عندما ينتقم “توازن الردع” للدم اليمني !!
بقلم/ علي الذهب / موقع العالم
يبدو أن التعاطي السلبي للنظام السعودي وعدم تعامله بالمثل مع المبادرة التي أعلنتها صنعاء قبل نحو 5 أشهر بوقف هجماتها الصاروخية تسبب في انتهاء صلاحيات هذه المبادرة التي تمسكت بها القوات اليمنية لفترة طويلة ولكن دون جدوى.
هكذا كشفت العملية العسكرية الأخيرة والنوعية التي نفذتها القوات المسلحة اليمنية وأطلقت عليها “عملية توازن الردع الثالثة” في العمق السعودي، مستهدفةً “شركة أرامكو” وأهدافاً حساسة اخرى في “منطقة ينبع”، لتمثل العملية تطوراً عسكرياً جديداً كونها تُعد الأولى على منشآت حيوية سعودية والمعلنة رسمياً منذ إطلاق صنعاء لما عُرفت بمبادرة السلام في 20 من شهر سبتمبر الفائت، ما يعني أن الصبر اليمني نفد ولم تأخذ الرياض على محمل الجد تهديدات القادة في صنعاء بأن الضربات ستكون نوعية ومؤلمة وسيتم اللجوء لمرحلة “الوجع الكبير” إذا لم يتوقف التصعيد العسكري ، ويتم التعامل بالمثل مع ما قُدمت من مبادرات، فكانت النتيجة استهداف المنشأة الاقتصادية الأهم في المملكة السعودية بعد نحو 5 أشهر من استهداف ذات المنشأة المهمة، لتدشن صنعاء بذلك فعلياً مرحلة “الوجع الكبير” وتثبت مجدداً أنها من لها اليد الطولى في المعادلة العسكرية والحرب الممتدة منذ قرابة 5 سنوات، خاصة وأن هذه العملية تأتي بعد أيام قليلة من عملية “البنيان المرصوص” في جبهة نهم.
تفاصيل العملية -حسب خبراء عسكريين- تُظهر طبيعة التفوق العسكري للجانب اليمني وما وصلت إليه القدرات العسكرية من التخطيط والتكتيك وتحديد الهدف بدقة، اذ يشير البيان المعلن أن العملية مشتركة ونُفذت من قبل القوة الصاروخية وسلاح الجو المسير وبعدد من الصواريخ البالستية والمجنحة والطائرات المسيرة، كالتالي: (12 طائرة مسيرة من نوع صماد 3، وصاروخان من نوع “قدس” المجنح، وصاروخ “ذوالفقار” الباليستي بعيد المدى)، وهذا الأخير يُعلن عن اسمه لأول مرة وهو بمثابة رسالة عن طبيعة التصنيع والتطوير المستمر للسلاح اليمني ومدى الجاهزية للمواجهة والدفاع مهما طالت سنوات الحرب المفروضة.
وما تؤكده صنعاء أن هذه العملية مثل غيرها تأتي في إطار الرد الطبيعي والمشروع على جرائم العدوان والتي كانت آخرها المجزرة التي اُرتكبت في محافظة الجوف وراح ضحيتها عشرات الشهداء من المدنيين أغلبهم من النساء والأطفال، وكذا رداً على كثافة الغارات السعودية على عدد من المناطق اليمنية خلال الفترة الأخيرة والتصعيد العسكري في بعض الجبهات ومنها جبهة الساحل الغربي، وهو ما يعني بشكل ضمني أن هذه الضربة العسكرية لصنعاء من باب الرد فقط وليس إيذاناً بموت المبادرة المعلنة سابقاً من طرفها، خاصة وأنها دائما ما تؤكد على موقفها المتمسك بخيار السلام والحل السياسي دون العسكري، لكنها في ذات الوقت تحذر النظام السعودي من ضربات موجعة ومؤلمة إذا استمر في عدوانه وحصاره وتتوعد أن الشعب اليمني لن يتخلى عن حق الرد ولن يسمح للعدو أن يستبيح الدم دون تدفيعه الثمن.
وما يمكن الإشارة إليه أيضاً -برأي البعض- أن “عملية توازن الردع الثالثة” جاءت في هذا التوقيت لتحمل عدة دلالات ورسائل ابرزها تزامنها مع زيارة وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو إلى الرياض وإعلانه من قاعدة الظهران الجوية عن تعزيز الدفاعات الجوية السعودية ضد أي هجمات مستقبلية، لتثبت العملية فشل الأنظمة الدفاعية التي تسوقها واشنطن للرياض وتكشف هشاشة المؤسسة العسكرية السعودية وما تتمتع به من تسليح ضخم، إلى جانب أن القوات المسلحة اليمنية بما تمتلك من قدرات وإمكانيات ستظل تمثل التهديد الحقيقي للنظام السعودي والأنظمة الحليفة معه وأنه بمقدورها استهداف أهم المنشآت الحيوية وفي أي وقت شاءت إذا لم تسارع أنظمة هذه البلدان بإيقاف عدوانها وحصارها على اليمنيين.