الخبر وما وراء الخبر

فورين بوليسي: سلطنة عمان بعد قابوس تواجه خطر الطموحات الإقليمية للسعودية والإمارات

43

تساءلت مجلة فورين بوليسي الأمريكية في تقرير لها اليوم الاثنين عن إمكانية السلطان الجديد لـ عمان هيثم بن طارق من مواصلة الدرب الذي سلكه الراحل قابوس بن سعيد في تحييد عمان عن توترات وتجاذبات المنطقة.. وهل رحيل قابوس قد يشجع السعودية والإمارات على التدخل في شؤون السلطنة المحايدة؟
وتناول التقرير الذي حمل عنوان ” الانتقال السلس للسلطة في عُمان لا يعني أنَّ جيرانها لن يفتعِلوا مشكلات” معطيات الأوضاع الإقليمية وما قد ينتج عنها من تدخلات خارجية تزعزع استقرار عمان ما بعد قابوس.
ولفت التقرير إلى أن اختيار السلطان قابوس لابن عمه هيثم، الذي عمل سابقاً في وزارة الخارجية ومؤخراً وزيراً للتراث والثقافة، بدلاً من شقيقيه أسد وشهاب، وهما رجلان عسكريان، يعكس رغبته في استدامة دور سلطنة عمان وسيطاً في الدبلوماسية الإقليمية.
إلا أن “فورين بوليسي” أشارت إلى أن عمان ستظل عرضة لعوامل زعزعة استقرار داخلية وخارجية مع سعي السعودية والإمارات لتوسيع نفوذهما الإقليمي. أضف إلى ذلك، غياب الحلول الحاسمة لأسباب الاضطرابات الداخلية المحتملة، ومنها ارتفاع معدلات البطالة وعجز الموازنة وتراجع الاحتياطي النفطي، ويواجه السلطان هيثم عديداً من التحديات، حتى في غياب تهديد التدخلات الخارجية؛ غير أنَّ دول الجوار قد ترى وفاة قابوس فرصة فريدة لفرض أجنداتها التوسعية.
وذكرت “المجلة” إن التدهور في العلاقات السعودية والقطرية وفرض الحصار على الدوحة تحدته عمان من خلال السماح للرحلات الجوية القطرية والشحن البحري بالعبور من وإلى مسقط وبقية الموانئ العمانية. إلى جانب ذلك، قاومت عمان محاولات السعودية استخدام مجلس التعاون الخليجي أداةً لخدمة أجندتها للسياسة الخارجية.
وتجلى هذا تحديداً عندما أعلن وزير الدولة العماني للشؤون الخارجية رفضه خطة الملك عبدالله لتحويل دول مجلس التعاون الخليجي إلى اتحاد خليجي في عام 2013. وكانت عمان هي الدولة الخليجية الوحيدة التي لم تشارك في التدخل العسكري بقيادة السعودية في اليمن، والذي بدأ في عام 2015.
وحول تولي السلطان هيثم مقاليد الحكم وإمكانية تعرضه لضغوط كي يقبل بخليج تقوده السعودية قالت “فورين بوليسي” إن مسؤولين عمانيين أعربوا عن قلقهم من احتمال أن تكون عُمان الهدف التالي للحصار الذي تقوده السعودية والإمارات، ولكن عكس قطر، تفتقر عمان إلى الموارد المالية التي ستتيح لها الصمود في وجه أي حصار مماثل.
وفيما يتعلق بالتدخل السعودي في اليمن فقد تسببت المملكة في أسوأ أزمة على مستوى العالم واستغلت وجودها العسكري هناك للإعلان عن اعتزامها بناء خط أنابيب يمر بمحافظة المهرة، وتشييد ميناء للنفط على الساحل اليمني، وهو ما أدى إلى رفض شعبي عارم من قبل سكان المهرة لتواجدهم بجانب الإمارات على أرضهم.
وكشفت المجلة إن الإمارات تسعى لاستغلال شبه جزيرة مسندم وهي الجيب العماني الذي يُشكل أضيق نقطة في مضيق هرمز، ويرتبط سكان شبه الجزيرة بعلاقات وثيقة مع الإمارات، إذ تتصل مسندم جغرافياً بإمارتَي رأس الخيمة والفجيرة، بينما تسيطر سلطنة عمان على هذه النقطة الاستراتيجية لتاريخ السلطنة حين كانت إمبراطورية تمتد أراضيها من جنوب باكستان إلى زنجبار.
تجسس
المخاوف العمانية من النوايا الإماراتية لها ما يبررها ففي 2011 تم اعتقال عضو كبير بجهاز الأمن الداخلي العماني كان فرداً من شبكة تجسس جندتها أبوظبي. وأدى الإيقاع بشبكة تجسس أخرى في نوفمبر/تشرين الثاني 2018، إلى تعميق شعور العمانيين بالخوف.
وتُمني الإمارات نفسها في أن يكون السلطان العماني الجديد أكثر تقبلًا للانحياز إلى الأهداف الإماراتية من سلفه الراحل، وهو ما تم وصفه بالسيناريو الداخلي الصعب الذي تزيده تعقيدات طموحات دول الجوار.