المخا: مستوطنة إماراتية يسكنها المرتزقة والجنجويد
بعد هيمنة قوات ومرتزقة الإحتلال الإماراتي على المخا وتحويلها إلى ثكنة عسكرية تحولت المدينة إلى مدينة محرمة يمنع على أبناء محافظة تعز دخولها إلا بتصاريح.. كما منعت الأسر التي تم تشريدها من العودة لمنازلها.
استثمرت دولة الإمارات مشاركتها في تحالف العدوان، الذي تقوده السعودية، لتحقيق أهدافها في السيطرة على المطارات والموانئ اليمنية، دونما اكتراث لما ستخلفه حماقاتها من آثار كارثية على الشعب اليمني وخسائر بشرية واقتصادية يصعب معالجتها والتعافي منها.
الأطماع الإماراتية وأهدافها التوسعية في منطقة البحر الأحمر والقرن الافريقي وخليج عدن لم تكن وليدة اليوم بل تمتد لسنوات عديدة، ورغم أن مشاريع وأهداف الإمارات ظلت مختبئة واجتهدت أبوظبي وحرصت على طمس بصماتها وكل ما يشير إلى وقوفها وراء الكثير من الأحداث التي شهدتها اليمن ومنطقة القرن الإفريقي، إلا أنها أطلت برأسها وكشفت عن نفسها في العام 2015م.
الأطماع الإماراتية في اليمن بدأت ترجمتها عمليا قبل سنوات طويلة، من خلال مساعيها الحثيثة ومؤامراتها لإفشال مشروع المنطقة الحرة في عدن مرورا باستئجار ميناء جيبوتي، وتبنيها للقراصنة الصوماليين وإدارة ودعم عملياتهم لوجستيا في اعتراض السفن التجارية في منطقة باب المندب وخليج عدن وانتهاءً بسيطرتها على الموانئ والمطارات اليمنية في المحافظات الجنوبية.
ميناء المخا الذي يعتبر من أقدم وأعرق الموانئ في البحر الأحمر بل وأقدم الموانئ على مستوى العالم، لم يكن بعيدا عن الأطماع والأهداف الإماراتية التي تسعى من خلالها للاستيلاء والسيطرة على الموانئ اليمنية، وهو ما اتجهت لترجمته فعليا منذ الأيام الأولى لانطلاق عاصفة العدوان على اليمن، حيث اتجهت لإخلاء مدينة المخا من سكانها من خلال تعمد استهداف المدنيين في الأحياء السكنية واستهداف المنشآت الحيوية والعاملين فيها لإجبارهم على مغادرة المدينة والنزوح إلى مناطق أخرى بحثا عن الأمان.
استهداف وتهجير
في يوليو من العام 2015 شنت طائرات التحالف غارات استهدفت مدينة العمال السكنية وسط المخا موقعة أكثر من 120 قتيلاً مدنياً وأكثر من 150 جريحاً مدنيًا أغلبهم من النساء والأطفال وكبار السن، في حادثة لقيت إدانات دولية وأممية واسعة حتى من قبل الأمم المتحدة، خصوصاً أن الجريمة حدثت في وقت لم تكن المعارك في الساحل الغربي قد بدأت أو اقتربت منه. ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد بل قام طيران العدوان بشن سلسلة من الغارات الجوية المكثفة استهدفت مناطق متفرقة من مدينة المخا والتي لم تتوقف عند حدود تدمير البنى التحتية كمحطة الكهرباء والميناء والمصالح الخدمية ووصلت للاستهداف المباشر والمتعمد لتجمعات المواطنين ومخيمات الأعراس، والتي كان أبرزها المجزرة التي ارتكبتها مقاتلات العدوان عندما استهدفت مخيم عرس نسوي في المدينة التي تحولت إلى مدينة أشباح.
مسلسل الجرائم الذي تتعمد الإمارات تنفيذه ضد سكان مدينة المخا لإجبارهم على مغادرة المدينة لم يتوقف باستيلائها على المخا وإنما ازداد إيلاما ووحشية ، إذ شهدت المدينة أكثر من حالة اغتصاب جماعي لنساء وفتيات وأطفال من سكان المدينة من قبل المجاميع التي استقدمتها وشكلتها الإمارات من المرتزقة السودانيين واليمنيين والكثير من شذاذ الآفاق.
مستعمرة الجنجويد
لم يكتف الاحتلال الإماراتي بإنشاء المعسكرات وسط المدينة وتحويل ميناء المخا التاريخي إلى معسكر أيضاً، بل قام بتحويل المدينة السكنية الخاصة بموظفي محطة الكهرباء إلى معسكر كبير وسكن لمرتزقتها من جنود الجنجويد السودانيين على حساب تشريد 200 أسرة يمنية كانت تسكنها.
وأمام الممارسات التي يرتكبها المرتزقة السودانيون والمرتزقة المحليون تحولت مدينة المخا الساحلية الهادئة من حالة الاستقرار إلى حالة من عدم الاستقرار، ولم تفقد المدينة الضاربة جذورها في التاريخ ألقها وحسب، بل فقدت أمنها واستقرارها وسكينتها العامة، وأصبحت أشبه بسجن كبير لسكانها، الذين يعيشون تحت رحمة مليشيات متعددة الانتماءات والولاءات.
ومع كل ما جاءت به الإمارات من تناقضات تصاعدت مظاهر الانفلات الأمني وتصاعدت جرائم القتل والاغتصاب والسرقة والاعتقالات، وأصبح الرعب يسيطر على المدينة وسكانها جراء الاشتباكات المتعددة والمتكررة بين رفاق السلاح من القوات الموالية لأبوظبي، ودخلت المدينة في معاناة لا تنهي نتيجة صراع النفوذ بين قوات جنوبية وأخرى محلية جمعت تناقضات الشمال والجنوب وتتبع طارق عفاش.
ما يحدث في مدينة المخا لا يمكن وصفه إلا بــ”المخيف” والذي يعكس توجه الإمارات لإدارة المدينة بالرعب والفوضى، فميناء المدينة التاريخي الذي تحول إلى ثكنة عسكرية وغرفة عمليات لقيادة الاحتلال الإماراتية أصبح منطقة محرمة يمنع أبناء المخا من الإقتراب منها وهو ما تسبب في تراجع الحركة التجارية في المدينة إلى أدنى المستويات.
ميناء السلاح
لم تتوقف ممارسات الاحتلال الاماراتي العبثية عند هذه الحدود بل تجاوزتها إلى ما أبعد من ذلك، إذ حولت الميناء التاريخي إلى ميناء عسكري يستقبل المزيد من شحنات السلاح المقدم من دول العدوان للقوات الموالية لأبوظبي، كما حولت شواطئ مدينة المخا وسواحلها إلى محمية إماراتية يمنع اقتراب الصيادين التقليديين منها.
لكن ورغم القبضة الحديدية للمحتل الإماراتي على مدينة المخا التي تم تحويلها إلى مستوطنه إماراتية، ترفع في مدارسها ومكاتبها الحكومية أعلام الإمارات وصور «أولاد زايد»، إلا أن الإمارات لم تقدم فيها أي خدمات، ولم يحصل سكان المخا من الإمارات على شيء غير الخوف والرعب والإهانة.