الخبر وما وراء الخبر

السعودية تلتهم أكبر محافظة يمنية .. الدلالات والدوافع

27

وسط إتهامات متبادلة بين فصائل المرتزقة، تنبي بوجود مخطط خطير لتقسيم المقسم في المحافظات الجنوبية الواقعة تحت الاحتلال.. سلطت عدد من وسائل الإعلام المحسوبة على مرتزقة قوى العدوان ، الضوء على مشروع خليجي لتقسيم محافظة حضرموت.

وفيما يتهم كل طرف من المرتزقة، الأخر بالوقوف وراء هذا المشروع، الذي وإن لم يعلن عنه رسمياً حتى الآن لكن المعطيات على الأرض تكشف على أن المحافظة تعيش فعلا مرحلة مخاض باتت وشيكة لتقسيم حضرموت إلى محافظتين بعد أن بات ذلك مطروحاً بقوة على طاولة مفاوضات المرتزقة، ومن المتوقع أن يفاجئ الفار عبدربه الجميع بالتوقيع على التقسيم في اية لحظة، وفقاُ لما جرت عليه العادة بتوقيعه على وثائق واتفاقيات بشكل منفرد، وآخرها اتفاق الرياض، الذي وقعه رغم رفض وامتعاض غالبية أعضاء حكومته.

تحركات ما قبل العدوان وبعده

محافظ محافظة عدن “طارق مصطفى سلام” تحدث لموقع “انصار الله” قائلاَ: ” الرياض حاولت أن تستغلّ المعارك بين فصائل المرتزقة في المحافظات المحتلة لتحقيق أطماعها التوسعية في حضرموت، هذه المحافظة التي تتسم بمساحة واسعة تساوي ثلث مساحة البلاد ويربطها بالرياض شريط حدودي طويل يمتد من الخراخير حتى شروره في نجران”.

وقال سلام أن السعودية قامت خلال الفترة الممتدة ما بين 2008 – 2015، على دعم وتمويل «القاعدة» في المحافظة، كما ساهمت أجهزة المخابرات السعودية بشكل كبير في قتل عدد من الشخصيات بينهم أحد شيوخ صحراء حضرموت ، مستغلة هذه الأحداث بفرض ميليشيات موالية لها تحت مسمى «قوات تحالف حضرموت»، كما وصل بها الأمر إلى مضايقة الشركات النفطية في المحافظة تمهيداً لاستبدالها بشركات اخرى مواليه لها.

ومع بدء العدوان على اليمن، لم تسمح السعودية للأطراف المحسوبة على الإمارات بالتواجد في الوادي والصحراء وذلك لضمان السيطرة على المنابع النفطية في حضرموت وكذا التمهيد لمد أنبوب النفط الى بحر العرب عبر محافظة المهرة.

وبعد اتساع نطاق تحركات مليشيات الامارات وسيطرتها على عدن ولحج وأبين، دفعت السعودية بقوات عسكرية ضخمة مطلع العام الجاري إلى مدينة سيئون، عاصمة وادي حضرموت، وضمت العشرات منها الى المنطقة العسكرية الأولى.

وعقب نجاح السعودية في السيطرة على كامل المحافظات الجنوبية، لا سيما بعد انحسار الدور الإماراتي، سعت الاولى الى ايجاد مشاريع تقسيمية بدت ملامحها تتضح لاحقاً

مشاريع التقسيم والهيكلة

ويرى مراقبون في تصريحهم لموقع “أنصار الله” أن مشروع تقسيم المحافظة جاء بناء على اتفاقيات سرية جرت خلف الكواليس اثناء مشاورات الرياض وجدة التي تمخض عنها اتفاق الرياض، ورغم عدم تضمن الاتفاق الاخير لأي بند يتعلق بهذا الخصوص، الا أن عملية التقسيم كما يبدو جرى مناقشتها بصورة سرية خلال المشاورات، ويجري التمهيد لفرضها على ارض الواقع.

ولفت المراقبون الى أن الاتفاقيات والحوارات السابقة التي شهدتها اليمن ومنها الحوار الوطني والمبادرة الخليجية التي رعتها السعودية واعقبها تفكيك الجيش اليمني تحت مسمى إعادة هيكلته وتقسيم اليمن الى عدة أقاليم.

ولا يحتاج التقسيم اليوم إلا لتوقيع هادي فقط، ليحظى بعدها اسم “وادي حضرموت” بلقب محافظة تسيطر عليه قوى حزب الاصلاح ، فيما يتم تسليم بقية المحافظة لقوى المرتزقة المدعومة من الامارات.

حضرموت في عيون أمريكا

ولا يبدو أن الاطماع الخارجية في حضرموت لا تنحصر فقط على السعودية فأمريكا هي الاخرى تبدى اهتماما غير عاديا بمحافظة حضرموت, وهو مايتضح من خلال الزيارات المستمرة للوفود الأمريكية إلى المحافظة الغنية بالنفط.

وفي هذا الإطار انهي السفير الأمريكي لدى اليمن، كريستوفر هنزل، زيارته إلى مدينة المكلا عاصمة محافظة حضرموت، حيث التقى فيها الاسبوع الماضي بعدد من القيادات السياسية والقبلية كما زار قوات ما يسمى بالنخبة الحضرمية وقوات مكافحة الإرهاب.

وقد أكد السفير الأمريكي حرص بلاده على دعم المحافظة، وسعها إلى تحقيق الأمن والاستقرار وتطبيع الحياة والمضي نحو التنمية – حسب زعم السفير .

وتعد هذا الزيارة الثانية في غضون شهرين فقد سبق للسفير الأمريكي كريستوفر هنزل ان التقى مطلع الشهر الماضي باللواء البحسني، في الرياض، وأكد هنزل أن أنظار بلاده لم تفارق حضرموت، المحافظة التي تنتج ما يقارب نصف مليون برميل من النفط يوميا.

وكشفت وثائق مسربة عن تحصيل البحسني 190 مليون دولار من عائدات النفط في وادي حضرموت .

كما أشارت الوثائق إلى مساعي أمريكا لإنشاء قاعدة عسكرية في المكلا بمحافظة حضرموت تحت ذريعة مكافحة الإرهاب.

وكان وفد أمريكي رفيع المستوى وصل في يوليو الماضي إلى مدينة المكلا .

وقالت مصادر محلية في المكلا إن الزيارات الأمريكية تجاوزت حكومة المرتزقة وباتت تتعامل مع المسئولين في المحافظة بشكل مباشر كما هو حال السعودية والإمارات.

الموقف الوطني

ولم تكن العاصمة صنعاء بمنأى عما يجري من تخطيط لتقسيم المحافظات الجنوبية، حيث عقدت اللجنة السياسية والعلاقات الخارجية والمغتربين بمجلس الشورى إجتماعاً لها برئاسة رئيس مجلس الشورى محمد حسين العيدروس، ناقش فيه مسودة تقرير اللجنة السياسية، بشأن الأوضاع بالمحافظات الجنوبية والشرقية المحتلة.

وقد أكدت اللجنة رفض الوصاية الخارجية والإحتلال لعدد من المحافظات من قبل أطراف النفوذ والسيطرة في المحافظات الجنوبية والشرقية، محذرة من مشروع تمزيق حضرموت، عبر مرتزقة العدوان وأدواته، في إطار مخطط قوى العدوان لخلط الأوراق في المحافظات الجنوبية والشرقية، وتثبيت إحتلال وتقسيم اليمن ـ والزج بأدوات العدوان في معارك بالوكالة لتمزيق الشعب اليمني وتنفيذ مشاريع قوى النفوذ والهيمنة العالمية.

موقف فصائل المرتزقة

وبحسب المحافظ “طارق سلام” فإن السعودية تهدف من وراء هذا التقسيم الى ضم باقي المناطق النفطية لصالح مليشياتها المتواجدة في اليمن والمتمثلة بحزب الاصلاح.

واكد أن توقيع ما يسمى بالمجلس الانتقالي الجنوبي على اتفاق الرياض، قد اعطى الفار هادي الحق في طرح مثل هذا التقسيم والتوقيع عليه دون الحاجة الى اخذ الموافقة من المجلس، لا سيما وأن السعودية قد اصرت خلال مفاوضات جدة ومشاورات الرياض على استضافة وفود حضرمية مستقلة عن الانتقالي.

وتتضح حالة الخنوع من قبل قيادات المجلس الانتقالي، في تحاشي وسائل إعلامه التي تندد بتقسيم المحافظة، عن ذكر السعودية ودورها في عملية التقسيم خوفاً من إنقطاع الدعم او تهميشهم من تولي المناصب القيادية في الجنوب المحتل.

واشار محافظ عدن إلى أن الضجيج الإعلامي لحزب الاصلاح ووسائل الاعلامية بشأن التقسيم، لا يعدوا عن كونه عاصفة في فنجان، ستضمحل مع مرور الوقت، مؤكداً أن كل فصيل من فصائل المرتزقة، سيحمل الآخر مسؤولية التقسيم رغم انه في الاساس ناتج طبيعي عن القرار الذي وقعا عليه معاً في اتفاق الرياض الأخير.

واضاف: إخوان اليمن يسعى للسيطرة على ما تختزنه محافظة حضرموت من ثروات نفطية ، بالإضافة الى الاحتفاظ بإيرادات منفذ الوديعة.. وبالتالي اوعزت لهم السعودية بالتحرك في حضرموت والسيطرة عليها عبر المنطقة العسكرية الأولى التي تحتل الوادي، في مقابل توريد حصة السعودية من عائدات النفط والمنافذ الى البنك الأهلي السعودي.

ويتضح اليوم أن السعودية شرعت في حصد ما زرعته في الجنوب لا سيما بعد اتفاق الرياض الذي رعته أخيراً بين حكومة المرتزقة ومليشيات الامارات ممثلا بـ«المجلس الانتقالي»، والذي يمنح الرياض حق التدخل الكامل في شأن المحافظات المحتلة، خاصة بعد ان سلمت القوات الإماراتية مواقعها في مديريات ثمود الواقعة في نطاق محافظة حضرموت ومديرية رماة الواقعة في نطاق محافظة المهرة، لقيادة المنطقة العسكرية الأولى الموالية للفار هادي.

وستسعى السعودية كما هو واضح الى اعطاء الفار هادي وحكومته بمعية الانتقالي دوراً شكليا في إدارة محافظات عدن وأبين وشبوة والضالع ولحج، ولكنها ستنفرد بالملفات في حضرموت والمهرة والذي ستبدأه بتقسيم أكبر محافظة يمنية.