الخبر وما وراء الخبر

مبادئُ وحتمياتُ المواجهة في خطاب قائد الثورة: “شعبنا منتصر”

5

قدّم قائدُ الثورة السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي في كلمتِه الأخيرةِ بمناسبة جمعة رجب، قراءةً شاملةً لوضع المواجهة المُستمرَّة مع قوى العدوان على اليمن، مؤكّـداً فيها على ثباتِ وصلابة أُسُسِ ومبادئ الموقف التحرّري الوطني، وعلى رأسها المسؤوليات الإيمانية والإنسانية الملزمة، والتي تضمن حتميةَ انتصار الشعب اليمني، مهما كان حجمُ التصعيد المعادي الذي سينتهي بالمقابل إلى الفشل وسيفاقم ورطةَ دول العدوان، وعلى رأسها الإمارات، دافعاً بها نحوَ الهزيمة النهائية المؤكّـدة.

الخطابُ الذي كان منتظَراً على نطاق واسع بالنظر إلى زَخَمِ الأحداث الأخيرة وأهميتها، جاء خطاباً جامعاً؛ لأَنَّ القائدَ ركّز فيه على الأَسَاس “الإيماني” للمواجهة الشاملة مع العدوان، وبناءً على ذلك الأَسَاس تطرق إلى العديد من تفاصيل المشهد الراهن ليضع النقاط على حروفها.

على رأس تلك التفاصيل، كان التصعيدُ العدواني الأخير والمُستمرُّ الذي تقودُه الإماراتُ ضد الشعب اليمني، حَيثُ وصف السيدُ القائدُ هذا التصعيدَ “غيرَ المبرّر” بأنه “ورطةٌ” وقع فيها النظامُ الإماراتي، بخضوعه لأوامرَ أمريكية بريطانية إسرائيلية دفعت به نحوَ العودة إلى الواجهة.

القائدُ أكّـد أَيْـضاً أن هذا التصعيدَ جاء نتيجةَ “قلق متعاظم” لدى الأعداء من الانتصارات والإنجازات الكبرى المتصاعدة التي حقّقتها صنعاء على مدى السنوات الماضية، وهو الأمر الذي يفسر بوضوح عدم اكتراث الأمريكيين والبريطانيين والصهاينة بالتداعيات الخطيرة التي تواجهها الإمارات.

ومن هنا يؤكّـدُ قائدُ الثورة أن النظامَ الإماراتي “هو الخاسرُ” في هذه الجولة، مُشيراً إلى أن “استرضاءَه أمريكا وبريطانيا وإسرائيل لا يجعله في وضعية الانتصار بل هو في ضلال ومآلُه الحتمي إلى الهزيمة”.

وذكّر القائدُ بجولات التصعيد السابقة التي شنَّتها دولُ العدوان على اليمن، في أكثرَ من مكان، وكانت الإماراتُ حاضِرةً فيها بقوة ومن ورائها نفسُ القوى الغربية الصهيونية التي تدفعها اليوم، لكن تلك الجولات انتهت كلها إلى الفشل الكامل.

وفي السياق نفسه، تطرق قائدُ الثورة إلى الاختراقاتِ المحدودة التي حقّقها العدوُّ في محافظة شبوةَ مع بداية التصعيد الإجرامي، مقدِّمًا قراءةً مبدئية لمثل هذه المتغيرات، وفقاً للأَسَاس “الإيماني” الذي يقومُ عليه التحَرُّكُ التحرّري المقاوم، حَيثُ أوضح القائدُ أن هذه الاختراقاتِ والتراجُعاتِ من الأمور الاعتيادية في الحرب، وهي لا تعني بأية حال من الأحول هزيمة الشعب اليمني، ولا تؤثر على استمرارية التصدي للعدوان.

وأضاف: “إذا احتلوا منطقة معينة أَو ازداد حصارهم فهذا يزيدُ مسؤوليتَنا في التصدي لهم وثقة بالله وتوكلا عليه.. علينا ألا نرتاب أبداً، وأن نستفيدَ من كُـلّ الأحداث ومراحل التصعيد التي مرت. حملات العدوان عسكريًّا وإعلاميًّا واقتصاديًّا في الكثير من المحافظات فشلت فيما مضى وستفشل الآن أيضاً”.

هذا التوصيفُ الإيماني المبدأي للموقف الوطني التحرّري من المتغيرات على الأرض، ينسفُ كُـلَّ محاولات تحالف العدوان لاستثمارِ تلك الاختراقات؛ مِن أجلِ ضربِ الروح المعنوية للشعب اليمني، وزعزعة صموده، وهي محاولات كثّـفها العدوّ خلال الفترة الماضية بشكل ملحوظ وتضمنت نشرَ العديد من الشائعات على نطاقٍ واسع، وقد تطرق القائد إلى هذه النقطة في سياق حديثه عن طبيعة المواجهة المُستمرّة مع الأعداء، وفقاً للأسس الإيمانية والمبدئية، وبالشكل الذي يسد كُـلّ الأبواب أمام أية محاولات أُخرى لاختراق الوعي الشعبي بخصوص هذه المواجهة.

ولوحظ خلالَ الخطاب أن السيدَ قائدَ ركّز بشكل كبير على الدور البريطاني في التصعيد الأخير وفي العدوان على اليمن بشكل عام، الأمر الذي اعتبره محللون رسالةً يجبُ أن تأخُذَها المملكة المتحدة بشكلٍ جاد، قبل أن تواجهَ العواقب.

وفي مقابل الدلائل والحقائق الإيمانية والواقعية التي أكّـد بها القائد على هزيمة وفشل دول العدوان ورعاتها، أكّـد أَيْـضاً، وبصورة متكرّرة، أن انتصارَ الشعب اليمني في هذه المواجهة الشاملة أمرٌ حتمي، وأن حالةَ النصر اليمني أصبحت واقعًا معاشًا اليوم بوضوح.

وقال قائدُ الثورة في هذا السياق: إن “شعبنا إلى اليوم منتصِرٌ بكل ما تعنيه الكلمة، والعاقبة الحتمية لصبره وثباته هي النصر؛ لأَنَّ هذا وعدُ الله الذي لا يخلفُ وعدَه”، مُضيفاً أن: “الواقع يشهد بذلك، وفي المستقبل ستتجلى الأمور أكثر، والعدوّ اليوم ازداد قلقا وخوفا فازداد بطشه وعدوانه وحصاره”.

وينطوي هذا التأكيدُ على رسائلَ مهمة بشأن استمرار وتصاعد عمليات الرد والردع ضد قوى العدوان وأدواتها على كُـلّ محاور المواجهة.

كما أكّـد القائد أن استمرارَ العدوان والحصار والتصعيد الإجرامي ضد الشعب اليمني، أصبحت له نتائجُ عكسيةٌ على مستوى المنطقة بكلها، إذ “كلما تعاظمت الجرائم يزداد مستوى التضامن من اليمن إلى فلسطين إلى لبنان إلى سوريا والبحرين والعراق وإيران، ومع كُـلّ أحرار الأُمَّــة”، الأمر الذي يجدد التأكيد على أن المسار الذي يسلكه تحالف العدوان ورعاته هو مسار هزيمة حتمية وسقوط مدو على كُـلّ الأصعدة.

وفي ختام الخطاب، جَدَّدَ القائِدُ التأكيدَ على الأَسَاس الإيماني للموقف الوطني التحرّري الذي يسُدُّ كُـلَّ الثغرات ويلغي خياراتِ التراجُع والاستسلام من معادلات الصراع بشكل نهائي، وهو الأمرُ الذي مِن أجلِه توجّـه القائدُ بخطابه إلى الشعب اليمني معبراً عن ثقته في أن “يزداد صبراً وتعاوناً، وثقةً بأن الله لن يخذله”