نيويوك تايمز: بن سلمان يستغيث بترامب بعد انسحاب الإمارات من اليمن
ذمار نيوز || تقرير | 16 ذو القعدة 1440هـ الموافق 19 يوليو 2019م
كشفت صحيفة “نيويورك تايمز” الأمريكية، الجمعة، أن ولي العهد السعودي “محمد بن سلمان”، تواصل مع إدارة الرئيس الأمريكي “دونالد ترامب”، مؤخرا، وطلب منهم مساعدته في تعويض الفارق العسكري الكبير الذي نجم عن انسحاب الإمارات من الحرب في اليمن، وسط شكوك حول قدرات السعودية في استكمال الحرب وحدها.
واعتبرت الصحيفة، في تقرير، نشرته صباح الجمعة، أن ولي العهد السعودي بات وحيدا في مستنقع داخل اليمن، بعد 4 سنوات من الحرب، والتي وصلت إلى طريق مسدود، خاصة مع انسحاب أبرز حلفائه وأقواهم داخلها، الإمارات.
وأشارت “نيويورك تايمز” إلى أن معارضة الكونغرس المتصاعدة للحرب في اليمن، ستجعل من الصعب على “ترامب” الاستجابة لمطالب “بن سلمان” الأخيرة، وبدلا من ذلك، قد يترك الرئيس الأمريكي لولي العهد السعودي خيارات محدودة ومتواضعة لن تؤدي إلى انتصاره أو حتى إنقاذه هناك.
الفارق بين السعوديين والإماراتيين
وقالت الصحيفة إنه، في حين قاتل السعوديون في اليمن بالكامل تقريبا من الجو، قاد الإماراتيون، المتمرسون بسنوات من القتال إلى جانب الجيش الأمريكي في أفغانستان وغيرها، كل تقدم بري، لذلك كانوا هم الطرف الأكثر قوة وفاعلية في اليمن.
وتضيف: “خلف الكواليس، لعب الضباط الإماراتيون بالسلاح والمال دورا مهما بنفس القدر في تجميع تحالف متشعب من الميليشيات اليمنية التي تعادي بعضها البعض، والتي بدأت بالفعل تتصارع لملء فراغ السلطة الذي خلفه الإماراتيون”.
وتتابع: “نتيجة لذلك، يرى المحللون، أن الخروج الإماراتي يجعل احتمال النصر العسكري السعودي في اليمن بعيدا”.
وأشارت “نيويورك تايمز” إلى أن بعض الدبلوماسيين الغربيين والأمم المتحدة باتوا يأملون في أن يؤدي الانسحاب الإماراتي إلى دفع “بن سلمان” إلى التفاوض على صفقة مع الحوثيين، والتي من المحتمل أن تكون مقدمة لتخفيف وتيرة الحرب، والتي باتت محل انتقاد متصاعد في الكونغرس الأمريكي، وعواصم كثيرة في العالم، بسبب كلفتها العالية على المدنيين.
ليس سهلا
ومع ذلك، ترى الصحيفة أن الانسحاب السعودي المحتمل من اليمن، لن يكون سهلا، بسبب طول حدود المملكة مع اليمن، وتمرس الحوثيين في تنفيذ الهجمات على الأراضي السعودية، وشراستهم المتصاعدة، حيث أطلقوا، منذ بداية الحرب، أكثر من 500 صاروخ باليستي، وما يزيد على 150 طائرة مسيرة محملة بالمتفجرات.
ونقلت الصحيفة عن “فارع المسلمي”، رئيس مركز صنعاء للدراسات الاستراتيجية، وهو معهد أبحاث في العاصمة اليمنية، قوله: “السعوديون ليس لديهم رفاهية الخروج من اليمن.. لا توجد وسيلة للفرار”.
وتقول الصحيفة الأمريكية إنه رغم عدم وجود معارضة داخل السعودية لحرب اليمن، بسبب القمع المتزايد الذي يمارسه ولي العهد، فإن الانسحاب الإماراتي عكر صفو هذا الهدوء على “بن سلمان”، ومن المتوقع أن يضعف قدرة السعوديين على الأرض، ومن ثم على التفاوض مع الحوثيين، ورفعت التكلفة المحتملة على “بن سلمان” لإنهاء تلك الحرب دون أن تهتز صورته.
ورغم أن الأمريكيين يقدمون للسعودية دعما لوجيستيا وأسلحة في تلك الحرب، نقلت الصحيفة عن دبلوماسيين قولهم إن “بن سلمان” يأمل حاليا في مشاركة أمريكية أكبر هناك، على مستوى الاستخبارات، وربما يريد نشر فرق من القوات الخاصة الأمريكية أو مستشارين عسكريين.
لكن واشنطن، والتي يشكو السعوديون من أنها بعثت برسائل مختلطة حول دعمها للحرب، أثارت دهشة الزعماء السعوديين بسبب ثورة الغضب التي أبداها المشرعون الأمريكيون على “بن سلمان” بعد جريمة اغتيال الصحفي “جمال خاشقجي” وتمزيق جثته داخل قنصلية المملكة في إسطنبول، في أكتوبر/تشرين الأول الماضي، وقد دفعت تلك الجريمة المشرعين الأمريكيين إلى النظر بشكل أكثر تدقيقا في الحرب على اليمن، كما تقول الصحيفة.
مستنقع
وتضيف: “بعدما أصدر الكونغرس تشريعا هذا العام يطالب بإنهاء الدعم العسكري الأمريكي لتلك الحرب، بما في ذلك مبيعات الأسلحة للسعودية، خلص مسؤولو البنتاغون إلى أن الحرب قد تحولت إلى مستنقع لا يمكن خوضه، وحثوا السعوديين منذ شهور على محاولة التفاوض لإنهاء القتال”.
ولدى سؤاله عن الخطط السعودية لملء الفراغ الذي خلفه الانسحاب الإماراتي، نقلت الصحيفة عن مسؤول بالسفارة السعودية في واشنطن، الأسبوع الماضي، قوله إن “المملكة ستعتمد أكثر على الحلفاء اليمنيين”.
وتعلق “نيويورك تايمز” على ذلك الأمر بالقول: “لكن الميليشيات اليمنية الموالية للسعودية والإمارات بدأت بالفعل في الاختلاف حول من سيتولى المسؤولية في غياب الإماراتيين، ما يؤكد هشاشة ذلك التحالف”.
ومضت الصحيفة في سرد عدد من مشاهد ذلك الاختلاف، وقالت إنه في الأسبوع الماضي، طرح حلفاء “طارق صالح”، وهو ابن شقيق الرئيس اليمني الراحل “علي عبدالله صالح”، فكرة أن التحالف الذي تقوده السعودية يريده أن يكون القائد الجديد للقوات اليمنية.
لكن هذا لم يدم طويلا، حيث أصدرت ميليشيا إسلامية قوية متشددة تدعى “لواء العمالقة”، وهي مدعومة من قبل الإماراتيين، بيانا سريعا قائلة إنها لن تقبل “صالح” أبدا، لأنه كان من شمال اليمن، وليس من الجنوب.
وتضيف الصحيفة: “ثم بدأت ميليشيا قوية أخرى، مؤلفة من انفصاليين يمنيين جنوبيين يتلقون أجورهم وتسليحهم من قبل الإماراتيين، في الترويج لنفسها كخليفة مفضل للقيادة الإماراتية”.
واختتمت الصحيفة، تقريرها بالقول، نقلا عن “إميل حكيم”، الباحث في المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية: “المشكلة الأساسية بالنسبة للسعوديين اليوم هي أنهم، على عكس الإماراتيين، عميلهم الرئيسي داخل اليمن ضعيف وغير فعال”.
*الخليج الجديد