصادرات، يتم إيداعها في حساب خاص لدى البنك الأهلي السعودي، تصرفها الحكومة كنفقات ومرتبات لمسئوليها، وتحركات وسفريات، بإشراف سعودي.

وفيما أكدت وزارة التخطيط والتعاون الدولي في حكومة هادي، أن ارتفاع أسعار النفط المسجلة في الأسواق العالمية ليس لها أي انعكاسات إيجابية على الخزينة اليمنية، وجهت حكومة صنعاء، أصابع الاتهام للتحالف وحكومة هادي، بالاستحواذ على خمسة مليارات و620 ألف دولار، من قيمة النفط الخام المنتج بين عامي 2018-2020م، تم توريد تلك المبالغ إلى البنك الأهلي في السعودية ووُضِع تحت تصرف التحالف لاستخدامه في تمويل الحرب والحصار المفروض على البلاد.

ومثلت عائدات النفط والغاز أهم روافد الاقتصاد اليمني خلال أكثر من عقدين من الزمن، وأهم مصدر للعملة الصعبة في فترات ما قبل الحرب التي تشهدها البلاد للعام السابع، حيث كانت صادرات هاتين المادتين تُشكِّل ما نسبته 90% من صادرات البلاد، وكانت عائداتها تغطي ثلث إجمالي الناتج المحلي، وما يقارب 75% من موارد الموازنة العامة للدولة.

وفي الضفة المقابلة من صعود أسعار النفط -الذي وجدت اليمن نفسها متضرره بتوجيه عائدات روافدها لتمويل الحرب المدمرة من قبل التحالف- تسببت جائحة كورونا خلال العامين (2019-2020) بانهيار الطلب العالمي على الخام لأدنى مستوى له، لتسجل أسعار النفط في 21 ابريل 2020م أقل قيمة لها وصلت إلى 16 دولاراً لخام برنت، وما دون الصفر لخام غرب تكساس، بفعل إغلاق الأنشطة الاقتصادية وحركة النقل العالمية جوا، وبرا، وبحرا.

ذلك الهبوط التاريخي أفاد كل شعوب العالم بتراجع أسعار الوقود بالتجزئة، للمستهلكين، غير أن اليمن وحدها بقيت خارج خارطة الشعوب المستفيدة، حيث ظل سعر الـ 20 اللتر الرسمي عند 5900 تقريبا، وكان يمكن أن تصل إلى 900 ريال للـ 20 اللتر، بفعل الحصار المضروب على مناطق حكومة صنعاء، وسطو التحالف على حقول وصادرات النفط في مناطق سيطرة حكومة هادي.

وأكدت وزارة النفط في حكومة صنعاء حينها أن غرامات التأخير والأعباء الأخرى التي تضاف إلى التكلفة الأساسية الناتجة عن احتجاز السفن لفترات طويلة بلغ أقصاها 1500 يوم، فوتت على الشعب اليمني فرصة الاستفادة من تلك المتوالية المنحدرة لأسعار النفط عالميا، مشيرة إلى أن إجمالي خسائر وغرامات الاحتجاز بلغت حتى مارس 2020 نحو 29 مليون دولار، بمعدل 22 ألف دولار يوميا.

* إعداد: يمن إيكو