هكذا أفسد اليمن سهرة الخيانة في نيوم
ذمار نيوز || تقارير ||
[26 نوفمبر 2020مـ -11 ربيع ثاني 1442هـ ]
إبراهيم الوادعي: لم تكتمل سهرة رئيس الوزراء الصهيوني بنيامين نتنياهو ورئيس الموساد ايلي كوهين في نيوم السعودية شمال المملكة مع ولي العهد السعودي محمد بن سلمان بحضور الراعي الأمريكي مايك بومبيو وزير الخارجية الأمريكي حتى كدرت أجواء نهاية اللقاء أنباء القصف الصاروخي اليمني لهدف حيوي يتصل بأرامكو عماد الاقتصاد السعودي، وبصورة أعادت إلى الأذهان ذكرى الهجوم المرير على مصفاتي بقيق وخريص الذي أدخل السعودية في وضع من الحرج الدولي.
الصهاينة مضوا في نشر أخبار اللقاء بموافقة سعودية مسبقة وفقا للقناة الإسرائيلية ال12، وقالت المراسلة السياسية للقناة، دانا فايس، إن الرقابة العسكرية في “إسرائيل” لم تكن لتسمح بالنشر حول لقاء نتنياهو وبن سلمان، دون الموافقة الرسمية السعودية والإسرائيلية.
واعتبرت فايس أن ذلك جاء كرسالة مباشرة موجهة للرئيس الأمريكي المنتخب، جو بايدن، وللسلطات في إيران، وأن “نصف النفي” الذي ورد على لسان وزير الخارجية السعودية غير مقنع، طالما لم يصدر عن الديوان الملكي السعودي.
مضي النظام السعودي في سياسة الانكار بديلا عن الصمت جاء نتيجة وقوع وتطورات الهجوم اليمني على جدة هجوم غير متوقع في التوقيت والجغرافيا والجرأة أيضا في إيصال الرسائل العملية إلى أكثر من طرف.
الهجوم اليمني حمل ثلاثة عناصر جديدة، صاروخ جديد من نوع كروز يحمل اسم قدس 2 تجاوز المنظومات الدفاعية الأمريكية وأظهر عجزها رغم تعددها باتريوت وباك 3 المطورة عن باتريوت.
وفي ذلك رسالة أيضا إلى الدول التي تنزلق في مسار التطبيع تلبية لرغبة أمريكية، أن أمريكا وكيان العدو لن يكونا بقادرين على حمايتكم من غضب الشعوب الحرة نتيجة الخيانة التي تنزلقون فيها.
وفي الجغرافيا، الصواريخ اليمنية للمرة الأولى تطال مدينة جدة الحيوية لأول مره والبعيدة عن صنعاء بما يقرب من ألف كيلو متر، وفي ذلك مؤشر إلى أن صنعاء ماضية في زيادة وتيرة هجماتها على العمق السعودي لإرغامها على وقف العدوان ورفع الحصار وهو المطلب الأساسي الذي تصر عليه صنعاء في كواليس المفاوضات التي ينشط فيها مارتن غريفث مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة إلى اليمن.
ورسالة للنظام السعودي بأن الخيانة العلنية ستستدعي ردا عمليا مختلفا عما وجدته الإمارات لكون الحرمين الشريفين موجودين في مناطق يسيطر عليها النظام السعودي، ولا يمكن التهاون إزاء خيانة من هذا النوع وفتح أرض الحرمين الشريفين لليهود الصهاينة بما يحمله ذلك من مخاطر مؤكدة تحيق بهما.
وفي التوقيت يشير الهجوم إلى قدرة استخبارية متنامية لدى صنعاء أو امتلاكها قنوات معلوماتية مكنتها من معرفة توقيت الاجتماع واختيار الوقت المناسب لإيصال رسالة سياسية إلى إطراف الاجتماع الخياني الثلاثة واختارت لذلك استخدام والكشف عن صاروخ قدس 2 المجنح الجديد.
واستخدام صاروخ يحمل اسم القدس على الرغم من امتلاك صنعاء منظومات باليستية تطال مدينة جدة، رسالة ذات دلالة عميقة بأن الهجوم له علاقة بمسار التطبيع الذي تنزلق إليه الرياض داعمة ومؤيدة، وتقف صنعاء في صدارة المواجهين له رغم أنها ترزح تحت عدوان وحصار غير مسبوقين في التاريخ الحديث.
الهجوم اليمني على محطة أرامكو في جدة لاقى دعما شعبيا عربيا وإسلاميا بعد انفضاح أمر اللقاء الصهيوني السعودي في نيوم.
وتجدر الإشارة إلى أنه على مدى 25 عاما من التطبيع المصري مع الكيان الصهيوني إلا أن اتفاقية كامب ديفيد ظلت ميتة شعبيا وفشلت في كسر حاجز الرفض الشعبي لها حتى من الفئات التي تعتبر نفسها “منفتحة” كالفنانين والممثلين والأمر ذاته في الأردن، وظلت المحاكمات النقابية والفصل من المهن تطال من يظهر مع شخصية صهيونية أو يبرر التطبيع تغذي تلك المشاعر دماء الشهداء وقدسية أرض فلسطين الإسلامية. حادثة قذف وطرد النائب المصري توفيق عكاشة وطرده وفصله من البرلمان لاتزال ماثلة في الأذهان، وفصل العديد من منتسبي المهن بما في ذلك الفنية في مصر والأردن لمجرد ظهورهم مع صهاينة.
وفي إطار أوسع يضع مراقبون هجوم جدة ضمن سياق ردود يجري تحضيرها من قبل محور المقاومة على الدول التي تدفع باتجاه تطبيع وجود الكيان الصهيوني، وهذا الحجم من الردود بحسب أولئك فاجأ أطراف السهرة الخيانية في نيوم شمال الجزيرة العربية، ظنا بأن الردود لن تتجاوز سقف ما حصل عقب توقيع الإمارات والبحرين اتفاقيات التطبيع المذلة.
واعتبر هؤلاء أن الصاروخ اليمني أربك الأمريكيين بالدرجة الأولى الراعين لمسار التطبيع والغارقين بمشاكلهم الداخلية والصراع المتنامي مع الصين وروسيا، ولذلك كانوا هم أول من علق على الهجوم وأطلق تهديدا بأن كل الخيارات للتعامل مع من سماهم بالحوثيين مفتوحة، حسب روبرت اوبراين مستشار الأمن القومي الأمريكي والذي كان في زيارة إلى الفلبين، فيما كان النظام السعودي لايزال يعيش أجواء الصدمة وارتباك المشهد.
ويضيف هؤلاء إلى الطرف الأمريكي يسعى إلى طمأنة السعوديين عقب الهجوم اليمني النوعي، لمواصلة المضي في نقل العلاقة مع “إسرائيل” إلى العلن بعد عقود من السرية والتنسيق الأمني والعسكري الكامل وذلك ما يهم “إسرائيل”، وبحسب نبيل خوري نائب السفير الأمريكي سابقا في اليمن والذي قال ” إنهم – السعوديون – مستعدون للتطبيع الكامل مع “إسرائيل “.
وأضاف لبي بي سي: السعودية في طريقها للتطبيع الكامل مع إسرائيل وإن لم يحصل قريبا جدا، هناك فقاقيع وبالونات اختبار لترى القيادة السعودية ردود الفعل وحتى الآن ردود الفعل ليست بالشكل الذي يردعهم عن هذه الخطوة، وفق تعبيره.
رسائل الصاروخ قدس 2 لن تهدأ قبل فترة طويلة من الزمن وإن أخمدت نيران حريق أرامكو جدة، فالنيران السياسية ستبقى مشتعلة لفترة من الزمن وسيضع الهجوم اليمني مزيدا من حواجز الصد في مسار التطبيع المذل الذي ينخرط فيه الأعراب.
وهو في ذات الوقت يمنع “إسرائيل” من الاطمئنان إلى اتفاقيات التطبيع أشبه بفقاقيع الصابون سرعان ما تنفجر في وجوه مطلقيها.
قدس 2 يعلن عن اليمن قبلة للمقاومين عن فلسطين ووجهة لتحرير القدس وعودة الشعب الفلسطيني إلى أرضه حرا كريما، واستعادة المسلمين قبلتهم الأولى.