الخبر وما وراء الخبر

أطفال اليمن.. أوجاع الأرواح المنسيّة!!

26

يتجاوز حدَّ الألم والوجع والكارثة أيضاً ذلك الحال الذي تسبب به العدوان السعودي ومارافقه من حصار جائر على واقع الطفولة في اليمن، اذ يحكي هذا الواقع جانباً من المعاناة والأزمات الانسانية التي لحقت باليمنيين شرائح وفئات مختلفة جراء ما فُرضت عليهم من حربٍ ظالمة.

واقع أطفال اليمن وما يُرتكب بحقهم من جرائم وانتهاكات لاينطبق عليه سوى توصيف “المذبحة” حسب مختصين بالحقوق الإنسانية، لأن فئة الأطفال تعد أشد الفئات تأثراً بالعدوان والحصار، ومنهم آلاف الضحايا الذين سقطوا نتيجة القصف الجوي والبري والبحري أو نتيجة الحصار الذي قتل الأطفال جوعاً أو مرضاً، ومن بقي من الأطفال حياً خلاف النوعين السابقين هم نوعان: الأول يتيم بسبب فقدانه لوالده الذي استشهد، والثاني فاقد لإحساس الطفولة إذ ليس بمقدور أسرته على منحه مايحتاجه نتيجة ظروف الحصار والتجويع وهؤلاء قرابة 90٪ من الأباء والأطفال، فيما 10% الذين لازالت ظروفهم المادية لابأس بها يعاني أطفالهم أيضا من حالات نفسية أو فقدان شعور الأمان نتيجة استمرار الغارات ليل نهار فلامدرسة الطفل آمنة ولامنزل الطفل آمن أيضاً، غير الأصوات المفزعة لصورايخ مقاتلات الدول المعادية وقذائف المعارك الداخلية.

بلغة الأرقام تتحدث الجهات الرسمية المعنية ومنها وزارة الصحة اليمنية أن “5 ملايين و400 ألف طفل” يمني مصابون بسوء التغذية، منهم “مليونان و900 ألف طفل” دون الخامسة من العمر بما يعادل 55% من الأطفال، في حين أن 30% من المرضى المحتاجين للسفر بغرض العلاج من فئة الأطفال وقد توفي العشرات منهم، بينما نحو “7516 طفل” قتلوا وجرحوا بالقصف المباشر لطيران تحالف العدوان، والى جانب ذلك فإن ما لا يقل عن “مليوني طفل” خارج المدرسة، ونفس هذا العدد بين نازح ومشرد من شريحة الأطفال فقط.

الأرقام الصادمة لإحصائيات نحو ٥ سنوات من العدوان على اليمن تكشف أيضاً أنه يموت طفل كل 10 دقائق بسبب سوء التغذية، و6 مواليد يموتون كل ساعتين بسبب تدهور خدمات الرعاية الصحية نتيجة الحصار، بينما 65 طفلا دون سن الخامسة يموتون من كل 1000 طفل بواحد من الأوبئة المتفشية، ومن ذلك إصابة “مليونين و200 ألف طفل” بالكوليرا توفي منهم “3750 طفلا”، بينما 5 آلاف طفل يمني يصابون سنوياً بالأورام نتيجة استخدام تحالف العدوان لأسلحة محرمة دولياً، حسب مراكز الرصد المختصة التي أوضحت أن أكثر من 12 مليون طفل – تقريباً كل طفل – في اليمن ممن هم بحاجة للحصول على مساعدة إنسانية عاجلة، اذ تسبب العدوان على اليمن في تدمير آلاف المنازل والمدارس والمنشئات وازدياد انعدام الأمن الغذائي وتدمير المرافق الصحية ونقص المياه الذي أدى إلى تفشي الأمراض والأوبئة، وكل هذه المسببات كان لها انعكاسها الكارثي على فئة الأطفال التي كانت الأكثر تضرراً.

إذن الأرقام وحدها تكشف حجم الكارثة الإنسانية بحق الطفولة في اليمن، حيث يصنف حقوقيون الجرائم التي اُرتكبت بحق الأطفال اليمنيين ضمن الجرائم الثلاث التي حددها نظام روما لمحكمة الجنايات الدولية، فمعظم الجرائم ضد فئة الأطفال هي جرائم حرب، ولكون جرائم الحرب تُمارس بشكل ممنهج فهي جرائم ضد الانسانية، ما يعني أن السعودية وتحالفها مارست بحق اطفال اليمن جميعا بلا استثناء أكبر مذبحة في العصر الحديث بضوء أخضر ومباركة ورعاية دولية كاملة.

الصمت الدولي بدا مخزياً ومعيباً إزاء الانتهاكات التي مورست بحق الطفولة اليمنية، اذ تغيب المصداقية في تقارير المنظمات الدولية المعنية عن توصيف هذا الواقع بدقة أو تقديم الدعم الذي يستحقه هذا الوضع المأساوي او القيام بالدور المطلوب بحجم طبيعة المعاناة، كما أن هذه المنظمات وعلى رأسها منظمات الأمم المتحده لا تدين بشكل كافٍ الجرائم المرتكبة بحق أطفال اليمن ولا تمارس الضغط لإنهائها وتقديم مرتكبيها للعدالة، وكأن العالم -كل العالم- لا يسمع أنين أطفال اليمن وآهاتهم وصراخهم، ولا يلتفت لمعاناتهم وبراءتهم المسلوبة وحقوقهم المنتهكة.. فمن ينقذهم إذن؟.. ومن ينقذ هذه الأرواح المنسيّة ويوقف أوجاعها؟!!.