عدوان (الشرعية) ينتج إمارات القاعدة وداعش من حضرموت إلى عدن
بشكل أكبر تتضح الصورة اليوم أن العدوان السعودي الأمريكي أقام دولة التنظيمات الإرهابية في الجنوب وخاصة في حضرموت وكانت الشرعية ليست سوى مدخلاً توشحت به دول العدوان أمام العالم وعملت في الواقع على تثبيت تواجد القاعدة في حضرموت وتعامل النظام السعودي مع عناصرها بحضرموت باعتبارهم سلطة حقيقية أكثر مما تعاملت مع نزلاء فنادق الرياض من الفار هادي إلى أصغر نزيل في غرف الفنادق.
الصور التي توضح قيام عناصر القاعدة الاثنين الماضي بنقل دبابات على متن شاحنات عملاقة في وضح النهار بحضرموت أعادت من جديد إلى الواجهة قضية لم تتوارى عن أذهان اليمنيين بحقيقة قيام العدوان السعودي الأمريكي بتمكين تنظيم القاعدة وداعش على الأرض اليمنية على غرار ما حدث ويحدث في ليبيا وسوريا والعراق.
وأظهرت الصور دبابات على متن شاحنات عملاقة استولى عليها مسلحو تنظيم القاعدة من معسكر اللواء 27 وميناء الضبة بساحل حضرموت وقاموا بنقلها في وضح النهار إلى جهة غير معلومة بحضرموت حيث يتحكم التنظيم الارهابي بمجريات الأمور فيها ويقيم قادة التنظيم في القصر الجمهوري بالمكلا في صورة تكشف بوضوح تلك العلاقة بين العدوان والتنظيمات الارهابية.
وفقاً لما أعلنه تحالف العدوان عن أهدافه من الحرب يصبح طبيعياً كما هو في العالم أن تثبيت سلطة الدولة لا يمكن أن تتم في ظل تمدد للجماعات الإرهابية على رأسها داعش والقاعدة وما رآه اليمنيون هو أن طائرات العدوان شنت عشرات الآلاف من الغارات واستهدفت اليمن طولاً وعرضاً وقصفت أيضا كثير من المناسبات مواقع لعملائها في تعز ولحج ومأرب وأوقعت منهم عشرات القتلى والجرحى ما عدا حضرموت حيث تقيم القاعدة دولتها برعاية ملحوظة من العدوان وكذلك رعاية إقامة ولايات داعش في الجنوب.
وعجز النظام السعودي وتحالفه عن تحقيق أي تقدم سياسي أو عسكري للفار هادي والمرتزقة ولكنه حقق في مضمار توسع الجماعات الإرهابية الشيء الكثير باستخدام نفس الذريعة المتمثلة بـ”الشرعية” حتى طائرات بدون طيار الأمريكية التي يسعى الأمريكان من ورائها إلى إبقاء ذريعة تدخلها بالمنطقة “عجزت” عن رؤية قيادات القاعدة وهي تقيم بشكل طبيعي في القصر الجمهوري بالمكلا وتسيطر على الموانئ وتقيم تجارتها بشكل طبيعي.
وكانت خمسة أيام من العدوان كفيلة لفضح معالمه حيث هاجم مسلحو القاعدة في الثاني من ابريل الماضي هجوما شاملاً على المكلا عاصمة حضرموت وبدأوا بمهاجمة السجن المركزي ليحرروا 300 من عناصرهم أما مرأى طائرات العدوان وطائرات بدون طيار الأمريكي ليتجه القيادي في القاعدة خالد باطرفي إلى القصر الجمهوري ويلتقط لنفسه صوراً وهو يدوس على العلم الجمهوري في وقت كانت طائرات العدوان تشن عشرات الغارات على صنعاء وتعز وصعدة ومارب وعدن وشبوة وابين وباقي محافظات اليمن لكن خالد باطرفي بدا مطمئنا في القصر الجمهوري وعلى ثقة أن تلك الطائرات لن تنال منه بل وهو يعرف أنه جزء من مشروع العدوان.
في يونيو الماضي أي بعد شهرين على سيطرة القاعدة على المكلا نشرت جريدة الأخبار اللبنانية تقريرا تناول فيه الصمت الدولي إزاء سيطرة القاعدة على مناطق نفطية حسّاسة في حضرموت.
وقالت الصحيفة أن تلك التساؤلات تحيل على فرضيات تم تداولها بهذا الشأن، عن أن سيطرة التنظيم على المحافظة بعد خمسة أيام من بدء العدوان، جاءت نتيجة خطة سعودية أميركية تهدف إلى إبعاد منابع النفط عن متناول الجيش اليمن حيث بات التنظيم القاعدة يحصد عوائد كبيرة من إيرادات الضرائب التي تصل في اليوم الواحد الى 2 مليون ريال.
ويستغل التنظيم سيطرته على المدينة ومرافقها، ليقوم بإرسال شحنات أسلحة عبر سفنٍ يمتلكها مواطنون، يلزمهم كرهاً بإيصالها إلى عدن وأبيَن وشبوة. ويضغط القاعدة على مسؤولي فروع المؤسسات الحكومية في المحافظة لتوقيع صفقات ومناقصات تجارية بالقوة، مستغلاً اسم السلطات الرسمية لتأتي عوائدها لحسابها، فيما تتواصل الحركة التجارية عبر الميناء والسواحل الواقعة تحت سيطرته.
عضو وفد القوى الوطنية الى جنيف ناصر باقزقوز وفي حوار أجرته صدى المسيرة معه ونشرته قبل أيام يكشف أن النظام السعودي يفرض على مرتزقته المفاوضين خطوطاً حمراء تمنعهم من تناول سيطرة القاعدة على حضرموت في أي حوار في صورة تؤكد أن الرياض وواشنطن تسعيان إلى إبقاء سيطرة القاعدة على حضرموت خارج النقاشات.
وقال باقزقوز في ذلك الحوار “القاعدة تسيطر كلياً على حضرموت وما يجري في حضرموت يصعب على أي شخص شرحه، وهذا ما طرحته على طاولة المفاوضات وأغضب وفد الرياض لدرجة حصول مشادة كلامية بيني وبين عبد العزيز جباري أحد أعضاء وفد الرياض وكأنهم لا يريدون طرح ملف حضرموت بالمطلق على الرغم أنها واقعة تحت سيطرة تنظيم إرهابي يهدد سكانها بالموت والدمار”.
ووضع باقزقوز تساؤلات قبل أن يعود للإجابة عليها بنفسه حيث يقول:” لماذا كل موانئ اليمن خاضعة لحصار تحالف العدوان عدا موانئ حضرموت؟ لماذا لم يسمع أحد أن طيران العدوان شن ولو غاره واحده على تنظيم القاعدة في حضرموت على الرغم من أنها تتشدق وتدعي بأنها تحارب الإرهاب؟
إجابة عضو وفد القوى الوطنية عن تلك التساؤلات لم تكن استنتاجات وإنما نتيجة لقراءة الواقع والاحتكاك بممثلي الرياض ولذلك هو يقول ” الأمر بات جلياً للعالم أجمع بأن التغاضي عن القاعدة وداعش في اليمن يتم بغطاء سعودي وامريكي واضح للعيان وهذا ما لمسناه من خلال لقاءاتنا بسفراء الدول حيث أوضحوا لنا إدراكهم لهذه الحقائق.
وإذا كان العدوان السعودي الأمريكي لم يحقق إلى اليوم أي انجاز باتجاه هدفه المعلن بتمكين الفار هادي وحكومته على الأرض فإن العدوان قد حقق دولة القاعدة في حضرموت وهو يوجد اليوم دولة داعش والقاعدة معاً في الجنوب ويعتمد عليهما معا في تصفية القيادات الجنوبية التي يتم النيل منها يوميا في شوارع عدن.
*صدى المسيرة:إبراهيم السراجي