الخبر وما وراء الخبر

مجزرة تنومة: تأريخ سعودي ملطخ بالدم.

110

ليس خافيا على أحد تأريخ النظام السعودي الحافل بالجرم والقتل، وممارسة شتى ضروب الظلم والإستباحة والإقصاء، إلى جانب إذكاء الصراعات وإشعال الفتن في كل زوايا الأقطار العربية والإسلامية. فمسلسلات الجريمة التي ينفذها العدوان السعودي الأمريكي اليوم على بشر اليمن وحجره وكل مقومات الحياة فيه؛ لم يكن سوى امتداد لصلفه وحقده على اليمنيين فرادى وجماعات، والذي حاول من خلال المتاجرة بالأقلام ومدوني الحقائق أن يخفي تلك الجرائم ويطمس معالمها؛ إلا أن اليمنيين باتوا يعرفون كل تفاصيلها ويضمرون كل نوايا الثأر لها والإنتقام من سفاكيها.

يصادف اليوم الذكرى 96 لمجزرة “تنومة” المروعة التي ارتكبها جيش آل سعود بحق آلاف الحجيج اليمنيين عام 1923م، بدم باردة وعنترية مفرطة وتبجح غريب، دون رقيب على أفعاله أو حسيب على تبعات تصرفاته الشاذة عن سنن هذا الكوكب.

وتنومه بلدة في عسير، وكان الحجاج اليمنيين زهاء ثلاثة آلاف عزّل من السلاح، كلهم مهللون بالإحرام للحج، فصدف أن ألتقت سرية جنود من جيش آل سعود بقيادة الأمير خالد بن محمد «ابن أخ الملك عبدالعزيز»، بالحجاج اليمنيين وهم في طريقهم إلى مكة، فسايرهم الجنود بعد أن أعطوهم الأمان، ولما وصل الفريقان إلى وادي تنومه، وجنود السرية في الجهة العليا بينما اليمنيون في الجهة الدنيا، انقض الجنود على الحجاج بأسلحتهم فأبادوهم فلم ينج منهم إلا عدد قليل وقُتل أكثر من ٢٩٠٠ حاج.

وتقول المصادر التاريخية ان الحجاج اليمنيين بينما كانوا يجتازون وادي تنومة كانت قد ترصّدتهم مجموعات تكفيرية من جيش عبدالعزيز آل سعود في رؤوس الجبال المطلة على الوادي، يقال لهم الغُطْغُط، بقيادة الوهابي سلطان بن بجاد العتيبي، فانقضُّوا عليهم بوحشية منقطعة النظير، وهم عزل من السلاح، فتقرّبوا إلى الله بزعمهم بقتل هؤلاء الحجاج اليمنيين جميعا رجالا ونساء؛ لأنهم بحسب عقيدتهم كفار مباحو الدماء والأعراض، بلغ بأولئك أن هنَّأ بعضُهم البعضَ الآخر بكثرة من قُتِل من الحجاج، فمن قتل حاجًّا واحدا بشّروه بقصرٍ في الجنة، ومن قتل اثنين بشَّروه بقصرين، وهكذا، وبعد ذلك سطوا على دوابهم وقافلتهم التي كانت تحمل الحبوب والدقيق والسمن واحتياجاتهم التموينية التي كانت أيضا سببا في سيلان لعاب هؤلاء الوهابيين التكفيريين.

وقد حاول آل سعود عبر بعض الأقلام المرتبطة بهم أن يبرروا هذه الفعلة عن طريق الادعاء بأن الجنود السعوديين ظنوا أن الحجاج مجموعة مسلحة من أهل الحجاز فاشتبكوا معها، وهو ما يدعو إلى التساؤل: متى كان اغتيال المسلمين وقتلهم بالظن جائزاً، ومع ذلك فقد كذّبت الوقائع تلك المزاعم، إذ ثبت أن الجنود السعوديين لم يقتلوا هؤلاء الوافدين إلى بيت الله الحرام، إلا بعد أن ساروا بمحاذاتهم مسافة معينة وتأكدوا من أنهم لم يكونوا يحملون السلاح.