استهداف العدوان لكل الإمكانات ذات الطابع الخدمي والإنساني
منذ أول لحظة بدأ فيها هذا العدوان، استهدف في هذا البلد كل المقدرات والإمكانات ذات الطابع الخدمي والإنساني، فاتجه بقنابله، بصواريخه، بغاراته، بضرباته لاستهداف هذا المجتمع اليمني المظلوم في كل مجالات حياته: استهدف المساجد، ودمَّر العدد الكبير منها، استهدف المدارس، ودمَّر المئات من المدارس،
استهدف الجامعات، استهدف الأسواق، استهدف المنازل والمناطق السكنية، استهدف الجسور والطرقات، استهدف الموانئ البحرية والمطارات… استهدف كلما له علاقة بخدمة الناس، وسعى أيضاً لفرض حظرٍ اقتصاديٍ شديد، واستهدف حتى المعالم الأثرية، وحتى المقابر، وحتى ما لا يدور في ذهن أحد التفكير بأنه سيكون هدفاً لتحالف العدوان لاستهدافه بالغارات الجوية، حتى الحقول الزراعية، حتى المتاجر، وحتى كذلك مخازن الأغذية، استهدف الكثير والكثير مما تحدثت عنه الحكومة في إحصائياتها في المؤتمرات الصحفية، وقدمت عرضاً تفصيلياً بالأرقام لما استهدفه تحالف العدوان.
فهذه الهجمة الوحشية والإجرامية بكل ما فيها من ممارسات، وبكل ما فيها من جرائم- كما قلنا- شاهدة على وحشية هذا العدوان، وعلى سوء أهدافه، حتى أنه كسب برصيده الإجرامي الهائل، وبممارساته الإجرامية الوحشية أسوأ صيتٍ في كل الدنيا، وهذا بات معروفاً، بات معروفاً لدى الجميع.
هذا العدوان بهذه الوحشية، بهذا الإجرام، بهذا الاستهداف الشامل، وبأهدافه الرامية إلى السيطرة التامة على بلدانا، وأن يسلب منا كشعبٍ يمني حريتنا واستقلالنا وكرامتنا، وأن يسيطر كعدوانٍ خارجي علينا سيطرةً تامة، ويتحكم بنا في كل شؤوننا، في مقدِّمة أهدافه التي وراءها أيضاً الكثير من الأطماع والأحقاد، ويدخل في ذلك الكثير من التفاصيل.
اليوم بعد كل هذه المدة الزمنية الطويلة، وبعد كل ذلك الرصيد الإجرامي الوحشي الشنيع، والذي أوصلهم إلى أسوأ صيتٍ في كل الدنيا، بعد كل ذلك، بعد تكشُّف ووضوح الأهداف التي تدل بكل وضوح على أنه يريد الاحتلال لبلدنا، وكشف ذلك ممارساته أيضاً في المناطق المحتلة، وأسلوبه في إدارة شؤون تلك المناطق كمحتل بكل ما تعنيه الكلمة، نحن شاهدنا أيضاً في الآونة الأخيرة صراخ الخونة من أبناء بلدنا في مختلف المحافظات المحتلة، وبمختلف مكونات الخونة واتجاهاتهم المختلفة، وهم يعترفون بألسنتهم بكل وضوح على أنَّ الوضعية التي هم فيها هي وضعية احتلال، وأنه يتحكم بهم، يمنع من يريد منعه من الدخول إلى تلك المحافظة أو تلك، يتحكم في الداخل والخارج، يتحكم بكل التفاصيل، فالحالة هي حالة احتلال وسيطرة وأطماع بكل ما تعنيه الكلمة.
ولذلك كان من الطبيعي أمام كل هذا العدوان، بكل تلك الممارسات الإجرامية، بتلك الأهداف المشؤومة، أن يتحرك الأحرار والشرفاء والأوفياء في بلدنا ومن أبناء شعبنا (يمن الإيمان والحكمة) للتصدي لهذا العدوان، وأن يقدِّموا التضحيات الكبيرة، وأن يبذلوا كل جهدٍ، وأن يقدموا كل غالٍ ونفيس في التصدي لهذا العدوان، منطلقات صمود هذا الشعب، ومنطلقات عطاء الأوفياء والأحرار في هذا البلد، هي منطلقات إيمانية وأخلاقية، إنَّه يمن الإيمان، الإيمان الذي نتربى فيه على العزة، على الحرية، على الكرامة، الذي نتربى فيه على المبادئ العظيمة، فلا نقبل بالإذعان لغير الله، والخنوع لغير الله، والاستسلام لغير الله -سبحانه وتعالى- لا نقبل بأن نكون عبيداً إلَّا لربنا وهو الله -سبحانه وتعالى-.
العدو منذ اللحظة الأولى راهن على جرائمه الوحشية، على هجمته الكبيرة وإمكاناته الهائلة، على ما يتمتع به من غطاء سياسي ودولي ودعم واسع، وكان يؤمِّل أنه سيحسم معركته سريعاً في غضون أسابيع أو في غضون أشهر، كانت المدة المحتملة عنده في حدها الأدنى لأسبوعين، وفي حدها الأقصى لشهرين، كما بلغنا ذلك معلومات مؤكَّدة ومن مصادر موثوقة، وتفاجئ بمستوى الصمود؛ لأنه كان مطلعاً وعارفاً بالظروف التي يعاني منها شعبنا العزيز، كانت تقديراته بحسب إمكاناته من جانب وقدراته، وبحسب ظروف شعبنا اليمني من جانبٍ آخر، كان تحالف العدوان يؤمل أن يحسم معركته سريعاً، بعد فشله في ذلك، راهن على الزمن، وعلى تراكم جرائمه الوحشية، وعلى مخططاته ومؤامراته التي تنوَّعت وتعددت بهدف إضعاف ثبات شعبنا، وكسر إرادته وروحه المعنوية، وتحطيم الروحية المعنوية لهذا الشعب، من مثل: تحريك الفتن الداخلية، وكان هناك مجموعة من الفتن الداخلية التي تحرَّك تحالف العدوان عليها؛ ليستغلها في إضعاف شعبنا من الداخل، من مثل: فتنة ديسمبر، ومن مثل: فتنة كشر، والفتنة في ذمار في عتمة وأمثالها، ولكن فشلت كل تلك الفتن والمؤامرات بفضل الله -سبحانه وتعالى- بمعونته، بتأييده، وبالوعي الكبير لشعبنا العزيز، وبالموقف الحازم، والموقف الصارم، والموقف الجاد والحاسم للأحرار في هذا البلد من مختلف فئات ومكونات هذا الشعب.
ثم مع تراكم الجرائم والمعاناة، وفرض الحصار الشديد، وتكثيف الهجمة الإعلامية، والهجمة ذات الطابع الثقافي والفكري على شعبنا اليمني المسلم العزيز، وتحريك خلايا الطابور الخامس من المنافقين والذين في قلوبهم مرض، بهدف التأثير السلبي على أبناء شعبنا للتخذيل، والتثبيط، وضرب الروح المعنوية، والتأثير على المواقف، والتشويش على الرؤية الواضحة تجاه هذا العدوان، لكنَّ كل تلك الجهود باءت بالفشل، واستمر شعبنا في صموده، وفي ثباته، في اعتماده على الله -سبحانه وتعالى- في توكله على الله -سبحانه وتعالى- كل أنواع المؤامرات التي عمل عليها تحالف العدوان واستهدف بها شعبنا العزيز، كل تلك المؤامرات فشلت، وسقطت، وأخفق تحالف العدوان في تحقيق أهدافه، حقق جزءاً منها في احتلال بعضٍ من المناطق، ولكنَّ هذا إنجازٌ محدود، وغير مضمون، لا يستطيع الحفاظ عليه، ولا التمسُّك به مع بقاء شعبنا في ثباته، وصموده، وموقفه الجاد، وتوكله على الله -سبحانه وتعالى-.
والحالة الراهنة التي وصل إليها تحالف العدوان- وبالإجماع- هي حالة فشل، وأنهم وصلوا إلى مأزق حقيقي، وإلى فشلٍ واضح، هذا أمرٌ مجمعٌ عليه، ويعترفون به، ويعترف به الخونة من أبناء بلدنا، ويعترف به العالم، تحالف العدوان تكبَّد الكثير والكثير من الخسائر في كل المجالات: على المستوى العسكري، على المستوى الاقتصادي… على كل المستويات، واعترف حتى بهزائمه على المستوى الإعلامي، في كل مسارٍ من المسارات، في كل جبهةٍ من الجبهات: السياسية والإعلامية، والعسكرية، والاقتصادية، أخفق إلى حدٍ كبير، وفشل فشلاً ذريعاً، وتكبَّد الخسائر الكبيرة.
كلمة السيد عبدالملك بدرالدين الحوثي في اليوم الوطني للصمود 26-03-2020