في ذكرى استشهاد الإمام الحسن بن علي (عليهما السلام)
ذمار نيوز || مقالات ||
[24 سبتمير 2020مـ -6 صفر 1442هـ ]
بقلم || عدنان الكبسي
في مناسبة ذكرى استشهاد الإمام الحسن بن علي (عليهما السلام) لابد لنا أن نعرج قليلاً وبشكل مختصر لنتعرف على الإمام الحسن وسيرته وواقع مجتمعه لنستلهم الكثير من الدروس، هل تحرك الإمام الحسن ليقاتل في سبيل الله كما كان أبيه الإمام علي وجده رسول الله (صلوات الله عليه وعلى آله) وأخيه الإمام الحسين؟!.
فالنظرة إلى الإمام الحسن مختلفة ومتباينة ولكن في البداية من الإمام الحسن بن علي؟!.
الإمام الحسن هو ابن الإمام علي بن أبي طالب وسبط وريحانة رسول الله، رابع أهل الكساء وأحد سيدا شباب أهل الجنة، يقول الرسول (صلوات الله عليه وعلى آله): (الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة) وقال (صلوات الله عليه وعلى آله): (الحسن والحسين إمامان قاما او قعدا، اللهم إني احبَهما فاحبَ من يحبَهما).
شب الإمام الحسن في كنف الرسول الأعظم (صلوات الله عليه وعلى آله)، وتغذى من معين رسالته وأخلاقه وسماحته وورث عنه هديه وأدبه وهيبته وسؤدده، مما اهله للإمامة التي كانت تنتظره بعد أبيه عليه السلام، وتربى تحت ظلال الوصي علي بن أبي طالب (عليه السلام)، وفي رعاية فاطمة الزهراء (عليها السلام)، ليأخذ من نبع الرسالة كلّ معانيها، ومن ظلال الولاية كلّ قِيَمِها ومن رعاية العصمة كلّ فضائلها ومكارمها.
الإمام الحسن (عليه السلام) شاهد في حياته كل المحن منذ فقده لجده رسول الله (صلوات الله عليه وعلى آله)، ورأى كمد أمه فاطمة بنت رسول الله والنكبات التي حلت بأبيه الإمام علي (عليه السلام)، ولقد جاهد تحت قيادة أبيه الإمام علي بن أبي طالب.
وعندما استشهد الإمام علي (عليه السلام) بُويع الإمام الحسن للخلافة.
طلب البيعة من معاوية بن أبي سفيان فرفض واستعد لحربه، وجمع معاوية جيشاً كثير العدد وتوجه إلى العراق ليقاتل الإمام الحسن.
بالنسبة لوضعية العراق لم تكن بالشكل التي تؤهلهم للمواجهة، لسقوطهم ضحايا للشائعات التي كان ينشرها جواسيس معاوية عن قوة جيش الشام وكثرة عدده وضعف العراقيين، وكذلك قام معاوية بشراء الذمم والولاءات، وحتى خدع بالشائعات والأموال قائد المقدمة عبيدالله بن العباس والذي كان يقود اثنا عشر ألف رجل من أصل عشرين ألف مقاتل من الذين كانوا مع الإمام الحسن، أرسل معاوية إلى عبيدالله أن الحسن قد راسلني في الصلح وهو مسلم الأمر إلي، فإن دخلت في طاعتي الآن كنت متبوعاً وإلا دخلت وأنت تابع، ولك إن جئتني الآن أعطيك ألف ألف درهم، على أن يعطيه معاوية النصف من ذلك لحظته والنصف الآخر عند دخوله الكوفة، فانسل عبيدالله ليلاً فدخل عسكر معاوية.
وكان من أبرز الشائعات بأن الحسن يكاتب معاوية على الصلح فلمَ تقتلون أنفسكم؟، وفي نفس الوقت يستميل قادة الجيش بالمال ويمنيهم بالوعود، حتى اضطرب الحال في معسكر الإمام الحسن، فنُهبت الأموال والآلات، وكاد الجيش عديم الوعي أن يقتل قائده الإمام الحسن بعد جرحه جراحة شديدة وتفرقوا عنه وتركوه وحيداً مع قلة قليلة من المؤمنين الواعين.
ولما شاهد الإمام الحسن تهرب الناس من الجهاد وتنصلهم عن المسؤولية وفرارهم عن الدفاع عن أنفسهم وبلادهم ونكوصهم أمام الخطر المقبل عليهم من جيش معاوية.
قام الإمام الحسن (عليه السلام) يخطب فيهم، فقال بعد الحمد والصلاة على النبي وآله: (أيها الناس والله ما بين حابلص وجابلق -يشير إلى آخر بلد في المشرق والمغرب- ابن بنت نبي غيري وغير أخي، فليكن استماعكم لقولي على قدر معرفتكم بحقي. أيها الناس إنا كنا نقاتل وفينا الصبر والحمية، فقد شيب الصبر بالجزع، وشيبت الحمية بالعداوة، وإنكم أصبحتم اليوم بين باكيين، باكٍ يبكي لقتلى صفين خاذل، وباكٍ يبكي لقتلى النهروان ثائر، وإنكم قد دُعيتم إلى أمر ليس فيه رضى ولا نصفة فإن كنتم تريدون الله واليوم الآخر حاكمناهم إلى ظبات السيوف وأطراف الرماح، وإن كنتم تريدون الحياة الدنيا أخذنا لكم العافية) فتنادى الناس من جوانب المسجد (البقية -البقية).
حينها اضطر الإمام الحسن (صلوات الله عليه) أن يعمل وثيقة عهد مع معاوية يضمن بموجبها حقن دماء أهل العراق وسلامتهم من أي أعمال إنتقامية من قبله ومن قبل أزلامه.
وبعدها قام معاوية بن أبي سفيان بقتل الإمام الحسن بن علي (صلوات الله عليهما) بالسم عن طريق زوجته في السابع من شهر صفر عام ٥٠هـ.
فأهم ما نستفيده من هذه الأحداث أننا بحاجة إلى الوعي الكبير والبصيرة العالية في هذه المرحلة التي بلغ فيها النفاق ذروته، مرحلة بلغ التضليل قمته في أساليبه الماكرة ووسائله الخبيثة.
اليوم المواجهة ليس فقط مع منافق عربي هي مع اليهود، مع منافق يأخذ تضليله وخداعه من اليهود، والذي يتأثر من منافق عربي سيتحول إلى كافر على أيدي اليهود، وسيعبد اليهود كعبادة الناس للشيطان، لأن اليهود أكثر دهاء وخبرة وفهماً وذكاءً من العرب.
المرحلة تتطلب جنداً يكونون على مستوى عالٍ من الوعي والبصيرة.
يجب أن نكون في مواجهة اليهود وأذنابهم كتلاً من الصلب لتضمحل نفسيات المنافقين ويتلاشوا في مجتمعاتنا حتى يصبحوا منبوذين، يقول الشهيد القائد السيد حسين بدرالدين الحوثي رضوان الله عليه: (فنحن بحاجة إلى أن نظهر في وعينا في سلوكنا في أعمالنا في جدنا في اهتمامنا إلى درجة تحطم معنويات المخربين من المنافقين والمرجفين والذين في قلوبهم مرض، فييئسون فيضْمَحِلُّون ويتضاءلون أمام ما يلمسونه من كل شخص منا من جِدِّه واهتمامه ووعيه، فيرون الناس كتلاً من الصلب تتضاءل نفسياتهم وتضمحل ويتلاشون شيئاً فشيئاً حتى يصبحوا في المجتمع لا قيمة لهم، وحتى يصل إلى درجة أن لا يعرف ماذا يقول وبماذا يتفوه معي أو معك، تضطرب المسألة لديه، يتلَجْلَج الباطل في فمه، فلا يعرف ماذا يقول وماذا يعمل.
إذا وصلت الأمة إلى وعي من هذا النوع فلو اتجهت عشرات المحطات والقنوات الفضائية ومحطات الإذاعة نحو مجتمع من هذا النوع كل ذبذباتها ستنطلق إلى الجو ولن تصل إلى أرض نفسيتك لن تؤثر فيك).
قد تُثار شائعات بأن قادات محور المقاومة لهم ارتباطات بالجهة الفلانية أو عمالة مع الطرف كذا.. أو.. أو.. كما حصل لأصحاب الإمام الحسن، أو أي دعايات أو شائعات أخرى.
فلابد من الوعي الكبير والبصيرة العالية في هذه المرحلة بالذات، لتتقطع قلوب المطبعين مع الصهاينة حسرات وندامات وتأوهات حين يأتي الله بالفتح المبين على أيدي المستقيمين المستبصرين الواعين.