الخبر وما وراء الخبر

عينُ الوكالة الأمريكية للتنمية (USAID) على مأرب: “إغاثاتٌ عسكرية” جديدة للتكفيريين؟!

14

يعودُ الدورُ المشبوهُ الذي تمارسُه “الوكالةُ الأمريكية للتنمية الدولية” في اليمن، إلى الواجهة، مجدّدًا، مع الإعلان عن “تمويلٍ” جديدٍ ستقدمُه الوكالةُ لمحافظة مأرب التي تسعى الولايات المتحدة منذ مدة، وبوضوح، لإنقاذ مرتزِقة العدوان فيها، وهو الأمر الذي يستدعي التدقيقَ في طبيعة هذا “التمويل”، بعد انكشاف قيام الوكالة الأمريكية، في وقت سابق، بتقديم أسلحة ودعم عسكري لعناصر التنظيمات التكفيرية في محافظة البيضاء، خلف الواجهة “الإنسانية”.

مكتبُ شؤون الشرق الأدنى بالخارجية الأمريكية، أوضح في حسابه الرسمي على تويتر، أمس السبت، أن المبعوثَ الأمريكي لليمن، تيم ليندركينغ، التقى مع مديرة الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية، سمانثا باور؛ “لمناقشة الحاجة إلى المزيد من المانحين لتقديم التمويل الإضافي لمعالجة الأزمة المتنامية في مأرب”.

هذا الإعلان يثير العديد من الشكوك لعدة أسباب منطقية، أبرزها أن الوكالة المذكورة كانت تعرضت لفضيحة مدوية العام الماضي، عندما كشفت القوات المسلحة عن مشاهد تعرض كميات كبيرة من الأسلحة، تحمل شعار هذه الوكالة (التي يُفترَضُ أن عملَها إنساني)، وقد كانت تلك الأسلحةُ بحوزةِ عناصر التنظيمات التكفيرية، وعلى رأسها “القاعدة”، في محافظة البيضاء، الأمر الذي مثل دليلاً واضحًا على أن الوكالة الأمريكية تستخدم العمل الإنساني والإغاثي كواجهة للتغطية على العمل الاستخباراتي والعسكري.

وحاولت الولاياتُ المتحدة آنذاك، التغطيةَ على تلك الفضيحة بسرعة، إذ لجأت بعدَ يوم واحد إلى الإعلان عن ضبط “شُحنة أسلحة إيرانية” مزعومة قبالة السواحل اليمنية، لتفادي التداعياتِ التي قد يسببها انكشافُ “الواجهة الإنسانية” لدعم التنظيمات التكفيرية في اليمن.

وبالنظر إلى أن مأرب، قد تحولت إلى وكر رئيسي لعناصر التنظيمات التكفيرية التابعة للعدوان، والذين قدم الكثير منهم من محافظة البيضاء للقتال إلى جانب المرتزِقة، ثم بالنظر أَيْـضاً إلى المحاولات الأمريكية المعلنة والمتواصلة لإنقاذ تلك التنظيمات في مأرب، من خلال العمل على إيقاف التقدم المتواصل لقوات الجيش واللجان الشعبيّة، خلف واجهة “السلام” و”الإنسانية”، فَـإنَّ الشكوك تتضاعف بشكل كبير، حيال “التمويل” الذي ستقدمه الوكالة الأمريكية التي انكشفت حقيقتها كواحدة من أدوات تقديم الدعم العسكري الأمريكي للتكفيريين والمرتزِقة في اليمن.

وفي ظل ذلك، ليس من المستبعَدِ أن تكونَ الولاياتُ المتحدة قد كلفت “الوكالة” بإرسال دعم إضافي لقوات المرتزِقة والتكفيريين في مأرب، تحت الغطاء الإنساني، فالتوقيت والظروف السياسية والعسكرية ترجح إقدام الولايات المتحدة على مثل هذه الخطوة، خُصُوصاً وأن الواجهة “الإنسانية” توفر لإدارة بايدن غطاءً للتهرب من الضغوط التي تواجهها بخصوص استمرار دعم العدوان على اليمن.

ومنذ تعيين المبعوث الأمريكي لليمن، كانت مهمتُه الرئيسيةُ هي إيقافَ تقدم القوات الجيش واللجان الشعبيّة في مأرب، عبر حشد الضغوط وابتزاز صنعاء بالملف الإنساني، ومع فشل هذا المسار، وتمسك صنعاء بضرورة الفصل بين الملف الإنساني والملفات العسكرية والسياسية، فَـإنَّ قيام الولايات المتحدة (التي تبدي انزعَـاجاً واضحًا من انسداد أفق الابتزاز) بدعم المرتزِقة والتكفيريين في مأرب عسكريًّا، تصرف متوقع ولن يكون مفاجئاً أَو غريباً.

محطاتٌ من تأريخ الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية

الدورُ المشبوهُ للوكالة الأمريكية للتنمية الدولية لم يُكشَفْ في اليمن فحسب، إذ يحتوي تأريخ الوكالة في العديد من البلدان على محطات مماثلة لما كشفته القوات المسلحة اليمنية.

في سبتمبر 2013، نشر موقعُ “بليز ميديا” الأمريكي خبراً بعنوان “هل تستفيد المجموعات المرتبطة بالقاعدة في سوريا من الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية؟” وذلك بعد انتشار صور تظهر بعض “المساعدات” التي تحمل شعار الوكالة في أيدي قيادات وعناصر التكفيريين، وأشَارَ الموقع إلى أن هذه “المساعدات” كانت متوجّـهةً في الأصل إلى عناصر ما كان يسمى بـ”الجيش السوري الحر”، أي أن عمل الوكالة يرتبط فعلاً وبشكل واضح بالأهداف والمصالح السياسية والعسكرية للولايات المتحدة الأمريكية.

وتناولت عدةُ تقاريرَ ودراسات إعلامية الدورَ المشبوهَ الذي تقوم به الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية في فلسطين المحتلّة، حَيثُ تمارس مهاماً استخباراتية، وتجمع معلوماتٍ عن المقاومة الفلسطينية، بالتوازي مع العمل بشكل “ناعم” على استهداف المجتمع من خلال تسييس المساعدات وجعلها مرتبطةً بمعاييرَ تخدُمُ التوجُّـهاتِ الأمريكية والإسرائيلية، بما يساعدُها على التغلغُلِ أكثرَ داخلَ فلسطين؛ لممارسة مهامها العدائية.

وتذكر تقاريرُ متنوعةٌ أن الوكالة تمتلكُ تأريخاً حافلاً بالأعمال الاستخباراتية التي نفذتها في بلدان عدة تعرضت للاستهداف الأمريكي، مثل فنزويلا وكوبا وبوليفيا، وقد وصل نشاط الوكالة إلى حَــدِّ تمويل وإنشاء خلايا معارضة لقلبِ أنظمة الحكم.

ويذكر باحثون عراقيون أن الوكالةَ دخلت العراق عام 2003، لكنها لم تُعلِنْ عن أي نشاط رسمي سوى عام 2012، أي أنها كانت طيلةَ ذلك الوقت جزءاً لا يتجزأ من قوات الاحتلال الأمريكي وتشكيلاتها العسكرية والاستخباراتية.

صحيفة المسيرة