هل تتمكن “اسرائيل” من تنفيذ خططها ابتداءا من رسم خرائط جديدة؟
الوقت- يحاول الكيان الاسرائيلي بدعم أمريكي مفرط وصمت عربي غير مسبوق، إعادة تشكيل خريطة المناطق التي يحتلها في فلسطين، والتي تهدف إلى قضم المزيد من الأراضي على حساب الفلسطينيين والذين لم يتبق لهم بحسب الخريطة التي رافقت الاعلان عن “صفقة القرن” سوى مناطق متناثرة هنا وهناك يربط فيما بينها جسور وانفاق، وحتى هذه المناطق المتبعثرة زرع بجوارها الصهاينة والأمريكان مستوطنات اسرائيلية تمهيدا لخطط مستقبلية، وتظهر الخرائط التي تم نشرها محاصرة الفلسطينيين من جميع الاتجاهات والسيطرة على جميع مواردهم الطبيعية وثرواتهم الباطنية، بحيث يتم اضعافهم تمهيدا لاجبارهم على الاستسلام لأي خطة ممكنة الحدوث في المستقبل، فهل يتمكن الصهاينة من تنفيذ خططهم في المستقبل القريب بغطاء عربي_امريكي أم سيتم اجهاض هذه المحاولات المستميتة لطمس هوية فلسطين؟.
اسرائيل وبدون ادنى شك ماضية في خططها الاستعمارية التوسعية الاستيطانية ضاربة في عرض الحائط جميع المواثيق الدولية والاتفاقيات التي تم توقيعها خلال العقود الماضية، ومعتمدة بذلك على الدعم الامريكي الغير محدود وانشغال بعض الدول العربية بأزماتها الداخلية، وقبول بعض الانظمة العربية الانجرار معها نحو التطبيع، بحيث تم اطباق الخناق على الفلسطينيين من جميع الاتجاهات وما عليهم سوى الاعتماد على انفسهم للخروج من هذه المحنة التي لايدعمهم فيها سوى قوى المقاومة التي ساعدتهم حتى اللحظة على الوقوف في وجه العدو الصهيوني، وهم في امس الحاجة في هذه المرحلة للوحدة الداخلية وابعاد الخلافات القائمة بينهم لاحباط الخطط الامريكية_الاسرائيلية القادمة والتي غايتها تصفية القضية الفلسطينية عبر ما يسمى بـ”صفقة القرن”.
الجديد اليوم هو بدء عمل لجنة رسم خرائط الأراضي التي ستضمها إسرائيل إليها وفقا لبنود “صفقة القرن”الأمريكية، وستتولى هذه اللجنة مهمة رسم خريطة مفصلة بالمناطق التي ستضمها إسرائيل لسيادتها في وادي الأردن والضفة الغربية. كانت الرئاسة الفلسطينية أكدت أنها لن تتعامل مع أي خرائط للسلام مع إسرائيل لا تقوم على الحدود المحتلة عام 1967.
جاء هذا بعدما تم الإعلان أمس عن الانتهاء من تسمية ممثلي الولايات المتحدة في اللجنة الأمريكية الإسرائيلية المشتركة، والتي ستقوم برسم خرائط المناطق التي ستضمها إسرائيل وستعترف بها الولايات المتحدة بحسب القدس العربي نقلاً عن وكالة الأنباء الألمانية.
ونقلت صحيفة “إسرائيل هيوم” الإسرائيلية الليلة الماضية عن مسؤول رفيع المستوى بإدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أن الرئيس أمر بتشكيل اللجنة، على أن تضم السفير الامريكي في الاراضي المحتلة فريدمان وكبير مستشاريه أريه لايتستون، والمسؤول عن الشؤون الإسرائيلية الفلسطينية في مجلس الأمن القومي الأمريكي سكوت ليث.
وجاء إعلان ممثلي الولايات المتحدة بعد يوم واحد من إعلان إسرائيل لممثليها في اللجنة.
وكان ترامب أعلن مؤخرا خطته للسلام في الشرق الأوسط، والتي تضمنت إعطاء إسرائيل السيطرة على المستوطنات الموجودة في الضفة الغربية، وغور الأردن، ودعت في الوقت نفسه إلى إقامة دولة فلسطينية منزوعة السلاح على مساحات محدودة.
ورجحت مصادر أمريكية أن يبدأ عمل اللجنة قبل الانتخابات الإسرائيلية المقررة مطلع الشهر القادم.
بدورها أكدت وزارة الخارجية الفلسطينية أن الإعلان عن تشكيل ما يسمى “لجنة رسم خرائط الضم الإسرائيلية الأمريكية” يشكل إمعانا في العدوان على الشعب الفلسطيني وحقوقه، واستخفافا بالمواقف الدولية التي رفضت “صفقة القرن” وحذرت من تداعياتها الخطيرة على فرص تحقيق السلام وعلى الأمن والاستقرار في المنطقة برمتها، وتماديا في التمرد والانقلاب على القانون الدولي والشرعية الدولية وقراراتها.
واعتبرت الوزارة، في بيان لها يوم امس، أن الإعلان عن هذه اللجنة بتشكيلتها، يعكس عمق الشراكة بين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ورئيس وزراء حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو، وحجم المؤامرة على القضية الفلسطينية كما لخصتها “صفقة القرن”، وتشرف على تنفيذها فرق عمل متصهينة.
نتنياهو المهدد بخسارة الانتخابات المقبلة يعمل بكل ما اوتي من قوة لتمرير أي قرار من شانه رفع شعبيته في الداخل الاسرائيلي، وبالتالي فإن اي خطوة في سبيل تنفيذ “صفقة القرن” سيكون نقطة ايجابية بالنسبة له، ومن هذا المنطلق، أكد نتنياهو أنه سواء امتثل الفلسطينيون أو لم يمتثلوا للخطة، فإن إسرائيل سوف تتلقى الدعم الأمريكي لتطبيق القانون الإسرائيلي في غور الأردن والبحر الميت الشمالي وجميع المستوطنات في الضفة الغربية بدون استثناء.
لماذا نعتبر صفقة القرن غير مجدية وسيكون من الصعب تنفيذها في المستقبل القريب؟
أولاً: تخالف بنود (صفقة القرن) القانون الدولي حيث أنها تشرع الاستيطان مع أن المستوطنات تنتهك القانون الدولي وتعد جريمة حرب حسب ما أكدت عليه منظمة العفو الدولية.
ثانياً: لغت حق العودة للفلسطينيين ولا يناقش أبداً، وماذا عن اللاجئين الفلسطينيين في العالم وعن حقهم في العودة وحلمهم في الرجوع لبلادهم، وذلك يتنافى مع قرار الأمم المتحدة 194، ويتنافى مع أبسط حقوق اللاجئين وهو العودة، حيث أنه حق مكفول من القانون الدولي.
ثالثاً: لا تتماشى (الصفقة) مع حل الدولتين في القوانين والأعراف الدولية، حيث أنه تم اقتراح لتسوية الصراع العربي الإسرائيلي على أساس قيام دولتين إحداهما إسرائيل وتقوم على أرض فلسطين المحتلة عام 1948، وفلسطين تقوم على أراضي حدود 1967، وهذه (الصفقة) تتنافى بالمطلق مع انها ترجع لحدود 1967.
رابعاً: تخلق عزل لدولة فلسطين الجديدة بالجسور التي أعدتها (الصفقة)، حيث ينافي حق قيام الدولة الجديدة وتحكمها بمصيرها، ولا نرى إلا مدن متفرقة ومحاطة بإسرائيل، وليست هذه الإحاطة مقتصرة جغرافياً؛ بل مراقبة للاقتصاد والسياسة وكل شيء، خشية اتصال الفلسطينيين وتوحدهم مع بعضهم البعض، والتضييق عليهم.
خامساً: تعطی المصادر الطبيعية بالكامل لإسرائيل، حيث تسيطر على منطقة الاغوار التي تعد من المصادر الطبيعية الوفيرة للضفة الغربية، بالإضافة لسيطرتها على الحدود والمياه والمجال الجوي، وهذا ينافي مبدأ سيادة وقيام الدولة الجديدة، وينافي حق تقرير المصير للشعب الفلسطيني، وينافي حق الأمن والسلام لكل من الدولتين بشكل عادل.
سادساً: أنها جعلت القدس “العاصمة الأبدية لإسرائيل”، وليست موضوعًا للتفاوض بين الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي، وينطوي ذلك البند على التنازل عن القدس، كعاصمة للدولة الفلسطينية.
في الختام؛ طبيعة الاسرائيليين الاجرامية لا تتغير، لكن على الفلسطينيين والمجتمع الدولي وجميع احرار العالم ايقاف هذا الاحتلال الاسرائيلي عند حده ومنعه من التمادي أكثر، لأن خطر هذه الكتلة السرطانية سيهدد جميع دول المنطقة، بما فيها الدول العربية الاخرى لان “اسرائيل” اذا تمكنت من تنفيذ خطتها ستتوسع أكثر وستستهدف الدول العربية الاقرب لفلسطين وهكذا بالتدريج.