كورونا وسيناريوهات الحرب على اليمن
بقلم || أسماء الشهاري
كورونا الاسم الأكثر انتشارًا ورُعبًا على مستوى العالم، والذي تمكن من توحيد البشرية، على معرفة “ماذا يعني الألم؟” في حين لم يتمكن شيء من توحيدها لعقود من الزمن بعد أن نست إنسانيتها وفقدت آدميتها.
لست بصدد التحدث عن كورونا من الناحية الاقتصادية أو الاجتماعية وغيرها الكثير مما يطول شرحه، ولكن من الناحية السياسية، فكورونا الذي ضعفت في مواجهته مجموعة من كُبريات الدول في العالم وتلاشت هيبتها أمامه، هل سيكون هو السبب في انتشال دول أخرى من غياهب التيه والتخبط والضياع، وهل سيشكل لها بارقة أمل؟
فعلى سبيل المثال يترأى لنا الملف اليمني بمستجداته الجديدة على الساحة، بعد إعلان من هنا وإعلانات من هناك، الملف اليمني الساخن بأحداثه المتغيرة كثيراً والمفاجئة أحيانًا أخرى.
فمع استعداد الرياض للإعلان عن وقف إطلاق النار مساء يوم الأربعاء كما هو مزعم، لمدة أسبوعين قابلة للتجديد، ورغم أن ذلك يحمل العديد من التفسيرات كما يرى مراقبون، إلا أن صنعاء تفاجئها بتفسير واحد لا يقبل المزايدة ولا أي رهانات أخرى، لخصتها وثيقة الرؤية الوطنية التي أعلن عنها مساء ذات اليوم، وحتى قبل أن تعلن الرياض عن مبادرتها.
لا مكان للحلول المجتزئة أو الترقيعية، هذا ما أعلنته صنعاء مُقدمةً رؤية وطنية شاملة للأمم المتحدة لوقف شامل للحرب وإنهاء كامل للحصار، العديد من النقاط التي تم طرحها في الوثيقة وكل ما فيها مهم من وجهة نظرها ولا يمكن التغاضي أو التنازل عنه.
المحافظة على وحدة البلد وسلامة أراضيه وفق سيادة كاملة والتأسيس لحوار سياسي يمني يمني تمهيدًا للمرحلة الانتقالية الجديدة، ولأن الشعب هو المحور الأساس لهذه الوثيقة، فإن أي حل غير ممكن إلا بعد موافقته واستفتائه عليه.
إذن وقف إطلاق النار في جميع الجبهات، ورفع الحصار الجوي والبحري والبري، وتنفيذ إجراءات بناء الثقة، ومنها صرف جميع مرتبات الموظفين غير المسلمة في جميع القطاعات، وإعادة الإعمار وجبر الضرر، والكثير من بنود هذه الوثيقة التي تسعى لمعالجة تبعات وآثار ما خلفه العدوان على اليمن أرضاً وإنسانًا مُعللةً ذلك بأن أي جهود لا تسعى للترميم فستبوء بالفشل كسابقاتها من المفاوضات.
وقبل الغوص في أغوار بقية بنود هذه الوثيقة تظهر جليًّا اللغة الواثقة التي تتحدث بها الحكومة في صنعاء، وكأنّه ليس لديها أدنى استعداد أن تتنازل عن شيء منها، وكأنّ الكرة في ملعبها، فهي لن تقبل بأي حال المبادرات التي ترى السعودية أنها تتكرم بها، إذا جاءت منقوصة غير مكتملة، وإذا لم توافق الإرادة اليمانية.
وبينما نحن أمام متغيرات مستمرة ومتسارعة في القوى والموازين، تقول السعودية إنها تقدم مبادرتها استجابةً لدعوات الأمم المتحدة لأطراف الصراع في اليمن إلى وقف فوري لإطلاق النار، لحماية اليمنيين من احتمال انتشار فيروس كورونا.
وأمام مأزق السعودية في حربها على اليمن وانعدام فرص خروجها منها بماء الوجه، هل يمثل كورونا فرصة لها لتتخلص من أعباء تكاليف هذه الحرب مسدودة الأفق إلا بالمزيد من الغرق والضياع لها فيها، أم أن فترة الأسبوعين كما يراها البعض كي تعيد دول تحالف العدوان لملمة نفسها في استكمال هذه الحرب بعد أن باغتها كورونا، وهل ستُقابل الشروط والإملاءات اليمنية بالقبول، أم سيكون للطيران المسير والقوة الصاروخية اليمنية الكلمة الفصل التي ستفرضها عنوة رُغمًا عن جميع الأطراف في هذا العالم.
من يدري. إنَّ غداً لناظره قريب