الخبر وما وراء الخبر

خفايا الصراعات القادمة في خطاب السيد حسن نصرالله

26

– الجميع يعلم أن الأوضاع في المنطقة على صفيح ساخن، وان احتماليات الحرب لاتزال قائمة في ظل الفوضى التي تسعى القوى الكبرى للحفاظ عليها في الشرق الأوسط، ولكن المفارقة في هذه المرحلة ان الدول الكبرى لم يعد مرحب بتواجدها عسكريا في المنطقة، لاسيما الولايات المتحدة الامريكية على اعتبار ان وجودها لم يقدم اي حل لأزمات المنطقة بل على العكس تماما وسع الهوة وزاد من الشرخ الموجود، وهذا ما أدركه الشعب العربي على العموم، ومن هنا بدأت المطالبات بإخراج هذه القوات في السلم قبل أن يتم اخراجها بالحرب واذلالها كما فعل “حزب الله” اللبناني باسرائيل على مدى العقود الماضية، حيث أثبت للجميع أن المقاومة وفرض معادلة القوة والردع هي السبيل الوحيد لردع اي عدوان خارجي من المس بسيادة الدول العربية، وجميعنا نشاهد هذه الأيام كيف ان الولايات المتحدة الامريكية تبتز أقدم حلفائها وتهددهم باخراج قواتها من اراضيها اذا لم تخضع لشروطها.

النقطة الاخير جدا مهمة وما فعله الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مع السعودية في الفترة الماضية، كان كفيل ليفهم القاصي والداني كيف تبني الادارة الامريكية علاقتها مع الدول الحليفة، وهنا السؤال من هو الشعب العربي الذي يرضى بأن تتعرض بلاده لهذا الذل من قبل دولة أجنبية بغض النظر عن اسمها؟.

الأمر الثاني؛ دعونا نلقي نظرة على ما تريد ان تفعله “اسرائيل” في الفترة المقبلة مع الاردن وفلسطين، من خلال تحضيراتها لضم اجزاء من الضفة الغربية، وايجاد وطن بديل للفلسطينيين على حساب الاردن، وتهجير آلاف الفلسطينيين مجددا وتدمير عملية السلام التي لم تكن قائمة ولايوم من الايام، وانما كانت حيلة اسرائيلية محضة غايتها نهب خيرات المنطقة والاستيطان على اراضيها بأقل الخسائر، وجميعنا نشاهد اليوم كيف ان “اسرائيل” تمزق جميع الاتفاقيات الدولية دون ان تأبه بأي شيء، وبالتالي من لم يتخذ من المقاومة لهذه المشاريع نهجا له سيكون في مأزق في الفترة المقبلة، ونحن نعتقد بأن الاردن سيذهب في هذا الاتجاه للدفاع عن سيادته وحماية اراضيه.

قدرات المقاومة

المقاومة في كل من لبنان والعراق وفلسطين أثبتت أنها اكثر فعالية من اي معاهدات أخرى، وان هذا العدو المعتدي لايفهم لغة السلم، وما فعله “حزب الله” خير مثال على أهمية خيار المقاومة ومدى فعاليته ضد العدو، ولنفترض جدلا أن “حزب الله” لم يكن موجودا عندما اجتاح العدو الصهيوني لبنان في عام 1982 كيف سيكون مصير لبنان ومستقبله، الم تكن “اسرائيل” تريد له ان يصبح فلسطينا جديدة، هل سيتحرك المجتمع الدولي لانقاذ لبنان، بالطبع لا، وما يجري في فلسطين خير دليل على ذلك.

ما يميز المقاومة اللبنانية ليس فقط تعاظم قدراتها العسكرية، وانما الحاضنة الشعبية التي تحملت جميع الظروف لاحتضان المقاومة وحمايتها والدفاع عنها، وهذا ما عبر عنه السيد حسن نصرالله في لقائه الاخير مع اذاعة النور، حيث قال الامين العام لحزب الله، إن “الروح التي انتصرت على العدو ما زالت موجودة وثقتنا كبيرة جداً بالمقاومين، وببيئة المقاومة”.

وأكد السيد نصرالله في الذكرى الـ20 لعيد المقاومة والتحرير، أن “الظروف الصعبة التي تحملتها المقاومة لم تكن على المقاومين فقط بل أيضاً على بيئة المقاومة”، مشيراً إلى أنه “رغم كل محاولات سلخ المقاومة عن بيئتها سيبقى الجانب الروحي في صلب ماهية المقاومة، والعامل الأول في أصل المقاومة هو الحفاظ على روحها بكل أصالتها وقوتها”.

وأضاف السيد نصرالله أن “وزير الحرب الإسرائيلي اليوم لديه تجربة كبيرة من الخيبة في جنوب لبنان خلال فترة الاحتلال، وعبارة إسرائيل أوهن من بيت العنكبوت جاءت في وقتها تزامناً مع هزيمة الجيش الإسرائيلي،”.

وتابع: “القيادات الرئيسية الاسرائيلية اليوم عاشت التجربة والإعلام الإسرائيلي إلى الآن يتحدث عن خطاب بيت العنكبوت”، لافتاً إلى أن “الانسحاب الإسرائيلي عام 1985 نحو الشريط الحدودي المحتل لم يكن منّة من إسرائيل”.

وشدد السيد نصرالله على أن “الردع الموجود ضد العدو هو نتيجة المعطيات الواقعية وليس نتيجة خطابات”، معتبراً أنه “منذ عام 1982 كانت المقاومة ترى ما جرى عام 2000 من بداياتها المتواضعة، وأداء المقاومة عام 2000 جنّب لبنان حرباً أهلية طائفية خطط الإسرائيلي لإشعالها”.

كما شدّد على أن المقاومة “لديها اليوم قدرات عسكرية لم تكن موجودة قبل العام 2006 ولديها تطور في حرب الأدمغة وفي الخطط والبرامج والكم”، مؤكداً أن “إسرائيل تعرف وتقول إن المقاومة ازدادت قوة باضعاف مضاعفة”.

وقال “بالنسبة لي فإن مشهد الصهاينة وهم يعودون إلى البلاد التي أتوا منها هو مشهد قطعي”.

وأشار إلى أن “إسرائيل قبل الـ 2000 ليس كما بعد 2000 وهذا باعترافهم أيضاً، وستُقهر في أي معركة مقبلة إن شاء الله، وعندما يضعف العامل الخارجي الذي تستند عليه إسرائيل فهي ستنهار”، معتبراً أن “حضور أميركا المباشر إلى المنطقة هو تعبير عن ضعف حلفائها وهو مؤشر قوة لمحور المقاومة”.

النقطة الاخيرة التي تحدث عنها السيد حسن نصر الله غاية في الاهمية، وهي بيت القصيد في المرحلة القادمة، على اعتبار اننا جميعا نعرف الظروف التي جاءت فيها “اسرائيل” الى المنطقة وكيف تم زرعها في هذه المنطقة، وبالتالي وكما ذكر الامين العام لحزب الله، ان اي خلل تتعرض له الدول الحامية والداعمة لهذا الكيان الغاصب ستتغير المعادلة برمتها، وسيبدأ كيان العدو ينهار من الداخل، والظروف الحالية ذاهبة بهذا الاتجاه، قد لاتكون النتائج سريعة لكنها ستتحقق، فالولايات المتحدة الامريكية لم تعد تملك نفس التأثير السابق لها في المنطقة، وهي تعاني من ازمات داخلية حادة قد تشل تحركاتها الخارجية لعقود طويلة وتحسر تدخلاتها بشؤون الدول الاخرى، خاصة بعد ان نهشت جائحة “كورونا” الاقتصاد الامريكي ولن تظهر نتائجه بالقريب العاجل، لذلك علينا ان ننتظر ونرى ماذا سيحدث، وقد يعود الصهاينة الى الدول التي جاؤوا منها دون اطلاق رصاصة واحدة، وربما سيكون اطلاق الرصاص الوحيد فرحا بالنصر القادم.