تراجع دور البحوث والإرشاد الزراعي ينعكس سلبا على الزراعة والمزارعين …
بقلم المهندس الباحث / هلال محمد الجشاري
تمر البلد بمنعطفات خطيرة وحرب عدوآن خارجي غاشم وحصار اقتصادي شامل تتطلب مواجهة هذا الواقع بكل صلابة وعزم واصرار ، يتطلب منا العمل الجاد والبناء كل في مجال عمله لتستمر الحياة ولنتحدي كل الظروف ونكون واثقين من أنفسنا وان لا نجعل الأزمة والحرب شماعة لنزيد من فشلنا وزيادة الطين بل ولنتقي الله في أنفسنا ، فوطننا اليوم محتاج لنا أكثر من اي وقت مضى ، فهذه مسئولية الجميع ويحتاج الى ان نكون صف واحد ويد واحدة كل في مجال عمله ولنسعى الى اصلاح من نستطيع اصلاحه وعمل ما يتوجب علينا…
أفضل من أن ننتظر من يتصدق علينا وصدقوني لن يأتي أي خير من الخارج فلنعتمد على أنفسنا ونتوكل على الله ومن توكل على الله فهو حسبه …و بالنسبة للقطاع الزراعي الجميع يعرف ان بلادنا تمتاز بمناخ وظروف طبيعية ممتازة و نادرة ويجب أن تستغل ولو بالامكانيات البسيطة فالقطاع الزراعي بشقيه النباتي والحيواني يعتبر من اهم القطاعات التي يجب الاهتمام فيه والتركيز على جوانب تطويره واستمرار الانتاج الزراعي خصوصا في هذه المرحلة أكثر من أي وقت آخر ويجب علينا بذل جهد أكبر ونسعى الى الاعتماد على أنفسنا ولا نيأس …نعم ظروف العمل صعبة في ظل القصف والحصار وغلاء وانعدام المشتقات النفطية لكن لا نجعل الحروب والأزمات تتغلب علينا فلنسعى ونبحث عن البدائل الممكنة ونطور بكل الوسائل والإمكانيات ونستخدم كل البدائل الممكنة ، وفي هذا الموضوع وما يتعلق بتطوير واستمرارية القطاع الزراعي أتطرق لجانب مهم جدا هو البحوث والارشاد الزراعي لتأثيرها المباشر على القطاع الزراعي حيث تبرز أهمية الإرشاد الزراعي ،
في أنه يشكل مع البحث العلمي ، ركيزة أساسية للتنمية الزراعية وتحقيق أهداف القطاع الزراعي ، بخاصة وأنه يعد الوسيلة الفاعلة التي يوصل النتيجة البحثية على شكل ممارسة قابلة للتطبيق تحت ظروف المزارعين ، وفي هذا النطاق يأتي دور المراكز والهيئات البحثية و الإدارة العامة للإرشاد الزراعي ،
تعتبر الأبرز للبحث العلمي التطبيقي والإرشادي ، والذراع العلمي لوزارة الزراعة ، يناط بها مهمة إجراء البحوث الزراعية التطبيقية والإرشاد الزراعي ، ولكن بصراحة الهيئات البحثية والارشادية والإدارات الاخرى الخدمية منها والعلمية “لم تقدم الخدمة المرجوة منها ، فمعظم الموظفين فيها وللأسف هم شكل من اشكال البطالة المقنعة ، كذلك هناك تراجع في البحث العلمي ،
وإهمال للكوادر المؤهلة” ؟! متناسين أن مهمة الارشاد الزراعي “التعرف على مختلف المزارعين وطموحاتهم وآرائهم ومقترحاتهم ، وتنمية اهتماماتهم وتأثيرها في تغيير اتجاهاتهم ، ومناقشة المشكلات الزراعية وحلها ، وهذا للأسف غائب تماما أو لا يولى بالأهتمام من قبل الجهات المختصة بوزارة الزراعة ، إن “نجاح الإرشاد الزراعي ، يعتمد على تطوير وتنمية وتحديث القطاع ، ورفع مستوى المعيشة للمزارعين ، وتحسين ظروف الحياة في المجتمعات الريفية وتحويلها لمناطق جاذبة، وليست طاردة للسكان ، وذلك بوضع استراتيجية واضحة ، لربط نظم المعرفة والمعلومات والبحوث الزراعية ، بحيث يكون المزارع والمنتج الزراعي والمجتمع الريفي في بؤرة اهتمام هذه النظم” ، في أعتقادي أنه إذا فشل الإرشاد الزراعي في توجيه البحوث بالشكل الذي يساعد على زيادة القدرة بحل المشكلات الزراعية ، تحول إلى مجرد عملية تلقين ، وابتعد عن جذب المزارعين إليه ، وهذا ما يحدث للأسف ، فالتنمية الزراعية تعتمد أساسا على التعاون الوثيق بين ثلاثة أجهزة مهمة، هي: البحوث الزراعية والإرشاد الزراعي وجماهير المزارعين ، عبر إجراء البحوث الزراعية المختلفة واستخلاص نتائجها ،
والتأكد منها وتوصيل هذه النتائج لحقل التطبيق في مجالات الإنتاج الزراعي النباتي والحيواني وإقناع جماهير المزارعين بتطبيقها وتبنيها ، كما يجب حصر المشاكل التي تعيق زيادة الإنتاج ووضع الحلول المناسبة لها ، لزيادة الإنتاج كما ونوعا ،
ما ينعكس إيجابا ، على زيادة دخل الأسر الريفية وتحسين مستواها المعيشي ، وهذا الأمر يكتسب أهمية خاصة ، للاستفادة من كل جديد في العلوم الزراعية لإنتاج أصناف عالية الإنتاج واستنباط أساليب زراعية، ووراثية ومكافحة آفات زراعية،
والمحافظة على التربة وصيانتها ، وتنميتها للنهوض بمستوى الإنتاج الزراعي ، لذلك لا يمكن تحقيق أهداف التنمية الزراعية، وتطوير الإنتاج الزراعي من دون تواجد جهاز إرشادي زراعي ، ومعد الإعداد العلمي المناسب ، وقادر من الناحية العلمية على أن يكون حلقة اتصال فعالة، بين جماهير المزارعين ومشكلاتهم الزراعية الواقعية من جهة وأجهزة البحوث العلمية الزراعية بما تنتجه من أبحاث وتوصيات علمية من جهة أخرى ، وكما نؤكد أهمية اللقاءات الدورية بين المرشدين في القطاع الزراعي بمختلف المحافظات مع المزارعين ،
ما هو “غائب لدى جهات الاختصاص بوزارة الزراعة برغم اهميتها لضمان استمرار العملية الزراعية، ومتابعة العمل الإرشادي والاستفادة من التطور التقني والعلمي في العمل الإرشادي ،
والبحث في كيفية تأهيل الكوادر الإرشادية ، و كذلك أهمية أختيار المهندسين الزراعيين في الوحدات الإرشادية، حسب الاختصاصات الضرورية في منطقة وجود المركز الأرشادي ، وضرورة إظهار أعمالهم وجهودهم ، بالوسائل المختلفة لتعميم التجارب والمبادرات الإيجابية ،
والتنسيق العملي الفعال مع البحوث العلمية الزراعية للاستفادة من التجارب العلمية ، كما أن هدف الإرشاد الزراعي هو تقديم أنشطة وخدمات فنية للمزارعين ، والتي من شأنها تحقيق أهداف جوهرية ،
” وأهمها تحسين كفاءة الإنتاج الزراعي عن طريق إدخال التقنيات الحديثة والأساليب الزراعية ،
وتنفيذ التنمية الزراعية بكفاءة لتحقيق أهدافها ، التي تتمثل في النهوض بمستوى معيشة المزارعين ، وتحسين مستواهم الاقتصادي ، وتزويد المزارعين بالمعلومات والمعارف والخبرات حول الطرق الفنية في الإنتاج ، وإمدادهم بالمساعدات ، ومساعدة المزارعين على تحديد مشاكلهم وإيجاد الحلول المناسبة لها وتلمس احتياجات … كما لا ننسى أن هناك صعوبات يعاني منها العمل الارشادي في اليمن منها على سبيل المثال ” غياب الكوادر المؤهلة ، كذلك وجود نقص في معدات وآلات أساسية للعمل الزراعي وخصوصاً وسائل النقل وآلات الزراعية الحديثة ، وتمويل البرامج البحثية والارشادية وتكاليف إعادة طباعة المنشورات والملصقات الارشادية الزراعية والفلاشات التوعوية ومجلة الزراعة لضرورتها لإرشاد المزارعين ” ولكن هذا لا يبرر التدهور الكبير الحاصل حاليا في القطاع الزراعي فالعكس صحيح المفروض على وزارة الزراعة وأخص بالذات البحوث والإرشاد الزراعي بذل جهد أكثر لحل كل المشاكل المتعلقة بالمزارع والقطاع الزراعي من خلال تكثيف البحث العلمي و استنباط واكثار أصناف جديدة وابتكار طرق زراعة حديثة وارشاد وتوعية المزارعين وترشيد استخدام المياه والتوسع في شبكات الري ، والحد من أنتشار زراعة القات ، واستصلاح الأراضي ،
والتوعية بأخطار التوسع العمراني في الوديان والسهول الزراعية ، ….الخ ، كل هذا اضافة الى ماسبق ذكره سوف يساهم في التخفيف من معاناة المزارعين وتجاوز هذه الازمة والحرب ولو بالقدر البسيط مع امكانية تطوير وزيادة الانتاج الزراعي وتغطية السوق المحلية وبإذن الله وبعزيمة الجنيع وجهودهم واصرارهم سوف يأتي اليوم الذي تتصدر بلادنا قائمة التصدير باقل التكاليف الممكنة وبالطرق العلمية الصحيحة … قال تعالى : وقل أعملو فسيرا الله عملكم ورسوله والمؤمنون …صدق الله العظيم مع خالص تحياتي واحترامي لقيادة وزارة الزراعة وكل موظفي الوزارة من دكاترة واكاديميين وباحثين ومهندسين واداريين وفنيين وعمال …والتحية لكل وطني عمل باخلاص من اجل وطنه …
الشكر والتقدير لأولائك الأبطال المجاهدين الذين يبذلون ارواحهم دفاعا عن كرامة وعزة اليمن ووحدة اراضيه … حفظ الله بلادنا اليمن ورحم شهدائنا والخزي والعار للمعتدين وعملائهم ومرتزقتهم ولا نامت أعين الجبناء …