الخبر وما وراء الخبر

التوبة الصادقة باب للنجاح والسعادة

15

بقلم// فاضل الشرقي

من رحمة الله بعباده جميعًا أن فتح لهم باب التوبة، ولم يعجّل بعقوبة الإبعاد، والمؤاخذة، والعذاب، والنّكال على الأخطاء والمعاصي والسيئات، ولم يغلق أبواب التفاهم والحوار، والعودة والرجوع، والتوبة والإنابة، بل أصبح المتعارف عليه: (من تاب تاب الله عليه).

يتعامل الله مع عباده العاصين المنحرفين المسرفين باللطف، والرحمة، والعطف، والحنان، والتودّد، ويدعوهم إليه برفق واستعطاف، فيقول عزّ وجل: (قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إنّ الله يغفر الذنوب جميعا إنّه هو الغفور الرّحيم…. الخ).

وقال سبحانه وتعالى: (ومن يعمل سوءًا أو يظلم نفسه ثمّ يستغفر الله يجد الله غفورًا رحيما) فهو يقبل التوبة من كلّ المعاصي والذنوب، ويقابلها بالمغفرة، فهو يغفر الذنوب جميعا، وتعود كأنّك لم تذنب، لأنّه يغفر الذنوب مهما كانت، والمغفرة تعني: العفو والمسامحة، والعفو والمغفرة يعني: المحو والطمس والإزالة، بل يعمل ما هو أعظم من ذلك، وما لا يمكن أن يعمله أحدٌ من خلقه حيث يكافئ ويثيب التائب من الذنب أيّ ذنب كان، ويحوّل سيئاتهم إلى حسنات، وفي ذلك يقول: (فأولئك يبدّل الله سيئاتهم حسناتٍ وكان الله غفورًا رحيما).

شيء ملفت جدًا.. منتهى الرحمة، والكرم، والجود، والإحسان، والعطف، والحنان، عندما يقف الإنسان وقفة تأمل وضمير ومسؤولية يشعر بالحرج والإنكسار، واللوم والعتب بسلوكه وتصرفاته وأعماله أمام هذه الرحمة الواسعة، والإله العظيم المقتدر، فهذا لم يأت من ضعف وخوف واحتياج، بل يمثّل منتهى القوة، والعظمة، والإقتدار، والعلو، فقوته في رحمته، وقدرته في مغفرته، وعظمته في إحسانه.

من هنا نعرف كيف يتحوّل هذا الإنسان البسيط إلى جبروت وطاغية ينازع الله ملكه وسلطانه! وكيف يعامل الناس بعضهم البعض بقساوة، وسحق، وامتهان، وإذلال، وبطش، وغلظة، وانتقام، فتعست البشرية، وبئست معيشتها، وظلمت، وأذلت، وأهينت، ولم تقم لها قائمة.

باب النجاح والسعادة هو في العودة الجادة، والتوبة الصادقة إلى الله عزّ وجل، والتزام طاعته، وتقواه، وحسن عبادته وتوليه، وتجسيد تعليماته، والتعامل بها، والإقلاع عن كلّ الذنوب، والمعاصي، والأخطاء، والآثام، ومجاهدة النفس، وكبح جماحها، ومقاومة الإغراءات والشهوات، وعدم اتباع الهوى، وما توحيه الشياطين، والإستمرار على مداومة التوبة والإستغفار.

اللهمّ إنّي أستغفرك وأتوب إليك، فاغفر لي، وتب عليّ، إنّك أنت التواب الرحيم.