السعودية والتطبيع.. قاب قوسين أو أدنى
رياح التطبيع المسمومة تجتاح منطقة الشرق الأوسط وخاصة المنطقة الصحراوية فيها لتحمل رياحاً صحراويّة اجتاحت أبراج الإمارات وكذلك أجواء السعودية الجوية، ولا تزال شعوب المنطقة مذهولة مما يحصل، وكأن ما يحصل “حلم” لا يمكننا الاستيقاظ منه، فقد سمحت الامارات للاسرائيليين باختراق المنطقة العربية مجددا في اوج معاناة الفلسطينيين وما يؤلم اكثر أن جميع الصحف الاسرائيلية تتحدث ان تطبيع اسرائيل مع الامارات جاء بمباركة ودعم سعودي خلف الكواليس ولم تنفِ السعودية الأمر إطلاقاً، بل على العكس فتحت أجواءها بشكل رسمي للطائرات من وإلى “الكيان الاسرائيلي و الامارات”، كما استقبل قبل يومين ولي العهد السعودي محمد بن سلمان عرّاب صفقات التطبيع مستشار وصهر الرئيس الأمريكيّ دونالد ترامب، جاريد كوشنر.
لقاء كوشنر مع ابن سلمان يحمل الكثير من الدلالات والرسائل، في هذا التوقيت بالتحديد والذي يترافق مع إعلان التطبيع الإسرائيلي – الإماراتي واقتراب موعد الانتخابات الأمريكية وكذلك عدم ثبات ابن سلمان في الحكم وإمكانية عزله في ظلّ الغضب الكبير ضدّه من قبل الأسرة الحاكمة، وما يسعفه في هذا الوقت هو الدعم المفرط الذي يقدّمه الرئيس الأمريكي له، ولكن هل يمكن أن يكون هذا الدعم مجانيّاً ودون مقابل؟.
شهد الثلاثاء إحدى جولات كوشنر المكوكية في منطقة الخليج الفارسي والشرق الأوسط، حيث زار السعودية بعد أن كان في الأردن و”إسرائيل” والامارات في إطار جولته التي تهدف لجلب أكبر دعم ممكن لصفقة القرن ودعم تطبيع الإمارات والسعودية، وتفيد التقارير الأمريكيّة بأن كوشنر يهدف في المقام الأول إلى إقناع الزعماء العرب بالمشاركة في حفل سيحتضنه البيت الأبيض في تشرين الأول المقبل، بمناسبة اكتمال التطبيع بين الإمارات وإسرائيل.
وقالت صحيفة يديعوت أحرونوت: إنّ جاريد كوشنر يسعى لإقناع ولي العهد السعودي محمد بن سلمان للمشاركة في مراسم توقيع اتفاق التطبيع الإسرائيلي الإماراتي في واشنطن.
وحسب الصحيفة، فإنه توجد خلافات داخل العائلة المالكة في السعودية حول العلاقات مع إسرائيل، وأن الملك سلمان يعارض تطبيع العلاقات مع إسرائيل، فيما يظهر ابنه وولي عهده انفتاحا على إسرائيل وإقامة علاقات معها؛ لكنه لم يتخذ حتى الحين قراراً في هذا الصدد.
ويحذّره في ذات الوقت من خطورة فوز جو بايدن في الانتخابات الرئاسية حيث سيجري مفاوضات مع إيران ما يقلّص مكانة السعودية في واشنطن.
ونقلت “سي إن إن” عن دبلوماسيين وأعضاء بالكونغرس أن صهر الرئيس يغازل عدة قادة عرب من أجل دفعهم للالتزام بحضور الحفل، وأن هذا الهدف جزء من أجندة مهمّته في المنطقة، وأوضحت مصادر رسميّة أن بين المعنيين زعماء مصر والأردن والبحرين وعُمان، وأضافت إن بعض هذه البلدان تدرس إمكانيّة حضور الحفل ومن سيمثلها فيه.
وطبقاً لمسؤولين أمريكيين وأجانب، فإنّ صهر الرئيس سيخاطب عدّة زعماء عرب بأن إنشاء تحالف ضد إيران هو أفضل رهان لهم، وإن هذا التحالف سيكون بمثابة “بوليصة تأمين فعّالة” في حال تمكّن المرشّح الديمقراطي جو بايدن من الفوز بالانتخابات الرئاسيّة الأمريكيّة المقرّرة في تشرين الثاني المقبل.
لا يوجد في جعبة ترامب وصهره أسلوب أو طريقة لتشويق الدول الخليجية سوى معاداة إيران وإشعال النار تحت مصطلح “ايرانفوبيا” في محاولة لحشد هذه الدول ضدّ جارتهم المسلمة التي تدافع ليل نهار عن الأمة الاسلامية وتدعم القضية الفلسطينية بالأفعال وليس في الأقوال، وإذا دقّقتم في جميع تصريحات المسؤولين الإماراتيين والسعوديين تجدونهم يقولون أنهم يدعمون القضية الفلسطينية ولن يتخلّوا عنها، وأنّ هذا التطبيع مع العدو هو لخدمتهم، كيف ذلك؟، وفي الأمس جميعنا شاهدنا كيف وضع جندي إسرائيليّ ركبته على رأس مسنّ فلسطيني حتى خرج الدّم من جبينه، دون أن يهزّ لهؤلاء الزعماء شعرة، عن أي دعم لفلسطين يتحدّثون والفلسطينيون لا يحصلون على أدنى حقوقهم، حتى أن الضمّ الاسرائيلي لن يتوقّف وهذا ما قاله نتنياهو علانية، والذي يفاخر بهذه الصفقات المجانيّة التي تبرمها اسرائيل مع الإمارات وغيرها من الدول.
ذهاب كوشنر إلى السعودية ليس بريئاً وهناك صفقات تمّ عقدها في الكواليس، ستظهر تباعاً وفي الحقيقة ظهر توجّه السعوديّة العلني الداعم لإسرائيل وخطوة الإمارات والمعادية لفلسطين، فما إن تحرّك كوشنر وأنهى اجتماعه مع ابن سلمان حتى غازله الأخير وفتح أجواء المملكة رسميّاً للطائرات الإسرائيلية الذاهبة نحو الإمارات، حيث نقلت وكالة الأنباء السعوديّة الرسميّة (“واس”) عن مصدر مسؤول في الهيئة العامة للطيران المدني، بأنه صدرت موافقة الهيئة على الطلب الوارد من الهيئة العامة للطيران المدني الإماراتيّة، “والمتضمّن الرغبة في السماح بعبور أجواء المملكة للرحلات الجوية القادمة إلى دولة الإمارات والمغادرة منها إلى كلّ الدول“.
وعلّق رئيس الحكومة الإسرائيليّة، بنيامين نتنياهو، على القرار السعوديّ بالقول “اختراق ضخم“.
الأنكى من هذا والمؤلم أكثر أن المسؤولين السعوديين لا يتوقفون عن إعلان دعمهم للقضية الفلسطينية بعد كل خطوة داعمة يقومون بها تجاه العدو الاسرائيلي، ولا نعلم ما هو الدعم المقدّم للفلسطينيين بفتح اجواء السعودية للطائرات الاسرائيلية، وماذا قدمت المملكة حتى يخرج علينا وزير الخارجية السعوديّ، فيصل بن فرحان، ويقول إن مواقف بلاده “الثابتة” تجاه القضية الفلسطينية “لن تتغير بالسماح بعبور أجواء المملكة للرحلات الجوية القادمة لدولة الإمارات والمغادرة منها إلى كلّ الدول”، وأضاف أن بلاده “تقدّر جميع الجهود الرامية إلى تحقيق سلام عادل ودائم وفق مبادرة السلام العربية” دون أن يعلن صراحة عن موقف بلاده من التحالف الإماراتي – الإسرائيلي.