الخبر وما وراء الخبر

🚷 الحياة في زمن الكورونا

17

✍🏻 عبدالملك سام

📰 الجلوس في البيت، والخروج الحذر الذي أصبح يقتصر على أماكن محدودة فقط.. أصبحت هذه سمة الحياة لدى معظم البشر هذه الفترة، إلا أنها صارت أكثر تعقيدا لدى بعض الأمم التي أنتشر كورونا او (كوفيد-19) فيها بشكل واسع، فحياة الناس أصبحت على المحك، خاصة أولئك الأطفال وكبار السن والمصابين بأمراض مزمنة، ومن الغريب ما نسمعه من أفكار شاذة لدى بعض الغربيين الذين باتوا يتحدثون عن “الأنتخاب الطبيعي” و”البقاء للأقوى”!! من قال أن الأفكار النازية المجنونة أندثرت؟!!

أن تجلس في بيتك لهو أمر بالغ الصعوبة للبعض، خاصة اولئك الذين لم يعتادوا تزجية الوقت في المطالعة والقراءة، وهي برأيي فرصة لتغيير بعض السلوكيات العبثية التي نمارسها بأصرار طوال الوقت، وربما خرجنا من هذه المحنة وقد أرتفع عدد المثقفين في مجتمعنا خاصة ونحن أقل الأمم قراءة على مستوى العالم!! فالأنسان قادر على التأقلم مع أي أسلوب حياة جديد، فقط بمرور بعض الوقت سنعتاد الوضع الجديد، وصحتنا وصحة من حولنا أولا..

هناك فائدة أخرى من بقائنا في المنازل ألا وهي الجلوس مع أفراد أسرنا، وهي متعة اكتشفتها مؤخرا عندما وجدت أني أعرف أقل مما أعتقدت أني أعرفه بكثير! ورؤية هؤلاء الأحبة تجعلك أكثر اصرارا على الجلوس في البيت، خاصة وأنت تخاف أن تكون السبب في أن تنقل لهم أي عدوى من خارج المنزل، ولمعرفتك بالطبيعة الشيطانية لهذا الوباء الذي بأمكانه أن ينتشر منك إلى الآخرين قبل أن تكتشف أنك مصاب به! حتى أن الواحد منا يسأل نفسه بدهشة أين كان طوال تلك الفترة الماضية؟!

هناك فائدة مهمة وراء هذا الأسلوب الجديد في العيش، فنحن أصبحنا أكثر حرصا على النظافة، وقل عدد الباصقين على الأرض، وأصبح الناس يعطسون او يكحون بشكل مؤدب أكثر، وبسبب قلة التنقلات صار الجو أقل تلوثا، كما أن الصابون والمنظفات أنتشرت في المحلات والمنازل بشكل ملفت، بل أن العديدين – تخيلوا ذلك – اصبحوا يحملون المعقمات في جيوبهم، وامتنع الكثير منا عن شراء المواد المكشوفة، وأصبح الشخص المهمل لنفسه ولنظافته الشخصية محلا لنظرات الشك والأنتقاد.. كما أصبح الناس يتابعون بحرص تلك المنشورات الصحية، ويبحثون عن أساليب الحياة والتغذية الصحية.

أما النعمة العظيمة فهو ما نراه من عودة الكثيرين حول العالم للسلوك السوي بعد أن أصبحوا يخافون على حياتهم، وبدأت مجتمعات عدة تقلل من نظرتها المادية الأنانية لكل شيء فالغني والفقير يتساوون عند الموت، وهاهي مجتمعات كانت غارقة في ملذاتها الدنيوية تهتم بالجانب الروحي، ومع أستمرار هذا الوباء في الإنتشار أكثر سنرى عودة الكثير من الأمم إلى الله أكثر، وفي أقل تقدير سنرى مستوى الشر يقل عما كان عليه، أقول “ربما” لأن هذا هو المفترض بالبشر أن يكونوا عليه! أما نحن في اليمن الحبيب فالله معنا ولن نخيب أنشاء الله، والعودة إلى الله ضرورية في كل الأوقات.. نسأل الله أن يحفظ بلدنا وشعبنا من كل مكروه.

أحب أن أشير لنقطة أخيرة وهي ما نشاهده من مبالغة البعض في تخزين المواد الغذائية والصحية! وهذا جانب سيء لا يليق بنا ونحن من مررنا بأقسى الظروف من قبل، من الجيد أن تشتري ما تحتاجه حتى لا تضطر للخروج مرارا لتبتاع ما تحتاج، ولكن في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التي تسبب بها العدوان والحصار، ومن باب الإنسانية ونحن نشاهد ضعف الكائن البشري، يجب أن نشعر ببعضنا، ونحرص ألا يتسبب جشعنا لأرتفاع الأسعار، ومواجهة الكورونا تحتاج تعاون على أرقى مستوى أنساني كون فرد واحد مصاب في البلد يعني أن الخطر مازال قائما! ومخزون نصف شهر يكفي صدقوني.. ودمتم بخير.