مأرب … ولهم فيها مآرب أخرى
بقلم// فاضل الشرقي
التباكي الأممي والدولي – خاصةً الأمريكي، والبريطاني، والفرنسي – على مارب ليس له أي دوافع إنسانية وأخلاقية، ولا يعبّر عنها في شيء من ذلك كما يزعمون، إلّا ما كان من باب «التمثيل» السياسيي والإعلامي فقط، فالأمريكي، والبريطاني، والفرنسي، والسعودي لهم في مارب مآرب أخرى لا يعلمها دراويش المرتزقة، ولفيف القيادات المستأجرة وشذاذها، وكلّ تلك الدموع التي تذرف وتنهمر على المنصّات الإعلامية، والسياسية، والدبلوماسية، المقروءة، والمرئية، والمسموعة لا تحفل بأي نوايا حسنة، أو بواعث سليمة فطرية وأخوية، ولا عاطفية وإنسانية، ولا من أجل سواد عيون أمراء الفيد والمغنم، أو لظروف وأوضاع وحياة من يسمونهم بالنازحين.
في «مارب» تلتقي المصالح الإستراتيجية للنازييّن والفاشيّين الجدد – معًا – على أبواب المناطق الشرقية، والجنوبية، وصحراء الربع الخالي، ومصادر الطاقة والثروة، وخليجي عدن وعمان، وباب المندب، والجرف القاري، والبحر العربي، وقناة السويس، ومضيق هرمز، وميناء ومدينة إيلات، وبيرل هاربر، وصولا للمحيط الهندي، وخطوط التجارة الدولية، والأساطيل البحرية، وقواعد التجسس والرقابة، والقيادة والسيطرة، لتقليم أظافر الدب الروسي، والتنين الصيني، والمارد الإيراني، ولتأمين وحماية إسرائيل لتتمكن من بسط نفوذها، وهيمنتها، وحكمها المباشر للمنطقة.
«مارب» التي ظلت لسنوات – تحت رعاية الغرب والأمريكان والصهاينة – عشّ الدّبابير، وإمارة تنظيمي القاعدة وداعش في اليمن، والجزيرة العربية، والقرن الأفريقي، وفي أرض سبأ وما جاورها حيث تلتقي الأهداف والمصالح السياسية والإقتصادية والأمنية لمحور الشر العالمي في أهم بوتقة ونقطة تلاقٍ منطلقًا للتمدد والنفوذ والهيمنة والتوسع برا وبحرا، ومستقر المراكز والقواعد الاستخباراتية والعسكرية الدولية في ظل صراع المحاور، والتحولات المستقبلية التي قد تدفع باتجاه متغيرات تطيح بمخططات بذل من أجلها الوقت والمال والخبرات، وقد تفضي لتغيير كل قواعد اللعبة في ظروف استثنائية خطرة وحساسة استخدمت للوقاية منها أوراق عدة منذ عقدين وأكثر، وظل سفراء ودبلوماسيو أمريكا في اليمن على أقوى علاقة حميمية، وروابط ودية مع أغلب رجالها خارج نطاق سياسة الدولة، ومنظومة الحكم العميل، وأجنحته المهترئة، وخلافًا لكل البروتوكولات والأعراف والتقاليد الدولية والدبلوماسية المعتادة.
«مارب» التي تم تهيئتها منذ زمن لتكون وكرًا للجواسيس والمخبرين، وجحرًا لجرذان العلوج، ومحميّةً للمشروع المتصهين في خاصرة الوطن الحبيب ومحيطه الواسع على حين غفلةٍ من أهلها الشرفاء آن لها أن تتحرّر وتعود لأصالتها وتاريخها العربي والإسلامي المشرق منذ أن جاءها هدد سليمان النبي، وأسلمت معه لله ربّ العالمين.
لذا من الطبيعي أن نسمع هذا الصراخ والعويل الصليبي الصهيوني السعودي تحت عباءة الإنسانية والسلام والإستقرار، لأنّ عودتها لجسدها وأهلها وربعها يعني سقوطًا مدويًا لهذا المشروع التدميري في اليمن والمنطقة، وضربة قاتلة لم تكن في الحسبان، وهزيمة استراتيجية، وخسارة فادحة لجهود وأموال عمرها عشرات السنين.