الخبر وما وراء الخبر

تلميذ كولن باول الخائب

13

تقرير|| ابراهيم الوادعي

“أكثر من مليوني عراقي أزهقت حياتهم نتيجة كذبة اسلحة الدمار الشامل ، وبرعايتهم يكرر السعوديون ذات الشيء في اليمن” في 07 ابريل 2017م حمل مندوب بوليفيا في مجلس الامن صورة لوزير الخارجية الامريكية الاسبق كولن باول وهو في مجلس الامن يعرض ادلة امريكية وصفها بالموثوقة لامتلاك العراق اسلحة دمار شامل ، لتذكير العالم بمأساة نجمت عن كذبة أمريكية دولية ، وفي تلك الجلسة احجم مجلس الامن عن تصديق الامريكيين ومنحهم غطاءا أمميا لشن ضربات على سوريا ، قبل ان يمضوا في ضربة مطار الشعيرات منفردين ووسط رفض دولي.

صورة وزير الخارجية الامريكي الاسبق كولن باول في جلسة 5 فبراير 2003م مجلس الامن وهو يسوق المبررات لاحتلال العراق للدلالة على مواقع السلاح الكيماوي لعراقي خالدة في ذهن البشرية ولن تمحى بسهولة لقرون ربما .

استطاع كولن باول ابهار اعضاء جلسة الامن في 5 فبراير 2003م بعرضه الاول من نوعه بداخل قاعة مجلس الامن بمافي ذلك اعضائه الدائمين بمبررات امريكا لاحتلال العراق– وبعدها شنت الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا حربا لاحتلال العراق في ال18 من مارس 2003م م .

ولكن بعد 18 شهرا وعقب احتلال العراق ، أعلن باول استقالته من منصب وزير الخارجية، واعترف بعدها بفترة وجيزة بأن المعلومات الاستخباراتية التي أشارت إلى أن صدام حسين كان يمتلك “أسلحة دمار شامل”، كانت مغلوطة وخاطئة.

قتل في السنوات الاولى للاحتلال الامريكي نحو مليوني عراقي وفق ارقام اممية كنتيجة لكذبة كولن باول ، واغراق العراق بدوامة عنف وحرب لم تهدأ حتى اللحظة ، دون ان يفرق الاعتذار شيئا لدى الضحايا او يوقف عداد الضحايا بعد ان دارت عجلة العنف .

السعودية لم تكن ببعيدة عن كذبة باول ، ووقف سفيرها بندر بن سلطان داعما قويا لاحتلال العراق من قبل امريكا وفق روبرت ليسي في كتابه المملكة من الداخل ، عارض كولن باول الامريكي ذو الاصول الافريقية احتلال العراق ، لكنه عاد وعدل عن موقفه ، فهو كان صديقا لبندر بن سلطان المتحمس للحرب واحتلال القوات الامريكية للعراق .

كذبة اسلحة الدمار الشامل العراقية جعلت العالم حذرا امام ذرائع الولايات المتحدة ، في التعامل مع ملفات عدة في سوريا وليبيا

مادفع الولايات المتحدة الى الذهاب منفردة ودون غطاء أممي وشن هجمات على سوريا منفردة بذريعة استخدام دمشق السلاح الكيميائي دون التوسع في الهجوم ، نتيجة تباين الموقفين الروسي والصيني بداخل مجلس الامن ، و تجربة العالم القاسية معها في ملف كيميائي العراق ، البلد الذي لم يعرف الهدوء منذ غزته واشنطن بكذبة كولن باول.

في مؤتمر صحفي بمقر التحالف بالرياض مساء ال 8 من يناير اطل المالكي كنسخة مشوهة لكولن باول ، ودون عناء اجتزء او استحياء اجتزءا مقطعا من فيلم امريكي صور قبل 15 عاما في بغداد ونال جوائز دولية على ان المقطع لمعامل ومخان صواريخ بالستية في ميناء الحديدة الحيوي لملايين اليمنيين والواقع تحت حصار التحالف وتفتيش بعثة الامم المتحدة الدوري لتطبق اتفاق السويد اجتزاءه من مقطع من فيلم امريكي وثائقي صور في العراق يتحدث عن الغزو الامريكي للعراق.

بعدها بساعات تم كشف الكذبة السعودية ، وعمت وسائل التواصل الاجتماعية سيل من التعليقات اللاذعة والساخرة من التحالف ، عرقلت على ما يبدوا عملية استهداف ميناء الحديدة الحيوي لملايين اليمنيين .

ومن شان استهداف ميناء الحديدة – وهو ليس الاستهداف الاول – ان يعمق الازمة الانسانية في اليمن والاكبر عامليا وفقا للأمم المتحدة .

عاد المالكي لا ليعتذر بل ليقول بان المعلومة مررت له بشكل مغلوط ووصف الخطأ الذي كان سيؤدي الى تدمير ميناء حيوي بالخطأ الهامشي .

الأخطاء السعودية في اليمن بالألاف ولم توفر منازلا او اسواقا او طرقا وذهب بنتيجتها نحو 44 الف مدني نصفهم اطفال ونساء قتلى وجرحى وفقا لأرقام مؤسسات مجتمع مدني دمرت خلالها ما يزيد عن 600 الف منزل و1300 مدرسة ، و 400 مستشفى ومرفق صحي ، وطال القصف 5800 طريق و 10 الاف شاحنة ووسيلة نقل ، ومايز عن الف مخزن للغذاء و 70 سوق ،و 500 قاربا للصيد ، فيما تقول الامم المتحدة ان الارقام اعلى من ذلك بكثير وان تعداد الضحايا في اليمن تجاز ال 300 الف قتيل .

في اغسطس 2018م قصف طائرات التحالف بغارة باصا مدرسيا ذهب ضحية القصف نحو 40 طالبا في مدينة ضحيان صعدة ، ليظهر المتحدث باسم التحالف ويؤكد مشروعية الهدف ، وهذا الامر تكرر منذ بدء العدوان وارتكاب جرمية بني حوات بصنعاء ليلة بدء العدوان على اليمن في ال 26 من مارس 2015م .

في بداية الحرب على اليمن لم يكن التحالف بحاجة الى سوق مبررات لجرائمه فالسعودية التي اعتقدت انها ستحسم الحرب في اسبوعين اغدقت الاموال يمينا وشمالا واشترت القرار الدولي 2216م لتشريع حرب وقعت اصلا .

لم يكن العالم حينها يتوقع صمود الشعب اليمني مع قيادته الوليد في سبتمبر 2014م وواقع الفشل الذي اعتراه لنحو 3 عقود ماضيه تقاسم فيها الخائن عفاش والاخوان حكم اليمن ، لتظهر الدولة عبئا على الشعب ليلة العدوان وانها لا يمكن ان تقدم لهم شيئا باستثناء سلاح متواضع جدا مقارن بما لدى التحالف المكون من 17 دولة امتلك اعتى التكنولوجيات الحربة والعقول العسكرية .

مع طول مدة الحرب في اليمن ، اخذت المواقف الدولية في التغير ، واضطرت السعودية لدفع مليار دولار نهاية العام 2016م لمنع تشكيل فريق تحقيق اممي تحول الى فريق استقصاء جمد مؤخرا وبشكل تام بضغط واموال سعودية . وبات الحفاظ على الصمت الدولي مكلفا – اضطرت السعودية لشراء الصمت الدولي داخل مجلس حقوق الانسان بنحو مليار دولار ، ونجحت في تجميد فريق التقصي الاممي في جرائم الحرب في اليمن ، واخذت الحرب في اليمن تستنزف الخزينة السعودية وتؤثر في قدرتها على شراء المواقف الدولية ، وكذلك القنوات الدولية التي اخذت تسلط الضوء على ما يجري في اليمن بشكل اكبر عما كان في السابق .

وبتغير معادلات الميدان العسكري في اليمن وتحديدا منذ فبراير 2020م وعملية النصر المبين والتي جرى تامين العاصمة صنعاء خلالها ونقل المعارك الى معقل التحالف الاخير في مارب ، وضعت صنعاء نفسها بثقة على الصعيد الدولي كطرف قوي اخذ العالم يتقرب منع ويتعرف اليه اكثر علنا وتحت الطاولة ، واخذت السعودية تعاني في تمرير جرائمها في اليمن كما كان في السابق .

بالتوازي مع تلقي السعودية الضربات تلو الضربات على غرار قصف منشئات ارامكو المزود العالمي الاكبر للنفط في الدوادمي ومصفاتي بقيق وخريص وينبع ، وتحول السعودية وعاصفة الحزم الى عاصفة استجداء دولية مع كل ضربة يتلقاها العمق السعودي رفعت القنوات الدولية من مساحة التغطية وفتحت النوافذ امام متحدثين عن صنعاء ينقلون ما استطاعوا من الحقيقة ، ووجهة النظر التي غيبت قسرا خلال السنوات الاولى للحرب ، وتوسعت التغطية لتشمل الداخل اليمني حيث ميدان الجرائم السعودية بحق السكان قتلا بالنار وتجويعا وقتلا بالحصار.

في مدة زمنية قصيرة لا تتجاوز الاسابيع ارتكب ناطق التحالف المالكي فضائح لا يمكن تقبلها بدءا من عرض فيلم مفبرك وباهت لتورط حزب الله في اليمن كمحاولة لتحقيق نصر استخباراي والتنقيص من كفاءة اليمنيين والصاق انتصاراتهم بالطرف الايراني ، وفضيحة السفينة الاماراتية روابي وادعى المالكي انها مخصصة لحمل شحنات طبية لتبث قناة المسيرة بعضا لوثائق وصور وفيديوهات حمولاتها العسكرية ، وانتهاء بسرقة فيدويو الفيلم الامريكي على انه من مصدر استخباراتي لمخزن صواريخ في ميناء الحديدة .

اثناء عاصفة الصحراء منتصف العام 1990م اعترف قائد القوات السعودية بانهم خائبون في التخطيط عندما اندفعت قوات سعودية وخليجية في الصحراء بعربات ذات عجلات لتنال شرف تحرير مدينة الخفجي دون مساعدة امريكية بعد احتلالها من قبل قوات عراقية ، حيث وقعت مجزره للقوات المهاجمة .

الخيبة اليوم تنسحب على الامريكيين ايضا القادة الحقيقيون للتحالف بمن فيهم الاسرائيليون والبريطانيون والفرنسيون، واحقاقا للحق فالمالكي ليس تلميذا خائبا وحسب لكولن باول ، يبدوا ان الجنرالات الامريكيون والغربيون والذين يديرون معارك التحالف المتعددة في اليمن شاخوا امام عقول يمنية شابة وقيادة شجاعة وثقت بالله وفاجئت خصومها في كل الميادين وتصنع انتصارات ومعجزات عسكرية وفق ما قاله الامين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله وهو الخبير بالحروب وقاد شعبه لانتصار على “اسرائيل” عجزت عنه جيوش عربية مجتمعة .

العقول اليمنية استطاعت تضييق هوة القدرات التكنولوجية مع التحالف الى اضيق الحدود وتوصل بعضها الى المستوى صفر كحال منظومات باتريوت وباك3 الامريكية المنصوبة لحماية السعودية ، مبتدعة اساليب حربية ضمن حروب الجيل الخامس تراقبها كبريات الاكاديميات العسكرية الدولية تؤكد ذهاب الاحداث في اليمن نحو انتصار حاسم لصنعاء وتحول التحالف الى مجرد مشاغب على الارض.

احتفاء التحالف بنصر بسيط في شبوة البعيدة الالاف الكيلومترات عن صنعاء بعد ان كان التحالف على ابواب صنعاء ، ومحاولة تسويق انتصارات اعلامية لن يغطي ذلك ، بقدر ما يوفر سلما يحفظ ماء وجه التحالف والسعودية والتشويش على الانتصار الواضح لليمن ، لكن هذا الامل الاخير امام الرياض والتحالف الامريكي يبدوا صعب المنال في ظل مهازل ناطقه واخرها اعلانه في مؤتمر صحفي بشبوة عن اطلاق عملية عسكرية افتراضية “حرية اليمن السعيد” العسكرية لتحويل اليمن الى قطعة من اوروبا ..