الحرب الشيطانية: أداة المُستعمر الجديد
خاص | إنً الحرب الناعمة، والتي قد يُسميها البعض الحرب الصامتة أو الهادئة، هي الحرب التي بِتّنا جنودها ، نُساهم فيها دون أن ندري، إنها الحرب التي باتت أداة المُستعمر الفكرية، والتي أفضت إلى تأسيس واقعٍ من الفراغ الاجتماعي تعيشه المجتمعات اليوم، والذي يُخالف مبادئ الدين الإسلامي، ونجد أننا في معركةٍ مفروضةٍ علينا، نعيش ظروفها من دون أنّ نكون حتى الآن في مستوى التخطيط لمواجهتها.
وتّعد الحرب الناعمة أخشن في حقيقتها وفي نتائجها من الحرب العسكرية، لأنها تستهدف النفوس وتقتلها من الداخل وتحول الفرد إلى مجند رخيص يعمل لصالح أعدائه، ويقف ضد شعبه، وأمته، أو يقف موقف المتفرج أمام كل ما يتعرض له وطنه وشعبه، مستلباً عاجزاً عن إستشعار المسؤولية، ناهيك عن التحرك لفعل أو قول شيء يكون ذا نتيجة إيجابية.
والحرب الشيطانية كما اسماها السيد القائد لا تحتاج إلى أسلحة عسكرية لا تحتاج إلى قنابل ولا إلى طائرات ولا بارجات حربية ولا صواريخ ولا مدافع إلا أن تأثير هذه الحرب أشد علينا من تلك القنابل والصواريخ لأنها حرب تتجه بشكل مباشر لنفوس الناس لتهدمها وتفرغها من محتواها ومن فطرتها التي فطرها الله عليها
وتستهدف الحرب الناعمة العقل والنفس الإنسانية، وتتجاوز تأثيراتها الأفراد لتطال الجماعة، وهي بذلك تستغل طبيعة خلق الإنسان، الذي يتأثر بالأمور المادية والإغراءات والغواية، وفي أحيانٍ كثيرة يبدو العقل وكأنَّه قد تعطَّل، مع أنه يعمل، ولكنَّ مؤثرات الجسد تسيطر في كثير من الحالات على منطق العقل ،كما إنَّ الوسائط والأدوات المستخدمة اليوم في الحرب الناعمة متوفرة وفي متناول الجميع من دون استثناء، ودخلت إلى كل البيوت وعلى مدار24/24 ساعة ، فالحرب الناعمة تستهدف الجميع، وفي كل الأوقات، وبوسائل متنوعة جداً، وبجاذبية أكبر.
وتسعى قوى الاستكبار الى بث الشعارات والمفاهيم الخاطئة في أوساط المجتمعات العربية والاسلامية، وتزيينها ، ومنا عندما يتحدثون عن الحداثة، الذين يقصدون بانها ترك الماضي بكل ما فيه على قاعدة أنه أصبح مرادفاً للتخلف! ، ويتحدثون عن ضرورة تطور الأسرة ويطالبون بعدم تقييدها بالضوابط المعروفة في إدارتها، لتكون أسرةً حرَّة في إطار المساكنة والإنفاق المشترك، وعدم وجود مسؤول عن الأسرة، لتتحول الأسرة إلى بيتٍ يأوي الرجل والمرأة من دون أي تنظيم للعلاقة بينهما! ويتحدثون عن نموذج الغرب في كل شيء، في الطعام والشراب، وطريقة الحياة، وطريقة اللباس, ومواكبة الموضة، ما يؤدي في نهاية المطاف إلى تغيير بعض الحقائق ويؤسس لشخصية مختلفة.
ولكي لا تتجاوب الاسرة إيجابياً مع قضاياها وقضايا مجتمعها، تعمل قوى الاستكبار على تنويمها من خلال الحرب الناعمة، ولهذا يعمل محرك جوجل “google” الأمريكي على نشر وحماية المواقع القذرة والدعارة ، وتيسيرها للمتلقي في الدول العربية والاسلامية ، ذلك لأنهم يعرفون إنها تحول الفرد إلى متبلد الأحاسيس، فاقد الشعور بهويته وقضيته، وتجعله كسولاً، ومفرغاً من الداخل، وليس لديه قدرة على تمييز ما هو صحيح، بل تابعاً لمصالحه الشخصية الآنية، غير مبال بما يتهدد انتماءه الديني والوطني.
ان من وسائل وأساليب هذه الحرب التي تاتي تحت يافطة عناوين ثقافية وفكرية والحرية والانفتاح والتطور والحداثة ومهمة هذه الحرب هي مسخ القيم والمبادئ والأخلاق المتجذرة في قلوب وعقول الناس واستبدالها بمفاهيم ومصطلحات خبيثة وشريرة حتى تصنع من الشخص المستهدف عنصراً شيطانياً وخطيراً على نفسه وعلى مجتمعه وأمته، حيث تعمل غرف الحرب الناعمة على تفجير المتناقضات في الداخل العربي والإسلاميّ وتأجيج الصراعات الدينية وبثّ الفوضى ،وبت الأفلام الإباحية والدعارة وافساد المرأة تحت يافطة الحداثة وحقوق المرأة ..الخ ، ومن هذه الفرق فرقة كيدون الموسادية ، ووحدة التخطيط الإلكتروني في مركز الأبحاث التابع للمخابرات الأمريكية، ووحدة 8200 الصهيونية المعروفة باسم SIGINT والتي فيها مستعربون كثر يوجّهون عقول الشباب العربي والمسلم في وسائط الاتصال ويخلطون الحابل بالنابل مستغلّين في ذلك غياب الحسّ الأمني والثقافة الأمنية عند كثيرٍ من الشباب العربيّ والمسلم، فعندما يروّجون للحرية من خلال الفساد والإنحلال والطريقة المبتذلة في اللباس، والأداء المفضوح في العلاقات بين الجنسين، فإنما يريدون إثارة الغرائز والأهواء ليخرج الإنسان من ضوابطه وقواعده الثقافية والأخلاقية والدينية.
وعندما تتمكن الحرب الناعمة الشيطانية من مجتمع فإنها تسلبه القيم والمبادئ الإيمانية والأخلاق وحينها يكون من السهل جداً على الأعداء السيطرة على هذا المجتمع واستعباده ونهب ثرواته فيخسر كرامته وحريته واستقلاله ويخسر دنياه وآخرته ولا يستطيع المجتمع حينها أن يدافع عن نفسه أو أن يتحرر لأنه صار مفرغاً من كل عناصر القوة وصار في حالة يرثى لها وفي هذه الحالة يكون الأعداء قد وصلوا إلى أهدافهم وغايتهم ومخططاتهم بأقل تكلفة لا عسكرية ولا مادية ولا بشرية، فقط من خلال نشر الرذيلة والانحطاط والدعارة.
وفي سياق هذا ،يبين الشهيد القائد السيد حسين بدر الدين الحوثي رضوان الله عليه في درس (لتحذن حذو بني إسرائيل )كيف يستخدم الإعلام قضية المظهر في تغيير القيم الإسلامية المتعلقة بالمرآة، ويُشير إلى أي درجة تمكن اليهود من جعل تبرج المرأة في المرافق العامة وأصبحت قضية مقبولة في مجتمعاتنا المسلمة، حيث يقول :”..وهم يعلمون أن التركيز على الجانب الأخلاقي الذي وسيلته المرأة، المرأة هي وسيلة سهلة، سهل إفسادها، وعظيم جدًا إفسادها أيضًا، إنها تفسد بسهولة، وهي من تفسد الرجل بسهولة أيضًا، يركزون على المرأة لتفسد في نفسها من خلال ما تشاهد.
ويكرر السيد عبد الملك بدرالدين الحوثي الى العناية بالنشاط التوعوي في الجامعات والمدارس والمساجد والمناسبات، والتحصين بالوعي في التصدي للحرب الناعمة من قوى الاستكبار، ويؤكد أن قوى العدوان تشن علينا حربا عسكرية تدميرية، وحرباً ناعمة إفسادية التي تسعى إلى إفساد الشباب ونشر الدعارة والمخدرات.
وفي خطابة الذي القاه بمناسبة الذكرى السنوية للصرخة، يجدد السيد القائد بان العدو يسعى للتأثير حتى على أطفال الأمة عبر البرامج التلفزيونية ذات التأثيرات المعينة واستهداف المرأة المسلمة والشباب المسلم بكل طاقاته.