هذا ما يفسر إنتقام مرياع آل سعود من اقتصاد المملكة
ذمار نيوز || تقارير-جمال حسن ||
[3اغسطس 2020مـ -13 ذي الحجة1441هـ ]
يتواصل تدهور اقتصاد أكبر مصدر للبترول في العالم بسبب سوء تدبير ورعونة وتحجر عقول القائمين عليه ومسلسل الفشل الذي يلاحقهم من جبهة الى اخرى دون توقف حيث البداية سياسية لتقضي على أمل الانفراج الاقتصادي بالكامل لما يتحمل عبء المملكة من تكاليف باهظة جراء الحروب بالوكالة من العدوان على اليمن حتى حرب النفط ثم دعم الجماعات الارهابية الناشطة في الشرق الأوسط والقارة السوداء.
فقد أظهرت آخر بيانات مؤسسة النقد العربي (المركزي السعودي) عن هبوط كبير في حجم الاحتياطيات الأجنبية السعودية لأكثر من 51 مليار دولار خلال الأشهر الستة الماضية في حزيران/يونيو الماضي، أي الى 1677.9 مليار ريال (447.4 مليار دولار)، من 1684.9 مليار ريال (449.3 مليار دولار) في آيار/مايو.
هذا الكم الكبير من تبخر احتياطيات النقد الأجنبي لمملكة البترول خلال أشهر قليلة يضاف الى ما فقدته خلال السنوات الخمس الماضية، حيث أكدت تقارير مؤسسة النقد العربي السعودي (ساما) الى أن أكثر من 233 مليار دولار أمريكي قد فقدت خلال العهد السلماني من إجمالي الأصول الاحتياطية بعد أن كان قد بلغ 732 مليار دولار نهاية 2014.
ورغم أن الرياض لا تفصح عن حجم وكيفية توزيع أصول البلاد الاحتياطية بين العملات الأجنبية أو حتى طبيعة الأصول، نقدا أو سندات. لكن وزارة الخزانة الأمريكية تعلن شهريا استثمارات الدول في أذون وسندات الخزانة لديها، بينها السعودية، التي بلغت استثماراتها 123.5 مليار دولار في مايو/أيار الماضي في وقت يشهد اقتصاد الحجاز إنهياراً شديداً ما سيؤدي الى عجز يتجاوز الـ12% خلال العام الجاري.
الحكومة السعودية وبغية سد الفراغ الكبير في عجز موازنة البلاد للعام الجاري أقدمت على خطوات قاتلة ضد المواطن السعودي ما يرهقه بشكل كبير في الحصول على لقمة عيشه وقوته اليومي، بعد أن قامت برفع معدل الضرائب وأسعار المواد الأساسية والاستهلاكية والطاقة والأغذية والأدوية الى جانب قطع الدعوم الحكومية، معلنة موازنة 2020 بإنفاق 272 مليار دولار، مقابل إيرادات بـ222 مليار دولار.
وكان الكثير من المراقبين للشأن السعودي قد أكدوا مراراً أن تدهور الوضع الاقتصادي لأكبر مصدر للبترول في العالم يعود لسياسة مرياع آل سعود الذي يواصل الانتقام من شعب بلاد الحرمين والأسرة الحاكمة لـ”فقر” والده “بمقاييس أمراء الأسرة الحاكمة” عندما كان أميراً على الرياض حيث كان يستجدي مرتبه الشهري من أخيه عبد الله، فما كان من نجله إلا أن خطا نحو الاستيلاء على ثروة أمراء آل سعود الفاحشة وسجن بعضهم في “فندق ريتز كارلتون” بالرياض.
وأنطلق شاب آل سعود الطائش نحو توسيع ثرواته وممتلكاته في داخل الجزيرة العربية وخارجها، بعد أن استولى على الكثير من ممتلكات أبناء عمومته وأموالهم قدرت بأكثر من 197 مليار دولار ليضحى ثرياً بشكل خيالي لا يضاهيه أحد، وما امتلاكه لأضخم اليخوت في العالم، وقصراً فرنسيا، ولوحة فنية لليوناردو دافنشي تبرع بها لاحقا لدولة الإمارات؛ إلا نموذجاً صغيراً من سياسة الترف ولتبذير التي أخذ ينتهجها نجل سلمان انتقاماً للعقدة التي كانت تخنقه آنذاك- وفق ما ذكرته صحيفة “وول ستريت جورنال” الامريكية.
أما صحيفة “إنتليجنس أون لاين” كشفت في تقرير لها في يوليو الماضي أن ابن سلمان قام بتوظيف العديد من الجهات المتخصصة في مجال “استخبارات الشركات” وعلى رأسها شركة الاستخبارات الأمريكية “كي 2”، للتحري في أمريكا والعواصم الأوروبية منها لندن وباريس للعثور على الأصول الخفية المملوكة لأبناء الأسرة الحاكمة خاصة ما كان يملكه عمه عبد الله، وعلى الصناديق الائتمانية الغامضة المرتبطة بـ”جامعة الملك عبدالله للعلوم والتكنولوجيا”.
تزامناً مع ذلك كشف مسح لبيانات رسمية على موقع للبورصة السعودية “تداول” عن نتائج صادمة لست شركات سعودية كبيرة تنشط إحداها في مجال البتروكيمياويات، بنهاية النصف الأول من العام الحالي 2020، تؤكد خسائر تجاوزت 8 مليارات دولار بعد تراجع مبيعاتها بنسبة 70 بالمئة، جراء تطبيق خطة تقشف على نطاق واسع شملت زيادة ضريبة القيمة المضافة ثلاثة أضعاف إضافة الى إيقاف بدل غلاء المعيشة، وكذلك تأجيل إتمام بعض المشاريع الكبرى.
وفي خضم تدهور اقتصاد بلاد الحرمين تقدم مرياع آل سعود بعرض مغري بقيمة حوالي 5 مليارات دولار كان قد سرقها من مبيعات النفط خلال الآونة الأخيرة، ليصبح مالك نادي “نيوكاسل يونايتد” الذي ينافس في الدوري الإنجليزي الممتاز حيث باءت جهوده بالفشل، وفق ما ذكرته صحيفة “ذا صن” البريطانية التي قدرت ثروة محمد بن سلمان بعشرات مليارات الدولارات وهو واحد من أسرة آل سعود التي تصل قيمة ثروتها التي نهبتها من رمق أبناء شعبي الى ما يقرب من 1.4 تريليون دولار.
وقالت وكالة “جيتي” الاسبانية نقلاً عن شركة “براند فاينانس” للاستشارات التجارية، أن محمد بن سلمان يملك منزلين ضخمين في لندن ومجمع سكني في الساحل الجنوبي بإسبانيا، مشيرة الى أن حجم ثروة العائلة المالكة السعودية تفوق بحوالي 16 مرة حجم ثروة العائلة المالكة البريطانية (التي تقدر 88 مليار دولار). فيما أكثر من 40% من أبناء الشعب السعودي يعيشون تحت مستوى الفقر ويبحثون عن لقمة يومهم في مزابل الأمراء فيما تقدر قيمة “أرامكو السعودية” بأكثر من ترليوني دولار.
الوضع الاقتصادي في بلاد الذهب الأسود يزداد سوءاً ومرياع آل سعود يبحث عن فرصة لدعم الاقتصاد الأمريكي المتدهور بدلاً من البحث عن مسالك لتعزيز اقتصاد البلاد ورفع المستوى المعيشي للشعب، حيث كشفت وكالة “ستاندرد آند بورز” الأمريكية للتصنيفات الأنتمائية، عن ارتفاع كبير في دين حكومات دول مجلس التعاون برقم قياسي يبلغ حوالي 100 مليار دولار الى جانب تسجيل عجز بنحو 180 مليار دولار هذا العام، تكون حصة الأسد للسعودية.
الكثير منا لا يزال لا يعرف أو لا يريد أن يصدق الأعداد المنشورة بخصوص الكم الهائل من الثروة التي نهبها وسرقها آل سعود من لقمة عيش المواطن طيلة العقود الخوالي لتبلغ ذروتها خلال الحقبة السلمانية الحالية، فيما نحن نشد الأحزمة ونعيش تقشفاً لا يطاق، يبحث البعض منا في المزابل عن لقمة عيشه.
فقد نشر موقع وكالة “بلومبيرغ” الأمريكية تقريراً موسعاً بقلم الكاتب “ديفون بندلتون” الأستاذ بكلية لندن للاقتصاد “ستيفن هيرتوغ” وهو مؤلف كتاب “الأمراء والوسطاء والبيروقراطيون: النفط والدولة في المملكة العربية”، يستعرض من خلاله ثروة ولي عهد آل سعود وعن الامتيازات المالية الخاصة التي يتمتع بها، ويقول: أن ولي العهد والملك سلمان وحدهما يمتلكان وصولا مباشرا الى الموارد النفطية في السعودية.
وبالعودة الى أرقام السنوات الأخيرة، فإن ارتفاع الدين العام السعودي من 84.4 مليار دولار أمريكي قبل العهد السلماني الى 181 مليار دولار نهاية 2019، وفق أرقامٍ رسمية، يوضح أن البلاد كانت تعتمد بشكلٍ أساسي على الاستدانة طوال السنوات الأخيرة الماضية للتقليل من عجز ميزانيتها بسبب مسلسل الفشل العاصف في سياسة سلمان ونجله الطائش على مختلف المستويات.