الخبر وما وراء الخبر

الدفاعات الجوية .. بُعثَتْ من تحت الركام وأُعيدَ بناؤها من الصفر لتصفير أهداف العدوان

62

القائد : بلدنا اليوم يصنع ويمتلك تقنيات وقدرات لا يمتلكها السعودي والإماراتي

تطوير ٤ منظومات دفاعية غيرت معادلة معركة الجو وبدأت تحييد طيران تحالف العدوان

راهن العدوان على السيطرة الجوية بحشده 281 طائرة عسكرية متنوعة من 17 دولة

إصابة وإسقاط 15 طائرة حربية و30 مروحية عسكرية و14 درون و153 تجسسية واستطلاعية

237 عملية تصدٍ واعتراض لطائرات العدوان وإجبارها على مغادرة الاجواء خلال 2019م

منظومتا “ثاقب1″ و”فاطر 1” رفعتا وتيرة إسقاط طائرات العدوان وبقيتا منظومتين لم تدشنا

العميد الشامي:

تعرضت القوات الجوية لاستهداف ممنهج ودمر العدوان منظوماتها ليلة 26 مارس

العميد راشد:

تم تدمير3000 صاروخ إستريلا و1500 صاروخ سام بإشراف امريكي قبل 2015م

قلصت الدفاعات الجوية غارات طيران العدوان من (15٫353) عام 2018م إلى (6534) عام 2019م

شهدت الأعوام (2011-2014م) تدمير 10 طائرات عسكرية يمنية وتفجير وإحراق 4

وزير الدفاع:

العمل جارٍ على تحييد طيران العدوان عن الاجواء اليمنية بنسبة 100% خلال 2020م

العميد سريع:

2020م سيكون عاماً للدفاع الجوي ونشر منظوماته في جميع المناطق اليمنية

تخطت محصلة حصاد الدفاع الجوي اليمني لطائرات تحالف العدوان السعودي الإماراتي الأمريكي 212 طائرة عسكرية متنوعة الطراز وبلد التصنيع حصدتها الدفاعات الجوية اليمنية طوال 5 سنوات، وفق ما أظهره رصد نفذته صحيفة “الثورة” لبيانات وزارة الدفاع ومتحدث القوات المسلحة اليمنية وناطق القوات الجوية اليمنية، وتتبع عمليات الدفاع الجوي الموثقة بالصور، منذ بدء العدوان عشية 26 مارس 2015م وحتى 31 ديسمبر 2019م، اتخذ منحى تصاعديا كما وكيفا، من حيث السلاح المستخدم وعدد الطائرات وأنواعها التي تشكل أحدث الصناعات الأمريكية والأوروبية والصينية.

ويأتي هذا الحصاد المتواصل رغم تعرض القوات الجوية اليمنية عموما ووحدة الدفاع الجوي خصوصا لاستهداف ممنهج منذ العام 2011م، شمل تدمير واسقاط طائرات عسكرية وتفكيك وتدمير صواريخ دفاع جوي وتصفية طيارين، قبل أن يُجهز تحالف العدوان في أيامه الثلاثة الأولى على ما تبقى من قدرات اليمن الدفاعية الجوية بغارات مكثفة حشد لها 281 طائرة وبلغ معدلها “120 غارة يوميا” استهدفت القواعد الجوية في العاصمة صنعاء والحديدة وتعز ومارب ولحج، ودمرت طائراتها ومعداتها ومنظوماتها، و19 لواءً من ألوية الطيران والدفاع الجوي.

استعادة القوات الجوية اليمنية قدراتها بوحداتها الثلاث (القوة الصاروخية الباليستية وسلاح الجو المسير والدفاع الجوي) رغم ظروف العدوان والحصار المحكم، وتسجيل عملياتها “تطورا ملحوظا” باعتراف ناطق تحالف العدوان؛ تثير حيرة المراقبين الإقليميين والدوليين، بوصفها أمرا “خارقا للعادة والتوقعات” و”انجازا بحكم الإعجاز بحسابات المتاح والممكن”. وفي حين يُجير العدوان هذا التطور إلى “خبرات وتقنيات إيرانية”؛ تؤكد دائرة التصنيع العسكري بوزارة الدفاع اليمنية، أنه “نتاج تطوير محلي بخبرات يمنية خالصة في معركة التحرر المستمرة”.

وجسد تفوق عمليات القوة الصاروخية الباليستية وسلاح الجو المسير والدفاع الجوي اليمني على التقنيات الأمريكية والأوروبية والصينية، إعلان السيد القائد عبدالملك الحوثي قبل عامين “امتلاك اليمن تقنيات لا يمتلكها السعودي والإماراتي وكثير من الدول”. كما أثبت “تغير معادلة معركة الجو وموازين القوة فيها باتجاه تحييد طيران تحالف العدوان 100% خلال 2020م”، وضاعف الخسائر المادية والبشرية لدول العدوان العسكرية الجوية، لتتجاوز “ملياري دولار ونحو 30 طيارا”، علاوة على اضطرارها “إبرام صفقات أسلحة ودفاعات جوية بعشرات المليارات”.

الثورة/ إبراهيم يحيى

ليلة الغدر

يتذكر اليمنيون عشية السادس والعشرين من مارس 2015م، بوصفها “ليلة غدر من كانوا أشقاءً، وصاروا بين ليلة وضحاها أعداءً يشنون عدوانا غاشما على اليمن”. اسموه “عاصفة الحزم”، وأعلن تدشين هجماته من العاصمة الامريكية واشنطن على لسان سفير السعودية حينها عادل الجبير، مؤكدا أن “قرار التدخل العسكري في اليمن (العدوان) يدرس منذ أشهر مع الحلفاء ومؤسسات الدفاع في الولايات المتحدة الامريكية والمملكة المتحدة البريطانية، وتنفذ عملياته بالتنسيق والتعاون المشترك معها”.

سعى تحالف العدوان منذ البداية إلى السيطرة على الأجواء اليمنية، وراهن على معركة الجو وحسمها لصالحه بشن غارات جوية مكثفة حشدت لتنفيذها 281 طائرة عسكرية متنوعة من الدول المنضوية في التحالف، وبواقع “120 غارة في اليوم” تعتمد على خدمات لوجستية استخباراتية وفنية وتقنية وتسليحية امريكية وبريطانية مباشرة، من بينها تأمين غطاء دولي سياسي على جرائم حرب استهداف الاحياء السكنية والمرافق والتجمعات المدنية في اليمن، وتفريق دماء اليمنيين ودمار مقدراتهم على جناة عدة.

تصدرت السعودية هذا الحشد للطائرات بواقع (150 طائرة حربية متنوعة و30 مروحية هجومية أباتشي وكتائب ومنظومات دفاع جوي داخل اليمن)، تلتها الإمارات (30 طائرة حربية ومروحيات عسكرية وكتائب ومنظومات دفاع جوي داخل اليمن)، ثم مصر (16 طائرة مقاتلة)، فالبحرين والكويت (15 طائرة حربية لكل منهما) وقطر (10 طائرات) والمغرب والأردن (6 طائرات لكل منهما) والسودان (3 طائرات)، بجانب مشاركة طائرات أمريكية وبريطانية وفرنسية واسرائيلية لم يعلن عنها رسميا تحالف العدوان، رغم ثبوت مشاركتها تباعا.

واستخدمت السعودية بجانب هذه الترسانة طائرات “بوينغ إي-3 سينتري” الخاصة بنظام الإنذار المبكر والتحكم والسيطرة، وطائرات الاستخبارات والإشارات من طراز “آر إي-3 إيه” والتي “قامت بدور الإعماء والتشويش لنظم الاتصالات والرادارات”، وطائرات التجسس والاستكشاف السعودية “آر إف-5” أو “عين النمر”، ونظام رادار (Erieye) للإنذار المبكر والتحكم، أستخدم لأول مرة في العالم في معارك حقيقية، علاوة على تأجير الولايات المتحدة الامريكية وبريطانيا وفرنسا اقمارا اصطناعية عسكرية لتحالف العدوان.

امتداد تدميري

جاء العدوان السعودي الإماراتي الأمريكي ليستكمل تفكيكا وتدميرا ممنهجين للجيش والأمن في اليمن، بدأا منذ العام 2011م تحت مسمى “إعادة هيكلة الجيش والأمن” بإشراف لجنة تضم مسؤولين عسكريين امريكيين وبريطانيين وسعوديين وأردنيين (دول تحالف العدوان لاحقا)، و”استهداف تجمع الإصلاح (الإخوان) بحملاته الإعلامية وميليشياته القبلية وتنظيم القاعدة، قيادات ووحدات الجيش والأمن واقتحام ونهب المعسكرات ومقرات قيادة المناطق العسكرية وصولا لاقتحام مجمع وزارة الدفاع نفسه”، و”إقصاء نحو 70 ألفا” و”اغتيال وإصابة نحو 4500 من منتسبيه”. حسب بيانات وزارتي الدفاع والداخلية.

طال هذا الاستهداف القوات الجوية اليمنية خلال (2011-2014م)، فتعرضت إلى “تدمير ممنهج” حسب تأكيد رئيس أركان القوات الجوية والدفاع الجوي العميد ركن طيار إبراهيم الشامي. كان ذلك عبر استهداف حافلتين لمنتسبي القوات الجوية بعبوتين واغتيالات لطيارين، وإسقاط 4 طائرات “سوخوي-22” وطائرة “ميغ-21” وطائرتي “أنتونوف-26” ومروحيتين عسكريتين، في تعز وأرحب ومارب وقاعدة العند في لحج ووسط 3 أحياء سكنية في العاصمة صنعاء، بجانب تفجير 3 طائرات “سوخوي-22” وطائرة “نورثروب F-5” وإحراق مروحية “ميل مي -17” في مرابضها بقاعدة الديلمي في صنعاء.

وفقا لمساعد متحدث القوات المسلحة اليمنية، العميد عزيز راشد فأن “اليمن قبل 2015 لم تكن لديه دفاعات جوية متطورة، وجميعها كانت دفاعات جوية تقليدية قديمة، منها سام2 وسام6، وسام7، وغيرها من الأسلحة”. مُضيفا في تصريح لوكالة “سبوتنيك” الروسية مطلع ديسمبر الفائت: “وقد دمرت قبل بدء العدوان، فتم تدمير 3000 صاروخ إستريلا (SA-7)و1500 صاروخ سام 2 في باب المندب بإشراف نائب وزير الدفاع الأمريكي، تحت مسمى هيكلة الجيش اليمني، وبمشاركة الخبراء الأردنيين في حينها والأمن القومي اليمني”.

ومع أن غارات طيران تحالف العدوان منذ اليوم الأول قصفت مرافق الأمن والقوات المسلحة في اليمن، بما فيها الأمن المركزي والشرطة العسكرية، في توجه “يخدم الفوضى وتمكين عناصر تنظيم القاعدة”؛ إلا أنه كرس معظم غاراته لأجل أهم اهدافه المعلنة “تحييد (تدمير) القواعد الجوية والطائرات ومراكز العمليات والقيادة والسيطرة والاتصالات، والصواريخ البالستية”. وقد أكدها سفير السعودية بواشنطن قائلا: “العملية العسكرية تهدف لتدمير الأسلحة التي قد تشكل خطراً على المملكة سواء أكانت أسلحة جوية أو صواريخ بالستية”.

تدمير شامل

استهدفت طائرات تحالف العدوان في اليوم الأول قاعدة الديلمي الجوية بصنعاء، ودمرت هنجر التسليح وطائرات حربية “ميج-29″ و”سوخوي-17″ و”نورثروب F-5” من أصل 275 طائرة تابعة للقوات الجوية اليمنية، وغرف العمليات والسيطرة ونظم ومراكز الاتصالات العسكرية ومدرج القاعدة، والألوية (101 و110 دفاع جوي و4 و6 و8 طيران)، وهنجر الصيانة باللواء الثاني طيران، ومقر قيادة القوات الجوية، ورادار جبل النبي شعيب واللواء 101 شرطة جوية، وموقع دفاع جوي في بيت عذران غربي صنعاء، ومدرج مطار صنعاء الدولي المدني، واقترفت اول مجزرة بحق المدنيين في حي “بني حوات” شمالي مطار صنعاء.

واصلت غارات تحالف العدوان الكثيفة طوال الثلاثة الايام الأولى استهداف مقدرات اليمن العسكرية الدفاعية وبخاصة الجوية، فقصفت الدفاعات الجوية وبطاريات “صواريخ سام” في قاعدة الديلمي الجوية، ولواء الدفاع الجوي في معسكر السبعين واللواء 140 دفاع جوي في ضلاع شملان واللواء 160 دفاع جوي في معسكر الصمع بمديرية ارحب، ومقر كلية الطيران والدفاع الجوي. وألوية الصواريخ في فج عطان، جنوب غرب العاصمة صنعاء، ودمرت مدرج مطار الحديدة الدولي وقاعدة الحديدة الجوية (اللواءين 67 و68 طيران واللواءين 65 و130 دفاع جوي واللواء 22 رادار)، ومواقع للدفاع الجوي بميناء الصليف.

كما دمرت غارات تحالف العدوان قاعدة طارق الجوية في تعز، بما فيها من معدات عسكرية وأسلحة وطائرات واللواء 170 دفاع جوي. ومنصة صواريخ الدفاع الساحلي في مدينة المخا المطلة على باب المندب غربي محافظة تعز. واستهدفت مطار صعدة ومحطة الكهرباء والغاز والمواقع والمرافق الامنية والعسكرية، وقاعدة اللواء 180 دفاع جوي في محافظة مأرب ودمرت محطة رادار في صافر، ومقر قاعدة العند الجوية في لحج واللواءين 39 و90 طيران واللواءين 201 و210 مشاة ميكا. وأعلن التحالف الأجواء اليمنية منطقة محظورة.

مواجهة التحدي

مع ذلك لم يرفع الجيش اليمني وقواته الجوية الراية البيضاء، كما كان يتوقع تحالف العدوان. وتظهر وقائع المواجهة استبسالا منقطع النظير لم تدخر فيه وحدة الدفاع الجوي ووحدات الجيش واللجان الشعبية جهدا أو وسيلة متاحة إلا واستخدمتها في مواجهة اسراب طيران تحالف العدوان وغاراتها التي بدأت “بمعدل 120 غارة يوميا” حسب ما أعلن ناطق التحالف حينها العميد احمد عسيري. متباهيا بأن “قوات التحالف استطاعت فرض سيطرة جوية كاملة على الأجواء اليمنية خلال 15 دقيقة”، مردفا: أن “طيران التحالف يحلق بحرية كاملة”.

استخدمت في مواجهة غارات طيران تحالف العدوان، كل الاسلحة المتاحة، من جانب القوات الجوية ووحدة الدفاع الجوي، ووحدات الجيش واللجان الشعبية، وكذا من جانب المواطنين في المحافظات أيضا، بدءا من الصواريخ المحمولة على الكتف، وما تبقى من صواريخ أرض- جو “سام”، وغيرها من أسلحة الدفاع الجوي التي جرى تفكيكها وتدميرها قبل بدء شن العدوان، ومرورا بالقناصات المطورة محليا ليصل مداها إلى (5 كم)، وبالطبع المدافع الأرضية المضادة للطيران.

ظلت المدافع الأرضية المضادة للطيران العلامة الأبرز في المواجهة خلال العام الاول وبداية العام الثاني للعدوان. كانت أشبه بصافرات الإنذار للمدنيين بوجود غارات جوية، ودفاعا يعكس حضور الدولة واحتفاظها بسيادة أجوائها. سجلت حضورا كثيفا وعزما قويا على التصدي لغارات العدوان وهمة عالية لاعتراض طائراته بل ومحاولات حثيثة لإسقاطها. رغم تعرض العشرات منها لقصف غارات طيران العدوان، واستشهاد وإصابة عدد من أفرادها وفق أنباء لم نستطع التحقق منها.

تصدٍ واعتراض

استمرت وحدة الدفاع الجوي في التصدي لغارات طائرات العدوان بما نجا مما لديها من مدافع مضادات أرضية على قمم الجبال، وتحديدا بثلاثة أنواع منها، أولها مدفع زيو ثنائي 23 ملم (Zu-23-2) الذي يتراوح مداه عياراته بين (2.5-3.5) كم أفقيا وعاموديا، وبسرعة إطلاق ذخيرة تصل حتى 800-1000طلقة في الدقيقة. بجانب مدافع شيلكا (ZSU-23-4) السوفيتية أيضا، والتي يبلغ أقصى مدى أفقي لقذائفها 7 كم، وعامودي 5.1 كم.

مدفع مضاد للطائرات ثالث سجل حضورا في مواجهة غارات طيران العدوان مع بداية العام الثاني (2016) هو مدفع بوفورز 40 ملم (A Bofors L/60) السويدي الصنع، ويصل مدى قذائفه إلى 23.500 قدم (7.160 متر). قبل أن تتمكن وحدة الدفاع الجوي من معالجة وتشغيل ما تبقى من صواريخ أرض- جو “سام” الروسية، وتطويرها بتقنيات محلية، مازالت تثير دهشة وحيرة المتخصصين والمراقبين.

ورغم أن تحالف العدوان ظل يتباهى على لسان ناطقه بأن طائراته “دمرت في الساعات الأولى كافة منظومات وأسلحة الدفاع الجوي وفرضت سيطرة مطلقة على كامل الأجواء اليمنية”، وبقي يستهين بمقدرات الجيش اليمني ويسخر من مدافع المضادات الأرضية للطيران بوصفها “مدافع قديمة ومتهالكة غير مؤثرة أمام إمكانات طائرات التحالف الحديثة”؛ إلا أنها في الواقع أرهقت طائراته.

بدا أن المضادات الأرضية التي استمرت يقظة وكثيفة، شكلت ازعاجا بل وتهديدا لطيران العدوان. تجلى ذلك في شن وسائل إعلامه حملات مكثفة تحت عناوين عدة أبرزها: “المضادات تنصب في أسطح المنازل” و”المضادات الارضية تنتشر وسط الأحياء السكنية وترعب المدنيين”، وصولا إلى أن “راجع قذائف مضادات الطيران سبب 90% من القتلى والجرحى المدنيين”!.

فعليا، وقعت في الأحياء المحاذية للجبال حوادث إصابات ووفيات بينها أخ لمعد هذا التحقيق، بشظايا راجعة لقذائف مضادات الطيران. لكن زعم “90% من الاصابات غير وارد ولم يسجل في أي حرب بما فيها الحرب العالمية الثانية” حسب خبراء عسكريين، ومع ذلك فقد توقف استخدام مضادات الطيران الأرضية، مع بواكير جهود تطوير وتصنيع منظومات دفاع جوي محليا، وتتابع مخرجاتها.

وفقا لمتحدث القوات المسلحة اليمنية العميد يحيى سريع، فقد نفذت الدفاعات الجوية اليمنية 403 عمليات تصد واعتراض ناجحة لطائرات العدوان المتنوعة بينها F16 و F15 SA و فانتوم وتورنادو وتيفون وميراج، أجبرتها على مغادرة الأجواء اليمنية، علاوة على ما اسقطته منها، من بينها ” 237 عملية تصدي واعتراض لطائرات العدوان وإجبارها على مغادرة الاجواء خلال 2019″.

قهر المستحيل

في المقابل انكبت القوات المسلحة اليمنية على تجميع ما تبقى من مخزون اسلحتها وإصلاح ما أعطب منها، ومحاولة تصنيع ما دمر، وتطوير ما تبقى، باستخدام المتاح من الامكانات، والاستعانة بالكوادر اليمنية العلمية والمهنية والتقنية في جميع المجالات ذات العلاقة، و”البدء من مرحلة الصفر” وفق متحدث القوات المسلحة العميد يحيى سريع.

تجلت نتائج هذه الجهود، في اعتراض المئات من طائرات تحالف العدوان وارغامها على مغادرة الاجواء اليمنية، وإصابة وإسقاط عشرات الطائرات متنوعة النوع والطراز سنأتي على تفصيلها، بجانب التمكن من اختراق انظمة تحكم وتوجيه طائرات تجسسية لتحالف العدوان، وإنزالها سليمة، اثنتان منها في جيزان (31 أغسطس و2 ديسمبر 2015).

ومع انتصاف العام 2016، وتحديدا في 27 يونيو، شهدت العاصمة صنعاء افتتاح المعرض الأول للصناعات الحربية اليمنية، ويومها أكد رئيس اللجنة الثورية العليا محمد علي الحوثي: أن المعرض “صورة حية للروح اليمنية الحقيقية المقاومة الواعية والمدركة للتغيرات وأهمية القوة الحامية للسيادة والكرامة عبر امتلاك عناصرها وعدم الارتهان للغير والوعي الكامل بمعنى الحرية”.

مضيفا: “نؤكد أن هذا الشعب مثل كل الشعوب التي تمتلك امتدادا حضاريا حقيقيا وتراثا إنسانيا بالغ الحضور، يستطيع أن يقاوم ويكسر رغبات الهيمنة والاحتلال التي تمارسها كيانات شركات البترول والسلاح التي حرمت العالم الذي انساق وراءها، القدرة على التعليم والتعلم والابتكار وحاصرت واحتكرت المعامل والتجارب والعلوم وهددته بالقوة المفرطة واحتكار حق الحصول عليها”.

من جانبه، أكد القائم بأعمال وزير الدفاع رئيس هيئة الأركان اللواء الركن حسين خيران حينها “شرحا عن محتويات المعرض وآلية عمل المعامل المنتجة ودراسات التطوير والاختراع والابتكارات القائمة على المبادرة الذاتية من جهة والتخطيط المسبق من جهة أخرى بالاعتماد على المواد الأولية المحلية المنشأ وعبر آلية للكلفة لا تحمل خزينة الدولة شيئا يذكر”. منوها بأن “هناك برامج تطوير عدة قيد الانتاج”.

بواكير صاروخية

لم يكد يمضي شهران، إلا وأعلنت وحدة القوة الصاروخية في القوات الجوية اليمنية، عن إطلاق صاروخ باليستي من نوع “قاهر-1” على مطار أبها الإقليمي جنوب غرب السعودية (30 أغسطس 2016)، بعد إطلاقها صاروخا باليستياً على خزانات نفط شركة أرامكو في منطقة جيزان، أشعل النيران فيها على نطاق واسع وكبد الشركة خسائر كبيرة.

لم يكن صاروخ “قاهر-1” أول منظومة صاروخية يجري تطويرها محليا، وسبقته منظومتي “الصرخة” و “زلزال” المصنعتين محليا، لكنه كان باكورة الصواريخ البالستية اليمنية المطورة عن صواريخ روسية، إذ تم تطويره محليا من صاروخ “سام-2” السوفيتي وتحويله من صاروخ “أرض-جو” ليغدو صاروخ “أرض-أرض” بالستي يفوق مداه 250 كم.

ومع اقتراب نهاية العام الثاني من العدوان، أعلن قائد الثورة السيد عبدالملك الحوثي، في خطاب القاه يوم 10 فبراير 2017، تنامي القدرات اليمنية ، قائلا: “الاباتشي المعروفة بأهميتها تمكن المقاتل اليمني من إسقاطها وتمكن من ضرب البارجات المدمرة وإحراقها”. مضيفا: “إذا كنا نألم مما دمروه فإنهم بفضل الله يألمون وأشد الألم ، والقادم إن شاء الله أعظم في التنكيل بالعدو”.

خلال أيام، كشفت القوة الصاروخية في 19 فبراير 2017م عن “تحقيق تطور نوعي في القدرات الصاروخية استطاع تحييد الجيل الثالث من منظومة باتريوت باك3، أحدث منظومات الدفاع الجوي الأمريكية، التي زودت أمريكا بها السعودية في العام 2016م. ما اعتبر “إنجازا نوعيا كبيرا على صعيد حرب الأدمغة”.

صناعات جوية

ظلت مخرجات التطوير والتصنيع تتابع في مختلف القطاعات العسكرية عموما والقوات الجوية خصوصا، على نحو لافت، فشهد يوم 26 فبراير 2017م، افتتاح رئيس المجلس السياسي الشهيد صالح الصماد معرض الطائرات المسيرة اليمنية، مزيحا الستار عن 4 طائرات جرى تطويرها محليا ، إحداها هجومية “قاصف 1” وثلاث استطلاعية، ليدشن مرحلة فارقة في معركة الجو.

وتيرة التطوير استمرت متسارعة، وتجلت خلال أقل من شهر، في إعلان وحدة القوة الصاروخية في 28 مارس 2017م، عن “تمكن مركزها للأبحاث والتطوير وبخبرات يمنية بحتة من تطوير نسخة جديدة من ‘قاهر 1’، اسمتها “صاروخ ‘قاهرM2 ‘ بمدى 400 كيلو ورأس حربي يزن 350 كجم ودقة إصابة عالية تتراوح بين (5-10) أمتار”.

وبعد أقل من ثلاثة أشهر، أعلنت القوات الجوية اليمنية في 20 مايو 2017م، عن “دخول منظومة دفاع جوي جرى تطويرها محليا، إلى الخدمة وتمكنها من إصابة واسقاط طائرة حربية سعودية من طراز F15 SA في نجران”. مؤكدة “استمرار جهود التطوير والتصنيع لمنظومات دفاعية حتى الوصول إلى حماية الأجواء اليمنية وتحييد طائرات العدوان”.

في 23 اغسطس 2017م، كشفت دائرة التصنيع العسكري في وزارة الدفاع عن “وحدة تصنيع وتطوير القناصات متعددة المدى والوظائف والمهام بأياد وخبرات يمنية خالصة”. وعرضت 7 أنواع من القناصات جرى تصنيعها محليا حملت اسماء “قاصم، خاطف، اشتر، حاسم، ذوالفقار1 وذو الفقار2، سرمد”، وثامنة “تم تعديلها وهي قناصة صارم”.

وعلاوة على أن الثمانية أنواع من القناصات تتفوق على قناصات سي 14 تمبروولف (C14 Timberwolf) الكندية الآلية التي يستخدمها حرس الحدود السعودي ويبلغ مداها 1200م إلى 1245م؛ فإن بين القناصات اليمنية 4 أنواع صممت بمواصفات “تؤهلها لأن تستخدم كأسلحة دفاع جوي، فعالة قياسا بمداها (2500-5000 كم) وحجم عياراتها النارية”.

مرحلة فارقة

حققت القوات الجوية بوحداتها الثلاث انجازات نوعية، ظل ابرزها -على سبيل المثال لا الحصر- قصف مصافي ينبع السعودية بصاروخ بالستي، وقصف مفاعل براكة الاماراتي في ابوظبي بصاروخ بالستي حديث التطوير والتصنيع محليا، بجانب عمليات سلاح الجو اليمني المسير التي ظلت تتنامى، في مختلف جبهات الداخل وجبهات الحدود.

على أن أهم مراحل إعادة بناء القوات الجوية اليمنية وقدرات الدفاع الجوي، دشنت رسميا، في 14 سبتمبر 2017م، حين أعلن السيد القائد عبد الملك بدر الدين الحوثي، عن تطوير الدفاع الجوي، قائلا: “لدينا جهود لتطوير منظومات الدفاع الجوي للتصدي للطائرات الأمريكية الحديثة”. مردفا: “نحن نواجه التقنية الأمريكية في أحدث ما وصلت إليه”.

السيد القائد أكد أن : “القوة الصاروخية تمكنت من إنجاز مرحلة ما بعد الرياض، وهناك تفوق على ما مع العدو من إمكانات، ولا زالت المسارات وخطوط الإنتاج تتنامى”. وأضاف: “في المسار البحري باتت لدينا قدرات بحرية يمكنها أن تصل إلى الموانئ السعودي والضفة الأخرى من البحر الأحمر”. مردفا: “نحن نأمل أن نصل إلى الميناء الفلسطيني المحتل”.

وفي 22 أبريل 2018م، زار رئيس المجلس السياسي الأعلى، الشهيد صالح الصماد، ورش تصنيع الطائرات المسيرة اليمنية واسلحة وذخيرة مدفعية جديدة وورش تصنيع الالغام المضادة للدروع بجميع انواعها، حيث أزاحت دائرة التصنيع العسكري في القوات المسلحة اليمنية، الستار عن “أسلحة جديدة محلية الصنع ستدخل الى الخدمة العسكرية لمواجهة العدوان”.

لكن الانجاز الأكبر تمثل في كشف متحدث القوات المسلحة اليمنية العميد يحيى سريع في 24 أغسطس 2019م الستار عن “استكمال تطوير 4 منظومات دفاع جوي جديدة، محليا، ودخول اثنتين منهما الخدمة منذ 2017م هما ‘ثاقب1’ و’فاطر1’، وقدراتهما الفائقة على استهداف واصابة الطائرات الحربية الحديثة وتحييد مروحيات الاباتشي في جبهات الحدود بنسبة 70%”. متحفظا على “المنظومتين الثالثة والرابعة”.

مراحل تطوير

عن تطور قدرات القوات الجوية اليمنية بوحداتها الثلاث (القوة الصاروخية وسلاح الجو المسير والدفاع الجوي)، يفيد ناطق القوات الجوية اليمنية العميد عبد الله الجفري، إن “قوات الدفاع الجوي والقوات الجوية في صنعاء مرت بمراحل من التطوير والتصنيع حتى بدأت تستعيد قدراتها الدفاعية، بعد أن قام طيران التحالف بتدميرها في بداية العدوان، واستطاعت على مراحل أن تحدث نوعا من توازن الرعب عن طريق الصواريخ والطائرات المسيرة”.

وفي سرد هذه المراحل، يقول العميد الجفري في حديث مع وكالة “سبوتنيك” الروسية، في 20 فبراير الماضي: “كانت استراتيجية العدوان منذ اللحظة الأولى تدمير القدرات الجوية والصاروخية، وتدمير المطارات والموانئ لقطع خطوط الإمداد وقنوات التواصل مع العالم، وكذا تدمير المرافق من المياه والكهرباء، كل هذا كانت ترافقه حملة عبر وسائل إعلامهم تروج لما يريدونه، حتى يتم انهيار معنويات المقاتلين، وبعدها يتم الانقضاض عليهم”.

العميد الجفري، أضاف: “لكن تلك الاستراتيجية فشلت وتم التصدي لمخططات العدوان، فالفترة الماضية منذ بداية الحرب، وحتى اليوم كانت عبارة عن امتصاص للضربة الأولى للدفاعات الجوية، واستغلال عامل الوقت ووضع تكتيكات عسكرية لحرب العصابات، مع الاستنزاف في ظل سياسة النفس الطويل، ففي ظل حرب غير متكافئة عسكريا من المستحيل أن تصمد هذا الصمود الأسطوري”. منوها بأنه “تم استدعاء الكادر العلمي المهني اليمني”.

وتابع: “عمل الكادر العلمي المهني اليمني، الذي أقصي في الماضي، على استعادة القدرات الدفاعية، وتطوير ما هو متواجد منها، وتطوير وتصنيع وتحديث كافة الأسلحة اليمنية البحرية والبرية والجوية”. مردفا: “هناك تركيزا أكبر في عمليات التحديث والتطوير على القوات الجوية والدفاع الجوي، لأنها أسلحة استراتيجية وأسلحة ردع يمكن بها تغيير المعادلة الاستراتيجية على مسرح العمليات، فتم تطوير سلاح الجو المسير وتحديثه وتصنيعه، وكذلك القوة الصاروخية”.

نجاحات صادمة

استطاعت وحدة الدفاع الجوي اليمني، إحراز نجاحات صادمة ومتصاعدة مربكة لتحالف العدوان، تمثلت باعتراض مئات الطائرات وارغامها على مغادرة الأجواء، وإصابة وإسقاط نحو 212 طائرة متنوعة لتحالف العدوان، وفق رصدنا لوقائعها خلال الاعوام (2015م-2019) بتتبع بيانات وزارة الدفاع والقوات الجوية اليمنية وناطقها ومتحدث القوات المسلحة اليمنية.

تظهر نتائج رصدنا لعمليات الدفاع الجوي وتدقيقها مع صور توثيق الاعلام الحربي اليمني لها (الفوتوغرافية والفيديو)، تمكن الدفاعات الجوية اليمنية خلال العام الاول من العدوان 2015م من إصابة واسقاط 41 طائرة لتحالف العدوان، منها إصابة طائرتين حربيتين سعوديتين من طراز F15 (في بني حوات بمديرية بني الحارث في العاصمة صنعاء ومديرية بلاد الروس محافظة صنعاء).

كما تمكنت الدفاعات الجوية اليمنية من إسقاط طائرتين حربيتين من طراز F16 (مغربية في صعدة وقتل قائدها، وبحرينية في جيزان ونجا قائدها)، وإسقاط 10 مروحيات “أباتشي” توزعت بين ( 2 مديريتي كتاف وباقم في صعدة و1 مديرية حرض في حجة و2 مديرية مكيراس في البيضاء، و1 في صافر مارب و3 في جبهات جيزان، وواحدة على الحدود مع نجران).

يضاف إليها تدمير 6 مروحيات أباتشي أخرى في مرابضها بصاروخي توشكا على معسكر “صحن الجن” في صافر بمارب ومعسكر “شِعب الجن” في المخا بتعز، بجانب إسقاط الدفاع الجوي اليمني مروحية نقل عسكرية اثناء إنزالها أسلحة في حصبان بمديرية المسراخ في تعز، وإسقاط وإنزال 12 طائرة تجسسية و8 طائرات استطلاع منخفض.

محصلة مدهشة، لم يكن يتوقعها أحد، وفي مقدمهم خبراء 17 دولة تملك ثروات طائلة واقتصاديات كبرى وترسانة عسكرية هائلة في شتى ميادين الحروب، تضم أحدث التقنيات وأقوى وأثمن الأسلحة في هذا العالم. لكن إرادة اليمنيين كانت أقوى في مواجهة “التقنية الأمريكية في أحدث ما وصلت إليه، وليس مواجهة تقنيات السعودية وأعراب الإمارات” حسب تأكيد السيد القائد.

تصاعد نوعي

في العام 2016م، تصاعدت عمليات الدفاع الجوي الاعتراضية لطائرات العدوان، لكن المحصلة كانت النصف تقريبا، بواقع 22 طائرة، توزعت بين: إصابة طائرة حربية سعودية في سماء صعدة من طراز F15 SA المطورة والواصلة للتو إلى السعودية ضمن أول دفعات تسليم اميركا 84 طائرة منها، وإسقاط 5 مروحيات “اباتشي” توزعت بين (1 ميدي بحجة، 1 بين الجوف ومارب، 2 في نجران و 1 جيزان)، وإسقاط أول طائرة درون أمريكية مقاتلة من طراز MQ9 بحي القادسية في العاصمة صنعاء و6 طائرات تجسسية و9 طائرات استطلاع منخفض.

يعزو الخبراء ومنهم ناطق القوات الجوية اليمنية العميد عبد الله الجفري هذا التراجع لحصاد الطائرات، إلى عامل تزايد الحذر والاحتراز من جانب تحالف العدوان و”قيام طائرات العدوان بالتحليق على ارتفاعات شاهقة”. بينما يعزو عسكريون اخرون تراجع محصلة إصابة وإسقاط طائرات العدوان إلى “تصدر القوة الصاروخية الأولوية في التصنيع والتطوير والعمليات خلال العام 2016م”.

لكن محصلة حصاد الدفاع الجوي اليمني عاودت الارتفاع في العام 2017م، مع احراز نجاحات نوعية، فتمكنت من إصابة وإسقاط 30 طائرة، توزعت بين: إصابة طائرة حربية إماراتية F16 في سماء العاصمة صنعاء، وإسقاط 3 طائرات حربية (F16 أردنية في نجران، وF15 SA سعودية في نجران، وتيفون سعودية في نهم محافظة صنعاء)، وإسقاط 5 مروحيات (3 أباتشي وواحدة بلاك هوك وأخرى عسكرية).

توزع حصاد مروحيات الـ “اباتشي” جغرافيا بين المخا في تعز، ومنطقة الجاح الأعلى في مديرية بيت الفقيه بالحديدة، ومنطقة بين الجوف ومارب. في حين أُسقطت مروحية “بلاك هوك” خلف معسكر تداوين في مارب واعترف التحالف بإسقاطها ومصرع 12 ضابطا وجنديا سعوديا كانوا على متنها، ودُمرت مروحية عسكرية على متن بارجة “المدينة” السعودية قصفتها القوات البحرية قبالة الساحل الغربي.

كما أُسقطت ثاني طائرة درون أمريكية مقاتلة MQ9 في سماء حي جدر في العاصمة صنعاء، وشمل حصاد العام 2017م، أيضاً اسقاط الدفاعات الجوية اليمنية 7 طائرات تجسسية ذات انظمة ملاحية وتصوير حديثة، بينها طائرة تجسسية أمريكية من طراز “سكان إيغل” في منطقة الجبل الاسود في الجوف، وهي الثانية بعد اسقاط الاولى في مديرية سحار بصعدة عام 2015م، و13 طائرة استطلاع منخفض.

تنامي القدرات

وقبل نهاية العام الثالث للعدوان، شهدت قدرات الدفاع الجوي اليمني تناميا، مع دخول منظومة دفاع جديدة للخدمة (فاطر1) نهاية 2017م، فاستطاعت في 2018م إسقاط طائرتين حربيتين سعوديتين من طراز بانافيا تورنادو (الأولى بسماء مديرية كتاف بصعدة والثانية في عسير بعد إغارتها على صعدة)، وإصابة طائرتين حربيتين سعوديتين F15 SA (في سماء العاصمة صنعاء وأخرى في سماء مدينة صعدة) وإجبارهما على التخلص من خزانات الوقود والذخيرة للإسراع في الفرار ومغادرة الاجواء، واعتراض ثالثة حربية اماراتية من طراز إير تركاتور (AT-802U) في سماء الحديدة.

لم يجد تحالف العدوان بدا من الإقرار على لسان ناطقه العقيد تركي المالكي بما سماه “تطورا ملحوظا للقدرات الدفاعية الجوية للحوثيين”، وهو التطور الذي حصد أيضاً ثالث طائرة درون أمريكية مقاتلة من طراز MQ9 في سماء الحديدة باعتراف القيادة المركزية الامريكية، كما حصد 3 طائرات درونز مقاتلة صينية الصنع من طراز CH-4 في عسير وجيزان وسماء صعدة، وطائرة درون رابعة مقاتلة جنوبي الجبلية في التحيتا بالحديدة.

يُضاف إلى انجازات الدفاع الجوي في إصابة وإسقاط الطائرات الحربية وطائرات الدرونز المقاتلة الحديثة، والتي نفذت خلال 2015م ما نسبته 30 % من غارات تحالف العدوان وتحديدا في الحديدة وتعز والجوف وشبوة ؛ إسقاط مروحية أباتشي سعودية في جبهة جحفان بجيزان، و”اعتراض العشرات من مروحيات الاباتشي الإماراتية في الحديدة وتحييدها عن اجواء المحافظة”، وإسقاط 27 طائرة تجسسية حديثة و5 طائرات استطلاع منخفض.

انتزعت تقنيات القوات الجوية اليمنية المطورة والمصنعة محليا، الدفاعية منها والصاروخية والهجومية المسيرة، اعتراف كبار المسؤولين الأمريكيين العسكريين بفشل المنظومات الدفاعية الجوية الامريكية عن اعتراضها، وعلى رأس هؤلاء قائد القوات المركزية الأمريكية، الذي أقر بأن “المنظومات الأمريكية المخصصة لاعتراض الطائرات المسيرة قد فشلت والوضع معقد للغاية”، وذلك على هامش مشاركته في مؤتمر البحرين للدفاع.

ذروة الحصاد

بالمقابل، استمر تصاعد حصاد الدفاعات الجوية اليمنية لطائرات العدوان ليبلغ ذروته في العام 2019، الذي كرس لسلاح الجو اليمني المسير، وفرضت عمليات طائراته الهجومية النوعية تغيير معادلة معركة الجو لتوجد قاعدة “المطار مقابل المطار” بعد تنفيذ نسخها الجديدة “قاصف K2″ و”صماد2” و”صماد3″، بنجاح عمليات هجومية متلاحقة ونوعية على مطارات أبوظبي وأبها وجيزان، بالتزامن مع فرض القوة الصاروخية قاعدة “العاصمة مقابل العاصمة”.

ووفق رصدنا عمليات الدفاع الجوي خلال 2019م، يتبين أن حصادها شمل إصابة طائرة حربية سعودية F15 SA في سماء صعدة، وإسقاط مروحية أباتشي سعودية في مجازة بعسير ومصرع قائدها ومساعده، بصاروخ أرض-جو “يستخدم تقنية جديدة” لم يفصح متحدث القوات المسلحة العميد يحيى سريع عن نوعها أو تفاصيلها، وإسقاط 7 طائرات درونز مقاتلة (2 من طراز MQ1 و2 من طراز MQ9 و2 من طراز Wing Loong وأخرى أمريكية).

حصاد العام 2019م، النوعي، شمل أيضاً إسقاط 56 طائرة تجسسية حديثة لتحالف العدوان بينها طائرة من طراز “سكان إيغل” الامريكية في عسير، وطائرة من طراز (Schiebal Camcopter S-100) في مديرية الصليف بالحديدة، وطائرة من طراز Luna ألمانية في صعدة، وطائرة من طراز “كاريال” التركية الصنع في مديرية الصليف بالحديدة، وطائرة من طراز “فانتوم” تابعة للقوات السودانية المشاركة في العدوان بمديرية حيران في حجة.

انجازات منظومات الدفاع الجوي المطورة محليا (ثاقب1 وفاطر1)، شملت أيضاً خلال 2019م، اسقاط 3 طائرات استطلاع منخفض (وفق رصدنا) و9 وفق ما أعلنه متحدث القوات المسلحة العميد يحيى سريع في مؤتمره الصحافي المكرس نهاية ديسمبر الفائت، لإعلان احصاءات انجازات القوات المسلحة اليمنية بمختلف وحداتها. ولضيق الوقت المتاح لإنجاز هذا التحقيق، لم نتمكن من مراجعة وقائع العام 2019م لتدارك فارق الرصد.

أوكار الطيران

لم تقتصر عمليات وحدات القوات الجوية اليمنية على الدفاع وحده عن الاجواء اليمنية واعتراض وإصابة وإسقاط طائرات تحالف العدوان، بل امتدت إلى استهداف طائرات العدوان في مرابضها ومدارجها أيضاً، في تناغم مع عمليات وحدتي القوة الصاروخية وسلاح الجو المسير، لتسجل انجازات نوعية إضافية، تمثلت في تدمير عدد غير محصور من طائرات التحالف الحربية والدرونز المقاتلة (بلا طيار)، بدأت في عام 2015 وبلغت ذروتها عام 2019م.

كانت أولى العمليات من هذا النوع، حين دمرت القوة الصاروخية بصاروخ توشكا في 4 ديسمبر 2015 طائرتين مروحيتين من طراز “أباتشي” في مدارجها بقصفها معسكر “صحن الجن” في صافر بمحافظة مارب، وبالمثل دمرت 4 طائرات مروحية من طراز “أباتشي” في مدارجها حين قصفت بصاروخ توشكا في 14 ديسمبر 2015م، معسكر “شِعب الجن” في باب المندب بمديرية المخا محافظة تعز، وهي الأرقام المعلن عنها ودون حقيقة الخسائر الفعلية.

وفي 22 يوليو 2016، قصفت القوة الصاروخية اليمنية بصاروخ بالستي من طراز “زلزال3” معسكر الدفاع الجوي السعودي في نجران، وعاودت قصف المعسكر نفسه بصاروخ مماثل في 23 نوفمبر 2016م. كما قصفت صاروخية الجيش واللجان الشعبية في 28 فبراير 2017م، مهبط طائرات أباتشي في معسكر الحاجر بمحور نجران. وفي ذلك تحدٍ لترسانة القوات الجوية السعودية ومنظوماتها والدول الـ 17 المشاركة معها في تحالف عدوانها على اليمن.

استمرت عمليات القوات الجوية اليمنية في استهداف القواعد والدفاعات الجوية لتحالف العدوان، بسلاح الجو المسير، فنفذت طائرات “قاصف1” هجمات متوالية على مرابض الطائرات الحربية لتحالف العدوان في قاعدة الملك خالد بخميس مشيط في عسير بدءا من هجمات 4 أغسطس 2018م، ومرورا بهجمات 3 نوفمبر 2018م. في حين هاجمت طائرات “قاصفK2” مرابض الطائرات الحربية بمطار نجران (22 مايو 2019م)، ومطار جيزان (26 مايو 2019م).

وفي 20 يونيو 2019م، وبعد إسقاط طائرة درون أمريكية مقاتلة من طراز MQ9 في قرية الزعفران بمنطقة كيلو 16 بالحديدة، هاجمت طائرات “قاصفK2” مرابض طائرات الدرونز المقاتلة في مطار جيزان، ثم هاجمت في 24 أغسطس 2019 مرابض الطائرات الحربية ومدارج الإقلاع والهبوط في قاعدة الملك خالد بخميس مشيط في عسير، وفي اليوم التالي قصفت برج المراقبة في القاعدة نفسها. على نحو يظهر تفوقا تقنيا وتصنيعيا للقوات الجوية اليمنية.

بينما شاركت “20 طائرة مسيرة لسلاح الجو في 25 نوفمبر 2019م” بتنفيذ الهجوم الصاروخي البالستي والجوي المسير المشترك على معسكرات قوات تحالف العدوان ومسلحيه ومرتزقته في المخا، الذي اسمته القوات المسلحة اليمنية “عملية إن عدتهم عدنا”، واستهدفت بين ما استهدفته “منظومات دفاع جوي حديثة ودمرت بطاريات باتريوت وعددا من الرادارات الحديثة” وفقا لما أعلنه متحدث القوات المسلحة اليمنية العميد يحيى سريع.

خارطة الحصاد

يُظهر رصدنا وقائع عمليات الدفاع الجوي اليمني وحصاده لطائرات تحالف العدوان خلال الأعوام (2015-2019م)، مسارات المعارك في مختلف جبهات التصدي لقوات تحالف العدوان ومسلحيه ومرتزقته من الاجانب واليمنيين، وأطوار التصعيد العسكري الذي شهدته هذه الجبهات، وكذا أولويات تحالف العدوان من ناحية حجم محاولات قواته الحسم فيها، وفي المقابل تنبه القوات المسلحة اليمنية ويقظتها الاستخباراتية في افشال هذه المحاولات كافة.

في العام 2015م، تصدرت مديريات محافظة صعدة الحدودية قائمة المحافظات اعتراضا وإصابة وإسقاطا لطائرات العدوان بواقع 13 طائرة متنوعة من إجمالي 41 طائرة، تلتها محافظة تعز وجبهات جيزان بواقع 6 طائرات في كل منها، ثم جبهات محافظة مارب (5 طائرات)، فمحافظة البيضاء (3 طائرات) ومحافظة صنعاء (طائرتان)، ثم العاصمة صنعاء ومحافظات عمران وحجة وذمار وجبهات نجران وعسير بواقع (طائرة واحدة) في كل منها.

لكن اولوية الاستهداف من طائرات تحالف العدوان وبصورة أكبر التجسسية والاستطلاعية اختلفت في العام 2016، ليتراجع التركيز نسبيا على محافظة صعدة، فتصدرت محافظة حجة وجبهات محور نجران ومحور جيزان قائمة الاكثر اسقاطا للطائرات بواقع 4 طائرات في كل منها، ثم محافظة صعدة وجبهات محور عسير بواقع طائرتين في كل منها، ثم العاصمة صنعاء ومحافظات صنعاء ومارب والحديدة وإب بواقع طائرة واحدة في كل منها.

وبدا تكثيف الاستهداف للمديريات الحدودية في محافظة حجة جليا في العام 2017، فشهدت إعتراض وإصابة وإسقاط الدفاعات الجوية 7 طائرات متنوعة لتحالف العدوان، تلتها جبهات محافظة تعز ومحور نجران بواقع 5 طائرات في كل منها، ثم جبهات محافظة الجوف (3 طائرات)، تليها العاصمة صنعاء وجبهات محافظات مارب والحديدة ومحور جيزان بواقع طائرتين في كل منها، ثم محافظتي صنعاء وصعدة بواقع طائرة واحدة في كل منهما.

في العام 2018م، تصدرت جبهات محور جيزان قائمة الاستهداف من طائرات العدوان وتبعا عمليات الدفاع الجوي، فشهدت إعتراض وإصابة وإسقاط 11 طائرة متنوعة، تلتها صعدة ومديرياتها الحدودية وجبهات الساحل الغربي في الحديدة بواقع 9 طائرات في كل منها، ثم جبهات محور عسير (5 طائرات)، تليها جبهات محور نجران (3 طائرات)، ثم جبهات الجوف وحجة (طائرتين) في كل منهما، فطائرة واحدة في كل من العاصمة ومحافظتي تعز ومارب.

واستمر ثبات أولويات العدوان في 2019م، فتصدرت جبهات محور جيزان قائمة الاستهداف من طيران العدوان وعمليات الدفاع الجوي، وشهدت إعتراض وإصابة وإسقاط 19 طائرة متنوعة، تلتها جبهات الساحل الغربي في الحديدة (16 طائرة)، ثم جبهات صعدة (14 طائرة)، فجبهات محور نجران (7 طائرات) ثم حجة (6 طائرات)، ثم طائرة واحدة في كل من العاصمة صنعاء ومحافظات صنعاء وذمار وتعز، مع ملاحظة تكثيف غارات طائرات الدرونز المقاتلة.

توقيت الحصاد

كذلك الاطار الزمني من ناحية الشهر، يكشف رصد وقائع عمليات الدفاع الجوي وحصاده لطائرات تحالف العدوان خلال الأعوام (2015-2019م)، سلوك العدوان في اختيار توقيت التصعيد العسكري الجوي الحربي والتجسسي والاستطلاعي وتبعا البري، وتفضيله بجانب عوامل اخرى مرتبطة بأولوياته الدفاعية عن الجبهات أمام هجمات الجيش واللجان الشعبية والظروف المناخية، أشهرا بعينها، يمكن للمراقبين تحليل اسباب تركيز تحالف العدوان تصعيده العسكري خلالها.

في هذا، لاحظ معد التحقيق، تصدر شهر أكتوبر في 2015م قائمة الاستهداف بالطيران وتبعا عمليات الدفاع الجوي بواقع 8 طائرات ، ثم شهري مايو وسبتمبر (7 طائرات) فشهر ديسمبر (6 طائرات) ثم شهر اغسطس (5 طائرات)، فشهري يونيو ونوفمبر (3 طائرات) في كل منهما، وطائرتين في شهر يوليو. لكن المؤشر الزمني يعكس مسار تصاعد عمليات الدفاع الجوي وحفاظه على متوسط (7 إلى 8) طائرات انطلاقا من شهر مايو وحتى نهاية شهر ديسمبر (6 طائرات).

على العكس جاء المسار الزمني لعمليات الدفاع الجوي في 2016م، فتصدر شهر ديسمبر القائمة بواقع 5 طائرات، ثم شهر فبراير (4 طائرات)، يليه شهر يناير (3 طائرات)، ثم أشهر يوليو وأغسطس وسبتمبر ونوفمبر بواقع (طائرتين) في كل شهر، ثم شهري مارس وأكتوبر بواقع طائرة واحدة في كل منهما. الامر الذي يبرز في موازاته تصاعد عمليات القوة الصاروخية اليمنية في الاشهر التي لم تشهد إصابة أو إسقاط طائرات لتحالف العدوان، وبخاصة أشهر إبريل ومايو ويونيو.

كذلك الحال في عام 2017م، تصدر شهرا مايو ويونيو قائمة الاكثر إصابة وإسقاطا لطائرات تحالف العدوان، بواقع 5 طائرات في كل منهما، تليهما أشهر يناير وفبراير وأكتوبر بواقع 4 طائرات في كل منهما، ثم شهر إبريل (3 طائرات)، يليه شهر ديسمبر (طائرتين)، ثم أشهر مارس ويوليو وأغسطس بواقع طائرة واحدة في كل منها. بينما لم يشهد شهرا سبتمبر ونوفمبر إصابة أو اعتراض أي طائرة من طائرات تحالف العدوان. ما يرجح تصدر الاولوية لسلاح الجو المسير والقوة الصاروخية.

لكن شهرا مايو وسبتمبر في عام 2018م، عادا ليتصدرا أشهر العام الاكثر إصابة وإسقاطا لطائرات تحالف العدوان، وهما شهران يصادفان شهري رمضان وذي الحجة، بواقع 6 طائرات في كل منهما، تليهما أشهر أغسطس وأكتوبر وديسمبر بواقع 5 طائرات في كل منها، ثم شهر نوفمبر (4 طائرات)، تليه أشهر يناير ومارس ويوليو بواقع (3 طائرات) في كل منها، ثم شهر إبريل (طائرتين)، فشهري فبراير ويونيو بواقع (طائرة واحدة) في كل منهما. وهذا يستوجب قراءة أعمق لم نهتد إليها.

على أن أشهر العام 2019م، اشتعلت جميعها تقريبا وبأعداد متقاربة غالبا بعمليات إصابة وإسقاط طائرات لتحالف العدوان، فتصدر شهر ديسمبر القائمة بواقع 12 طائرة، يليه شهر فبراير (11 طائرة)، ثم شهر يونيو (10 طائرات)، فشهري إبريل ونوفمبر بواقع (7 طائرات) في كل منهما، ثم شهر أغسطس (5 طائرات)، يليه شهر مارس (4 طائرات)، ثم أشهر يناير ويوليو وأكتوبر (3 طائرات) في كل منهما، يليهما شهر مايو (طائرتين)، ليعود شهر سبتمبر ويسجل أقل عدد (طائرة واحدة).

ردع الطغيان

كبح جماح طيران التحالف وتقييد استباحته الاجواء اليمنية أمام غاراته؛ يعني إخراج اليمنيين كافة من دائرة الاستهداف الذي ظل طوال 5 سنوات يطالهم بلا استثناء، في أحيائهم السكنية ومرافقهم المدنية والشوارع والطرقات، بجميع أنحاء اليمن. وكانت محصلة نحو 150 ألف غارة، وبعض المصادر تحصيها 100 ألف غارة لطيران التحالف، تدمير مئات الآلاف من المنشآت العامة والخاصة في اليمن كليا وجزئيا، بما فيها الحدائق والملاعب الرياضية والمواقع التاريخية والمعالم الأثرية، بل وحتى المقابر، طاولتها الغارات!.

ظلت غارات طيران التحالف تستهدف القرى والمدن، وتقصف المنازل والمنشآت المدنية بنسبة تتجاوز 80%، وبلغ “عدد القتلى والجرحى المدنيين جراء العمليات العسكرية المباشرة لدول العدوان يتجاوز 43,345 خلال 1700 يوم من العدوان” وفق تقرير وزارة حقوق الإنسان اصدرته في 21 ديسمبر الفائت، يضاف إليهم نحو 3.8 ملايين من المدنيين هجرتهم وأرغمتهم على النزوح من قراهم ومدنهم إلى غياهب التشرد وعذاب الشقاء والعناء والهوان والحرمان، وفق اخر احصائية صادرة عن المجلس الأعلى لإدارة وتنسيق الشؤون الإنسانية.

لذلك، يعد إعلان وزارة الدفاع “إدخال القوات الجوية اليمنية تقنية جديدة لمنظومة الدفاع الجوي”، وإثبات استعادة مقدرتها على إسقاط مقاتلات التحالف وطائراته المروحية القتالية والمسيرة التجسسية ومتعددة المهام؛ إنجازا مبهرا ونبأ سارا لليمنيين كافة. فهو إنجاز مبهر في ظل الحصار المحكم برا وبحرا وجوا، المفروض على اليمن من تحالف الحرب، ورقابته المباشرة في المنافذ وعبر الأقمار الاصطناعية. ونبأ سار لأنه يعني تغير موازين الحرب باتجاه النهاية، وتمكن اليمنيين كافة من التقاط أنفاسهم.

لم يكن سهلا ولا ممكنا احتمال واقع استباحة تحالف العدوان الاجواء اليمنية، فقد أحال اليمنيين كافة إلى طرائد سانحة وفرائس سائغة لطائرات متوحشة لا تميز بين منزل أو معهد أو مدرسة أو مستشفى أو صالة عزاء أو زفاف أو سوق أو حديقة أو مسجد أو بئر مياه أو محطة محروقات أو ملعب أو مرفق حكومي مدني، وبين معسكر أو ثكنة وساحة معارك. كما أثبتت وقائع خمس سنوات من التربص باليمنيين أينما ذهبوا وحلوا. وأكدته تقارير مختلف المنظمات الحقوقية الاقليمية والدولية، كمنظمة هيومن رايتس ووتش والعفو الدولية، وغيرهما.

تغيير المعادلة

استطاعت القوات الجوية اليمنية بوحداتها الثلاث (القوة الصاروخية وسلاح الجو المسير والدفاع الجوي) تغيير معادلة معركة الجو. ذلك ما أكده متحدث القوات المسلحة اليمنية العميد يحيى سريع، قائلا: “فرضت منظومات الدفاع الجوي اليمني على قوى العدوان معادلات جديدة وأجبرتها على التعامل بحذر، لقد دفعت طائرات العدو لاتخاذ إجراءات معينة بعد أن كانت تنفذ عملياتها دون أن تعترضها أي أسلحة”. مضيفا: “منظومات الدفاع الجوي في المناطق التي تعمل بها تشكل تهديداً حقيقياً لكافة الأهداف الجوية المعادية وهذا ما أثبتته المراحل السابقة”.

العميد سريع، تابع في مؤتمر صحافي عقده بصنعاء في 24 أغسطس الماضي، يسرد بين احترازات طائرات العدوان التحليق المرتفع واطلاق البالونات الحرارية، وقال: “تمثلت نجاحات الدفاع الجوي في تدمير الهدف المعادي، السيطرة الإلكترونية على الهدف المعادي، إجبار الهدف المعادي على مغادرة الأجواء، ولعل من أهم ما حققته منظومات الدفاع الجوي تحييد الأباتشي بنسبة 70% وتحديداً في جبهات الحدود”. مضيفا: “نؤكد استمرارنا في العمل على تعزيز القدرة الدفاعية الجوية لقواتنا حتى تتمكن من التصدي لكافة أنواع الطائرات المعادية”.

عمليا، لاحظنا تراجع عدد غارات طيران تحالف العدوان السعودي الإماراتي الأمريكي على اليمن ليلة 26 مارس 2015م “بمعدل 120 غارة يوميا” حسب ما أعلن ناطق التحالف حينها العميد احمد عسيري. ووفق ما رصدناه في هذا التحقيق فإن غارات الطيران الحربي والتجسسي لتحالف العدوان استمرت حتى نهاية العام الأول من العدوان بمعدل “متوسط 80 غارة يوميا”، ثم بمعدل “متوسط 60 غارة يوميا” خلال العام الثاني قبل أن تستقر في العامين الثالث والرابع بين 45 إلى 42 غارة، ثم في العام الخامس بمعدل “متوسط يتراوح بين 20-18 غارة يوميا”.

تراجع غارات طيران العدوان من (16353) غارة في 2018م إلى (6534) في 2019م، لم يكن نتاج إعلانات “الهدنة الإنسانية”، التي “ظلت مجرد إعلانات سياسية وإعلامية عكسها الواقع” حسب مراقبين، واقترنت كل هدنة منها باقتراف طيران تحالف العدوان مجازر كبرى بحق المدنيين اليمنيين الأبرياء، ولا نتاج “تفاهمات مبدئية” أو مفاوضات سياسية معلنة أو غير معلنة بين الرياض وصنعاء، قدر ما كانت نتاج مواجهات قوية في معركة الجو، ظلت تشهد تصاعدا في مقدرات الرصد والاعتراض والتصدي والإصابة والإسقاط للطائرات.

تحييد كامل

إلى ذلك تسعى وزارة الدفاع والقوات الجوية اليمنية، إلى “تحييد طيران تحالف العدوان عن الأجواء اليمنية بنسبة 100% خلال العام 2020” وفق ما أعلن وزير الدفاع اللواء محمد ناصر العاطفي. كاشفا في حديث صحافي مطلع ديسمبر الجاري أن “الصناعة الحربية اليمنية قد أنجزت تقنيات حديثة أكثر تطورا مما يعتقده العدو، وقادرة على كبح جماح طيرانه الحربي بقوة واقتدار، فنحن نملك من القدرات التسليحية الجديدة والمتطورة ما يثلج صدور اليمنيين وما يرعب قوى الشر والعدوان”.

اللواء العاطفي أكد أنه “سيأتي اليوم الذي نعلن فيه أن أجواء اليمن أصبحت محرمة على طيران العدوان” . موضحا أنه “سيتم الإعلان قريبا عن السلاح الذي أسقط عدد من الطائرات مؤخرا، وهو يمتلك قدرات على تحييد سلاح الجو المعادي”. وهو التحييد الذي أكد تحقيق نسبة كبيرة منه خلال العامين الاخيرين، وأن “العمل جارٍ على تحييد طيران العدوان عن الاجواء اليمنية بنسبة 100% خلال العام 2020م”. معلنا أن “زمام المبادرة في المعركة الهجومية بأيدينا وليس بأيديهم، والقوات اليمنية المسلحة استكملت كـل جوانب البناء”.

وقد بدأت الخطوات العملية لبلوغ هذا الهدف، بإعلان متحدث القوات المسلحة اليمنية العميد يحيى سريع في 29 ديسمبر الفائت، “استكمال مرحلة تأسيسية مهمة على صعيد بناء قوات الدفاع الجوي وتفعيل المنظومات الدفاعية خلال العام 2019م”. وأن “عام 2020م سيكون عاما للدفاع الجوي وهو عام النصر إن شاء الله”. موضحا أن “منظومات الدفاع الجوي أصبحت قادرة على التصدي لعدد من أنواع الطائرات الحربية والتجسسية في مناطق انتشار هذه المنظومات، وتتضمن خطط الدفاع الجوي نشر المنظومات الدفاعية في كافة المناطق اليمنية”.

… يتبع

بقي لهذا التحقيق، مهمة أخرى تتقصى تداعيات انبعاث مقدرات القوات الجوية اليمنية بوحداتها الثلاث (القوة الصاروخية وسلاح الجو المسير والدفاع الجوي)، على تحالف العدوان السعودي الإماراتي الأمريكي، ونرصد خسائره المادية والبشرية في معركة الجو، وكذا خسائره المادية في ابرام صفقات عدة لتطوير قدراته الدفاعية الجوية مع دول شتى، وتطوير حماية طائراته الحربية من الصواريخ اليمنية، واعترافات تحليلات الخبراء العسكريين الدوليين بتطور قدرات اليمن الجوية وتكهناتها بشأن تقنياتها وعوامل تطورها، بعد تفكيكها وتدميرها بالكامل. وبالطبع توجهات القوات الجوية اليمنية خلال عام الدفاع الجوي 2020، واستعداداتها التقنية والعسكرية.