الإمارات؛ ملاذ الفاسدين ومركز غسيل الأموال في العالم
تثبت سلسلة من التحقيقات الميدانية التي أجرتها وكالات الأنباء الدولية ذات السمعة الطيبة، أن دبي العاصمة الاقتصادية لدولة الإمارات أصبحت كملاذ آمن للفاسدين من جميع أنحاء العالم والشركات الوهمية، وكذلك اللصوص وناهبي أموال وثروات البلدان.
أحدث هذه الفضائح الكبرى التي جذبت انتباه العالم أجمع، هي تحقيق ميداني أجرته إحدى الصحف الإنجليزية مع صحفيين من أكثر من عشرين دولة، حول كيفية جمع ثروة “إيزابيل دوس سانتوس” من أنغولا وأغنى امرأة في القارة الأفريقية، حيث جمعت ملياري دولار من خلال نفوذ والدها الرئيس السابق لأنغولا “خوسيه إدواردو دوس سانتوس”.
التحقيق، من خلال الوثائق التي يزيد عددها على 700000 في المجموع، أن دبي دخلت في عملية فساد، دفعت سانتوس من خلالها 58 مليون دولار لشركة استشارية في الإمارات.
الإمارات هي الآن واحدة من أكبر الدول التي تدعم الأغنياء والاتجار غير المشروع بجميع أنواعه، بما في ذلك المخدرات والأسلحة والذهب والماس، حيث أصبحت مركزاً لغسيل الأموال في العالم.
غسل الأموال هو جريمة اقتصادية، لكن الإمارات لا تهتم بهذا الأمر، وسط اتهامات دولية بأنها أصبحت مركزًا عالميًا لغسل الأموال.
وفي أوائل نوفمبر 2019، كشفت وسائل الإعلام الماليزية عن أولی قضايا الفساد التي تتابعها ماليزيا في الإمارات.
حيث أعلن شخص يدعى “لوتيك جو” لصحيفة “ماليزيا كيني” الإلكترونية، أنه حصل على اللجوء السياسي في دولة الإمارات من خلال هدر مليارات الدولارات من صندوق سيادي في ماليزيا.
ومن بين أكثر الشخصيات إثارةً للجدل في تهم الفساد المالي مع أسرتها والتي تدعمها أبو ظبي، نجل الرئيس اليمني السابق “أحمد علي عبد الله صالح”، الذي جاء إلی الإمارات بمليارات الدولارات، على الرغم من الحرب التي تشنها السعودية والإمارات علی بلاده منذ 2015.
وفي يناير الماضي، أثبت تحقيق ميداني أن المسؤولين اليمنيين وأقرباء الرئيس السابق، يمتلكون العديد من العقارات في جزيرة “النخلة” في دبي، بمن فيهم ابن شقيق الرئيس اليمني السابق “توفيق صالح”، الذي يمتلك عقارات بقيمة 15 مليون درهم في هذا البلد.
كما تستضيف الإمارات عددًا من رموز الفساد في نظام الرئيس المصري المخلوع حسني مبارك، بمن فيهم رئيس الوزراء المصري السابق “أحمد شفيق”، الذي فر إلى الإمارات في يونيو 2012 خوفًا من إدانته في قضايا فساد مختلفة.
كذلك، فر وزير العدل المصري السابق “أحمد الزند” إلى الإمارات، خوفًا من الملاحقة القضائية في قضايا فساد خاصة به.
الإمارات أيضاً موطن لعدد من رموز الفساد في نظام معمر القذافي في ليبيا، بمن فيهم وزير التخطيط الليبي “محمود جبريل” خلال عهد القذافي.
بالإضافة إلى الدول الإفريقية والعربية، احتضنت دولة الإمارات أشخاصاً فاسدين من جميع أنحاء العالم وآسيا، وأبرز هذه الشخصيات الفاسدة رئيسة الوزراء التايلاندية السابقة “ينغلوك شيناواترا”، التي واجهت قضايا فساد في بلادها.
كما اتهم الرئيس الباكستاني السابق “برويز مشرف” بالعديد من قضايا الفساد، فهرب إلى دبي بذريعة علاج المرض، بعد أن منعته المحكمة العليا الباكستانية من المغادرة.
وفي مارس 2019، أدرج الاتحاد الأوروبي الإمارات ضمن قائمة “الملاذات الضريبية”؛ حيث تساعد البلدان المدرجة في هذه القائمة العملاء الأجانب ليکونوا معفين من دفع الضرائب داخل بلدانهم، من خلال التواطؤ المصرفي.
ويعد تأسيس الشركات، الحصول علی الإقامة واستخدام ضريبة الإقامة التي تمنع دخول المعلومات إلى المصادر الضريبية في الدول الأخرى، من بين الأساليب الأكثر شيوعًا في دولة الإمارات.
في الواقع، ليس الاتحاد الأوروبي هو الطرف الأول الذي يتهم الإمارات بمثل هذه التهم؛ حيث واجهت العديد من الاتهامات في السنوات القليلة الماضية باستخدام بعض قطاعاتها الاقتصادية في جريمة غسل الأموال.
لقد ركزت صحيفة “نيويورك تايمز” في تقرير لها حول هجرة المليونيرات على دبي، معتبرةً إياها أفضل مثال على ذلك؛ حيث يشير التقرير إلى هروب 5 ملايين من المليونيرات إلى دبي في عام 2017، مما زاد عدد سكانها بنسبة 6٪.
وفي تقريرها السنوي عن مؤشر الفساد في العالم، كشفت منظمة “الشفافية الدولية” وهي منظمة معتمدة غير حكومية، في فبراير الماضي أن دبي أصبحت ملاذًا لغسل الأموال وأن رجال الأعمال الفاسدين يمكنهم شراء العقارات في هذا البلد دون أي قيود.
كذلك، أصدر مركز الدراسات الدفاعية المتقدمة، ومقره واشنطن، تقريراً في 6 يونيو عن استخدام سوق العقارات في دبي كملجأ لغسل الأموال، من قبل العديد من منتفعي الحروب وممولي الإرهاب ومهربي المخدرات.