حرب المطارات في اليمن تشتعل .. المقايضة الإنسانية
ذمار نيوز | مقالات 7 شوال 1440هـ الموافق 11 يونيو 2019م
بقلم / إبراهيم الوادعي
هزت انفجارات متعددة قاعدة الملك خالد الجوية السعودية في خميس مشيط، وأعلن المتحدث باسم القوات المسلحة اليمنية العميد يحيى سريع إن طائرات مسيرة يمنية تقف خلف سبب الانفجارات التي تناقلها المواطنون في خميس مشيط وهزت القاعدة الجوية السعودية، كاشفا أن الطائرات وهي من نوع قاصف 2k المتطورة استهدفت مخازن أسلحة ورادارات متطورة وحديثة وغرف تحكم وسيطرة.
طائرات يمنية مسيرة تواصل ضرب أهداف حيوية في داخل المملكة العربية السعودية على الحدود الجنوبية للمملكة، ليست واحدة وإنما أعداد منها في خامس عملية من هذا النوع تطال مطارات جنوبية للمملكة منذ نحو ثلاثة أسابيع وتكثفت منذ ال 20 من مايو المنصرم وبفارق ضئيل بين كل عملية وأخرى.
مساء السبت استهدفت الطائرات المسيرة. لم يعلن الطرف اليمني عن عددها مطار جيزان الإقليمي وضربت مرابض الطائرات الحربية ومراكز تحكم وإدارة الطيران المسير الإماراتي والسعودي المتواجدة في المطار، وهذه الضربة هي الثانية التي يتعرض لها المطار منذ أواخر مايو المنصرم، حيث تعرض المطار لاستهداف الطيران المسير، وتعطت حركة المطار لساعات وحولت العديد من الرحلات إلى مطار جدة نتيجة إغلاق المطار في مايو الماضي، وادعت كعادتها السلطات السعودية أنها أسقطت طائرة مسيرة غير أن جدول الرحلات الذي جرى تعليقه إلى المطار فضح زيف تلك الادعاءات..
بحسب مصادر عسكرية يمنية فإن الرياض حولت جزءا من أنشطة مطار جيزان الإقليمي المدنية إلى أنشطة عسكرية تخدم عملياتها العسكرية ضد اليمن حيث أنشأت مرابض للطائرات وإدارة وتحكم بالطائرات المسيرة الأمريكية والصينية والتي تستخدمها كلا من الإمارات والسعودية في عدوانهما على اليمن، وأسقط مؤخرا خمسا منها في صنعاء وصعدة والحديدة.
تمتاز طائرة قاصف 2k وهي صناعة عسكرية يمنية بنسبة 100% بكونها طائرة متشظية صنعت بطريقة لا تستطيع أنظمة الرادار التقاطها ورصدها وكذلك المنظومات الاعتراضية وتنفجر على ارتفاع ما بين 10 إلى 20مترا، ويبلغ المدى المؤثر القاتل للطائرة 80متر * 30 بشكل بيضاوي أما المدى نصف قاتل 150متر *50مترا.
نجحت طائرة قاصف 2k في استهداف منصات صواريخ الباتريوت في مطار نجران ومثل هذا الاستهداف تطورا لافتا.. ومطار نجران الذي أعادت السلطات السعودية إغلاقه بعد يوم واحد من إعلان إعادة فتحه في مايو الماضي أمام الطيران التجاري تعرض لهجومين بالطائرات المسيرة، وعقب العملية العملية العسكرية الواسعة للجيش واللجان أوائل يونيو الحالي وإسقاط 20 موقعا سعوديا بمحاذاة مدينة نجران تلاشت مجددا آمال الرياض بإعادة فتح مطار نجران.
وباستثناء ضرب خط البترولاين في الثلث الأول من شهر رمضان الفائت والذي ينقل إمدادات النفط السعودي من منابعه في المنطقة الشرقية على الخليج (الفارسي) الى ميناء ينبع غربا في البحر الأحمر والتي لها تفصيل مختلف لجهة التصعيد الأمريكي في المنطقة واستمرار الصمت العالمي على جرائم السعودية والإمارات برعاية أمريكية في اليمن، فإن الهجمات الجوية اليمنية المسيرة على مطاري نجران وجيزان الإقليميين، ليست يتيمة توفر معلومات عسكرية أو ثغرة لتحقيق وتنفيذ هجوم يؤلم دول التحالف، فهذا الأمر يبدو أن صنعاء تقنيا وفنيا تجاوزته بعد عملية التاسع من رمضان الشهيرة، بل يندرج في سياق عملية عسكرية ستتعاظم إن لم تراجع الرياض حساباتها.
تغريدة رئيس الوفد الوطني محمد عبد السلام على صفحته بتويتر وربطه بين الهجمات المتسقة على مطاري نجران وجيزان السعوديين، والحصار المفروض على مطار صنعاء أماط اللثام عن الهدف وراء تكثيف الهجمات المسيرة على هذين المطارين، وهو إجبار الرياض على رفع الحصار عن مطار صنعاء القابع تحت حصار مطبق منذ أكثر من 3سنوات‘ ولقي آلاف اليمنيين حتفهم بسبب منعهم من السفر لتلقي العلاج في الخارج.
تصريح عبد السلام يفتح الباب أمام دخول مطارات سعودية أقلها في الجزء الجنوبي من المملكة وفي المقدمة مطار أبها الإقليمي والحيوي في دائرة الاستهداف.
والملف الذي قررت صنعاء فتحه للمقايضة لتصبح المعادلة مطارات السعودية الجنوبية مقابل مطار صنعاء والمقايضة مرشحة للتوسع أيضا إن لم تذعن الرياض وأبوظبي، وللإشارة فمطار أبها الإقليمي تعرض لعدد من هجمات الطائرات المسيرة وأدنى مواصفات الطائرة 2k التي لا يكتشفها الرادار وذات مواصفات تقنية وتفجيرية أعلى من طائرات قاصف التي. استهدفت مدرج مطار أبها لمرتين متتاليتين في العام 2018م.
تغريدة عبد السلام إشارة واضحة كذلك عن عجز الأمم المتحدة القيام بصلب أهدافها التي أنشئت من أجلها في مناطق الصراعات، ويأس صنعاء تجاه فتح مطار صنعاء بجهود أممية ولو في الحيز الإنساني لإخراج المرضى ممن يحتاجون العلاج في الخارج، بدل تركهم يموتون ببطء، وهو ما فعلته الأمم المتحدة وتلك جريمة بعينها خشية اثارة غضب الرياض وتوقف الدعم السعودي عن منظماتها والذي تحول إلى ما يشبه الرشى لشراء سكوتها في ملفات عديدة، على راسها السكوت عن إغلاق مطار صنعاء اللاإنساني خارج مقررات بنود القرار 2216 الذي تتشدق به الرياض في عدوانها على اليمن. ومن حق صنعاء أن تغسل يديها من الأمم المتحدة في سياق تخفيف الحصار عن الشعب اليمني، فالأخيرة لم تكتف فقط بإخراج الرياض من قائمة قاتلي الأطفال التي تصدرها الأمم المتحدة، بل ذهبت لتبييض صفحة السعودية وتوقيع اتفاقية مع القاتل لرعاية أطفال اليمن في سابقة وفضيحة تاريخية لم يشهد العالم مثيلا لها، وذلك ليس إلا مثالا واحدا لمئات القضايا.
وفي المحصلة فمن شأن تعطيل مطارات السعودية الجنوبية بشكل كامل بات من المؤكد أنه في مقدور الطرف اليمني الذي يعتمد الأناة والصبر في رسائله العسكرية وتوسيعها بالتدريج، حمل عدة رسائل سلبية عن تآكل قوة السعودية وفشلها الاستراتيجي ‘ و تأكيد التحول الحاصل في مجريات المعركة، وخاصة بعد استهداف محطتي النفط في الدودامي وعفيف وتوقف ضخ النفط في خط البترولاين الذي يبلغ طوله 1200 كيلومتر ، وظهورها -أي الرياض- بمظهر الضعف وهي التي ابتدأت حربا لإظهار قدرتها على الردع في العام 2015م، فإذا بها تستجدي مواقف كلامية للعزاء والسلوى في قمم مكة الطارئة والعادية ولا تجدها.
والسؤال الذي يدور بخلدنا لن يكون هل ستنجح الطائرات الصغيرة ذات القيمة المنخفضة في فعل ما عجزت عنه منظمة كبيرة كالأمم المتحدة بإمكانياتها بجمعيتها العمومية ومجلس أمنها وميزانيتها الضخمة، في فك الحصار عن مطار صنعاء !، بل كم من الوقت ستتحمل الرياض كلفة المكابرة، وفي نهاية المطاف وفي كلا الحالين خاسرة إن تمكنت تلك الطائرات من الوصول إلى أهدافها وهي تؤكد قدرتها في كل مرة تهاجم فيها أهدافا في العمق السعودي، أو أسقطتها كما تزعم -الرياض – بصواريخ يفوق كلفة الواحد منها قيمة الطائرة المسيرة بـ 3 آلاف مرة.