الخبر وما وراء الخبر

وهجُ النبوة.. إضاءةٌ على الوجدان اليماني

28

أحلام عبدالكافي

مشاعرُ جياشةٌ تفيضُ محبةً وإجلالاً لعظمة الرسالة ولعظمة حاملها.. هذا هو الزخم البشري لإحياءِ ذكرى مولد النبي الأعظم، وهذا هو الحضور المهيب في الاحتفال بالمناسبة، وهذه هي القلوب المحبّة العاشقة لوهج النبوة ولذكراها العطرة..

توافدت بل تسابقت وتدافعت جموعُ المحبين رجالاً ونساءً وشيوخاً وأطفالاً؛ للابتهاج بمناسبةٍ عظيمةٍ بعِظَمِة النبي الخاتم الذي لم يتسعْ لعظيم محبتهم للنبي الأكرم مكانٌ، ولا لهيبة توافد أحفاد الأوس والخزرج وقداسة مقام النبوة مجال في رسم هذه اللوحة الشمَّاء، التي كتب بريشة محبيها: (لبيك يا رسولَ الله) من خلال المسارعة في هذا الربيع المحمديّ ليكون النبيُّ محمد حاضراً في الوجدان اليماني..

إنها هتافاتُ أنصارِ رسولِ الله في الفعاليات بذات المناسبة بأنّا جندُك المخلصون، فذكرى النبوة العطرة هي من حرّكت فينا الرغبةَ الصادقةَ لإحيائها؛ تعبيرًا منّا بأنّا أُمَّــةٌ محمديةٌ تعشقُ نبيَّها وتعتزُّ وتفتخرُ بتعاليمه الربانية وتستشعر المسؤولية المناطة بها كأمّة واعية.. يجعلُها بحقٍّ جديرةً بتحمّل أعباء وتبعات الدين الإسلامي، دين محمد، هذا الدين العظيم الذي يدعو لكرامة البشرية جمعاءَ من خلالِ إقامة الحقِّ والعدل والمساواة.. النابع من العزّة والإباء التي ترفض الخنوعَ للظلمة وأرباب الضيم والاستعباد للإنسانية، من خلال السعي لبناء دولة قوية تستمد قيادتها نهج المبادئ الإسلامية الحكيمة البعيدة كُـلّ البُعد عن الأهواء والأطماع والارتهان لأعداء الأُمَّــة وللتدخلات الخارجية.

لا شك بأنَّ الرسالةَ المحمدية ارتكزت على أسسٍ وقيمٍ قوية، تسعى لبناء أُمَّــة قوية بحجم المتطلبات والظروف المحيطة بها، وبحجم التحديات التي تواجه جميعَ الشعوب في كُـلِّ زمان ومكان، كيف لا؟.. فهي تعاليم من خالقِها العالم بما يُصلح أحوالها ويضمن لها طريق النجاح والصلاح.. فبلا شكٍّ إذَا ما ارتبطت الأُمَّــةُ بنبيها فهي بذلك ترتبط بأواصرَ قويةٍ تمكّنها من المضي في درب الحياة بعزيمة مطلقة، فديننا الإسلامي أهتم بجميع الأمور المتعلقة بسر وجود وصلاح وتكوين هذا الإنسان، والتي ستبني إنساناً واعياً متماسكاً (ومشبّعاً) بأقوى المكونات الكفيلة بالسير به نحو مواجهة وإدراك كُـلِّ ما يُحاط به كفردٍ وكأمّةٍ، ويستطيع من خلالها أن يحدّدَ أولويات ومسار حياته من خلال التعاطي مع الأمور من حوله بمزيدٍ من الوضوح المبني على معرفة حقيقية لمكنون وخبايا ومعطيات المتغيرات على كافّة الأصعدة، سواءٌ أكانت اجتماعية أَو سياسية أَو دينية أَو اقتصادية.

نعم، إن كُـلَّ تلك الإمْكَانيات كفيلةٌ بجعل الإنسان المسلم شخصاً لا يُهزَمُ ولا يمكنُ الاستهتارُ به، أَو جعله في مرمى العابثين من أرباب الهيمنة الاستكبارية، التي عاثت اليومَ بالإنسانية إجراماً بأشدِّ أنواع الظلم والقهر والاستعباد، بل وجعلت منه فريسةً ولقمةً سائغةً بعد أن عمدت بكلِّ أساليبها لصرفه عن تعاليم دينه الإسلامي وَعن تعاليم نبيه الأكرم، وإبداله بدين إرهابي (متطرف)، بعيداً كُـلّ البُعد عن العقل والمنطق والرحمة، والذي اليوم بات دليلاً واضحاً على ذلك المخطّط الذي يُحاكُ ضدّ الأُمَّــة؛ لتظلَّ خانعةً مشتتةً أمامَ بسط نفوذ وتمدُّد أعدائها وتحقيق جميع مآربهم التي تُحاك ضدّ أُمَّــة محمد..