الخبر وما وراء الخبر

جوانب من شخصية الإمام علي

35

بقلم || عبدالملك المساوى

إذا أتيت إلى القرآن لتعرف جوانب الإيمان ومجالات الإيمان تجد من أهم ما في الإيمان ويرتبط به أشياء كثيرة، من ذلك الجهاد في سبيل الله، والإمام علي عليه السلام كان له الاسهام الكبير في الدفاع عن الإسلام وعن الأمة وفي إقامة هذا الدين، ونستطيع القول أنه ما بعد النبي صلى الله عليه وعلى آله ليس لأحد من أتباعه وأصحابه وأنصاره، ماهو للإمام علي عليه السلام.

بقدر ما كان في دوره الجهادي الكبير في إقامة الاسلام، كان أيضا شخصية إيمانية متكاملة في كل شيء، ثم هو عليه السلام أهل ليكون له الدور المستقبلي في الأمة، وقد قال عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم ( أنا مدينة العلم وعلي بابها) أي لا يمكن أن يكون مؤتمنا على العلم وعلى معارف الإسلام من لا يدخل من هذا الباب، وحكمه يدخل فيمن ينطلق عن الإسلام من محرفين من كذابين من دجالين من قائلين عن الله مالم يقل.

ومن موقعه عليه السلام كخليفة للمسلمين، كان امير المؤمنين علي عليه السلام، أشد الحرص على إرساء العدل بين الأمة ورفع الظلم والجور عن كاهلها، فعمل في ثلاثه مسارات: بناء الدولة وبناء المجتمع وبناء الأمة، فقد تسلم الدولة والمجتمع مشتت، والأمة منقسمة، والخلافات والفتن قائمة على إثر مقتل عثمان والناس في ثورة واضطراب لامثيل له وإمكانيات الدولة عند مستوى الصفر والمؤامرات والمتربصين محدقين بالامة من كل جانب.

فعمل أولا على اختيار الولاة وفق معايير إيمانية وقيمية سليمة كالكفاءة والنزاهة، ونحوه من القيم والمثل الايمانية الراقية وعزل الولاة الظالمين الذين أساءوا استخدام السلطة وجيروها لمصالحهم، وحارب الفساد والفاسدين، واهتم بالفقراء والمستضعفين، واهتم كثيرا بالجانب الثقافي والاعلامي على قلة الامكانيات والوسائل في ذلك العصر، وكان عهده إلى مالك الاشتر بمثابة دستور قراني متكامل لن تأتي البشرية بمثله على مر العصور، والكثير من الاعمال والقرارات والرؤى الحكيمة التي دلت على عبقريته بكل جلاء ووضوح ولازالت ممتدة إلى اليوم.

و لم تكن حادثة استشهاد الامام علي عليه السلام وليدة تلك اللحظة، لا أنه الانحراف الذي بدأ من اليوم الاول الذي توفي فيه رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم من اليوم الاول من يوم السقيفة.

وعندما نرى الإمام علي (صلوات الله عليه) يسقط شهيدا لا يكفي أن نحزن، لايكفي أن نبكي، لايكفي أن نتألم بل لابد من أن نأخد العبرة، أن نتسائل لماذا نرى الصادقين يسقطون شهداء داخل هذه الأمة، ولماذا رأينا فيما بعد، وعلى امتداد التاريخ الكاذبين الظالمين الطغاة، المحرفين للدين، المنتهكين لحرمات الله هم من يحكمون هذه الأمة؟! وباسم رسالة هذه الأمة (الاسلام) وباسم نبي هذه الأمة (أميرالمؤمنين خليفة رسول رب العالمين).

وكما كان بن ملجم أشر نموذج للتكفيريين المغفلين الجاهلين بحقيقة الدين استغله الأعداء كأداة قذرة لضرب الخط الاسلامي الاصيل من الداخل، و ها هم التكفيريون اليوم لا يرون كفر أمريكا ولاكفر إسرائيل ولا تصدر قراراتهم بالكفر إلا داخل هذه الأمة لأنهم فقط وفقط أداة بيد الاعداء وتحركهم لمواجهة القوى التي تتحرك لمواجهة الكفر الحقيقي.

أخيرا نقول: لقدعاش أمير المؤمنين علي عليه السلام مجاهدا في سبيل الله عاش أمينا عاش صادقا عاش ناصحا عاش حرا عاش ينطلق بالحق، ولولا علي وكلمته ومواقفه لما وصل الدين إلينا بنقائه، ولما وصل إلينا الدين بصفائه من داخل ظلمات ذالك الانحراف .