صنعا بالمرصاد ..
لن تنجح محاولات إخراج الساحل الغربي من سيطرة اليمنيين
ذمار نيوز – تقرير / عبدالرحمن العابد
أفشلت القوى الدولية الفاعلة، بما في ذلك الأمم المتحدة نفسها، باتفاق السويد الخاص بالحديدة، الواقعة على الساحل الغربي لليمن، وذلك ضمن أهداف مبيّتة لها صلة وثيقة بمشروع التقاسم والنفوذ والسيطرة على الممرات الاستراتيجية في المياه الإقليمية اليمنية، وما تزخر به من إمكانيات وموارد كبيرة.
وعلى وقع محاولات تصعيد عسكري جديد للتحالف، بقيادة السعودية والإمارات، في جبهات الساحل الغربي، تقول المؤشرات الميدانية، للأيام الماضية، إنه يستحيل إحراز أي اختراق لقوة الردع التي بحوزة صنعاء، خاصة وأن الأخيرة قدمت درساً تمهيدياً للمعركة المرتقبة، تمثَّل في فك الحصار عن مدينة الدريهمي جنوب غربي مدينة الحديدة، بسيطرتها على منطقة الجارحة في محيط المدينة.
هناك تفسيرات متطابقة بأن التحالف يحاول التخفيف من الضغط الذي تفرضه قوات صنعاء على مدينة مأرب، آخر معاقل الطرف الأبرز في منظومة القوى السياسية المحلية المساندة للتحالف ومشروعه في اليمن (حزب الإصلاح). لكن من غير الممكن أن تكون تحركات التحالف ومحاولاته التصعيد عسكرياً باتجاه الساحل الغربي، خارج تفاعلات جديدة للقوى الدولية بما في ذلك “إسرائيل”، التي يعمل التحالف لصالح أهدافها ومشاريعها الاستعمارية الجديدة في المنطقة.
يدرك التحالف أنه يخوض معاركه بقوى محلية يتحكم في اتفاقاتها واختلافاتها، وتكاد المعركة في الساحل الغربي تكون أكثر المعارك التي يخوضها بتناقضات شديدة بين صفوف شركائه المحليين. إنه يستغلها من جانب، ويغذي صراعاتها لصالحه من جانب آخر.
والمفارقة في سياق الحديث عن معركة الساحل الغربي، أن صنعاء أكثر إدراكاً بأن ما يحدث يتجاوز الشواهد العسكرية الماثلة للتحالف، ويبدو أن صنعاء باتت خلال السنوات الأخيرة أكثر جاهزية للرد وبقوة. ولقد باتت كل التحركات تحت غطاء التحالف في اليمن، وخصوصاً في البحر الأحمر وباب المندب، مرصودة. وبإمكان صنعاء ضرب أهداف حيوية داخل العمق الإسرائيلي، بعد إفصاحها عن رصد تحركات غواصة تابعة لسلاح البحرية الإسرائيلية بالقرب من باب المندب، الأسبوع قبل الماضي، إضافة إلى رصدها أبراج مراقبة أميركية وإسرائيلية في جزيرة حنيش الكبرى.
بنبرة يقينية قال رئيس جهاز الاستخبارات اللواء عبد الله الحاكم، مطلع شهر يناير الحالي، إن” الجيش واللجان الشعبية على أتم الجاهزية لمواجهة الكيان الصهيوني المحتل”، مشيراً إلى أنّ صنعاء “تراقب كلّ تحرّكات الكيان الصهيوني وترصد كلّ استفزازاته وما يخطّط له من أعمال عدوانية إجرامية”. وأكّد الحاكم أنّ أيّ “تهديدات إسرائيلية لن تخيف الشعب اليمني، وأضاف: “أعيُننا ليست غافلة عن تحرّكات العدو الصهيوني في المنطقة، وعليه أن يستوعب جدية تحذيراتنا من أي أعمال متهوّرة أو طائشة أو مغامرة غير محمودة العواقب”. وبالصيغة نفسها قال المتحدث الرسمي باسم قوات صنعاء، العميد يحيى سريع، في مؤتمره الصحافي الأخير، إنّ “أيّ مغامرة قد يُقدم عليها العدوان وأدواته في الساحل الغربي، وتحديداً في الحديدة، سيكون ثمنها باهظاً جداً وستمتد تبعاتها إلى عواصم العدوان وموانئه ومنشآته”. كما أشار إلى أن “القدرات الدفاعية لقوات صنعاء في مجال القوة الصاروخية والطيران المسيّر أصبح لديها من الإمكانات ما يمكّنها من ضرب أهداف حيوية داخل العمق الإسرائيلي”.
كلُّ هذا يبدو صادماً للتحالف ومؤيديه المحليين، ولا شك أنه صادم أيضاً للأطراف الدولية التي تتحرك تحت لافتة التحالف في السواحل اليمنية، وتبحث في شواطئها ورمالها عن نفوذ وسلطة وأمر ونهي، فالموقع الإخباري العبري”نتسيف نت” نقل، في أعقاب تصريحات صنعاء، مخاوف من جاهزية صنعاء لاستهداف منشآت حيوية في العمق الإسرائيلي، وكشف أن رئيس جهاز “الموساد” يوسي كوهين، تحدث إلى وزير الخارجية الأميركي، مايك بومبيو، في واشنطن، عن خطة هجومية لصنعاء تستهدف منشآت استراتيجية “إسرائيلية” في البحر الأحمر، عبر استخدام صواريخ “كروز” وطائرات مُسيَّرة.
وبدأت مساعي السيطرة على الساحل الغربي لليمن، بعد السيطرة على أجزاء منه من قبل قوات التحالف السعودي الإماراتي في أكتوبر 2015. وبحسب المحللين فإن ما يحدث في الساحل الغربي هو نتاج مشروع مشترك بين أكثر من طرف دولي، في إشارة إلى أنه مشروع لتقاسم النفوذ والسيطرة على سواحل اليمن وجزره وممراته ومنافذه ومناطق الثروة فيه، ليكون جزءاً من الصراع الدولي الجاري في أكثر من بلد.
قال محللون عسكريون، إن الساحل الغربي في اليمن، الممتد من منطقة ذباب المطلة على مضيق باب المندب، ويضمّ منطقة المخا في تعز وأيضاً محافظة الحديدة وميناء ميدي في محافظة حجة أقصى الغرب، “تحوّل- بفعل التواجد العسكري للتحالف- إلى معقل إقليمي تستوطن فيه مخابرات عربية ودولية من جنسيات مختلفة”. مشيرين إلى أن “الإمارات والسعودية فتحتا الباب على مصراعيه لدول عدة للاستيطان فيه، فهناك إسرائيل وفرنسا وبريطانيا وحتى روسيا، كل هذه الدول بات لها حضور في كل ما يجري في الساحل الغربي، من خلال إقامة تدريبات وإنشاء قواعد عسكرية.
ويدفع التحالف باتجاه إخراج الساحل الغربي المطل على البحر الأحمر من سيطرة اليمنيين، وهو مشروع ورغبة بريطانية بالدرجة الأولى. وتسعى من خلاله إلى تقسيم اليمن لمناطق نفوذ تتنازعها أطراف عدة. بينما يتبدى سعي إسرائيل إلى التواجد في منطقة حساسة تمكّنها من إنشاء قواعد عسكرية بالشراكة مع الإمارات، ضمن رغبة التوسع في جزيرة العرب والقرن الأفريقي والحفاظ على مصالحها في الممرات الدولية. ومنع استخدام الساحل الغربي لليمن، لا سيما الممر الدولي في البحر الأحمر ومضيق باب المندب، ليكون طريقاً لدعم المقاومة الفلسطينية.