عندما الأرض تـُمطر شهداءً
بقلم / محمد الصفي الشامي
لا أدري من اين ابدأ لكم بالحديث ، فكلما اردت ان استرسل لكم عن الحياة الأبدية وهي تتلمس العاشقين لها ، تضاعف الحياة سرعتها ، ويهرب من بين اصابعي الكلام ، وتسجد الحروف لهم ، وتنحني الجباه إجلالاً وإكباراً وتقديراً .
رجال قدموا من أنات الثكالى ، ودموع اليتامى ، وتأوهات المصابين والجرحى ، فسلكوا دروب الرجولة والبطولة ، ومضوا في سبيل الله والوطن للذود عن الدين والأرض والعرض والإنسانية ، حاملين ارواحهم على اكفهم ، ووطنا تكالب عليه الغزاة على اكتافهم .
اختارهم الله فاصطفاهم نحو ذرى العظمة والشرف ، لتحلق ارواحهم من أدنى لأعلى ، من ضيق الأرض إلى اتساع السماء ، ومن حمأة الطين إلى معارج الطهر والنقاء ، كقطعٍ طاهرة لم تتسع لها الأرض بمجونها وظلمها ففردت السماء ذراعيها لها لتحتضنها طائعة مُهللة .
كيف أحدثكم وماذا عساي ان اقول عن من اعادوا الاعتبار للنضال ، وجسدوا نموذجا للوطنية والتضحية والإباء ، وحفظوا لنا عزتنا وكرامتنا وحريتنا ، وأهدوا بقية عمرهم وزهرهم ليتحرر الوطن وتخضر البساتين ، ورسموا خارطة الوطن بدمائهم الزكية لتزهر شقائق النعمان بتورد واحمرار الدماء .
لعمري ان نقم وعطان وعيبان ومران لتقف حين تقف هكذا وما كان وقوفها وشموخها إلا احترامًا وتبجيلاً لأرواحهم وهي تصعد إلى السماء .