الخبر وما وراء الخبر

المواصفات والمؤهلات التي يجب أن يتمتع بها القائد

15

بقلم// فاضل الشرقي

سمّى الله – عزّ وجل نفسه – الرّحمن فقال سبحانه: (قل ادعوا الله أو ادعوا الرّحمن أيًا ما تدعوا فله الأسماء الحسنى)، وهو الرّحمن الرّحيم بصيغة المكاثرة والمبالغة، أي كثير الرحمة بعباده، ونردّد يوميًا عدّة مرّات قولنا: «الرّحمن الرّحيم»، ومن أسمائه وصفاته الحسنى – سبحانه وتعالى – الكثير مما يدلّ على الرّحمة ومشتقاتها وإن بصيغٍ أخرى مثل: «الغفور، الودود، اللطيف، الرؤوف، الغفور……الخ، وكلّ هديه، وتشريعاته، وتوجيهاته، وأوامره، ونواهيه من منطلق اللطف والرحمة بعباده.

وجعل الله من أبرز صفات رسوله الكريم، ونبيّنا العظيم محمد – صلوات الله عليه وعلى آله – الرأفة والرّحمة بالمؤمنين: «لقد جاءكم رسولٌ من أنفسكم عزيزٌ عليه ما عنتّم حريصٌ عليكم بالمؤمنين رؤوفٌ رحيم»، وقال له فيما هدانا وأرشدنا ودعانا إليه: «ولو كنت فضًا غليظ القلب لانفضوا من حولك فاعف عنهم واستغفر لهم وشاورهم في الأمر».

وعلى هذا فإنّ أيّ قيادة في أيّ موقع من مواقع العمل والمسؤولية لا تتمتع بصفات ومؤهلات الرّحمة، والوّد، والعطف، واللطف، ليست جديرة بتحمّل المسؤولية، وتقلّد المنصب.. نعم في الشروط والمواصفات الوظيفية لا يشترط شيء من هذا، فلا يشترط في الرئيس والمسؤول والمحافظ والمدير حسب الدستور والقانون أن يكون: رحيم، عطوف، لطيف، رؤوف، محسن، وغيرها من صفات ومواصفات النبل، والكمال، ومكارم الأخلاق، وإذا تقدّم أيّ شخص لأيّ وظيفة ومنصب لا يطلب منه أحدٌ ذلك، لكنّ المسؤوليات والمناصب والمواقع تختلف وتتفاوت، فقد لا نحتاج تكامل هذه الصفات والمواصفات، ولا نشترطها في عامل النظافة مثلًا، أو ساعي البريد، أو رجل المرور… الخ لكن نحتاجها في مدير السجن، والسجان، والمحقق، ومأموري الضبط، ومدير المخفر، والمدير العام، والمحافظ، والوزير، والرئيس، وهكذا كلما تصاعدت المسؤولية كنّا بأمس الحاجة لهذه الصفات والمواصفات، ولأنّها قيم ومبادئ أساسية وضرورية.

إذًا كل من هو في موقع المسؤولية ويمتلك سلطات وصلاحيات إصدار الأوامر والتوجيهات والقرارات لا بدّ أن يكون متصفًا بالرحمة ومشتقاتها، حتى تكون توجيهاته وقراراته من منطلق الرحمة بالناس، والإحسان إليهم، واللطف بهم، وحبّ الخير لهم، وإلًا كان باغٍ معتدٍ أثيم، وكيف تطلب من الله الرحمة وأنت طاغية، وتطلب منه المغفرة وأنت جبّار، وتطلب منه التوبة وأنت حقود، هذا لا يمكن أبدًا، ولنتذكر ونلتزم قول حكيم هذه الأمّة: «وأَشْعِرْ قَلْبَكَ الرَّحْمَةَ لِلرَّعِيَّةِ، والْمَحَبَّةَ لَهُمْ، واللُّطْفَ بِهِمْ، ولا تَكُونَنَّ عَلَيْهِمْ سَبُعاً ضَارِياً، تَغْتَنِمُ أَكْلَهُمْ؛ فَإِنَّهُمْ صِنْفَانِ: إِمَّا أَخٌ لَكَ فِي الدِّينِ، وإِمَّا نَظِيرٌ لَكَ فِي الْخَلْقِ».