الجبهة التعليمية في اليمن.. 7 سنوات من الصمود الأُسطوري
يبدأ عامٌ دراسيٌّ جديدٌ، في وقت لا يزالُ قرنُ الشيطان في مهمة القصف الهستيري لليمن خدمة للأمريكي والصهيوني، لكن وعلى الرغم من الأعباءِ الكبيرةِ التي تواجه القطاع التعليمي إلا أن جنودَه ثابتين في الميدان ثبات الجبال الرواسي، مؤمنين بأن رسالتهم ستستمر وأن العدوان لن يحقّق مبتغاه في إيقاف عجلة التعليم.
وعلى مدى السنوات الست الماضية، كانت الجبهة التعليمية تواجه منعطفاتٍ وتحديات خطيرة، وفي مقدمتها الاستهداف المباشر لطيران العدوان الأمريكي السعوديّ للمدارس، وقتل الأطفال بتعمد وحشي؛ بهَدفِ إيقاف العملية التعليمية وإجبار اليمنيين على عدم الدفع بأبنائهم إلى المدارس؛ خشية من اعتداءات وقصف العدوان، لكن المدارس لم تُغلق، والطلاب واصلوا تعليمهم في صمود أُسطوري لا نظير له في العالم.
ويؤكّـد وزير التربية والتعليم، في اجتماع سابق بقيادات مكتب التربية بمحافظة صعدة مطلع الشهر الجاري أن الوزارة لن تألوَ جهداً في دعم العملية التعليمية والمعلمين وفقاً للإمْكَانيات المتاحة، مشدّدًا على بذل أقصى الجهود لإنجاح العام الدراسي الجديد 2021ـ 2022م، مثمناً الجهودَ الكبيرة التي بُذِلَت؛ لضمان استمرار العملية التعليمية خلال الأعوام الماضية رغم شحة الإمْكَانيات وانعدام المرتبات.
ومع بدء العام الدراسي الجديد، تظل بعضُ جرائم العدوان على القطاع التعليمي عالقة في الذهن، كاستهداف مدرسة الفلاح في مديرية نهم بمحافظة صنعاء في يوم الثلاثاء، العاشر من يناير كانون الثاني سنة 2017، والتي أسفرت عن استشهاد 8 طلاب وطالبة ومعلم، وإصابة 15 آخرين، لتظل مشاهد استشهاد الطلاب وهم بزيهم المدرسي واحدةً من المشاهد التي لا يمكن أن تنساه الذاكرة اليمنية على الإطلاق خلال مسيرة العدوان الأمريكي السعوديّ على اليمن، ولم تُمحَ من الذاكرة صورة الطفلة (إشراق) وهي تفترشُ الترابَ شهيدةً بزيها المدرسي وجوار حقيبتها المدرسية.
ومن الصورة المأساوية التي لحقت بالقطاع التعليمي، ما حدث من استهداف لمدرسة الراعي للبنات داخل مدرسة سعوان بأمانة العاصمة في إبريل 2019، حَيثُ نفذ طيران العدوان غاراتٍ قريبةً جِـدًّا من المدرسة، محدثاً حالةً من الخوف والرعب لدى الطالبات، اللواتي تدافعن أثناء الهروب، ما أَدَّى إلى استشهاد 13 طالبة، وأُصيبت 83 أُخريات معظمُهن من الطالبات.
ولا يزال التربويون يتذكرون بأسًى ما حَـلَّ لزملائهم من استهداف متعمد يوم الثلاثاء، 18 أغسطُس 2015، حين تم استهداف مبنى نقابة المعلمين التربويين جوار كلية التربية بمحافظة عمران، حينما كانوا يقومون بأعمال التحضير والتجهيز للامتحانات القادمة للشهادتين الأَسَاسية والثانوية، ما أسفر عن استشهاد 21 تربوياً وأربعة أطفال وإصابة 21 آخرين معظمهم من المعلمين بينهم امرأتان.
وخلال السنوات الست الماضية، وزّع العدوان الأمريكي جرائمَه على معظم المدارس في المحافظات الواقعة تحت سيطرة المجلس السياسي الأعلى بصنعاء، حَيثُ استهدف مدارس كثيرة في صعدة وتعز وإب وصنعاء وأمانة العاصمة وغيرها، محاولاً إيقاف العملية التعليمية وإجبار الطلاب على البقاء في منازلهم، لكنه لم يفلح في ذلك على الإطلاق.
استعداد غير مسبوق
وخلال الأيّام الماضية، فتحت المدارس الحكومية والخَاصَّة أبوابَها لاستقبال الطلاب، الذين يبدأون عاماً دراسياً جديدًا، اليوم السبت، حَيثُ تشهد جميع المدارس إقبالاً كَبيراً غير مسبوق وبهمة عالية نحو التعليم.
ويقول الطالب محمد علي السياغي (ثالث ثانوي) إنه وزملاءه لا يخافون العدوان، ولا يخشونه، مؤكّـداً أنه من حقهم أن يتعلموا، وأن يحصلوا على حقوقهم الكاملة، مُشيراً إلى أن معاناتهم كبيرة ومؤلمة وهم يتلقون تعليمهم أثناء العدوان، فقد كان الخوف يسكن قلوبهم وهم في المنازل، أَو في طريهم إلى المدرسة، أَو وهم في الفصول الدراسية.
ويضيف في تصريح لصحيفة “المسيرة”: “لا ندري أي غارة من غارات العدوان الأمريكي السعوديّ مخصصة لقتلنا وتدمير جدران المدرسة علينا.. كنا في بداية العدوان نعيش لحظات خوف ورعب لا توصف، وكنا نتغيب بعض الأيّام لهذا السبب، نعود من الطرقات، ونتأخر عن الطابور وتفوتنا بعض الحصص حتى عرف والدي بذلك، فسألني عن السبب، وحين شرحت له نصحني بأن لا أخاف”.
ويواصل الطالب السياغي حديثه بالقول: كنا نفضّل الشهادة ونحن بين أهلنا، قصف العدوان عدداً من المدارس، منها مدرسة الحسين عندنا في مديرية الحيمة الداخلية بمحافظة صنعاء، واستشهد فيها 5 طلاب وعدد من المسعفين، فكان الذهاب إلى المدرسة كمن يذهب بنفسه للمقبرة، فجثث الشهداء في تلك المدرسة التي كانت تحت الأنقاض، عززت الخوف والقلق لدينا، وَبعض الزملاء لم أجدهم في تلك السنوات الأولى من العدوان، فقد توقفوا عن الذهاب إلى المدارس، ومنهم من تأخر عني سنة وسنتين وبعضهم إلى اليوم لم يدرس، ولكن مع الأيّام واستمرار العدوان بدأنا نتعود على تلك الجرائم، مؤمنين بقوله تعالى: (قُل لَّن يُصيبنا إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا هُوَ مَوْلانا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ ٱلْمُؤْمِنُونَ).
ويقول السياغي (17 عاماً): رسالتنا لمن يتغنون باسم الإنسانية وحقوق الطفولة والمنظمات التي تدعم التعليم إن كنتم صادقين في ادعائكم اقنعوا العالم بأن يوقف قتل وتدمير ومحاصرة شعبنا، واقنعوا أمريكا والسعوديّة وأذيالهم بأن يعيدوا رواتب المعلمين والمعلمات، قولوا لهم من حق أطفال اليمن أن ينعموا بالأمن والاستقرار والعيش الكريم مثل أطفالكم بين أهاليهم وأسرهم، وقولوا لهم ما ذنب أطفال حافلة ضحيان الذين قصفتهم طائرات أمريكية واستشهد منهم 46 طفلاً، وجرح 58 آخرين؟ وما ذنب الطالبة الطفلة إشراق وزميلاتها التي قصفها العدوّ في مدرسة نهم، وما ذنب طلاب مدرسة الفلاح في بني معصار، محافظة صنعاء، وما ذنب كُـلّ طالب قتل في مدرسته، أَو في الطريق إليها، أَو تحت أنقاض منزله، أَو في مزرعته وراعي المواشي؟ ما ذنبهم ليستمر قتلهم؟
ويتابع السياغي حديثه لصحيفة “المسيرة” بالقول: بدأ العدوان وأنا في الصف السادس أَسَاسي، صحيح هناك أزمة في الحصول على المنهج، وهناك تغيب من بعض المدرسين، خَاصَّة الذين كانت قلوبهم مريضة، لكن مع مرور الوقت وطول الحرب تكشفت حقائق العدوان وأهدافه، وشعر الجميع بمسؤوليتهم، وعاد انضباط المعلمين كما كانوا قبل العدوان، بل إن بعضهم أكثر انضباطاً هذه الفترة، برغم انقطاع المرتبات، وهذا فضل محسوب لهم عند الله.
بدورها، تقول الطالبة ابتهال الخولاني في الصف الثالث الثانوي: من يوم بدأ العدوان تحَرّك والدي إلى الجبهة ومعه اثنين من إخواني، الذي استشهد أحدهما، والحمد لله على هذا الشرف، وكانوا طيلة سنوات العدوان عندما يعودون إلى البيت في زياراتهم يحثونني وأخواتي وأخوتي الصغار بأهميّة الدراسة والتعلم لنخدم وطنا ونبنيه، ونشارك في تقديم المشروع القرآني للعالم، كُلٌّ من موقعه.
وتؤكّـد الخولاني أن “الجبهة التعليمية صمدت على الرغم من المكاره، فكنا نخرج من بيتنا ولسنا واثقين بالعودة إليها، فطائراتُ العدوان الأمريكي السعوديّ استهدفت الكثيرَ من المدارس، وقصفت الطرقات والشوارع والسيارات والحافلات، وآخرها حافلة طلاب ضحيان التي راح ضحيتها أكثر من 50 شهيداً وجريحاً، ولكن ثقتنا بالله وبنصره كبيرة جِـدًّا وفي كُـلّ المجالات العسكرية والأمنية والتعليمية وغيرها”.
الوداع الأخير
وبهذه العبارة يتحدث وليُّ أمر الطالبة مودة، الأُستاذ إبراهيم سعدان قائلاً: “بعد مجازر العدوان الأمريكي السعوديّ وقصفه للمدارس، كنت كُـلَّ يوم أودع ابنتي وهي تخرج من باب المنزل متجهةً إلى المدرسة، وكأنه الوداعُ الأخيرُ؛ خشية أن يصلني نبأَ استشهادها، أَو أن تتعرض لمكروه، وهي فوق الباص، أَو في الشارع، أَو داخل الفصل، وكل ما كان يصلني اتصال من رقم غريب، أَو من رقم لأحد المعلمين بعد سماعي لدوي انفجارات في الشوارع المجاورة للمدرسة التي تتعلم فيها طفلتي أقول في نفسي أكيد طيران العدوان قصف المدرسة، ويعلم الله هل ابنتي لا تزال على قيد الحياة، أَو قد فارقتها، فكان الخوفُ والقلق يرتفعُ عندي مع كُـلّ اتصال خلال أوقات الدوام المدرسي”.
ويختمُ سعدان كلامَه بالقول: “ونحن في العام السابع على التوالي من العدوان والحصار لن يثنيَنا أحدٌ من تعليم أطفالنا، فهذا حقُّهم المشروعُ والطبيعي، ومهما كانت الصعوباتُ المالية وشُحة الكتب المدرسة، فلن يكونَ أمامنا من خيار غيرُ الاستمرار في الدفع بهم صوب المدارس، ليكسبوا المعارفَ والخبراتَ، ويتسلحوا بسلاح الوعي والعلم والبصيرة الذي به تحيا الشعوب.
صامدون في وجه المعاناة
وعلى الرغم من معاناة الطلاب وأولياء الأمور الكبيرة جراء العدوان الأمريكي السعوديّ على بلادنا للعام السابع واستهدافه للمدارس والمنشآت التعليمية، إلا أن المعلمين كانوا الأكثر معاناة وألماً وتعباً جراء هذا العدوان، وإضافة إلى مخاوف الاستهداف وهم في المدرسة، فَـإنَّهم ظلوا خلال السنوات الماضية بدون رواتب، نتيجة الحصار الجائر لقوى العدوان، ونقل البنك المركزي من صنعاء إلى عدن.
ويؤكّـد مدير مدرسة 30 نوفمبر في مديرية شعوب بأمانة العاصمة صنعاء الأُستاذ خالد شجاع الدين، أن “آثار العدوان والحصار الأمريكي السعوديّ على العملية التعليمية والتربوية كثيرة ومتعددة، حَيثُ شملت البنية التحتية والجوانب الإدارية، وامتدت إلى الكوادر التربوية ورواتبهم، وإلى الطلاب وأولياء أمورهم، وكادت العملية التعليمية أن تتوقف لولا حكمة وإرادَة القيادة الحكيمة، وقيادة الوزارة، واهتمامها ومتابعتها المُستمرّة لهذه الجبهة، وإفشالها لكل مؤامرات العدوان ومرتزِقته والمندسين في المؤسّسات التربوية الذين سعوا لإيقاف الكثير من المراكز التعليمية والمدارس عن تقديم خدماتها للمواطنين”.
ويضيفُ شجاع الدين في حديثه لصحيفة “المسيرة” أن إطالة عمر العدوان وانقطاع رواتب الموظفين بمن فيهم التربويين عزز قناعة الشعب والتربويين والطلاب بأهميّة تظافر الجهود وتوحيدها خلف القيادة السياسية والثورية، والبحث عن حلول وبدائلَ مناسبة للتغلب على التحديات والمعاناة، من شأنها تعزيز صمود الجبهة التربوية وإحياء قيم التكافل والتراحم بين أبناء الشعب الذي أثبت للعالم أجمع أنهُ شعبٌ عصيٌّ على الانكسار.
ويواصل شجاع الدين: “صحيح كان لتوقف الرواتب آثاره، لكن مع مرور الوقت تغلبنا عليها، وبتنا نفكّرُ في كيفية التغلب على المشكلات الأُخرى مثل الكتاب المدرسي، وغلاء الأوراق، وارتفاع تكاليف الطباعة، وكيف نساعد المعلم والطالب بأن يوصلوا إلى مدارسهم ويعودوا إلى بيوتهم، من خلال تأمين حق المواصلات وتكاليف الايجارات، وكيف نحتوي الكمياتش الهائلةَ والمتزايدة من الطلاب في مدارس أمانة العاصمة؛ بسَببِ عمليات النزوح من المناطق المقصوفة والواقعة في خطوط النار، إضافةً إلى الهجرة الداخلية من الأرياف إلى المدن”، لافتاً إلى أنه وَإضافة إلى ما خلفته موجات النزوح من المناطق والقرى الواقعة على خط النار مع العدوّ، وما تسبب به من زيادة الضغط على المدارس الحكومية من جهة وتحول بعضها إلى مأوًى للنزوح والنازحين، فقد واجه خلالها الطالبُ صعوبةً في القدرة على المواصلات، نتيجة غلاء المعيشة وانعدام الدخل، لكن قياداتِ وكوادرَ العملية التعليمية في جبهتها التربوية والتعليمية صمدت صموداً لا يقل عن صمود مجاهدين الأبطال طيلة 7 أعوام، متحدية كُـلَّ الصعاب ومتغلبة عليها، وهي مُستمرّة في أداء رسالته الخالدة وتعليم الأجيال وتحصينهم من الجهل والأمية التي كانت على رأس قائمة الأهداف لدول العدوان، فعمل الجميع كخلية نحل واحدة تحت قيادة الوزارة، لما يعزز صمود شعبنا اليمني على مختلف المحاور والجبهات”.
بدوره، يقول أُستاذ اللغة العربية على الحوري: مهما استمر العدوان والحصار وانقطاع الراتب سنظل صامدين في متارسنا، ونقوم بواجبنا الجهادي والإنساني والديني والوطني على أكمل وجه، ولن يتمكّن العدوّ من إخضاعنا وإركاع شعبنا له.
ويواصل الحوري حديثه لصحيفة المسيرة: “صحيحٌ أن بطوننا خاوية ونربط عليها بالحجارة، نحن وأطفالنا وأهلنا والكثير من طلابنا وزملائنا، ونسير على الأقدام من بيوتنا إلى مدارسنا، لنقدم رسالتنا لأبنائنا الطلاب على أكمل وجه، لكن هذا قليلٌ جِـدًّا أمام تضحيات مجاهدين الجيش واللجان الشعبيّة في الجبهات، ومن نقوم به هو نتيجة بسيطة نستمدها من عزمهم وإرادتهم، وعزم وإرادَة الرسل والأنبياء مع اقوامهم”.
ويضيف الحوري: “لا خيار أمام كُـلّ المخلصين من المعلمين والمعلمات سوى الثبات والصمود لتكون أعمالنا خالصةً لله وفي سبيلة، أما إذَا ربطنا جهودنا بالراتب وهناك من يجاهد بماله ونفسه في الجبهات فهذا هو الإفلاس الحقيقي يوم القيامة يوم لا نجد في كتبنا ما يشرف وجوهنا، ويضمن لنا الفوز والفلاح الحقيقي هناك”.
جهادُنا الحقيقي في الجبهة التربوية
وإذا كان شعار أحرار العالم وأحرار الأُمَّــة هو “هيهات منا الذلة”، فهذا هو شعارنا، وَإذَا كان إخواننا وأبناؤنا يقدمون أرواحهم وأموالهم في سبيل الله فماذا عساها تكون جهودُنا وتضحياتنا لست أَو سبع ساعات في اليوم لنعود بعدها إلى منازلنا؟
هذا ما قالته الأُستاذة فاطمة على دجانة، متابعةً حديثها لصحيفة “المسيرة”: “جهادنا الحقيقي في الجبهة التربوية إذَا صمدنا واستمررنا في واجبنا دون أي اعتبار للراتب، وخَاصَّةً في مثل هذه الظروف العصيبة المراحل التاريخية من تاريخ شعبنا اليمني، فلا يغلى على فلذات أكبادنا الوقت الذي نقدم لهم فيه الدروس دون رواتب؛ لأَنَّ حياتنا لله ومماتنا لله ولا نريد فضلاً من غيره، وسنستمر في جبهتنا عاماً بعد عام إلى أن يأذن الله بالنصر لشعبنا وبالحرية والعزة لامتنا”.
وتتوعد دجانة قوى الغزو والاحتلال بصعود جيل يمني أكثر وعياً وتحصناً وشجاعةً وإباءً، يعشق المنايا ولا يعرفُ التراجُعَ والتخاذُلَ في ميادين المواجهة، مؤكّـدة أنه الجيل الذي سيصنع النصرَ للأُمَّـة الإسلامية بكل شعوبها ومقدساتها.
ويؤكّـد الأُستاذ عبدالملك الحسني، وهو يقف أمام العَلَمِ اليمني والنشيد الوطني المنقوش على جدار المدرسة مردّداً لن ترى الدنيا على أرضي وصياً، أنه ومن منطلق مسؤوليتنا وسموِّ ورفعة رسالتنا لم ولن يمنعنا العدوان ومؤامراته عن تعليم أبنائنا الطلاب وتحصينهم بالمعارف والعلوم، وتنمية مواهبهم الإبداعية، بل زادنا حماساً إلى حماسنا وطاقة إلى طاقتنا، نشعر ونحن بين طلابنا بأننا في ورش إنتاج لمجاهدين وعلماء ومفكرين هم من سيقودون مستقبل الأُمَّــة، وعلى أيديكم ستُهزم أمريكا وكل قوى الاستكبار العالمي، وبتضحياتهم ستحرّر المقدسات والشعوب، ويعود للأُمَّـة عزتها وللدين كماله، وللإيمان يمانيتُه وأصالته، من هنا من اليمن، وبأبناء اليمن ستنتصر الأُمَّــة بالوعي والبصيرة وبالسلاح أَيْـضاً.
ويتابع الحسني بقوله: من هنا بدأ الشهيد القائد مشروعَه القرآني، برغم وصوله إلى قُبَّة البرلمان واختلاطه بالسياسيين ورجال الدولة وقاداتها، لكنه عرف بأن الأجيالَ الصاعدةَ وفِطرتَهم السليمة تربةٌ خصبةٌ لزراعة قيم ومبادئ وأسس التغيير والنصر والعزة والقوة والكرامة والتمكين في هذه الأرض، ولهذا نحن على دربه ماضون لمشروعه حاملون، حتى تنتصر أُمَّـة جده رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وتقدم رسالة الإسلام للعالمين بصفائها وجاذبيتها وكمالها ومضامينها.