مفاوضات سرية جديدة.. هل يستخدم الكيان الإسرائيلي آل سعود كحصان طروادة؟
ذمار نيوز || تقارير ||
[11 شوال 1441هـ ]
من ضمن ما أفرزه الربيع العربي من نتائج على المنطقة كان فضح العلاقات السعودية مع الكيان الإسرائيلي، فمنذ انطلاقته قبل نحو عقد من الزمن كان واضحًا زيادة التقارب بين الكيان الإسرائيلي ومملكة آل سعود، ومع أنّ المملكة تدعي أنّها لا تُقيم علاقات مع الكيان، غير أنّ الزيارات المُتكررة لضابط المخابرات السعودي ورئيس مركز الشرق الأوسط للدراسات الاستراتيجية أنور عشقي، وما تلاها من زيارات لمواطنين سعوديين إلى الكيان يشي بأنّ كافة تلك الزيارات لم تكن لتكون لولا القبول الضمني من ساسة المملكة بتلك الزيارات، ومن المتوقع أنّ سفر أنور عشقي ووفد من الأكاديميين ورجال الأعمال السعوديين إلى إسرائيل كان بموافقة ودعم من ساسة المملكة، حيث التقى عشقي خلال وجوده في القدس مسؤولون في وزارة الخارجية التابعة للكيان بالإضافة لمجموعة من أعضاء الكنيست.
محادثات سريّة جديدة
السيطرة المُطلقة لآل سعود على الحرمين الشريفين فتحت هيتها للسيطرة على الحرم الثالث، وبالطبع ليس محبةً بالقدس أو الأقصى، إنّما في محاولةٍ منها للوقوف في وجه الأتراك الذين اجتاحت أفكارهم البلدان الإسلامية، فكان لزامًا على آل سعود محاولة توجيه ضربة استباقية للأتراك والسيطرة على الحرم القدسي.
اليوم خرجت صحيفة “إسرائيل اليوم” لتؤكد وجود محادثات سريّة بين الكيان الإسرائيلي والسعودية تحت إشراف أمريكي، حيث أكدت الصحيفة أنّ الهدف من هذا الاجتماع تمهيد الطريق لسيطرة السعودية (بالإضافة للأردن) على الحرم القدسي في مواجهة تركيا التي تسعى إلى الهدف ذاته.
المحادثات التي بدأت في شهر كان الأول/ ديسمبر من العام الماضي وما تزال مُستمرة حتى الآن، تحاول فيها السعودية وبمُباركة من الأردن وضع ممثليها في مجلس الأوقاف الإسلامية في الحرم الشريف.
أحدٌ لا يستغرب الموقف الأردن في موافقتها على وجود مُمثلين لنظام آل سعود في إدارة الحرم القدسي، على الرغم من سيطرتها المُطلقة على الحرم، غير أنّ الملايين السعودية التي ستنهال على المملكة وعلى سكّان القدس فتح شهية الأردن للقبول بهذا الوجود، بالطبع شريطة عدم المساس بموقف الأردن في الحرم القدس
التاريخ الرسمي للعلاقات
منذ ثمانينيات القرن الماضي أظهرت سلطات آل سعود موقفًا تصالحيًا نسبيًا تجاه الكيان الإسرائيلي، حيث عرضت مبادرة الأمير فهد لعام 1981، وخطة فاس لعام 1982، وخطة الملك عبد الله، التي أصبحت مبادرة السلام العربية في عام 2002، الاعتراف بإسرائيل مقابل قيام دولة فلسطينية والانسحاب الكامل من جميع الأراضي التي تم الاستيلاء عليها عام 1967، قادة الكيان الإسرائيلي علنًا أبدوا القليل من الاهتمام، ونشرت الصحف محاضر اجتماعات سريّة بين مسؤولي الكيان ومفاوضون سعوديون في العام 2006-2007، وذلك بهدف جعل مبادرة آل سعود للسلام أكثر قبولا بالنسبة للكيان الإسرائيلي، وتطور الأمر لدرجة أنّ رئيس وزراء الكيان في العام 2008 أولمرت عرض ضم علماء دين سعوديين إلى لجنة من الزعماء الدينيين الذين يديرون الأراضي المقدسة في القدس الشريف.
وفي مايو من العام 2013، جرى التباحث حول عقد اتفاقية دفاعية بين الكيان الإسرائيلي ومملكة آل سعود والإمارات، وتتضمن تلك المباحثات تبادل معلومات محطة الرادار والدفاع الصاروخي، وفي أكتوبر الماضي، ذكرت القناة الثانية في الكيان الإسرائيلي أن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو كان يشرف على “اجتماعات مكثفة” مع مسؤولين خليجيين بارزين حتى أن أحدهم زار إسرائيل لهذا الغرض.
حصان طروادة
إذا كان هدف مُحادثات اليوم وكما قالت الصحيفة العبرية وضع ممثلي آل سعود في مجلس الأوقاف الإسلامية في الحرم الشريف، لكن أحداً لم يسأل عن الفائدة التي سيجنيها الكيان من عقد هذه المحادثات، أو حتى وجود السعوديين في مجلس الأوقاف الإسلامية في الحرم الشريف، الجواب على هذا السؤال واضحٌ للغاية (حصان طروادة) هذه هي الفائدة التي سيجنيها الكيان الإسرائيلي من آل سعود.
لن يجد اليهود أفضل من مملكة آل سعود لتلعب دور حصان طروادة كي يتمكنوا من النفاذ إلى المجتمعات العرية والإسلامية، حيث أنّ موافقة السعودية على التطبيع مع الكيان من شأنها أنّ تُثير القلاقل على الأقل بين العرب والمسلمين حول هذا التطبيع، خصوصًا لما يُمثله وجود الحرمين الشريفي (مكة والمدينة) على أراضي السعودية.
ساسة الكيان علموا هذه الحقيقة وباتوا يُحاولون اللعب على هذا الوتر، لبث روح الفتنة والفرقة بآنٍ معاً داخل المجتمعات العربية والإسلامية، مع محاولة إغراء آل سعود بأهمية السيطرة على الحرم القدسي، وبدأوا يُزينون لهم هذا الوجود كونهم علموا أنّه من الممكن في المستقبل أنّ يتنازل آل سعود عن الحرم القدسي لصالح مشاريع الضم الإسرائيلية التي لن تنتهي حتى التهام فلسطين عن بكرة أبيها.