هل حان وقتُ المصالحة الشاملة؟
ذمار نيوز || مقالات ||
[ 31 اغسطس 2019مـ -30 ذو الحجة 144ه]
بقلم / إبراهيم السراجي
جاء قرارُ الرئيس المشّـاط بتشكيلِ لجنة المصالحة الوطنية وكذا دعوة قائد الثورة في خطابِه الأخير للمخدوعين للعودة على أَسَاس الشراكة، في وقت حسّاس من تاريخ بلدنا ومرحلةٍ خطيرة من العدوان المستمر عليه، وعليه فإنَّ على كُـلّ الأطراف المعنية وخصوصاً المؤيّدة للعدوان الاستجابةَ لهذه الدعوة أَو ما يمكنُ وصفُها بالمبادرة الوطنية، خَاصَّةً وأن أجندةَ العدوان قد ظهرت لكُلِّ شعوب العالم وقبلها الشعب اليمني، ولم يعد بإمْكَان تلك الأطراف أن تبرّرَ استمرارها في تأييد العدوان أَو منحِه قناعاً جديداً.
والحقيقةُ أن القيادةَ السياسيةَ والثوريةَ في صنعاء لم تتوقّفْ في كُـلّ المناسبات عن دعوة الخصوم إلى مصالَحة وطنية شاملة على أَسَاس الشراكة منذ بدء العدوان، بل وقعت اتّفاق السلم والشراكة ليلةَ انتصار ثورة 21 سبتمبر، وبالتالي فإن الدعواتِ الصادرةَ من صنعاء ليست مجرد مراوغة أَو نتيجة مرحلة ضعف، بل ناتجةٌ عن إيمان حقيقي بضرورة تجنيب اليمن ويلاتِ الحرب والتدخلات الخارجية وإيمان عميق بأنه لن يستقيمَ الأمرُ في اليمن إلا بشراكة فعلية بين كُـلّ المكونات اليمني، وهي الشراكةُ الوطنيةُ المستقلّة عن تأثيرات الخارج والتي كان تدميرُها وتخريبُها أحد أسباب العدوان.
الجميعُ يتذكّرُ منذُ أول غارة للعدوان وفي كُـلّ مناسبة سنوية أَو عيد وطني أَو ديني كم كرّر قائدُ الثورة السيد عبدالملك الحوثي والرئيسان الشهيد الصمّـاد وخلفه المشّـاط، دعوتَهم لحوار يمني-يمني يقطع الطريق على الخارج وأطماعه، غير أن القليلَ قد يلاحظون أن هذه الدعوات كانت تصدُرُ من موقع قوة على الصعيدَين العسكري والسياسي، كما يتذكّر الجميعُ كيف قوبلت هذه الدعوات بالتجاهل وأحياناً الرفض من قبَل قادة المكونات المؤيدة للعدوان وكيف كان الفارّ هادي يرُدُّ بالدعوة للحسم العسكري، أما رئيسُ الإصلاح اليدومي فالكُلُّ يذكّرُ خطابَه المتلفز وهو يجهَشُ بالبكاء داعياً تحالفَ العدوان لمواصلة الحرب وعدم تركهم في “منتصف الطريق”، بحسب وصفه في حينه.
إنَّ الدعواتِ الوطنيةَ للمصالحة ليست نابعةً من محبَّة لقادة المرتزِقة؛ وإنما لأن الشعب اليمني يستحقُّ أن يعيشَ في سلام؛ لأن اليمنَ يستحقُّ أن يستقرَّ ويستقل ويستعيدَ كاملَ سياسته، وعليه فإن على الجميع أن يدركَ أهميّة التعالي على الجراح من أجل اليمن، ولنترُكْ التاريخَ يحكُمُ على هذه المرحلة الواضحة والجلية ويفرزُ من كان الوطني ومَن خان الوطن.
ما نحتاجُه اليومَ هو مصالحةٌ شاملةٌ على أَسَاس مصلحةِ الوطن وليس على النحو الذي يدعو إليه حزبُ الإصلاح في لحظاتِ هزيمته ويتخلى عن دعواته في لحظات النشوة والتي تجلّت في المتغيرات المتسارعة صعوداً وهبوطاً للمعارك بينه وبين مرتزِقة الإمارات في المحافظات الجنوبية، أي أننا لا نريدُ التحالُفَ مع الإصلاح ضد الانتقالي -كما يدعو نشطاءُ الإصلاح- ولا نريدُ تحالفاً مع الانتقالي الإماراتي ضد الإصلاح، فما نريدُه هو شراكةٌ كاملةٌ بين كُـلّ القوى اليمنية تقطعُ الطريقَ على مشروع العدوان الذي وصل إلى ذروته وكشف عن كامل رغبته بتفتيت وتقسيم اليمن وإذكاء الصراعات المناطقية ليستقيمَ له أمرُ نهب ثروات الوطن واستغلال جغرافيته الهامة.
لقد أظهر العدوانُ خلال الساعات الماضية استعدادَه سحقَ الآلاف ممَّن قاتلوا كمرتزِقة في صفوفه في سبيل تحقيقِ أهدافِه الحقيقية ولعل قيامَ الطيران الإماراتي بقتل وإصابة أكثر من 300 مرتزِق على تخوم عدن خيرُ دليل على ما نقولُ، فهل تعودُ القوى المتورطةُ بخيانة الوطن إلى رُشدها وتنحازُ للشعب ومصلحة اليمن وتستجيبُ لدعوة المصالَحة كبوابةٍ لشراكة حقيقيةٍ تخدُمُ الوطنَ والشعبَ ولا تكونُ مجرد محاصصةٍ ووكالة لأطراف خارجية؟