الخبر وما وراء الخبر

لماذا تنعكس انتصارات اليمنيين قلقاً في إسرائيل؟

34

في تطوّر لافت سيترك بصماته الواضحة على خريطة القوى التي ستكون في دائرة المواجهة مع إسرائيل في أية حرب كبرى قادمة ، كشف مصدر عسكري يمني النقاب عن أن الصناعات العسكرية اليمنية التابعة للجيش واللجان الشعبية تمكَّنت من تطوير صاروخ باليستي يحمل إسم “قدس واحد” بإمكانه إصابة أهدافه بدقّة عالية على بُعد2500 كم من الأراضي اليمنية.

بدخول هذا الصاروخ إلى الخدمة العسكرية يحقّ لحُكّام إسرائيل أن يقلقوا، لأنه بامتلاك الجناح اليمني من محور المقاومة لمثل هذا الصاروخ وربما قريباً غيره ، تصبح فلسطين التاريخية تحت مرمى الصواريخ الباليستية اليمنية بعد أن باتت كل أراضي السعودية والإمارات وكل القواعد والبوارج الحربية الأميركية في الخليج في مرمى الصواريخ الباليستية والمُجنّحة والطائرات المُسيَّرة اليمنية.

لقد كان حلم أحرار اليمن تاريخياً أن ينفروا خفافاً وثقالاً إلى فلسطين للدفاع عن الشعب الفلسطيني وقضيته العادلة التي بعتبرونها قضيتهم المركزية، ولكن بُعد المسافات والتعقيدات الجيو- سياسية الناجِمة عن تقسيمات سايكس بيكو كانت تحول دون ذلك ، إلا في أضيق نطاق حيث تمكَّن يمنيون يحملون جوازات سفر أجنبية من الوصول إلى لبنان والقتال في صفوف الثورة الفلسطينية إلى أن أجبرت على الخروج من بيروت في صيف العام 1982 من القرن الماضي .

وبإمكاننا القول أن حكومات إسرائيل المُتعاقِبة كانت تعتبر الشعب اليمني خطراً مُحتملاً على إسرائيل ، ليس لأن اليمنيين يعتّدون مبدئياً ضد المشروع الصهيوني ويرفعون شعار الموت لإسرائيل وإنما أيضاً بسبب موقع اليمن في منطقة باب المندب الاستراتيجية على البحر الأحمر ولذلك فإن حكومة نتنياهو لم تكتفِ بتأييد الحرب التي شنّتها السعودية والإمارات قبل أكثر من أربع سنوات على اليمن بل وشاركت مع الولايات المتحدة ولو بشكل سرّي في تحالف العدوان من خلال إرسال خبراء عسكريين وطيّارين شاركوا فعلاً في العمليات الحربية كما أكَّد الحوثيون .

ولذلك فقد كان قلب إسرائيل يخفق مع كل طلعة لسلاح الجو اليمني المُسيَّر، ومع كل رشقة صواريخ يمنية باليستية ومؤخّراً مجنّحة ، تطلَق على المطارات والمواقع الاستراتيجية السعودية والإماراتية ليس لأن دخول هذه الأسلحة مكَّن الحوثيين من تغيير مسار الحرب لصالحهم بل وأيضاً لأن الإسرائيليين يعرفون أن مثل هذه الأسلحة وربما أكثر تطوّرا ودقّة منها موجودة لدى حزب الله اللبناني وسوريا و المقاومة الفلسطينية في قطاع غزّة، فكيف ستكون حالهم فيما لو اندلعت الحرب في الشمال والجنوب وعلى كل الجبهات في آن واحد؟

وباختصار فإن إعلان الإمارات عن سحب قواتها من اليمن ولو بشكل خجول وغير رسمي حتى اللحظة ، جاء بسبب صمود وبسالة الشعب اليمني أولاً وبسبب تكاليف الحرب الباهِظة على الخزينة الإماراتية ثانياً وليس للتفرّغ لتقديم مساعدات إنسانية كما زعم البعض .

فالإمارات ومعها السعودية شنّتا الحرب على اليمن من أجل نَهْبِ خيرات هذا البلد والسيطرة على موانئه الطويلة على البحر الأحمر، وكان الأمن الإسرائيلي في منطقة مضيق باب المندب الاستراتيجي، وبالتالي فإن هزيمتهما هناك هي هزيمة لمشروع أميركا وإسرائيل ومّقدمة لتفكّكهما.

بقي القول أن ما دفعني لكتابة هذه المقالة هو أنني قرأت قبل عدّة أيام تقريراً كان موقع “ديبكا” الاستخباراتي الإسرائيلي قد نشره في الثاني من تشرين الثاني عام 2017 تعقيباً على تهديد كان أطلقه مساعد الناطق بلسان الجيش واللجان الشعبية اليمنية اللواء عزيز راشد بضرب قواعد إسرائيلية في أرتيريا وإذا لزم الأمر في إسرائيل نفسها ردّاً على العدوان السعودي الإماراتي على اليمن .

ففد شكّك التقرير بوجود صواريخ حوثية تستطيع بلوغ تلك الأهداف سيما ان أرتيريا تبعُد عن اليمن 973 كم وعن إسرائيل 2211 كم. ولكن تمكّن الصواريخ اليمنية من إصابة أهداف في الرياض التي تبعُد عن اليمن 1125 كم وفي أبو ظبي التي تبعد عن اليمن 1163 كم وبالأمس أعلن اليمن عن تطوير صاروخ “قدس واحد” الذي يبلغ مداه 2500 كم بالاضافة إلى الطائرات المُسيَّرة بعيدة المدى يدحض ذلك التقرير جملة وتفصيلاً .