تعويض الموظفين الذين قطعت رواتبهم من وجهة نظر قانونية
مضت قرابة أربعة أعوام على قيام حكومة هادي بمصادرة رواتب الموظفين، اتخذت خلالها قضية المرتبات تشعبات، وأبعاد متعددة، رغم أن المسألة لم تكن تحتاج كل تلك التعقيدات التي وضعها التحالف.
تشير الاحصاءات إلى أن هناك مليون ومأتي الف موظف حكومي حتى عام (2014) ، مليون موظف منهم تم قطع رواتبهم من قبل حكومة “هادي” يعيشون في 13 محافظة تديرها حكومة الانقاذ ، عانوا من الجوع، طردوا من منازلهم المستأجرة، عجزوا عن توفير الدواء والملبس ومستلزمات التعليم لأبنائهم، في الوقت الذي ارتفعت فيه الأسعار بنسبة 100% بعد أن فقد الريال قيمته الشرائية، نتيجة طبع العملة دون غطاء من قبل حكومة “هادي”.
ومن وجهة نظر قانونية فإن شريحة الموظفين الذين تم قطع رواتبهم، ستكون على رأس قائمة ضحايا الحرب، الذين يفترض أن يحصلوا على التعويضات المناسبة، بسبب ما تعرضوا له من انتهاكات مست كرامتهم وطالت أدق تفاصيل حياتهم.
ومن وجهة نظر قانونية فإن ضحايا الحرب يتوزعون، بين فئات مستهم الحرب بشكل مادي ملموس مثل ضحايا القصف، وما يتنج عنها من قتلى وجرحى بين المدنيين، إضافة إلى تدمير الممتلكات، وهناك نوعية أخرى من الضحايا الذين تم قطع مصدر دخلهم بشكل متعمد، كما هو حاصل مع شريحة الموظفين الذين قام التحالف بقطع مرتباتهم بشكل يتنافى مع قواعد القانون الانساني الدولي.
وبالنسبة لشريحة موظفي القطاع العام في اليمن، فإن جميع شروط “ضحايا” الحرب الاقتصادية تنطبق عليهم، ولا يمكن لدول التحالف التنصل من مسئولياتها تجاههم في حال تقدموا بدعوى للحصول على تعويضات، خصوصاً أن الوضع السيئ الذي عانوا منه، لم يكن ناتجاً عن ظروف قهرية مثل عدم قدرة حكومة “هادي” على دفع المرتبات، بدليل أنها تطلق الكثير من التصريحات حول صرف المرتبات في المناطق التي تديرها حكومة الوفاق في صنعاء، إضافة إلى الشروط التي وضعتها مؤسسات الأمم المتحدة المعنية “صندوق النقد والبنك الدولي” قبل الموافقة على نقل البنك المركزي من صنعاء إلى عدن، والذي تسلمت على أساسه الحكومة التابعة للتحالف مسئولية الملف الاقتصادي في البلاد، على أساس أن تقوم حكومة “هادي” بصرف مرتبات الموظفين، ودفع النفقات اللازمة لتشغيل القطاعات الخدمية.
إلا أن حكومة “هادي” لم تفي بتلك الالتزامات، رغم أنها تستحوذ على 90% من موارد الدولة بحسب تقرير صادر عن اللجنة الأممية في يوليو 2017 .
وفي المحصلة يعتبر ما ورد سابقاً أدلة سابقة عن أن الموظفين تم حرمانهم من مصادر عيشهم “المرتبات” مع سبق الاصرار والترصد، من قبل الحكومة التابعة للتحالف، في إطار حرب اقتصادية، يجرمها القانون الدولي، ويعد ضحايها أشخاص مستحقون للتعويض.
وبدلاً من تقوم الحكومة التابعة للتحالف بمعالجة الموقف ودفع رواتب الموظفين تجنباً للمسألة القانونية، نجدها اتجهت بعيداً من ذلك عبر ارتجال جملة من الأسباب الواهية للامتناع عن دفع حقوق الموظفين، بما يؤكد أن هناك من يدفع هذه “الحكومة” نحو التورط بالمزيد من الجرائم والانتهاكات بحق شعب اليمن.
حيث يلاحظ أن قوى التحالف أدخلت مسألة دفع المرتبات، بالكثير من التشعبات وحولتها إلى قضية سياسية، تتطلب إجراء مفاوضات، ثم التنصل من الاتفاقات الناتجة عن المفاوضات، والعودة إلى بحثها من جديد، مع أن المسألة لا تحتاج كل ذلك حسب خبراء اقتصاديين، بدليل أن حكومة صنعاء أستمرت بدفع رواتب الموظفين في كافة انحاء اليمن، إلى أن تم نقل البنك إلى عدن، في ظل صمت الأمم المتحدة التي يبدو أن دول التحالف استأجرتها لتكون بمثابة عجلات تأخذ اليمن إلى الهاوية.
تجاوزاً للعثرات التي يختلقها التحالف فيما يخص مرتبات الموظفين، قام المجلس السياسي الأعلى في الأول من يوليو الجاري، بتقديم مبادرة لسحب الذرائع التي يتحجج بها التحالف حول مرتبات الموظفين، وقد تضمنت المبادرة فتح حساب خاص للمرتبات، في فرع البنك المركزي بمحافظة الحديدة، يتم توريد مداخيل موانئ الحديدة الثلاثة إلى ذلك الحساب، وصرفها على مرتبات الموظفين، بمقابل أن تقوم الحكومة للتحالف بوضع الايرادات بحساب خاص بالمرتبات، تحت اشراف الأمم المتحدة .
لكن الأمم المتحدة لم تتلقف تلك المبادرة تاركة للتحالف حرية التلاعب، بأقوات أكثر من ستة ملايين أنسان يعولهم الموظفون المدنيون في المحافظات الشمالية.