الخبر وما وراء الخبر

حين نَستهدف المُسعفين مرة أخرى !

121
بقلم / جميل أنعم

أم خرجت من الركام تستنجد : (بنتي يابو محمد عادها بتصيح)، وصبي يتحدث وحشرجات البكاء تذبح صدره : (أبي قد تنتف قد تنتف قده قطعة قطعة)، ورجل ينادي لطفله الممزق بغصه المكلوم : (يا صلاح ياصلاح)، وطفل جريح باكياً للطبيب : (باموت ولا لا) … هذا ما استطاعت عدسات الكاميرا حمله لنا .. وماخفي من لحظات مذبحة سلمان بحق المُسعفين لن تقوى على توثيقه أي كاميرات .. اخدود جماعي توثقه أكبر صفحات التاريخ ألماً ووجعاً، كل ماعلى الأرض مَادَ دخاناً وناراً وركام مع إختلاط صيحات القهر والإستغاثة مع حشرجات وغصات البكاء، حتى الحصى والجدران والأشجار كانت تنوح وتتكبد بمرارة حقد الصواريخ المنهمرة، الكل كان يرتل آيات الإختناق من سور البكاء والإستغاثة، حتى الجبل تردد أن ينهار ويسقط مغشياً عليه، وأُجبر أن يتمالك نفسه حفاظاً على الكرامة والعزة ووقاراً لتضحية ضحيان بأبنائها

فأي هدف ذلك الذي أرادته طائرات سلمان بعد تجمع المسعفين وبعض السيارات؟؟ حتى لو كان هدفاً عسكرياً فإن إعادة إستهداف الموقع بعد إنقضاء ربع ساعة من زمن اول غارة يعني أنه عمل عبثي خارج المهمة العسكرية، يرجع ذلك كون الهدف أصبح أكثر تحصيناً وحرصاً على نفسه، هذا بالحساب العسكري البحت، فماذا لو كانت منطقة مدنية وسكنية وهرعت سيارات ومواطنين للإسعاف، هنا يتعدى العمل العبثي إلى عمل إجرامي ووحشي لأجل القتل والإبادة فقط وفقط

ولهذا كانت وستظل مذبحة مسعفين ضحيان من أبشع المذابح الإجرامية التي قد تشاهدها العين، فلو قامت أي دولة من الدول المغضوب عليها أمريكياً واسرائيلياً بإرتكاب مذبحة مشابهة لمذبحة ضحيان لكانت كفيلة أن تكون مبرراً لغزوها واحتلالها وتدميرها وإبادة وتشريد كل سكانها على ذمة المذبحة، وصفحات التاريخ مليئة بالشواهد ولا داعي لإستعراضها …

وبالعودة لمذبحة ضحيان هي وبحق ستظل حملاً ثقيلاً بل عاراً علينا حتى تطبيق القصاص من القتله وأذنابهم الخونة والعملاء من أفراد وأحزاب وجماعات، المشاركين بإراقة نافورات الدم المؤيدين لسحق الجماجم هؤلاء يجب إحالتهم للقضاء ومصادرة أموالهم واستثماراتهم لمصلحة مؤسسة ترعى أبناء وأسر شهداء العدوان السعودي، وتأمين سبل العيش الكريم لهم من سكن وراتب مجزي وتعليم وصحة، بل على الدولة إصدار تشريع قانوني يحدد ذلك، وهذا أقل ما يمكن أن يُمنح لأبناء واسر شهداء قدّموا الدماء والأرواح في سبيل إستقلال وكرامة اليمن، وأخشى ما أخشاه أن نقوم نحن بإستهداف هؤلاء المسعفين الشهداء مرة أخرى بخيانة دمائهم، بل سنصبح أكثر إجراماً ووحشية من بني سعود، والله المستعان .